مشكل المعارضة مع السيد رئيس الحكومة اليوم هو مشكل ثقة لا أقل ولا أكثر، وما لم يفهمه السيد رئيس الحكومة إلى حد الساعة هو أنه لا أحد ضده شخصياً. بل الجميع يبحث عن ضمانة، لأن تصرفات السيد بنكيران منذ تعيينه هي تصرفات شخص يريد التحكم والتسلط وإسقاط أي صوت يعارضه. الكل شاهد تصرفات رئيس الحكومة داخل قبة البرلمان طوال السنة، والكل تابع الطريقة التي يهاجم بها معارضيه في كل مرة وكيف ينسى أنه رئيس حكومة ويلبس جلباب رئيس حزب العدالة والتنمية. وهذه التصرفات فيها إساءة لحلفائه قبل معارضيه، لأن أول من ينتهك ميثاق الأغلبية اليوم هو السيد رئيس الحكومة. وفي أغلب الأحيان هناك انفراد في اتخاذ القرارات، وتخبط وعشوائية في التسيير والتدبير. يجب أن نوضح بعد الأمور لأنه اليوم هناك العديد من المغالطات : - حزب العدالة والتنمية فاز بالانتخابات التشريعية الأخيرة وحصل على 106 من أصل 396 مقعد, ولا أحد طعن في نتائج الانتخابات والكل تقبل النتيجة بشكل ديمقراطي. وعين الملك رئيس الحكومة من الحزب الفائز محترماً بذلك ما جاء في الدستور الجديد، وشكل السيد بنكيران حكومته. لكن كما احترم الجميع نتائج الانتخابات يجب على السيد بنكيران أن يحترم الدور الدستوري للمعارضة. - لا أحد يسعى لإسقاط حكومة السيد بنكيران، لأنها حكومة جاءت من الصناديق و اكتسبت شرعيتها من الانتخابات الأخيرة. لكن إذا خرج زعيم لحزب في الأغلبية وأعلن صراحةً عدم رضاه، وطالب بتعديل حكومي فهذا لا يعني أنه يخدم أجندة معينة أو يقود مؤامرة لحساب جهة ما. ومن يفكر في ذلك فهو في الأساس غير ديمقراطي، لأن قرار البقاء أو الخروج من التحالف الحكومي هو قرار يخص كل حزب على حدة وليس من حق أيٍ كان أن يشكك أو يخون على هواه. - سقف الوعود خلال الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية كان كبيراً جداً، وبالتالي من الطبيعي جداً أن يكون حجم الانتظارات اليوم ضخماً. لكن بعد مرور سنة على تسيير العدالة والتنمية للحكومة، لم يتغير شيء بعد. صحيح أن الحكومة رفعت من قيمة المنحة الجامعية (زيادة 200 درهم)، وحسنت وضعية بضعة آلاف من المتقاعدين، ونشرت لوائح مأذونيات النقل و مقالع الرمال. لكنها وعدت المغاربة بالشيء الكثير وبالقطيعة مع ممارسات الماضي، وهذا يتحقق بالاستراتيجيات والسياسات المدروسة النتائج وليس بالقرارات المنفردة هنا وهناك. - حصيلة الحكومة خلال سنة جد متواضعة، فعلى المستوى التشريعي لم تأتي الحكومة سوى بقانون تنظيمي واحد يتعلق بالتعيينات في المناصب العليا. وعلى المستوى الاقتصادي، هناك تراجع في جميع المؤشرات، وما يتذكره المواطن من سنة 2012 هو قرار الزيادة في ثمن المحروقات و ارتفاع معدل التضخم إلى 2%. لم تقم الحكومة إلى حد الساعة بأي اصلاح في ما يخص المقاصة، وصندوق التقاعد، والنظام الجبائي، ومنظومة العدالة، والتعليم، والصحة، والجهوية الموسعة، والإدارة العمومية، وغيرها من الإصلاحات. أظن اننا نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لوقفة مع الذات، لأن التشخيص السليم للمرحلة والاعتراف بالأخطاء هو أول جزء من الحل. يجب أن يمد السيد بنكيران يده للجميع، ليثبت حسن نيته ويحرج خصومه السياسيين. لكن لا يجب أن ينسى رئيس الحكومة بأن خصومه السياسيين هم شركاء في الوطن، وفشل تجربة العدالة والتنمية هو فشل للوطن ونجاحها هو نجاح للوطن كذلك.