عاد المناضل الفلسطيني المغربي الأصل والهوية، محمد مصدق بن خضراء، يوم الأربعاء 07 يوليوز 2010، إلى بلده المغرب وحضي باستقبال يليق بمكانته ومساره النضالي وتشبثه بوطنه الأصل. هذه هي المرة الثالثة التي يعانق خلالها سليل آل بن خضراء وطنه الأم، لكنها عودة مختلفة جذريا عن المرتين السالفتين، عودة ملؤها بهجة إعادة نسج العلاقة مع أريج بلد الأجداد، وطعم الانتصار على الماضي المر. وبينما تعود الزيارة الأولى إلى عام 1981التي حصل أثناءها على بطاقته الوطنية وجواز سفره المغربي، فالزيارة الثانية في عام 1985 تحولت إلى كابوس لا يطاق، اعتقال واستنطاقات واختطاف وزنزانة انفرادية وسلاسل وأغلال، ليل سيعسعس حالكا الى حدود عام 1993 وسينتهي بالترحيل بعيدا عن أرض الأجداد. عن مساره النضالي، وعملية باخرة «أكيلي لورو»، واختطافه في مغرب سنوات الرصاص قبل ترحيله إلى تونس وذهابه إلى غزة، وسجنه بمعتقلات إسرائيل الرهيبة، نخصص هذا الملف الذي هو مقتطفات من سيرته كما نشرناها في سنتي 2000 و2004، منطلقين من علاقته بالجريدة. اتصالات المناضل العائد بعد طول انتظار مع «الاتحاد الاشتراكي» تعود إلى سنة 2000، لما توصلت الجريدة بفاكس منه وارد من غزة، فاكس هو عبارة عن رسالة مفتوحة موجهة إلى وزير داخلية تلك الحقبة، إدريس البصري، يطلب عبرها استرجاع وثائقه المغربية وعلى رأسها جواز سفره للتمكن من العودة إلى أرض الوطن. تأكدنا حينها من مصدر الرسالة ومن مسار باعثها فنشرناها مرفوقة بسيرة أولية له امتدت ثلاث حلقات. وفي الحقبة ذاتها، استمرت اتصالاته مع الجريدة، إما هاتفيا أو عبر الفاكسات أو البريد العادي، ليحمل لنا هذا الأخير كراسا مرقونا عن تجربة الاختطاف والاحتجاز في معتقل من معتقلات مغرب سنوات الرصاص التي تعرض لها في المغرب طيلة ثمانية أعوام، وهي التجربة/ السيرة الروائية التي نشرنا حينها مقتطفات طويلة منها امتدت على أكثر من ثلاثين حلقة. وفي المرحلة نفسها، أمددنا الفقيد عبد الله الولادي، بوصفه رئيسا للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بملف محمد مصدق بن خضراء. اتصالات هاتفية مع الجريدة من سجن رفحة صباح الخميس 12 دجنبر 2002، حمل الهاتف صوتا متعبا وصامدا في ذات الآن يقول: «أنا الآن في سجن نفحة الصحراوي، بصحراء النقب على الحدود الاسرائيلية المصرية». صاحب الصوت لم يكن سوى محمد مصدق، الذي ذكرنا القراء، ونحن ننشر خبر اعتقاله واتصاله في عدد 14 من الشهر ذاته، بأنه «المناضل الفلسطيني المنحدر من أب سلاوي والحامل للجنسية المغربية، العامل في صفوف جبهة التحرير الفلسطينية والمشارك في حرب لبنان والمدافع عن بيروت المحاصرة، المحاكَم غيابيا في إيطاليا بتهمة المشاركة في عملية اختطاف باخرة «أكيلي لورو» سنة 1985، والمعتقل سريا في المغرب لمدة ثماني سنوات»، مضيفين أنه عاد في سنة 1997 إلى غزة للاستقرار بها بعد مصادقة سلطات إسرائيل على ذلك «بدون قيود»، وذلك إثر اتفاقيات أوسلو. يومها أكد لنا نزيل سجن نفحة الصحراوي الرهيب، الذي كان قد اعتقل منذ يوم 21 فبراير 2001 في الحدود المصرية - الإسرائيلية وهو في طريقه إلى غزة ، بأن اعتقاله ظالم وبأن إسرائيل «تريد الانتقام من ماضيه النضالي»، مفسرا «وجهت لي تهمة العمل ضد إسرائيل، وطالبت المحكمة بإنزال عقوبة ثماني سنوات سجنا نافذا في حقي»، ومضيفا «وإذا كان الحكم في مرحلة المداولة الآن، فإنني أناشد المنظمات والهيآت الحقوقية المغربية الدفاع عني وتبني ملفي لمواجهة هذا الاعتقال الجائر». هذا، وفي يناير 2004، حمل الهاتف مجددا صوت المناضل محمد مصدق بن خضراء من السجن الصحراوي الرهيب، حيث كان قد قضى ثلاث سنوات بعد صدور الحكم النهائي عليه بست سنوات، حيث أخبرنا، لننقل النبأ للرأي العام، أنه تم استثناءه من عملية يبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل في تلك الأيام، علما أن الصفقة تلك كانت، من ضمن بنودها، على إطلاق سراح كل السجناء العرب في المعتقلات الإسرائيلية. الأب مغربي والابن يحصل على جواز السفر الأخضر في 1981 في اليوم الثاني والعشرين من شهر دجنبر من عام 1953، شهد أحد أحياء العاصمة السورية ميلاد طفل فلسطيني آخر في «المنفى الإجباري». لكن هذا الطفل الذي اختار له أبواه اسم «محمد مصدق»، هذا الذي تنفس أولا هواء دمشق، فلسطيني ينحدر من أقصى غرب العالم العربي، من المغرب. «كان والدي يحدثنا في طفولتنا عن أصوله المغربية، وكنا نعتبر أن الأمر مجرد شطحات لرجل قد كبر في السن وشاخ»، هكذا يعترف الدمشقي. لنترك مسار محمد مصدق الآن جانبا، ولنرافق والده في الرحلة التي قادته إلى المغرب بعد مرور سبع وعشرين سنة على ولادة ابنه. في عام 1980 «عاد والدي إلى المغرب، وتعرف هناك على أبناء عمومته من عائلة بن خضراء في مدينة سلا وتعرفوا عليه. استقبلوه بكل حفاوة وكرم. تقدم والدي بالوثائق المطلوبة إلى محكمة الاستئناف بالرباط التي ثبَّتت أصله المغربي، وحكمت لصالحه بذلك هو وأبناؤه». هكذا إذن استعاد محمد مصدق جنسيته المغربية الأصلية، كما استعادها جميع أفراد أسرته. سنة بعد زيارة الوالد للمغرب، وبالضبط خلال صيف عام 1981، حل محمد مصدق لأول مرة في أرض أجداده، ولم يفته خلال هذا العناق الأول مع الوطن الذي لم يبق مجرد صدى لحكايات طفولة كان يقصها الأب، لم يفته القيام بالإجراءات اللازمة «فحصلتُ على بطاقتي الوطنية وجواز سفر مغربي». لكن زيارة «المواطن المغربي بن خضراء محمد مصدق» كما يقدم صاحبنا نفسه مشددا على انتمائه الهووي إلى بلده الأصلي في عام 1985 ستتحول الى كابوس لا يطاق، اعتقال واستنطاقات واختطاف وزنزانة انفرادية وسلاسل وأغلال، ليل سيعسعس حالكا الى حدود عام 1993 وسينتهي بالترحيل بعيدا عن أرض الأجداد. الطفولة الدمشقية والالتحاق ب «جبهة التحرير الفلسطينية» لنعد الآن بعقارب الزمن إلى الخلف، إلى طفولة وشباب وليد دمشق، ولننصت إلى شهادته المستقاة عام 2000: «تعليمي الابتدائي في مدارس (وكالة «غوث» للاجئين الفلسطينيين ) التابعة للأمم المتحدة في دمشق، وتابعت دراستي الثانوية في المدارس الحكومية السورية، ثم التحقت بكلية الآداب بجامعة دمشق في عام 1973. كل شيء كان سيسير على وتيرة رتيبة في حياة رتيبة حد التقزز، فيحصل الطالب على الشهادة الجامعية ويلج سلك الوظيفة العمومية أو أسلاك التعليم في هذا البلد العربي أو ذاك و «يا دار ما دخلك شر»، كما يقول المصريون.. لكن اللحظة التاريخية تلك كان ملؤها الانتماء للوطن والانخراط في النضال والفورة السياسية للشبيبة العربية، كانت الثورة العربية والثورة الفلسطينية طليعتها قدرا رائعا للشباب، وكيف لا وعار الهزيمة لم ينضب بعد وفلسطين ضاعت والأنظمة خانت والامبريالية استأسدت؟ في عام 1971 إذن، كان محمد مصدق قد التحق بجبهة التحرير الفلسطينية، ولهذا التحق بقوات المقاومة الفلسطينية بلبنان في سنة 1976 بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، وهناك «شاركت في الدفاع عن قوات الثورة ضد عملاء العدو الإسرائيلي من القوات اللبنانية والكتائب والأحرار، وكنت ممن خاضوا حرب الخنادق في بيروت»، بيروت الحرب الأهلية حيث استشهد أخوه الأكبر. ولأن من يحمل في وعيه وقلبه قضية فلسطين محارب أبدا في كل الجبهات، فقد «ذهبت في عام 1977 إلى السويد، وعملت هناك في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في استوكهولم كمنشط للدعاية الفلسطينية». وكما يفعل المنفيون دائما في كل المنافي، حتى وهي مقر فعل نضالي، ظلت حقيبة محمد مصدق مهيأة للرحيل إلى أن حملها ذات يوم من أيام 1980، وعاد إلى لبنان الذي ستستحيل عاصمته بيروت، وفق صورة محمود درويش الشعرية إلى «خيمتنا الأخيرة». وبالفعل، وبعد أن اندلعت الانتفاضة لتعيد ترتيب معطيات معادلة الشرق الأوسط ولتضخ نفسا متوهجا جديدا في الثورة الفلسطينية، اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان، ابتداء من اليوم السادس من شهر يونيو من سنة 1982، لينطلق حصار بيروت. الطريق المسدود إلى «أشدود» عبر باخرة «أكيلي لورو» يسترسل محمد مصدق في الحكي قائلا: «بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ومحاصرة بيروت ذهبت إلى تونس. وفي تونس أصبحت عضوا في القيادة العسكرية لجبهة التحرير الفلسطينية التي أصبح يقودها الرفيق أبو العباس، بعد الانفصال عن أحمد جبريل في عام 1976. بعد الخروج من لبنان، صار وضع المقاومة الفلسطينية حرجا وصعبا. المسافة أصبحت بعيدة عن أرض الوطن وكان لزاما علينا ابتكار طرق ووسائل جديدة من أجل الوصول إلى أرض الوطن والاستمرار في الكفاح المسلح ضد العدو الذي قال أحد قادته شامتا بعد الخروج من بيروت «وداعا يا منظمة التحرير». ومن رحم هذا الوضع الجديد للمقاومة في الشتات العربي تولدت فكرة عملية الباخرة الإيطالية «أكيلي لورو». فترتها «المسافة أصبحت بعيدة عن أرض الوطن»، يقول محمد مصدق قبل أن يضيف: «كان لزاما علينا ابتكار طرق ووسائل جديدة من أجل الوصول الى أرض الوطن والاستمرار في الكفاح المسلح ضد العدو(...) في عام 1984 وأثناء زيارة أحد أعضاء جبهة التحرير الفلسطينية لإيطاليا، لفت نظره بأن هناك باخرة سياحية ايطالية تقوم برحلات دورية منتظمة على مدار السنة في حوض المتوسط، وأنها تمر أثناء رحلاتها بعدة مدن من بينها مدينة (أشدود)، وهي ميناء في فلسطينالمحتلة، بل أهم موانئ العدو الإسرائيلي. نقل الرجل الخبر إلى أعضاء الجبهة في تونس فتشكلت سريعا خلية عسكرية للإعداد لعمل عسكري ضد العدو وضرب مواقعه في أشدود، وكان لي الشرف أن أكون أحد أفراد هذه الخلية التي حضرت وخططت للعملية». الهدف كان واضحا إذن، انه أشدود، وبالإضافة الى أهمية ميناء هذه المدينة الاستراتيجية، ثمة دافع آخر نستشفه من تصريح صحفي للأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، أبو العباس «لقد سمعت من المقاتلين (الذين شاركوا في العملية) أن هدفهم الأساسي كان النزول الى ميناء أشدود ومداهمة القاعدة العسكرية التي انطلق منها الطيران الاسرائيلي لقصف تونس» (اليوم السابع 21 أكتوبر 1985). وبالفعل، فلقد قصف الطيران الاسرائيلي مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، في فاتح أكتوبر 1985، مخلفا سبعين شهيدا. الهدف واضح إذن، إنه أشدود، ووسيلة الوصول إليه كذلك: انها باخرة «أكيلي لورو». لكن مكر الصدف سيجعل رياح العملية تهب بما لا تشتهيه إرادة المخططين والمنفذين للعملية الفدائية. في حدود منتصف ليلة الاثنين الثلاثاء (7 و8 أكتوبر 1985) أعلن قائد السفينة السياحية، الكابتن دي روزا، أن الباخرة أصبحت في عهدة أربعة رجال مسلحين. «الخاطفون» الأربعة ينتمون إلى «جبهة التحرير الفلسطينية»، وهم جميعا من الطلاب الجامعيين الفلسطينيين: علاء عبد الله الحسن (19 سنة)، ماجد يوسف المالكي (23 سنة)، محمود علي عبد الله (23 سنة) وعبد اللطيف إبراهيم (20 سنة). العملية دامت يومين ونصف تقريبا لتنتهي في ميناء بورسعيد، حيث سلم «الخاطفون» الأربعة أنفسهم إلى السلطات المصرية بعد مساع حثيثة لمنظمة التحرير. عن مجريات العملية، يشهد محمد مصدق، « أحد المكلفين بالتخطيط لها» والذي تابع مجرياتها بقلق: «أقلعت السفينة من ميناء جنوة وتوقفت تباعا في نابولي، صقلية، الإسكندرية ثم بورسعيد، وفي الليلة التي غادرت فيها السفينة بورسعيد بحيث ستصل إلى ميناء أشدود بعد ساعات، أي في الفجر، راح الإخوة الأربعة المكلفون بالعملية الانتحارية يجهزون أسلحتهم ويعدون أنفسهم، كانوا قد نجحوا في الصعود إلى السفينة مع كامل أسلحتهم وعتادهم بصفة ركاب عاديين من ميناء جنوة الإيطالي، لكن الصدفة والمفاجأة قلبت الأمور كلها رأسا على عقب عندما فتح أحد العاملين على ظهر الباخرة خطأ، باب غرفة الإخوان وهم يقومون بتجهيز أسلحتهم، هرب العامل فورا، راح يصرخ: مسلحون... مسلحون! وأمام هذا الأمر غير المتوقع لم يجد الإخوة حلا آخر سوى تغيير اتجاه السفينة على الفور، والسيطرة على طاقمها، ثم جمعوا الركاب وراحوا يشرحون لهم الأمر مطمئنين إياهم بأنهم لن يؤذوا أحدا، وهذا ما شهد به ركاب السفينة كلهم». كان من المتفق عليه تسليم منفذي العملية لمنظمة التحرير لمساءلتهم، وكانت المسألة قد انتهت عند هذا الحد بعد مفاوضات عسيرة، لولا إدلاء قائد السفينة، الكابتن دي روزا، ساعة خروج السفينة من بورسعيد، يوم الأربعاء 9 أكتوبر في الساعة الرابعة والنصف، أي أربعون ساعة من بدء العملية، بتصريح مفاده أن راكبا أمريكيا معوقا ليون غلينغوفر لم يعثر عليه بين الركاب، مضيفا بأن أحد أفراد المجموعة قال له بأنه قتل الأمريكي المسن والمشلول. تلقفت الولاياتالمتحدةالأمريكيةالخبر، فطلبت على الفور من مصر بقاء أفراد المجموعة بها على أن يتم تسليمهم للقضاء الأمريكي لمحاكمتهم. أما إيطاليا، فقد تقدمت بالطلب نفسه على أساس «أن الجريمة وقعت فوق سفينة إيطالية». محاكمة مصدق غيابيا في جنوة ووسط شد الحبل هذا، وبعد 31 ساعة من انتهاء العملية، كانت طائرة مصرية على متنها أبو العباس ومرافقه وأفراد المجموعة الأربعة وخمسة ديبلوماسيين مصريين وأفراد الطاقم الستة في الأجواء التونسية، عندما اعترضتها أربع طائرات أمريكية من طراز «إف 14» وفرضت عليها الهبوط في قاعدة تابعة للحلف الأطلسي في جزيرة صقلية الايطالية. في حوالي التاسعة من ليلة الجمعة 11 أكتوبر، غادرت الطائرة القاعدة من دون أفراد المجموعة الأربع الذين ظلوا في سجن شيراكوزا الايطالي حيث بدأ استجوابهم. لنعد الآن لشهادة محمد مصدق: «وفي ظل حملة إعلامية صهيونية مسعورة صدرت عن محكمة جنوة أحكام جد قاسية في حق الإخوان الأربعة المعتقلين تراوحت بين السجن المؤبد والسجن بثلاثين عاما». وهو ما كان نصيبه في هذه الأحكام؟ يجيبنا سليل عائلة بن خضراء: «صدر بحقي حكم غيابي بست سنوات سجنا». هذا، والتحقيق جار مع منفذي العملية الأربعة في إيطاليا قبل النطق بالحكم، عممت الشرطة الدولية (أنتربول) مذكرة بحث لاعتقال محمد مصدق، ليعتقل في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء في شهر نونبر 1985. المغرب وطنا بطعم الاختطاف والتعذيب في اليوم السابع من نونبر 1985 إذن، حطت الطائرة القادمة من تونس على أرضية مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وعلى متنها مسافر يحمل اسم محمد مصدق بن خضراء الذي جاء إلى المغرب «من أجل تسجيل ابنته راوية في سجل الأحوال المدنية بالرباط، وكان لها من العمر ثلاث سنوات آنذاك»، حسب تصريحاته لنا في عام 2000. وبمجرد وصول الطائرة، اعتقل سليل بن خضراء من طرف الأمن الوطني، لينقل أولا إلى «كوميسارية المعاريف»، ويتم اقتياده بعد ذلك «إلى شقة تابعة لرجال «الدي. إس. تي» بحي أكدال بالرباط»، حيث مكث معتقلا مغلولا في زنزانة انفرادية، لينقل بعد ذلك الى تمارة ويكون «أول مختطف يدشن معتقل المبنى الجديد لإدارة حماية التراب». وهناك، تضيف الشهادة «بقيت مختفيا عن الأنظار في زنزانة فردية، مكبلا بالسلاسل والأغلال، حتى عام 1993». بعد حوالي ثماني سنوات من الاختطاف والتعذيب والشعور بدنو الموت، سيتم الإفراج عن محمد مصدق بن خضراء وترحيله إلى تونس.. سنوات من الجمر جعلت المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يدرج اسمه ضمن «لوائح المفرج عنهم والمختطفين المعلن عن مصائرهم»، الصادرة في أكتوبر 1998، ضمن «الفئة الثانية»، أي «الموجودين على قيد الحياة ويتمتعون بالحرية وعددهم 12 شخصا»، وبالضبط في خانة الموجودين منهم خارج المغرب، تحت الرقم التسلسلي: 5.