عرف الإنسان المصرى منذ العصر الحجرى الحديث أقدم الصناعات ( الفخار ) التى كانت نقطة تحول فى تاريخه حيث أن صناعة هذه الأوانى كانت تقوم بدورها فى حياته اليومية , ومن الأجداد الى الأحفاد نذهب الى سر صناعة الفخار قديما . كانت هذه الصناعه فى مبدأ الأمر غير متقنه أو متطوره ولكنها لاقت فيما بعد درجة من التطور , ظهرت فى رقة الأوانى وشكلها وألوانها وبريقها وقد أستخدم المصرى القديم نوعين من الطمى فى تلك الصناعة أحدهما يميل الى اللون البنى أو الأسود الذى يتحول الى اللون الرمادى البنى عندما يجف , والثانى هو اللون البنى الرمادى الذى يصير رماديا عندما يجف ولا يرى أن هناك أختلافا بين ما أتبعه المصرى القديم وما يقوم به الاحفاد فى طريقة صناعة الأوانى الفخارية , وقد كان قديما يتم تحضير الطمى وعجنه حتى يتماسك ثم يأتى دور تشكيل الآ نيه الذى كان يتم فى القدم يدويا . أما فى عصر الأسرة الأولى من تاريخ مصر الفرعونى فقد توصل الصانع الى " العجلة " التى يشكل عليها هذه الأوانى , وهى موجودة حتى وقتنا الحالى على شكل قطعة مستديرة من الخشب يديرها الصانع بقدميه بينما يشكل بيده قطعة الطمى وتسمى ( الدولاب ) وقد أحتفظت بهذا مقبرة الملكة ( تى ) فى منطقة سقارة من عصر الأسرة الخامسة , أما طريقة الصنع , كانت تترك الآنيه بعد ذلك لتجف قبل أن يتم حرقها كما كانت توضع الأوانى الطمييه مختلطه بقطع الوقود على سطح الأرض حتى يتم حرقها , وكان الوقود يتكون من التبن , وروث البهائم المخلوط بالتبن والحشائش أو البوص الإ أنه فى عصر الأسرة الخامسة فصل المصرى القديم فى حرقه للأوانى وبين قطع الوقود أما بالنسبه للأ لوا ن فهى على حد قوله كانت أ لوان الوانى الفخارية تتغير تبعا لنوع الطين المستعمل وما يدخل فيه من أكاسيد معدنيه ومواد عضوية , وكذلك تبعا لطريقة الحرق وتنظيمها فقد كان اللون الأسود والأحمر والبنى والرمادى , ولم ينس المصرى القديم أن يعطى الآ نيه الفخاريه بريقا , فقد أستطاع قبل أن تجف نهائيا وقبل حرقها أن يصقل سطحها الخشن الى سطح أملس ناعم كما كان يزين آنيته خاصة منذ عصر ما قبل الأسرات بأشكال مختلفة لبعض الحيوانات , أو القوارب أوالطيور ويملأ ذلك بمادة بيضاء حيث تظهر على سطح الآنيه , وبعد ذلك أستعمل اللون الأزرق أو الأحمر أو الأسود او الأصفر ويواصل الآن الأحفاد تمسكهم بمهنة الأجداد التى لم يعرفوا غيرها منذ نعومة أظافرهم وتحكى الحاجة ( هريدية شمندى أسماعيل ) من الشيخ على التابع لمحافظة قنا وتبعد عن الأقصر بحوالى 30 كيلو مترا التى يقول عنها اهلها أنها كانت فى عصر الفراعنة تسمى " مدينة يميس " أنها لا تعرف غير هذه المهنة فقد جاوزت الثما نين عا ما بعامين ولم تشاهد أحدا من قريتها أو أسرتها يعمل فى غير هذه المهنة . وتحكى هريدية وهى ممسكة بقطعة " البرام " التى تقوم بتنظيفها أنظر الى يدى كم هى مجهدة من العمل فنحن لم نتعلم ولم نعرف غيرها حتى الأحفاد الذين تجاوزوا 40 حفيدا لا يعلمون إلا فى هذه المهنة فكل قرية من القرى المجاورة تخصصت فى صنع نوع من الفخار ( فقرية المحروسة ) لا تعمل إلا فى القلل والبلاليص ( ودندره ) تصنع "البرام " وكذلك حجازه ( وقرية الفاخوره ) تصنع " الأزيار " ونحن هنا فى ( نجع الشيخ على ) بكل منازله وعائلاته ومنذ أيام وليالى لا أستطيع عدها نعمل فى صناعة " ا لبرام " رغم تعبها وعائدها البسيط سأ لتها عن أسرار هذه المهنة وطريق صنع "ا لبرام " فأجابت بفطرتها لا أعلم غير أننا لا نستخدم فى صناعة "ا لبرام " غير الحصى " ا لطمى " من الترعة ومادة أخرى تسمى " البرام " تأتينا من مدينة القصير با لبحر الأحمر وأحيانا اخرى نستخدم رماد الفرن من قلة الخامات الذى نسميه " الملا " فهو يستعمل فى صناعة "الأزيار " فقط ولكن فى صناعة "ا لبرام " فإن أفضل خامة هى الحصى الأسود وا لبرام ورغم عزوف الكثير من السيدات عن أستخدامها فى المنازل ألا أنها أوانى جيدة لا تصدأ على الطعام أثناء طهيه كما تحتفظ بدرجة حرارة الطعام داخلها مشيرا الى أن السيدات يقمن فى المنازل بتعتيق الآ نيه قبل أستخدامها بدهنها بالعسل الأسود ثم وضعها فى الفرن ثم يقمن بتنظيفها وحكها جيدا ثم دهنها بالزيت ووضعها فى الفرن مرة أخرى حتى تستخدمها فى الطعام وتكون قد أخذت اللون الأ سود أما طريقة صنع " ا لبرام " نضع ا لبرام داخل الحوض وهو عبارة عن خندق عميق فى الأرض مملوء بالماء ليتم تلييثه وعجنه حتى يتماسك مع الحصى وهنا نستأجر من يقوم بتمليكه جيد أى خلطه وبعدها نأخذ هذه العجينة ونضعها على "ا لدستة " وهى قطعة كبيرة من الخشب ويتم القطع منها على حسب الطلب ووضعه على الدولاب وهى نفس القطعة المستديرة من الخشب التى كان يستخدمها الصانع المصرى القديم ثم يأتى دور السيدات والفتيات لتصليح الآ نيه وهى مازالت طرية لنقوم بتسويتها من أسفل وإ زالة الزوائد بها وبعدها نقوم بمسحها بقطعة القماش المبللة بالأ كسيد الأحمر لأنه تعطيه اللون الاحمر ونتاكد أنها ملساء من ا لداخل وا لخارج كما أنها عند دخول ( الفاخوره ) الفرن للحرق لا تستغرق وقتا وهى مدهونة بهذه المادة