من خلال القراءة الأولية للخطاب الملكي ليوم 09 مارس الجاري، يمكن تسجيل الإنطباعات الأولية التالية :لا شك في أن الإجراءات السياسية والدستورية التي أعلن عنها الخطاب الملكي، كانت مفاجئة لجمع الفاعلين السياسيين دون استثناء، ولعل مصدر المفاجأة، يتمثل أولاً في التطور البطيء للديمقراطية المغربية منذ انطلاق المسلسل الديمقراطي في المغرب منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وثانياً لأن الخطاب الملكي كان أكثر تقدمية وجرأة من جرأة المطالب. ويبدو أن الجرأة تمثلت في ما أعلن عنه جلالة الملك في بداية خطابه، الذي خص به الجهوية المتقدمة، حيث تجاوز خلاصات اللجنة التي عهد إليها بإعداد تصور للجهة والجهوية، والمتمثلة في اعتماد مبدأ "التمرحل"، بيد أن الملك ارتأى أن يرقى بها إلى مستوى الدسترة : " لقد اقترحت اللجنة، في نطاق التدرج، إمكانية إقامة الجهوية المتقدمة بقانون، في الإطار المؤسسي الحالي، وذلك في أفق إنضاج ظروف دسترتها.بيد أننا نعتبر أن المغرب، بما حققه من تطور ديمقراطي، مؤهل للشروع في تكريسها دستوريا". كما أن الخطاب الملكي -وفي إطار دعم الجهة للنهوض بمهامها- أكد على ضرورة رفع الوصاية عليها، وتخويل رئيسها صلاحيات أوسع. عنصر جرأة الخطاب الملكي، تمثل كذلك فيما يمكن اعتباره مرحلة جديدة سيدخلها المغرب، بعد العشرية الأولى التي فتحت فيها أوراش كبرى، وستتم مواصلتها في المرحلة الثاني، التي يمكن اعتبار عنوانها الأبرز هو مضمون الخطاب نفسه، لكن ليس قبل إعداد التصور الشامل، أو الإطار المؤسساتي ، وهو ما تم الإعلان عنه فيما سماه الخطاب الملكي بالمرتكزات السبعة للتعديل الدستوري. إن المتأمل في هذه المرتكزات لا شك سيلاحظ أنها صيغت بعقل المستمع والمتتبع والعارف بنبض المجتمع المغربي، صيغت من موقع المتفاعل والفاعل في سيرورة البناء الديمقراطي، ولعل تجليات ذلك، في الدعوة إلى التنصيص على الهوية التعددية" وفي صلبها الأمازيغية " للمغاربة جميعهم وداخل وحدتهم. ولأن مطلب التنوع الثقافي للمغاربة، بما فيه الثقافية الأمازيغية، هو مطلب ذو طبيعة حقوقية، فإن الخطاب الملكي ارتأى أن يجعل المبادئ الكونية لحقوق الإنسان في طليعة مرتكزات التعديلات الدستورية : " ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب". وإذا كان عنصر المفاجأة و الجرأة هي الميزات الأساسية للخطاب الملكي، فإن من بين سماته-أيضاً- التأكيد على استمرارية الأوراش الكبرى، غير أنه بالمقابل يشكل-أي الخطاب الملكي- إعلاناً عن نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة، ولعل من بين الميزات والعناوين الأساسية لهذه المرحلة، هو التأكيد على مبدأ استقلالية القضاء، وتوسيع صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء. غير أن هذه الاستقلالية لا يمكن تصورها، أو لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال مبدأ آخر، يشمل السلطة التنفيذية والتشريعية، وهو ما جاء في الخطاب الملكي، حين أكد على : " توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها"، وهنا جاء الحديث عن توسيع صلاحيات البرلمان وإمداده بالنصوص القانونية التي تخوله النهوض بمهامه في التشريع والرقابة على الحكومة. هذه الأخيرة التي أكد الخطاب الملكي- وتفعيلاً لمبدأ الديمقراطية الحقة- على ضرورة انبثاقها من الإرادة الشعبية في إطار انتخابات شفافة ونزيهة، وفي إطارها تعزيز مؤسسة الوزير الأول، بما يعني أولاً، تسمية الوزير الأول من الحزب الذي يحتل المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات البرلمانية، وثانياً بتوسيع صلاحياته وذلك عبر: " تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي". وإذا كانت مؤسسة الوزير الأول، قد تكريس قوتها وامتدت لتشمل بالإضافة إلى سلطتها وصلاحياتها في تنفيذ برنامجها الحكومي، فإن هذه الصلاحيات امتدت لتشمل السلطة والمسؤولية على المؤسسات العمومية ، غي أن للبرلمان أيضاً-وفي إطار هذا التصور- حق محاسبة و مراقبة المؤسسات العمومية، ضمن ما عبر عنه الخطاب الملكي ب:"تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة".
من خلال القراءة الأولية للخطاب الملكي ليوم 09 مارس الجاري، يمكن تسجيل الإنطباعات الأولية التالية : لا شك في أن الإجراءات السياسية والدستورية التي أعلن عنها الخطاب الملكي، كانت مفاجئة لجمع الفاعلين السياسيين دون استثناء، ولعل مصدر المفاجأة، يتمثل أولاً في التطور البطيء للديمقراطية المغربية منذ انطلاق المسلسل الديمقراطي في المغرب منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وثانياً لأن الخطاب الملكي كان أكثر تقدمية وجرأة من جرأة المطالب. ويبدو أن الجرأة تمثلت في ما أعلن عنه جلالة الملك في بداية خطابه، الذي خص به الجهوية المتقدمة، حيث تجاوز خلاصات اللجنة التي عهد إليها بإعداد تصور للجهة والجهوية، والمتمثلة في اعتماد مبدأ "التمرحل"، بيد أن الملك ارتأى أن يرقى بها إلى مستوى الدسترة : " لقد اقترحت اللجنة، في نطاق التدرج، إمكانية إقامة الجهوية المتقدمة بقانون، في الإطار المؤسسي الحالي، وذلك في أفق إنضاج ظروف دسترتها.بيد أننا نعتبر أن المغرب، بما حققه من تطور ديمقراطي، مؤهل للشروع في تكريسها دستوريا". كما أن الخطاب الملكي -وفي إطار دعم الجهة للنهوض بمهامها- أكد على ضرورة رفع الوصاية عليها، وتخويل رئيسها صلاحيات أوسع. عنصر جرأة الخطاب الملكي، تمثل كذلك فيما يمكن اعتباره مرحلة جديدة سيدخلها المغرب، بعد العشرية الأولى التي فتحت فيها أوراش كبرى، وستتم مواصلتها في المرحلة الثاني، التي يمكن اعتبار عنوانها الأبرز هو مضمون الخطاب نفسه، لكن ليس قبل إعداد التصور الشامل، أو الإطار المؤسساتي ، وهو ما تم الإعلان عنه فيما سماه الخطاب الملكي بالمرتكزات السبعة للتعديل الدستوري. إن المتأمل في هذه المرتكزات لا شك سيلاحظ أنها صيغت بعقل المستمع والمتتبع والعارف بنبض المجتمع المغربي، صيغت من موقع المتفاعل والفاعل في سيرورة البناء الديمقراطي، ولعل تجليات ذلك، في الدعوة إلى التنصيص على الهوية التعددية" وفي صلبها الأمازيغية " للمغاربة جميعهم وداخل وحدتهم. ولأن مطلب التنوع الثقافي للمغاربة، بما فيه الثقافية الأمازيغية، هو مطلب ذو طبيعة حقوقية، فإن الخطاب الملكي ارتأى أن يجعل المبادئ الكونية لحقوق الإنسان في طليعة مرتكزات التعديلات الدستورية : " ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب". وإذا كان عنصر المفاجأة و الجرأة هي الميزات الأساسية للخطاب الملكي، فإن من بين سماته-أيضاً- التأكيد على استمرارية الأوراش الكبرى، غير أنه بالمقابل يشكل-أي الخطاب الملكي- إعلاناً عن نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة، ولعل من بين الميزات والعناوين الأساسية لهذه المرحلة، هو التأكيد على مبدأ استقلالية القضاء، وتوسيع صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء. غير أن هذه الاستقلالية لا يمكن تصورها، أو لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال مبدأ آخر، يشمل السلطة التنفيذية والتشريعية، وهو ما جاء في الخطاب الملكي، حين أكد على : " توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها"، وهنا جاء الحديث عن توسيع صلاحيات البرلمان وإمداده بالنصوص القانونية التي تخوله النهوض بمهامه في التشريع والرقابة على الحكومة. هذه الأخيرة التي أكد الخطاب الملكي- وتفعيلاً لمبدأ الديمقراطية الحقة- على ضرورة انبثاقها من الإرادة الشعبية في إطار انتخابات شفافة ونزيهة، وفي إطارها تعزيز مؤسسة الوزير الأول، بما يعني أولاً، تسمية الوزير الأول من الحزب الذي يحتل المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات البرلمانية، وثانياً بتوسيع صلاحياته وذلك عبر: " تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي". وإذا كانت مؤسسة الوزير الأول، قد تكريس قوتها وامتدت لتشمل بالإضافة إلى سلطتها وصلاحياتها في تنفيذ برنامجها الحكومي، فإن هذه الصلاحيات امتدت لتشمل السلطة والمسؤولية على المؤسسات العمومية ، غي أن للبرلمان أيضاً-وفي إطار هذا التصور- حق محاسبة و مراقبة المؤسسات العمومية، ضمن ما عبر عنه الخطاب الملكي ب:"تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة".