جلست لأشاهد القنوات الفضائية لعلي أستفيد وأنمي رصيدي المعرفي المتواضع، فوجدت العجب العجاب وتناقضا كبيرا ند علي فهمه. قنوات غنائية لا حصر لها ، رقص وغناء وفيديو كليبات تستحيي أن تنظر إليها، فكرت مليا في حال هذه القنوات فوصلت إلى طريق مسدود ، مضيعة للوقت ومفسدة للنفوس وضرب في القيم والأخلاق. الشباب وآه من الشباب أمل هذه الأمة مفتون جراء ما يراه ويسمعه في هذه القنوات، في هذا السياق ذكرت دراسة أجريت في أوساط الشباب أن 78% من الشباب يشاهدون الأغاني الهابطة، 7% البرامج الدينية، 10 % رياضة، 3% أخبار و2 % أفلام كرتون أي إحصائية هته وأي واقع نعيشه؟ إذا أمعنت النظر في هذه الدراسة فلن تجد اهتماما بالبرامج الوثائقية أو العلمية التي ترفع من وعي وثقافة الشباب فالكل منكب وراء المفاسد والمجون، لم تعد المسميات كما نعرف ، اختلط الحابل بالنابل فالراقصة هي فنانة استعراضية و المغني هو الفارس النبيل وغير ذلك من المسميات، انحلال خلقي وميوعة قل ما تجدها في مكان آخر، عري وتمايل للأجساد وتفنن في إبداء مفاتن الجسم تحت مسمى الإحساس المرهف وكما قالت الخبيرة الإعلامية حياة الحويك عطية أن النوادي الليلية أصبحت في بيوتنا بسبب الأغاني الساقطة، كلمات أغان كلها تقريبا لها مضمون واحد حب فهيام فعشق كأن العالم العربي مهووس بكلمة حب ولا يعرف كلمة غيرها . أما الأمر الغير مقبول فهو تكلم السفهاء –أقصد المغنيين- في أمور العامة وتبجحهم بأن فنهم هذا المنحط يحمل رسالة نبيلة وسامية قد تكون سببا في حل قضايانا العالقة، صدق الشاعر حين قال: وطني يحميك نار ولظى***** ليس يحميك أغاريد وفن. الأموال تصرف بسخاء وبدون حدود على هذه القنوات في خطة محكمة لتخريج جيل مائع ضائع همه الوحيد الأغاني وفي الطرف الآخر أناس لا يجدون رغيف خبز يسد رمقهم، ليت شعري، أليس هناك من يستحق هذه الأموال ؟ الشيء الغير مفهوم أن الإنسان لمشاهدته هذه القنوات الموسيقية تتبلور في ذهنه فكرة مفادها أن الوطن العربي يعيش في بذخ ورفاهية وترف منقطع النظير وأنه لم يبقى له إلا القنوات الغنائية ليشاهدها، حللنا كل مشاكلنا العالقة من فقر وفساد وأمية التي تنخر جسد المجتمع العربي 70 مليون أمي مع الأسف. عيب والله عيب ما يحصل لنا فكيف ينتظرون من هذا الجيل شيء وهم الذين زرعوا فيه القيم السمجة فتجد الفتاة تتأسى بفنانة فتقلدها في ملابسها وتسريحة شعرها وفي الكفة الأخرى تجد الفتى معجبا بمغن وكل همه أن يسمع ألبومه الأخير وأن يحفظ كلماته،بل أكثر من ذلك أصبح المغنون هم المثل الأعلى للشباب عوض العلماء الأجلاء . أي رسالة وأي منفعة تقدم هته القنوات وهي التي تنشر الرذيلة في أوساط الشباب خاصة، والمشاهد عامة عوض أن تدله على الطريق الصواب وترسخ في فكره الأدب والحشمة والوقار تقابله بأبشع صور الانحطاط والتفسخ الإعلامي، مؤسسات ومنابر تبني وأخرى تنشر الفكر الهدام والشباب منصاع وراء هذه الموجة، ضاع في متاهة العار والخزي والانسلاخ من الهوية، أنسوه قضيته الحقيقية وأصبح مسيرا تارة يمينا وتارة شمالا جراء هذا الغزو الإعلامي ، يا شبابنا الأعزاء بالله عليكم أفيقوا من سباتكم واتركوا من لا يمت بعاداتنا وتقاليدنا بصلة ، في الأخير أوجه رسالة إلى القائمين على هذه القنوات ، أقول لهم اتقوا الله فينا، نحن لا نحقد عليكم و لا نكن لكم الضغينة وإنما نرجو منكم أن تراجعوا حساباتكم وإن أردتم عرض الفن فهناك الفن الملتزم الهادف.