تشييع جنازة الراحل محمد الخلفي إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء بالبيضاء    "التقدم والاشتراكية" يحذر الحكومة من "الغلاء الفاحش" وتزايد البطالة    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإضرابات بين النقابات والحكومة والمواطن
نشر في الوجدية يوم 09 - 11 - 2010


بين ضمان حقوق المواطنين وتضييع مصالحهم
النقابات تعتبر الإضراب «أبغض الحلال»
الحكومة تتعلل بعدم إغلاق باب الحوار.
ارتفاع عدد الإضرابات في سنة 2010
بنسبة 8 في المائة مقارنة بسنة 2009.
النقابات تقود حركة احتجاجية
ضد السياسة الاجتماعية لحكومة عباس الفاسي
الاحتقان الاجتماعي يهدد السلم الاجتماعي.
بين ضمان حقوق المواطنين وتضييع مصالحهم
النقابات تعتبر الإضراب «أبغض الحلال»
الحكومة تتعلل بعدم إغلاق باب الحوار
لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة تسلط الضوء على التكلفة المادية الإجمالية التي تتكبدها خزينة الدولة نتيجة يوم واحد من الإضراب الوطني الذي تقرره المركزيات النقابية دفاعا عن حقوق الشغيلة، غير أن تصريحات مختلفة من داخل الأوساط النقابية والحكومية تؤكد أن الأمر يتعلق بمئات الملايين من الدراهم. وإلى جانب الخسائر المادية الجسيمة، تتسبب الإضرابات في تأثر الخدمات العمومية المقدمة للمواطن وفي مقدمتها الخدمات الصحية والتعليم، إذ يتأثر المواطن البسيط سلبا بقرارات الإضراب فيضطر إلى تأجيل «علاجه» لساعات ثمينة من حياته، مثلما تضيع ساعات دراسية طويلة وكثيرة على تلاميذ المدارس في مختلف مناطق المملكة، هذا إلى جانب الأضرار التي تلحق بالمواطنين في شتى القطاعات العمومية الأخرى. وتُتهم النقابات عادة بأنها لا تراعي مصالح الناس خلال اتخاذها قرارات بتنظيم إضرابات، كما تتهم بأنها عاجزة عن إبداع صيغ احتجاجية، غير الإضراب، توصل من جهة رسائلها إلى المسؤولين وتحافظ من جهة ثانية على مصالح المواطنين. بينما تؤكد النقابات من جانبها أن الحكومة هي من تتحمل مسؤولية تداعيات وآثار الإضرابات على المواطنين بينما هي (النقابات) تضطر إلى ذلك اضطرارا بسبب مماطلة الحكومة في الاستجابة لمطالبها. ويقول يوسف علاكوش، عضو المكتب التنفيذي للجامعة الحرة للتعليم، في حديث مع «المساء» إن الحكومة هي المسؤولة «لأنها تفرض علينا خيار الإضراب ونحن مكرهون عليه وهو وسيلة للضغط ليس إلا»، مضيفا أن «النقابات تستطيع من جانبها إلغاء قرار الإضراب بمجرد أن ترى مؤشرات إيجابية من الحكومة، التي يبقى لديها الوقت الكافي بين الإعلان عن الإضراب وموعد تنفيذه لاتخاذ إجراءات إيجابية للتفاهم مع المركزيات النقابية». وحول اتهام المؤسسات النقابية بعدم مراعاتها مصالح المواطنين لدى اتخاذها قرارات تنظيم الإضراب قال علاكوش «هذا الاتهام لا يقوم على أساس، إذ أننا نعتبر أنفسنا موجودين أصلا للدفاع عن مصالح المواطنين حتى يستفيدوا من ظروف مادية واجتماعية مناسبة، وحتى تقبل الحكومة بتحسين جودة خدماتها للناس في مختلف الإدارات والقطاعات العمومية على صعيد التراب الوطني كله». وتتهم الحكومة المركزيات النقابية بالانغلاق على نفسها وعدم القدرة على التفاوض بنفس طويل مع المسؤولين الحكوميين، وقد علق خالد الناصري على قرار إضراب 3 نونبر الجاري بقوله إنه «قرار مأسوف له وليس له ما يبرره». وأوضح الناصري بأنه «لو كانت المركزيات النقابية تحاور حكومة منغلقة على نفسها، أو تحاور حكومة رافضة للنقاش، أو تحاور حكومة متزمتة في تعاطيها مع الشأن الاجتماعي، لكان الإضراب مبررا ، لكن الواقع مخالف لذلك لأن الحكومة أكدت غير ما مرة على رغبتها الجدية في الحوار وإيجاد الحلول للقضايا المطروحة، بل إنها وجدت فعلا الحلول للعديد من القضايا المطروحة»، مضيفا أن الحكومة «لم تقفل الباب، وليس إقفال الباب من شيمها وقد برهنت طوال ولايتها على انفتاحها التام وبحسن نية مع النقاشات والملفات المطروحة فوق طاولة الحوار». من جهته، وعلى عكس ما شدد عليه الناصري، يؤكد عبد الإله دحمان عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن القاعدة الأساسية التي يشتغلون بها هي أن «أبغض الحلال إلينا هو الإضراب»، مضيفا أن النقابات لا تلجأ إلى الإضراب إلا عندما توصد الحكومة أبوابها ولا تلتزم بمقتضيات الحوار الاجتماعي ومبادئه «وهنا فقط تتحمل النقابة مسؤوليتها في إعلان الإضراب كآلية للضغط في اتجاه إنجاح المسار الحواري مع الحكومة». وحرص دحمان على التوضيح بأنه صار ضروريا التمييز بين «المركزيات النقابية التي لديها عمق اجتماعي وجماهيري وامتداد قطاعي على المستوى الوطني وبين النقابات الصغرى، لأننا نعتقد أن المركزيات الأكثر تمثيلية هي التي تحرص على الحفاظ على مصداقيتها أمام الجماهير فلا تلجأ لممارسة الإضراب كحق دستوري إلا في الحالات القصوى، في حين أن بعض النقابات الصغيرة ليست لها تمثيلية معتبرة في مختلف القطاعات العمومية، كما أن سياقات مختلفة هي التي تحكمت في تكوينها وبالنسبة لهذه النقابات، فالإضراب يكون وسيلة تهدف من خلاله للإعلان عن وجودها ليس إلا». وتحدث المسؤول النقابي من جانب آخر عن أن النقابات باتت ملزمة بتنويع أشكالها الاحتجاجية وإبداع صيغ أخرى للنضال غير الإضراب، مبرزا أنها تضع مصلحة المواطنين في المستوى الأول «ونحن نتخذ بعض الإجراءات الاحترازية لتحقيق ذلك كضمان حد أدنى من الخدمة في القطاع الطبي، وتسجيل حضور التلاميذ في المدارس على سبيل المثال». وبالنسبة لدحمان، فإن النقابات لا تزايد على الحكومة «فنحن نعلم جيدا الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا، ونؤدي واجبنا في تنبيه الحكومة إلى بعض المزالق بغرض دفعها لاتخاذ ما يناسب من إجراءات حتى لا تتفاقم الأوضاع». وكانت المركزيات النقابية التي شاركت في الإضراب الأخير قد أعلنت أن نسبة الذين استجابوا لدعوة الإضراب فاقت 90 في المائة في قطاع التعليم والعدل، والجماعات المحلية والمالية والتخطيط والصحة والصناعة التقليدية، فيما لقي الإضراب استجابة من لدن 60 في المائة من موظفي قطاع الثقافة و70 في المائة في قطاع الطاقة والمعادن. أما على صعيد المدن والأقاليم، فاحتلت كل من فاس وأكادير وآسفي وتطوان وسيدي قاسم والناظور ومكناس الصدارة من حيث الاستجابة للإضراب، فيما سجلت نسبة 85 في المائة في مدن تادلة ووجدة، ونسبة 80 في المائة في العرائش والقنيطرة.
ارتفاع عدد الإضرابات في سنة 2010
بنسبة 8 في المائة مقارنة بسنة 2009
تشير إحصائيات وزارة الشغل خلال الثمانية الأشهر الأولى من سنة 2010 بخصوص الإضرابات المندلعة في هذه الفترة، زيادة عن سنة 2009 ، ب 169 إضرابا حصل في 139 مؤسسة، وشهد مشاركة أزيد من 18 ألفا و453 أجيرا، فيما عملت مصالح الوزارية لتفادي حوالي 605 إضرابات مقابل 376 إضرابا حصلت في نفس الفترة خلال سنة 2009 ، أي بنسبة ارتفاع قدره 70 في المائة.
وسجلت إحصائيات هذه السنة ارتفاعا بنسبة 8.33 بالمائة، عقب تنظيم 169 إضرابا، مقارنة بالسنة الماضية التي عرفت 14.88 بالمائة، حيث سجل156 إضرابا سجلت ب121 مؤسسة، حيث سادت هذه الإضرابات مختلف القطاعات الوزارية والمجالس البلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، احتجاجا على ما اعتبرته النقابات فشلا للحوار الاجتماعي الأخير مع الحكومة، نتيجة الزيادات الهزيلة التي لا ترقى إلى تطلعات الطبقة العاملة في المغرب، والتي لاتتجاوز نسبتها 10 في المائة، موزعة على مراحل في سنة 2010، سيما أن تكاليف المعيشة شهدت ارتفاعا بنسبة حوالي 16 في المائة، حسب إحصائيات الدولة.
وتم تجنب اندلاع 605 إضرابات ب512 مؤسسة في السنة الجارية بمجهودات وتدخلات مفتشية الشغل، مقارنة بالسنة الماضية، التي سجلت 376 إضرابا ب320 مؤسسة في نفس الفترة، بتسجيل ارتفاع بلغ 60.90 بالمائة. هذه المجهودات أسفرت عن ربح ما يقارب 53.621 يوم عمل بمعدل يوم واحد لكل أجير.
وحسب الإحصائيات ذاتها، فقد أغلقت 42 مؤسسة أبوابها ونشاطها مقابل 31 مؤسسة خلال نفس الفترة من سنة 2009، بتسجيل ارتفاع بلغ 35.48 بالمائة، الأمر الذي ترتب عنه ضياع 2.749 منصب شغل بنسبة انخفاض بلغ 41 بالمائة في هذه السنة. وترتب عن نفس الفترة تقليص اليد العالمة في 42 مؤسسة، مما تسبب في ضرر العديد من العمال جراء هذا الإجراء، بلغ عددهم 7.470 في هذه السنة.
وفي نفس السياق، عملت اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة على معالجة 17 نزاعا جماعيا، تطلبت 27 اجتماعا، لتسوية النزاعات الجماعية على الصعيد الوطني، بهدف تسوية ملفات بعض المؤسسات، لكن ظاهرة الاضرابات تبقى متواصلة، وصلة الوصل بين النقابات والحكومة لتحقيق مطالب الطبقة العاملة المتطلعة إلى تحسين أوضاعها الاجتماعية والمادية.
النقابات تقود حركة احتجاجية
ضد السياسة الاجتماعية لحكومة عباس الفاسي
الاحتقان الاجتماعي يهدد السلم الاجتماعي
عاد الاحتقان الاجتماعي ليلقي بظلاله على واجهة الأحداث في المغرب، بعد أن شهدت الأسابيع الماضية تنظيم إضرابات واحتجاجات في قطاعات عدة ضد السياسة الاجتماعية التي تنهجها حكومة الاستقلالي عباس الفاسي، كان آخرها الإضراب الإنذاري ل 3 نونبر الجاري، الذي شل الحركة الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية.
وعلى خلاف حكومة إدريس جطو، التي نعت عهدها بالفترة الذهبية للسلم الاجتماعي، عانت حكومة الاستقلالي عباس الفاسي من توالي الإضرابات، وتصاعد الحركات الاحتجاجية، جعلتها لا تنعم، وهي على بعد سنتين من انتهاء ولايتها، بمثل ذلك السلم، بعد أن وحد التقييم المشترك للوضعية الاجتماعية، وفشل الحوار الاجتماعي، وعدم تحقيقه الحد الأدنى من انتظارات الشغيلة، أغلب النقابات العمالية، بما فيها النقابة المحسوبة على حزب الاستقلال، في المطالبة برأسها.
وتؤاخذ النقابات على حكومة الفاسي «توجهها المتزايد» نحو التنصل من عدد من الالتزامات والشراكة في تدبير عدد من الملفات، مثل مصادقتها على مراسيم بمثابة أنظمة أساسية لبعض إطارات الوظيفة العمومية دون التشاور مع النقابات بشأنها، في حين أنها مدرجة في جدول عمل الحوار الاجتماعي، وخروج الحكومة على المنهجية التشاركية في تدبير ملف التقاعد، إلى جانب الانحراف عن مبدأ التوافق في اتخاذ القرارات، ومحاولة اختزال إصلاح أنظمة التقاعد في مراجعة بعض المقاييس، خلافا لدفتر التحملات، الذي صادقت عليه اللجنة الوطنية في أبريل 2007، وعدم الالتزام ببرنامج العمل المسطر، خاصة ما يتعلق بالتعاون مع مكتب العمل الدولي، والاستئناس برأيه في الموضوع.
وبدا واضحا من خلال نسبة الاستجابة المرتفعة لإضراب 3 نونبر الحالي في قطاعات مهمة من قبيل التعليم والصحة والجماعات المحلية، أن درجة الاحتقان الاجتماعي بلغت مدى جعل مركزيات نقابية كانت إلى وقت قريب تهادن الحكومة وتدعمها تنتفض ضد سياستها الاجتماعية وتصعد من لهجتها.
ويأتي هذا التصعيد النقابي، في وقت لم تتوصل فيه النقابات إلى حدود اليوم بأي إشارة من الوزير الأول بخصوص تاريخ انطلاق جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي أو عقد لقاء تمهيدي للتحضير لجدول أعمال الجولة، مما يجعل الساحة الاجتماعية مقبلة في الأسابيع القادمة على مزيد من الاحتقان، خاصة في ظل تلميح المركزيات النقابية بورقة المسيرة العمالية المؤجلة منذ 29 مارس 2009 والإضراب الوطني ل 48 ساعة، ومحاولة ضم نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى التنسيق الرباعي القائم حاليا بين أربع مركزيات نقابية (الاتحاد المغربي للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب).
وبالنسبة للعربي الحبشي، عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والفريق الفيدرالي بالغرفة الثانية، فإن «إضراب 3 نونبر، الذي شكل أبرز حدث على الساحة الاجتماعية في الدخول الاجتماعي الحالي، رسالة تنبيه موجهة إلى الحكومة وللسياسة التي تنهجها في المجال الاجتماعي، من أجل تحمل مسؤوليتها كاملة، وفتح باب الحوار الجدي الذي تنتظره النقابات منذ بداية شتنبر الماضي»، مشيرا في تصريح ل«المساء» إلى أن زيادة الاحتقان الاجتماعي خلال الدخول الاجتماعي الحالي مرده تعثر الحوار الاجتماعي، وفشل الحكومة في إقرار سياسة اجتماعية واضحة وذات بعد استراتيجي.
وبرأي القيادي في الفيدرالية، فإن الحكومة مطالبة بالبحث عن موارد مالية إضافية لحل الأزمة الاجتماعية وتحسين عيش الأجير المغربي، من خلال محاربة الرشوة الكبيرة والتملص والتهرب الضريبيين، ومحاربة الاحتكار، مؤكدا أنه حان الوقت لكي يساهم الأغنياء في حل الأزمة بدل الاقتصار على إثقال كاهل الفئات المتوسطة والفقيرة، من خلال إقرار ضريبة تضامنية على الثروة الشخصية، بمناسبة مناقشة القانون المالي لسنة 2011.
وبينما طالب الحبشي الحكومة بامتلاك الجرأة السياسية لإقرار توزيع عادل للثروة، ومأسسة الحوار الاجتماعي، اعتبر عبد الإله الحلوطي، نائب الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وعضو مجموعة النقابة بمجلس المستشارين، أن تصرفات الحكومة الحالية هي المحرك الأساسي للاحتقان الاجتماعي، مشيرا إلى أن النقابات منحت للحكومة ولبعض القطاعات خلال السنة الماضية الفرصة من أجل الاستجابة لمطالب الشغيلة، إلا أنه «لا شيء من ذلك تتحقق، بل إننا في الوقت الذي كنا نترقب فيه كنقابات لقاء مع الحكومة يترأسه الوزير الأول للخروج بخلاصات من خلال الحوار الاجتماعي، لم تتم الدعوة إلى عقد هذا اللقاء إلى حدود الساعة». وحسب القيادي في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فقد كان بالإمكان أن يسود السلم الاجتماعي خلال الدخول الاجتماعي والسياسي الحالي في حال ما استجابت الحكومة للمطالب المعبر عنها من قبل النقابات، والتي تهم قطاعات عدة، بيد أنها اختارت نهج سياسة الهروب من الحوار الاجتماعي على المستوى المركزي وعلى مستوى مجموعة من القطاعات، مشيرا إلى أنه كان من الطبيعي أن يؤدي هذا الهروب إلى مزيد من الاحتقان.
اتهام الحكومة بالتسبب في مزيد من الاحتقان الاجتماعي يبدو أنه غير مقتصر على النقابات، بل يتعداه إلى الأحزاب السياسية، خاصة المصطفة في المعارضة، بعد أن وصف المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة تعامل الحكومة مع القضايا الاجتماعية العالقة بالتعامل المتسم بالتخاذل، خاصة تجميدها لمسلسل الحوار الاجتماعي، داعيا إلى تبني منهج جديد في التعامل مع كافة القضايا ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي، وذلك ببلورة واعتماد ميثاق وطني يحدد شروط وواجبات كافة المتدخلين من حكومة ونقابات ورجال أعمال، على المدى المتوسط والبعيد، والقطع مع سلوك الحوار الاجتماعي المناسباتي.
غير أن محمد الأنصاري، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وإن كان يؤكد على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها بخصوص الاحتقان الاجتماعي، إلا أنه يدعوها إلى وضع خط فاصل ما بين القيام بالواجب والمطالبة بالحق، أي الأجر مقابل الحق، مشيرا إلى أن البعض أصبح يلجأ إلى عطل مقنعة تضر بمصالح المواطنين تحت ذريعة أن الإضراب حق دستوري. ويرى الأنصاري أن هناك نوعا من عدم الانسجام بين الحقوق والواجبات، وفراغا كبيرا فيما يخص تأسيس النقابات وخوض الإضرابات، داعيا الحكومة الحالية إلى الإسراع بإخراج قانوني الإضراب والنقابات إلى حيز الوجود لوضع ضوابط قانونية، كما كان الحال بالنسبة للحكومة السابقة التي وضعت قانونا للأحزاب السياسية، متسائلا في ختام حديثه إلى «المساء» عن الجهات التي ليس من مصلحتها إخراج هذين القانونين.
سياسة التصعيد النقابي وإن لم تجبر حكومة عباس الفاسي، على الأقل في الوقت الراهن، على النزول إلى الأرض ومباشرة حوار جدي مع ممثلي الطبقة العاملة، فإن ذلك لا يمنع مراقبين من الإشارة إلى إمكانية أن يؤدي المزيد من الاحتقان الاجتماعي إلى حرق أصابع الحكومة، وتأدية بعض مكوناتها الثمن غاليا خلال الانتخابات التشريعية ل 2012.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.