من الأكيد أن نيابة جرادة تعرف صراعا شديدا بدأ يتوسع ويظهر الى العلن بعد ان كان محصورا في حدود معينة ، ولعل النائب الحالي زاد في اشعال الفتيل داخل النيابة من خلال عدم قدرته وتهربه من الحسم في العديد من القضايا المطروحة تحت ضغط انتمائه النقابي ، أو من خلال انتمائه السياسي والنقابي الذي طرح مشاكل عديدة إضافة الى صراع خارجي بين المكونات النقابية فقد بدانا نلحظ نقابات من درجة واحد ونقابات من درجة اثنان ونقابات مغضوب عليها ونقابات غير معترف بها ... من خلال تعامل خاص بين الفرقاء الاجتماعيين تتحمل فيه الموارد البشرية المسؤولية الكبرى ، اضافة الى رؤساء مصالح ومنسقو مكاتب دخلوا الحرب على الخط . واخيرا اطراف من خارج الاقليم تمارس توجيها وهيمنة على اختيارات النائب ، زيادة على وجود حسابات سياسية تتفاعل داخل الحقل التعليمي المحلي . بعض الأطراف ذات التوجه العام بالنيابة والمتحالفون معهم ، جعل المسؤول المكلف بمصلحة المالية في مرمى سهام هذه الجهات التي لها علاقة بالنائب فمنذ أن حل النائب الحالي ، وهؤلاء يوجهون ضرباتهم المتتالية لهذا الشخص ، والبحث عن اي شيء لاستغلاله والركوب عليه لتوجيه سيل من الضربات المتتالية ومنها الحديث عن استغلال معدات النيابة التي أصبح الحديث عنها من غير ذي جدوى ، خصوصا من خلال سياسة الريع والامتيازات التي ينهجها المغرب مع فئة من المسؤولين والموظفين ، فهذا الأمر لا ينطبق عليه فقط بل يشمل العديد من العاملين بالنيابة ، فظاهرة استغلال سيارات الدولة أصبحت ذات طابع شمولي حيث تلاحظ في جميع القطاعات ( التعليم الصحة الداخلية ....) فالسيد النائب نفسه شوهد وهو يركن سيارة الدولة بجانب سوق بجرادة لقضاء بعض الحاجيات الخاصة به ولم يتحرك احد وانتقده ،النائب الحالي والسابق كل منهما تعرض لحادثة سير فالنائب الحالي تعرض لانزلاق سيارته ، وفي عهد النائب السابق فإلى جانب حادثة السير المعروفة ، فقد احتجزت سيارة الدولة التي كان يتنقل بها إلى إحدى المدن التي كانت توجد بها أسرته ولولا تدخل مسؤول امني كبير بالمدينة لظلت محتجزة ، ولا احد تكلم عن هذا ، مع العلم ان تدخل المسؤول الامني في قضية غير قانونية تطرح حوله علامة استفهام ، استغلال سيارات الدولة أصبح شيئا معتادا ويشاهد يوميا في جميع القطاعات . لأن المغرب يسمح بتجاهل القانون المنظم لهذه العملية ، واذا احتسبنا البنزين الذي يحترق بهذه الطريقة العشوائية نجده يساوي ميزانية كبيرة قادرة على توظيف الآلاف من الشباب ، ولهذا ضرورة القطع مع اساليب الريع المختلفة والمبطنة التي تضرب في العمق الاقتصاد الوطني ، لقد وصل الحد الى استغلال سيارات الدولة ايام العطل ، وفي نقل البنزين المهرب والمخدرات والسبب ان السيارات التي تحمل علامة الدولة لا تخضع للمساءلة من طرف الدرك والشرطة ، فهذه السيارات لها قداسة خاصة مما يدفع المسؤولين الى استغلالها خارج اوقات العمل ، تحت نفقة الدولة ولا يستعملون سياراتهم الخاصة ، بمعنى ان اموالا طائلة تستنزف بطرق غير شرعية على حساب الالاف من الشباب الذين لا يجدون عملا والذين هم اليوم ينادون بالقضاء على الفساد فلماذا لا يستلهم المغرب النموذج الالماني وسيكتشف انه سيحافظ على ميزانية ضخمة قادرة ان تستغل في مجالات اخرى ، يجب توزيع الثروة بشكل عادل وعدم ترك الثقوب الكبيرة التي تحرم الشباب من حقه في الشغل والكرامة . على ان توزيع الثروة يجب اعادة النظر فيه من جديد قبل ان نجد انفسنا يوما ما فيما ذهبت اليه انتفاضة سيدي بوزيد . هناك من يجد نفسه فوق القانون يتمتع بالامتيازات الشرعية وغير الشرعية ، ويجد نفسه يعبث بممتلكات الدولة كما يشاء من غير حسيب ولا رقيب هناك من له مداخيل اضافية عن مهام وهمية باستغلال منصبه ومكانه متجاوزا للوظيفة التي وكل بها في غياب رقابة حقيقية تحمي المجتمع من الفساد . على ان محاربة الفساد يجب أن تقف على أسس صحيحة ومن منطلقات ليست مبنية على منهجية مبية حتى تكون لها مصداقيتها وشرعيتها هذا لا يعني عدم وجود فساد ، فشعور النائب الحالي جعله يجرد هذا الشخص من العديد من الاختصاصات التي لم تعد تسمح له بالتصرف المطلق كما في السابق وهذا من حقه لضمان عدم تورطه حسب ما صرح به القريبون منه ، و ربما بإيعاز من أطراف من داخل النيابة والتي توتوت خلسة في اذن السيد النائب لأنها تكن لمسؤول المالية عداوة كبيرة وهي عالمة ومطلعة على ما يقع واحيانا مشاركة هدفها الجوهري ليس رغبة في الإصلاح ، وان كانت سابقا اشتركت وتلاقت معه في المصالح و ... فللبعض أطماع لإزاحته من اجل الجلوس على هذا الكرسي المغري . وحسب ما يروج فالعلاقة الحميمية التي كانت تربط المسؤول على المالية بالنائب السابق كانت تجد ارتباطها في ما هو مالي ، وهو الامر الذي جعل النائب السابق طبعا يحافظ على بعض الموظفين ( من " المقتصدين " ) من خلال تكليفات بالنيابة بتواطؤ مع مصلحة الموارد البشرية ، خصوصا المصالح ذات الارتباط المالي لأن هؤلاء كانت لهم القابلية لتنفيذ ما يطلب منهم بدقة ولو على حساب القانون ، اضافة الى ما يستفيدونه من تعويضات و ... فالأبهة والثراء والنعيم الذي شوهد على بعض الاشخاص من بين المؤشرات المادية التي تدعم تلك الاشارات مما يعني ان الفساد مركب ويشمل اطراف مرتبطة بهذا النطاق واخرى خارجه . واذا كان السيد النائب ابن المنطقة وفعلا صادقا في محاصرة الفساد فلماذا يلتزم الصمت حول هذه الظواهر الغير مبررة رغم احتجاج النقابات ، ولماذا السكوت على امور غير قانونية من ازدواجية المهام يعلم السيد النائب ان وراءها فسادا كبيرا ، اذا لم يكن هناك شيء اكبر منه يعطي للنقابات مبررها في الاحتجاج . سكوت النائب على هذا الوضع يمنح الغطاء لمقربيه النقابيين من الاستفادة بمهام وهمية ببعض مؤسسات التعليم في انتظار تغيير الاطار حسب ما يروج في الشارع الجرادي ، ومن هذا المنطلق يصبح السيد النائب من حيث يدري او لا يدري جزءا من الفساد . مشكل الفساد مشكل متشعب وضارب الجذور بالنيابة ولا يمكن تقزيمه أو تجزيئه بهذه البساطة ، سواء الجانب المالي وما يرتبط به... أو الجانب الإداري في ما يتعلق بتدبير الموارد البشرية ، ولا ندري لماذا يتم تحاشي فساد علني غير مسبوق بهذه النيابة ، كما لا يمكن استثناء النقابات – بدون تعميم - من مسؤوليتها في توسيع دائرة الفساد بجميع الأشكال منذ انطلاقة النيابة بهذا الاقليم ، وهذا أمر لا يختلف حوله اثنان ، والعديد من مظاهر الفساد عليها بصمات النقابات المهيمنة او بالأحرى الاشخاص النافذين بها حينها ، فقد كان هناك زواج كاتوليكي بين النقابي والاداري في تلك الفترة ، وهو ما تسعى نقابة النائب الى ترسيخه مرة اخرى من خلال منهجية تعاطيها مع مشاكل التعليم بالاقليم في تعاملها مع الادارة ، والدليل البيان الانفعالي الذي اتى بعد البلاغ المشترك بين النقابات والسيد النائب .. لقد حول مطلب الافتحاص بالنسبة لبعض النقابات الى مطلب ظرفي للضغط والمناورة فقط ان لم تكن جزءا من هذا الفساد إما من خلال تبريره او السكوت عنه ، دور النقابة اساسي في اسقاط الفساد عندما ينطلق من اسس مادية حقيقية ، والدليل ان الدور الذي لعبته النقابة بنيابة الناضور فيما يخص فضيحة ايكسان التي ارتبطت بالتلاعب بالبناء اذى الى اسقاط العديد من الرؤوس وعلى راسهم المسؤول عن مصلحة البنايات . لقد كان دور النقابة حاسما في العديد من الملفات على المستوى الوطني ... بعض المصالح فاحت روائحها في كل مكان سواء بعد المخطط الاستعجالي أو قبله وهذه المعلومات تجوب النيابة وخارجها حيث كل طرف أخد يسرب معلومات عن الطرف الآخر عن مجموعة من التجاوزات والتلاعبات الى حد الايحاء بالتزوير ... التي وقعت وكيف تتم فهناك من أصبح مقاولا " شبحا " متخفيا أو " شريكا " تحت اسم ..... وستأتي اللحظة التي سينكشف فيها المستور ، فقد بدأت بعض التسريبات عن العهد السابق تأخذ طريقها الى الراي العام ... خرجت من افواه مقاولين غادروا جرادة وفي جعبتهم الكثير من الخبايا التي كانت تتم تحت الستار . ولم يستثني شباب 20 فبراير لجرادة ذكر الفساد بالنيابة ، من خلال الشعارات التي رفعت اثناء التظاهرة السلمية من اتهام النيابة بالرشوة والفساد الى جانب باقي المصالح الاخرى في سياق المطالبة بالتغيير والقطع مع اشكال الفساد التي تنخر البلاد . ولا يمكن لأحد أن ينكر ظاهرة الرشوة التي كانت تعرفها النيابة في عهد مسؤول سابق بمصلحة الشؤون التربوية الذي اغرق النيابة بالموظفين الملحقين بها الى جانب التلاعب في التكليفات كالمقتصدين وغيرهم ...، ولا تزال ظواهر الرشوة حاضرة خصوصا ما يتعلق بالوساطة التي تتم لصالح العاملين بالحراسة . اضافة الى ما اشارت اليه الكتابات الاعلامية حول التلاعب فيما يخص الميزانيات المخصصة لمحو الامية . وللأسف خطاب الدولة حول الديمقراطية ومحاربة الفساد خطاب هلامي غير واقعي ، فالدولة الديمقراطية بمجرد الحديث عن الفساد تفتح تحقيقا كما يقع في الدول الاوروبية من خلال مؤسسات قضائية مستقلة دفاعا عن مصداقية الدولة ومصداقية مؤسساتها وضمانا لحقوق الافراد من الانتهاك وهو ما لا نجده في المغرب مما وسع قاعدة النهب والمحسوبية والزبونية والرشوة بكل اشكالها وفتح الباب مشرعا امام جميع اشكال الفساد . ومن هنا تجد حركة 20 فبراير دلالتها وتجاوب شرائح عديدة معها ، لأن الفساد يشكل ثقلا قويا على المجتمع ويذهب بالعديد من حقوق المواطنين وعلى راسهم الشباب ، لقد استفاقت وزارة اخشيشن على الفساد والرشوة كما اتت به وسائل الاعلام الوطنية حول ما نشر حول الفساد المرتبط بالبنايات ، علما ان الوزارة لم تكن تستمع الى الاساتذة الذين كثيرا ما نبهوا الى ان هناك ظاهرة غش في بناء المؤسسات التعليمية حيث العديد من الحجرات الدراسية عرفت شقوقا وتسربات المياه عبر السقوف ولم يمر على بنائها الا فترة قصيرة . والمتمعن لجدران بعض المؤسسات التعليمية يدعو الى طرح السؤال حول نوعية " الرقابة " والمتابعة التي يقوم بها المسؤولون عن ذلك وعن الصفقات والمقاولين الذين يستفيدون من هذه الصفقات ... ( الثانوية التأهيلية جابر بن حيان مدرسة النور مدرسة ابي بكر الصديق واللائحة تطول ) محاربة الفساد بالخصوص يجب أن ينظر إليها في شمولية دون تنزيه لجهات وتجريم جهات أخرى فالافتحاص الاداري والمالي الضروري الذي لا خلاف حوله يجب ان لا يتحول الى مجال للمزايدة التي تفتح عيونها على البعض وتغلقها على البعض الاخر . وما فصحت عنه وستفصح عنه التسريبات العديدة من مظاهر الفساد ، من ضمن صفحات ويكيليكس المحلية التي لا زالت لم تنشر على العلن والتي بدأت تلوح في الافق نتيجة الهيكلة الجديدة المرتقبة والمناصب الموضوعة للتباري ، تختزن العديد من المفاجآت ما على رجال التعليم إلا ترقبُها ....