يبدو أن الصراع الذي شهده مجلس النواب بين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية مرشح لمزيد من التصعيد، بل ما هو إلا الشجرة التي تخفي الغابة. فريق حزب المصباح دبّج بيانا شديد اللهجة يدين فيه اتهامات خديجة الرويسي، القيادية في حزب «البام»، التي اتهمت مؤسس الحزب الراحل عبدالكريم الخطيب وأمينه العام الحالي عبدالإله بنكيران بالقتلة، محذرا مرة أخرى من عودة التحكم. وهاجم البيان الذي سينشر لاحقا تصريحات الرويسي، واعتبرها غير مسؤولة وتنم عن رغبة في العودة إلى سنوات التحكم. وقال عبدالصمد الإدريسي، برلماني وعضو الأمانة العامة للحزب، إن اتهامات الرويسي غير مسؤولة، وأكد أنها خلال لقاء لجنة العدل والتشريع «كانت في وضعية نفسية غير سوية»، وكانت تقول «كلاما غير دقيق ولا ذي أساس»، بحيث هاجمت «الجميع بمن فيهم هيئات المحامين دون أن تميّز أن لا مسؤولية لوزير العدل على المحامين». الصراع المتجدد بين «البام» و»البيجيدي» بدأ هذه المرة بشكل ملموس داخل البرلمان، لكن قيادات داخل العدالة والتنمية تتحدث عن خيوط خطة متكاملة تمتد إلى داخل ردهات المحاكم، من خلال ثلاثة ملفات تم فتحها دفعة واحدة، يتعلق الأول باستدعاء سمير عبدالمولى، البرلماني عن البيجيدي، للتحقيق معه في قضية تعود إلى 2007، واستهداف عبد العالي حامي عضو الأمانة العامة للحزب من خلال إعادة إثارة قضية آيت الجيد بنعيسى، ثم قرار رفع دعوى قضائية ضد بنكيران نفسه، والتي أعلن عنها مصطفى بكوري بشكل رسمي وفي ندوة صحفية. وحسب مصادرنا، فإن الصراع المندلع مع «البام»، وقرار الأخير برفع دعوى قضائية ضد عبدالإله بنكيران، اعتبرته قيادات في حزب المصباح استهدافا لها بشكل مخطط، سيكون محور اجتماع للأمانة العامة كان مقررا أمس الجمعة وتأجل إلى اليوم السبت. عناصر الخطة المتحدث عنها بدأت تنكشف، حين هاجم رئيس فريق مجلس المستشارين للبام، حكيم بنشماس، وزير الميزانية إدريس الأزمي، داخل لجنة الاقتصاد والمالية بمبررات اعتبرتها واهية ومثيرة للانتباه، ذلك أن بنشماس عاب منذ البداية على الإدريسي نظّاراته وطريقة جلوسه التي اعتبرها غير ملائمة عندما كان بنشماس يتحدث، قبل أن يتطور الموقف ويدفع بهذا الأخير باتجاه إحداث «بلوكاج» داخل لجنة المالية بالمجلس، وبالتالي تفجير ما سُمي بوثيقة مزورة أُقحمت في مشروع قانون المالية دون أن يكون الأزمي على علم بذلك. ما حدث للأزمي من قبل نواب الأصالة والمعاصرة اعتبره بنكيران تجاوزا في حق أحد أعضاء حكومته، وكان في خلفية المشهد حين انفجر غاضبا في وجه قيادات «البام» في الجلسة الشهرية الأخيرة بمجلس النواب، بنكيران كرّر كل ما كان يقوله عن حزب الأصالة والمعاصرة، دون أن يذكره بالاسم، وتحدث مرة أخرى عن الرغبة في العودة إلى التحكم والاستبداد ورمي المواطنين في السجن، بل اتهمه بأنه نهج سياسات حين كانت في يده السلطة كانت ستؤدي بالمغرب إلى الهاوية. قيادات «البام» اعتبرت ذلك تجاوزا خطيرا أن يصدر من رئيس حكومة، ثم قرّرت الانسحاب من الجلسة، وأعلنت قيادات في الحزب بأنها لن تعود إلى المجلسين إلا بعد اعتذار بنكيران، ثم تطور الموقف لاحقا في ندوة صحفية هاجم فيها إلياس العماري ومصطفى البكوري العدالة والتنمية، وأعلن الأخير رسميا قرار حزبه رفع دعوى قضائية ضدرئيس الحكومة.