في ظل حالة الهوان والضعف العربي ، وفي ظل الانهيار الذي تعاني منه القضية الفلسطينية على كل صعيد .. وفي ظل مشكلات العراق والسودان والصومال تطفو على السطح من جديد مؤامرة أوروبية طازجة تجاه الصحراء المغربية ، تلك القضية التي أكلت من طمأنينة المغرب العربي خمسة وثلاثين عاما في صراعات مؤلمة مع جبهة البلساريو التي تصر على الانفصال عن المغرب ، ذلك بعد أن ترك الاستعمار الفرنسي الإسباني حالة صراع لم يزل فتيل اشتعالها مختبئا تحت رمال الصحراء العربية في المغرب العربي ؛ فقد اقتسمت أسبانيا وفرنسا المنطقة ؛ فكان أن حظيت فرنسا بموريتانيا ومعظم المغرب والجزائر وأجزاء من الصحراء المغربية القريبة من الجزائر وموريتانيا ، (علما بأن المغرب وموريتانيا والصحراء المغربية كانت تشكل معا المملكة المغربية قبل دخول الاستعمار الفرنسي الأسباني إلى المنطقة) ، بينما اكتفت أسبانيا بمنطقة الأرياف المغربية في أقصى الشمال ، والجزء الأكبر من الصحراء المغربية ، وقبل أن تخرج فرنسا من الجزائر تركت خلفها مسمارا استعماريا مسموماً حين ضمت منطقة تندوف المغربية إلى الجزائر ، وخرجت من موريتانيا تحت ضراوة مقاومة أهلها فاستقلت موريتانيا ، وأقامت دولة منفصلة عن المغرب .. بعد ذلك حدثت الكثير من التداعيات التي لا يحتمل المقام سردها كلها ، نختصرها في النقاط التالية : 1. حدث صراع عسكري بين المغرب والجزائر على منطقة تندوف . وتدخلت الدول العربية ، وتوقفت الحرب ، وبقيت تندوف بيد الجزائر . 2. طالبت المغرب بعودة موريتانيا إلى الدولة المغربية . 3. بدأت كل من المغرب وموريتانيا تطالبان أسبانيا بالصحراء المغربية ، وكانت مطالبة موريتانيا بالصحراء المغربية خطة غير بريئة هدفها إيقاف مطالبة المملكة المغربية باسترجاع موريتانيا إلى الوطن الأم ولكي تضمن حدودها الحالية . 4. خرجت أسبانيا من الصحراء المغربية تاركة وراءها مشكلة بين المغرب وموريتانيا ، وقد لاقت موريتانيا دعما جزائريا في مطالبتها ، وذلك على أثر الخلاف بين المغرب والجزائر بسبب منطقة تندوف المغربية . 5. أخيرا تم الاتفاق بين المغرب وموريتانيا على اقتسام الصحراء الغربية ، وكان الاتفاق تحت رعاية أسبانية وانتقلت قوات البلدين إلى الصحراء التي نالت موريتانيا ثلثها والمغرب ثلثيها . 6. قامت قوات البلساريو بمهاجمة الحلقة الأضعف وهي موريتانيا ؛ فوقعت الأخيرة مع المغرب اتفاقية دفاع مشترك ، لكن الضربات الموجعة للبلساريو أجبرتها على مغادرة الصحراء ، فحلت مكانها القوات المغربية .. 7. وبضغط من الجزائر اعترفت موريتانيا باستقلال الإقليم الصحراوي ، مكتفية بالحفاظ على حدودها الحالية . 8. في العام 1988 قام الطرفان بعقد اتفاق مبادئ يتحدث عن استفتاء للشعب القاطن في الصحراء الغربية ، لكن التمرد الصحراوي وإصراره على القتال جعل عملية الاستفتاء صعبة ، ووجدت المملكة المغربية نفسها مضطرة لخوض معركة إعادة الإقليم إلى حضن المملكة . 9. ومؤخرا استطاعت بعض وسائل الإعلام الإسبانية التي تحركها أصابع غير خفية في الحكومة الأسبانية إثارة العالم ضد المملكة المغربية زورا وبهتانا ، وذلك بنشر صور قتل وتنكيل مزعومة لأطفال صحراويين ، وكانت هذه الصور لأطفال فلسطينيين .. ! لقد استطاعت الولاياتالمتحدة وأسبانيا وفرنسا أن تحدث شرخا كبيرا في العلاقات بين بلاد المغرب العربي ، ابتداء بفرنسا التي ضمت منطقة تندوف إلى الجزائر قبل خروجها مندحرة منها ، فخلقت خلافا بين الجزائر والمغرب لم تزل آثاره قائمة حتى اليوم ، ومرورا بأسبانيا التي أشعلت الفتن في الصحراء المغربية مرة بين المغرب وموريتانيا ومرة بين المغرب والبلساريو وانتهاء بالتدخلات الأمريكية غير البريئة ، حيث توجد أمريكا دائما في كل صراع دولي أو إقليمي بصفتها مصلحا كونيا ، بينما هي تسعى بكل طاقتها إلى تفكيك العالم العربي والإسلامي وإضعاف موقفه واستنزاف قوته وموارده . إن تجمع شعراء بلا حدود وهو يرى الحالة المأساوية التي آلت إليها مشكلة الصحراء المغربية بسبب الدعم اللامحدود من بعض دول أوروبا لقوات البلساريو ، وبسبب الخلاف الناشب بين الجزائر والمغرب ، ولأن تجمع شعراء بلا حدود تجمع عربي وحدوي يعنى بالقضايا المركزية الكبرى للأمة ، ولأنه يتألم لما آلت إليه الحالة العربية القائمة ؛ فإنه يهيب بكل الأحرار في عالمنا العربي من سياسيين ومثقفين وأصحاب قرار ، ويهيب بجامعة الدول العربية التدخل الناجع والصادق والسريع لحل المشكلة التي يأمل تجمع شعراء بلا حدود أن تتم لصالح وحدة الأراضي المغربية بشتى الطرق قبل أن تتدخل الولاياتالمتحدة كعادتها لتأزيم الوضع ، كما يحدث اليوم في العراق وأفغانستان والسودان والصومال وفلسطين ، وما الحملة المشبوهة للإعلام الإسباني إلا مقدمة لتحرك أمريكي أوروبي لجهة تعميق الهوة وتفجير الوضع في الصحراء المغربية . إن تجمع شعراء بلا حدود يحمل الدول العربية مجتمعة وجامعة الدول العربية مسؤولية ما يؤول له الوضع في الصحراء المغربية ، ويناشد أصحاب الضمائر الحية في هذه الأمة كلا من موقعه وصلاحياته وقدراته أن يقفوا من هذه القضية موقفا شجاعا وحازما يعيد الصحراء الغربية إلى الوطن الأم ، ويوقف التمزق والشرذمة التي يعاني منها وطننا العربي على كل صعيد ؛ لتلتفت الأمة إلى قضاياها المركزية الأخرى وعلى رأسها قضية فلسطين ؛ فما يحدث اليوم من تمزيق جغرافي ونفسي للأرض والهوية ما هو إلا مخطط لحجب الأنظار عن قضية فلسطين وإشغال الأمة في بؤر صراع جانبية ؛ لتظل منشغلة عن قضاياها الكبرى الأخرى . ويحسن بنا هنا أن نوضح أننا لا ننحاز لجهة على حساب أخرى ، حيث نص النظام الأساسي لتجمع شعراء بلا حدود على أن من مبادئه (عدم الانحياز لجهة أو جهات سياسية على حساب أخرى) ؛ ذلك أننا لا نعد جبهة البلساريو جهة صاحبة حق في مقابل دولة عربية عريقة ومستقلة ، ذلك بالإضافة إلى أننا دعاة وحدة ، يؤلمنا الانقسام والشرذمة ، لكننا في الوقت نفسه نحب كل عربي ونتمنى له الخير سواء أكان من المغرب الأم أم من الإقليم الصحراوي ، أم من أي دولة عربية ، وسواء أكان مصيبا أم مخطئا ، ونتمنى للمخطئ أن يثوب إلى رشده ، ولصاحب الحق أن يصل إلى حقه بالطرق السلمية ، متسلحا بالمصداقية والشرعية الوطنية .