مما لاشك في أن تعميق علاقات بربويية و تواصلية بين المؤسسة التعليمية من جهة، وبين المدرس والتلميذ إلى جاني كل أطياف المجتمع المدني ... يمكن أن يكون مدخلا ضروريا لإصلاح تربوي ، وأمتصاص لضعف أو جزء منه في المرحلة الراهنة .، ذات بعد تطبيق وطني شامل ... بدون مزايدات وسمسرة ... صحيح أن وزارة التعليم أصبحت تبدي تزايد الوعي في تحديات الوضعية الراهنة للتعليم وتشابكها، لكن الأهم هو كيف يمكن أن توفر صناعة لبرامج استعجالية تكون بدائل يمكن بها إصلاح تعليمنا بأدنى تكاليف وأعظم فائدة ، ، أعتمادا على أمكانيات ذاتية ، وكل ذلك ضمن معالم منضبطة في مواجهة العوامل مهددة للامن التربوي وتنسيق متكامل : من الميثاق الوطني للترية والتعليم، إلى البرنامج أو المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم لآمتصاص عوامل التهديد . أضافة الى المواقف من كل ذلك من كل ومن بعد اعتماد الميثاق الوطني للتربية والتكوين، كفصول ونصوص والتي لم ترق بعد إلى مرحلة التطبيق الجاد والميداني والعلمي، اتضح جليا وجديا أنه أصبح من اللازم تدارك الأبعاد الأساسية والوطنية والمستقبلية لمشروع إصلاح المنظومة التربوية في بعدها التربوي أولا، ثم العلمي والتكنولوجي. ولن يتحقق هذا إلا من خلال رد الاعتبار للمدرسة، و -كذلك - من خلال التركيز على الأولويات التربوية، وغرس قيم المواطنة والتضحية ، والعمل على تفضيل المصالح العامة للوطن والمواطن. مع توفير كل الشروط للمدرسة حتى تتمكن من أداء رسالتها على أكمل وجه. لكن لماذا أخفقت كل الإجراءات الإصلاحية السابقة في حل معضلة التعليم والتكوين في المغرب، وفي إقرار أمن تربوي ؟ الملاحظ أن الكل أصبح يشتكي من غياب التربية الصحيحة والمستقيمة في المجتمع المغربي، وذلك لعدة اعتبارات، ونتيجة تأثيرات داخلية وخارجية ، لكن يبقى الجهل والأمية، والارتجال في معالجة القضايا الجوهرية، والأنانية والمحسوبية السبب الرئيسي في تدهور التعليم حتى أن المغرب صنف كونيا ضمن الدول "الذيلية " فيما يخص مردودية منظومته التربوية. لكن الصحيح أيضا، والذي أساء لهذا القطاع الحساس هو وضعه في أيدي سماسرة السوق، لأن المتاجرة بالقطاع التعليمي " وسمسرته " أبعده عن النظرة العلمية، والتخطيط الدقيق، والتفكير الهادئ والرزين والحس الوطني الصادق. وإذا كانت الدولة والأحزاب وجرائدها، والبرلمان قد انكبوا في السنوات الأخيرة على الاهتمام بالأمن الوطني، والأمن الغدائي، والأمن البيئي، والسلم الاجتماعي، والتنبيه إلى الخطرين الداخلي والخارجي : في الداخل محاربة الجريمة والمخدرات، والتصدي "للحرابة AGRESSIONS " التي استفحلت بشكل خطير وفي واضحة النهار، وهو ما قد يؤدي إلى انفلاتات ومضاعفات نخشى معها تفشي السيبة وأفول هيبة الدولة ... وفي الخارج اليقظة من الجريمة الدولية المنظمة، والإرهاب الدولي، وحماية الأمن الروحي للمملكة من التطرف والغلو والتشيع، حتى أن الدولة كادت أن تفقد إرادتها وقبضتها في التحكم في زمام الشأن العام ووفق ما تقتضيه المصالح العليا للبلاد دون وصاية من أحد ونعني بهذا إقرار الديمقراطية الحقة وحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتفكير بعيدا عن المساومات السياسوية والطائفية والإثنية المقيتة التي ما زالت ترضع من بقايا المشاريع الاستعمارية التخريبية والتفتيتية ... وها هو العاهل المغربي يجوب كل أطراف البلد للبحث والوقوف عن العلل والتي أدت إلى انفجارات يوم 16 غشت 2003 بالبيضاء. فكان لا بد من الاهتمام بالمواطن وكرامته، والحد من آفة الفاقة والفقر، وضمان العيش الكريم لكل المغاربة، وهو التحدي الذي رفعه العاهل المغربي محمد السادس من خلال مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهي الشرط الأساسي التي متنت آليات المحسنين الصادقين للوطن المغربي. منذ مدة ووزارة التربية الوطنية تشنف مسامعنا بإقرار خرائط طريق لإصلاح التعليم، فكان الميثاق الوطني للتربية والتكوين و" من الكتاب الأبيض، إلى المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم بعدما دقت نواقيس الخطر بعد فقدان القدرة على الإبداع والتجديد والتطوير، فغابت الفرص لاستكشاف الطاقات الحية والشابة بسبب تعليم طبقي وانتهازي وتجاري ... كاد أن يؤدي بنا إلى الهاوية والفوضى. لأنه بدون الاعتزاز بالطاقات الوطنية وبلورتها، وخاصة تفعيل دور المدرس وفسح المجال له للمبادرة، مع التركيز على إبراز العناصر الرئيسية الثلاث : القيم، التربية على الاختيار، والكفاءات. والأهم التركيز على النخب الوطنية .