فى كتاب ( فلسفة الثورة ) لجمال عبد الناصر الصادر عام 1953 ، تناول عبد الناصرالدوائر التى ستتحرك فيها السياسة المصرية ومنها الدائرة الإسلامية التى تتداخل مع الدائرة العربية والدائرة الأفريقية وتعد مصر جزء فاعل فيها . كان الخليفة الراشد أبو بكر الصديق هو أول من بدأ جمع القرآن الكريم فى مصحف وذلك بعد إلحاح من عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد مقتل معظم حفظة القرآن فى حروب الردة ، والخليفة الراشد عثمان بن عفان هو صاحب أول مصحف تم جمع وترتيب سور القرآن الكريم به ، والرئيس جمال عبد الناصر هو أول حاكم مسلم فى التاريخ يتم فى عهده جمع القرآن الكريم مسموعا ( مرتلا و مجودا ) فى ملايين الشرائط و الأسطوانات بأصوات القراء المصريين فى عهد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد فى مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970 ، أى أنه فى فترة حكم 18 سنة للرئيس جمال عبد الناصر تم بناء عدد ( عشرة ألاف مسجد ) وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد جمال عبد الناصر فى عهد عبد الناصر تم جعل مادة التربية الدينية ( مادة إجبارية ) يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد لأول مرة في تاريخ مصر بينما كانت اختيارية في النظام الملكي. فى عهد عبد الناصر تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية ، يقول الأستاذ محمد فائق فى كتابه ( عبدالناصر و الثورة الأفريقية ) أن الرئيس عبد الناصر أمر بتطوير الأزهر بعد أن لاحظ من متابعته لأوضاع المسلمين فى أفريقيا أن قوى الاستعمار الغربى كانت حريصة على تعليم المسيحيين العلوم الطبيعية ( الطب – الهندسة – الصيدلة ) ومنع تعليمها للمسلمين مما أدى لتحكم الأقليات المسيحية فى دول أفريقية غالبية سكانها من المسلمين ، وكانت هذه الأقليات المسيحية تتحكم فى البلدان الأفريقية المسلمة وتعمل كحليف يضمن مصالح قوى الإستعمار الغربى التى صنعتها، لذا صمم الرئيس عبد الناصر على كسر هذا الإحتكار للسلطة وتعليم المسلمين الأفارقة علوم العصر ليستطيعوا حكم بلدانهم لما فيه مصلحة تلك البلدان . أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التى كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون فى مصر إقامة كاملة مجانا أيضا ، وقد زودت الدولة المصرية بأوامر من الرئيس عبد الناصر المدينة بكل الإمكانيات الحديثة وقفز عدد الطلاب المسلمين في الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف بسبب ذلك. أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية. - فى عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم. - فى عهد عبد الناصر تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التى تذيع القرآن على مدار اليوم. - فى عهد عبد الناصر تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى فى التاريخ وتم توزيع القرآن مسجلا فى كل أنحاء العالم. - فى عهد عبد الناصر تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية، والعالم العربى ، والعالم الإسلامى ، وكان الرئيس عبد الناصر يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن. - فى عهد عبد الناصر تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامى والتى ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف فى عشرات المجلدات وتم توزيعها فى العالم كله. - فى عهد عبد الناصر تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية فى مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر فى العديد من الدول الإسلامية. ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية فى كفاحها ضد الإستعمار. كان الرئيس جمال عبد الناصر أكثر حاكم عربى ومسلم حريص على الإسلام ونشر روح الدين الحنيف فى العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس. سجلت بعثات نشر الإسلام فى أفريقيا وأسيا فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر أعلى نسب دخول فى الدين الإسلامى فى التاريخ ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهى نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة فى التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمى. في عهد عبد الناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه ، كما أصدر عبد الناصر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى والمحافل البهائية ، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التى كانت مقننة فى العهد الملكى وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبى . فى عهد عبد الناصر وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم ، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا و أسيا ، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامى في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق فى كل أنحاء العالم كان جمال عبد الناصر دائم الحرص على أداء فريضة الصلاة يومياً كما كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين فى المساجد توفى الرئيس جمال عبد الناصر يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970 والذى يوافق هجريا يوم 27 رجب 1390، صعدت روح الرئيس جمال عبد الناصر الطاهرة إلى بارئها فى ذكرى يوم الإسراء والمعراج ، وهو يوم فضله الدينى عظيم ومعروف للكافة . وبخصوص الدين المسيحى كانت علاقة الرئيس جمال عبد الناصر ممتازة بالبابا كيرلس السادس ، وكان جمال عبد الناصر هو الذى سأل البابا كيرلس السادس عن عدد الكنائس التى يرى من المناسب بناؤها سنويا ، وكان رد البابا ( من عشرين إلى ثلاثين ) ، وكان الرئيس عبد الناصر هو الذى أمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة ، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية. وعندما طلب البابا كيرلس السادس من الرئيس عبد الناصر مساعدته فى بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر ، وأشتكى له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها ، قرر الرئيس عبد الناصر على الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه فى بناء الكاتدرائية الجديدة ، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة. كما أنه بناء على أوامر الرئيس جمال عبد الناصر كان يعقد اجتماع أسبوعى كل يوم اثنين بين السيد/ سامى شرف - وزير شئون رئاسة الجمهورية - والأنبا /صمويل - أسقف الخدمات وسكرتير البابا - لبحث وحل اى مشاكل تطرأ للمسيحيين . كما أولى الرئيس جمال عبد الناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسى حاكم الحبشة ( أثيوبيا ) مستغلا فى ذلك كون مسيحيي أثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية ، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسى لحضور حفل إفتتاح الكاتدرائية المرقسية فى العباسية عام 1964 ، كما دعم وحيد الكنيستين المصرية والأثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس ، كان الرئيس عبد الناصر كعادته بعيد النظر فى ذلك فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وأثيوبيا يضمن حماية الأمن القومى المصرى لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة 85% من المياه التى تصل مصر. للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر والانقلاب على الثورة فى 13 مايو 1971 وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة على سياسات عبد الناصر ، تدهورت العلاقات المصرية الأثيوبية فى عهد الرئيس السادات ،ومازالت متدهورة حتى الآن وقد أنفصلت الكنيسة الأرثوذوكسية الأثيوبية عن الكنيسة المصرية ،وأستطاعت إسرائيل أن تحتل مكانة مصر فى أثيوبيا ، وفى أفريقيا كلها .0 وفى عهد جمال عبد الناصر لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوى تكفير الأخر ومعاداته. كان هناك دور واحد معروف ومحدد هو الاستعمار الأمريكى وذيله الصهيونى فى الوطن العربى وكان هناك مشروع قومى يوحد طاقات الأمة كلها يجمعها لتحقيق أهدافها فى التقدم والنهوض. لم يكن جمال عبد الناصر معاديا للدين ولم يكن ملحدا ، بل كان أقرب حكام مصر فهما لروح الدين ودوره فى حياة الشعوب وأهمية إضفاء المضمون الاجتماعى فى العداله