إذا كان الهدف من فك الحصار عن غزة هو إدخال مواد التموين، وحاجات الرفاهية، ومواد البناء، والعطور الفاخرة، والأجهزة الكهربائية، والسيارات، والبهارات، والسماح لسكان غزة بالسفر إلى أوروبا، والتمتع بجوها السحري، فبئس فك حصار يسعى إليه الفلسطينيون، واحتمل من أجله الناس عذاب سنين!. قصير النظر قد يحسب أن مشكلة غزة في نقص المواد، وقلة الموارد، وانعدام فرص العمل، والمشاريع الاستثمارية، واختناق الحياة بالحدود الإسرائيلية الشائكة ولا ينكر أحد أن هذه بعض مشاكل غزة ولكن حال أهل غزة مثل حال السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فهم في حاجة إلى حريتهم أولاً، وفي حاجة لإشباع جوعهم إلى الحياة. ولكن إطلاق سراحهم من السجون لا يعني نهاية المشوار، وانتهاء حالة العداء مع اليهود الإسرائيليين. بل على العكس من ذلك، فمن أمضى زهو حياته في السجون، لا يفتش عن حريته الشخصية، لينسى السبب الذي من أجله احتمل العذاب خلف القضبان؟ فك الحصار عن غزة هو بداية مشوار المقاومة، وانتصار الإرادة، والخلاص الفلسطيني من قيود الاحتلال الإسرائيلي، وبداية مرحلة جديدة من الاستعداد لاسترداد الحقوق الفلسطينية المغتصبة سنة 1948، وكل من يفكر أن صراع غزة مع إسرائيل يقف عن حدود غزة فهو واهم، وكل من يفكر أن فك الحصار يعني بداية تمتع الناس في غزة بحياة الملذات فهو طائش التفكير، وهذا يعرفه الإسرائيليون جيداً، ويخشون منه، ويعرفون أن التركي، والجزائري، والمصري، والكويتي، والسوري، واللبناني، والأردني، والمسلم بشكل عام، لم يأت كي يمسح الدهن عن صحون الفلسطينيين، ولم يحترق دم العالم الحر على غزة كي ترش نساؤها العطر على فراشهن، ويصففن شعرهن، ويصبغن أنفسن بالألوان البراقة. فك الحصار عن غزة يعني نهاية مرحلة الاستخذاء، وبداية الانجلاء لطريق الحرية، وهو يحمل دلالات سياسية وليست حياتية فقط، ولاسيما بعد اصطفاف محاور إقليمية إلى جانب الشعب الفلسطيني، ولا بأس من الاستعانة بالضغط الدولي، واستنفار المشاعر الإنسانية، داعمة لصمود أهل غزة، وقوة صبرهم على الشدائد، ليكون فك الحصار بداية الفصل الحقيقي بين الدولة العبرية الغاصبة وبين بعض الأرض الفلسطينية المحررة في قطاع غزة، على طريق تحرير باقي الأراضي المحتلة، معتمدين أساليب قتالية جديدة، وإبداعات نضالية، ومواجهات، بعيدة عن أسلوب إضاعة الزمن الفلسطيني خلف طاولة المفاوضات.