هل تتعرض شركة طيران الشرق الأوسط الخطوط الجوية اللبنانية إلى ما يشبه المؤامرة لتقليص نشاطها أم أنها ضحية لسوء الأداء وعدم الدراية والتطبيق العشوائي للقوانين في ما يتصل بالأجواء المفتوحة؟ إن ما يحدث في مطار رفيق الحريري الدولي من فتح الأجواء غير الواقعي وغير المدروس، من قبل الطيران المدني، ومن دون الوقوف على رأي الشركة الوطنية جعل إدارة طيران الشرق الأوسط تتوجه بمذكرة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي للمطالبة بتطبيق الأجواء المفتوحة وفق الضوابط والنصوص القانونية والقواعد والأنظمة التي تنظم المنافسة . وعلى الرغم من إيجابية تعاطي رئيس الحكومة ووزير الأشغال في بحث سبل تطبيق الضوابط محافظة على مصلحة الشركة الوطنية، فإن الأذونات بالرحلات الإضافية أعطيت لمزيد من الشركات، ومن الأمثلة: - إعطاء الشركة الكويتية الحق بتسيير 10 رحلات بين الكويت وبيروت، على الرغم من أن نسبة التعبئة من الركاب قليلة . - زادت الخطوط الجوية التركية رحلاتها اليومية إلى خمس رحلات بين بيروت واسطنبول بينما تسعى الخطوط الجوية اللبنانية لرفع رحلاتها إلى اثنتين يومياً. والمفارقة هنا أن « الميدل ايست» طلبت تسيير رحلة صباحية ورحلة في السادسة مساءً إلا أن السلطات التركية رفضت الطلب وحددت موعد الرحلة الثانية بعد منتصف الليل وهو موعد رحلة الطائرة التركية حتى لا تنافس «طيران الشرق الأوسط» الخطوط التركية على ركاب بيروت. هل هذه الممارسات ناتجة عن سوء الأداء أم سوء النية أو التآمر لضرب التجربة الناجحة للشركة الوطنية التي تحولت من شركة خاسرة إلى شركة مربحة وتملك أسطولا حديثاً من الطائرات؟ أم أن الاستهداف هو لضرب حصرية الشركة وإضعافها قبل العام 2012 تاريخ انتهاء الحق الحصري للشركة اللبنانية في نقل الركاب؟ هناك معلومات تفيد أن شركات عربية وغير عربية مدعومة من دولها عرضت على شخصيات وشركات لبنانية أن تؤسس شركات طيران تابعة لها وبدعم مباشر من هذه الدول والشركات الخارجية، تحت شعار المنافسة لتجعل من بيروت مركزاً أو محطة أساسية لتسيير رحلاتها إلى الدول العربية والأوروبية والآسيوية. بعض هذه الشخصيات لها علاقة بقطاع الطيران وحتى في شركة طيران الشرق الأوسط، خصوصاً من قبل الشركات العربية الكبرى التي تعرضت لخسائر نتيجة الأزمة المالية والتي تسعى الى التعويض بفتح أسواق جديدة. إضافة إلى وجود شركات مدعومة من حكوماتها تسعى إلى إخراج شركات أخرى أو المنافسين لها من السوق ولو على حساب تحمل الخسائر بتقديم أسعار إغراقية وتسيير عدد من الرحلات تفوق عدد الركاب المسافرين على متنها. أكثر من ذلك فإن إدارة الطيران المدني تدرس طلبات لبعض الشركات العربية والأجنبية تسمح بإدخال ركاب الدرجة الأولى من قاعة الطيران الخاص، وهو أمر يخالف كل قواعد الطيران التجاري. وقد ابلغ هذا الطلب إلى بعض المرجعيات المعنية في الحكومة التي ستمنع اتخاذ مثل هذه القرارات، لأن مثل هذا الأمر يعطي أفضليات للشركات التجارية الأجنبية على الشركة الوطنية إضافة إلى مخالفته قواعد الطيران التجاري في العالم وفي لبنان. في التفاصيل، فإن إدارة شركة طيران الشرق الأوسط لاحظت، منذ تشرين الأول من العام 2009، أنها بدأت تعاني تراجعاً كبيراً في ربحيتها يصل الى 6 ملايين دولار شهرياً مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق. بما يعني أن أرباحها تراجعت حوالى 30 مليون دولار خلال خمسة أشهر. وكشفت الشركة في كتابها إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى وزير الأشغال العامة، أن الدراسات حول أسباب تراجع الأرباح بينت أن الزيادات الكبيرة في عدد الرحلات أدى إلى إغراق في السعة المعروضة، وهو السبب الأساسي في تراجع نسب التعبئة على كافة شبكة الخطوط، وبالتالي إغراق الأسعار في العديد من الخطوط، الأمر الذي رتب آثاراً ونتائج سلبية على الشركة. وتجدر الإشارة إلى أن شركة طيران الشرق الأوسط حققت أرباحاً خلال العام الماضي بلغت حوالى 105 ملايين دولار وهو رقم قياسي في ظل الأزمة المالية العالمية بين شركات الطيران في المنطقة. وترى مصادر في الشركة رداً على سؤال حول انعكاسات استمرار الخطوط الاغراقية، انه في ظل هذا الواقع فإن الشركة إما أن تضطر إلى الخروج من عدد لا يستهان به من الخطوط التي تشغلها حالياً، أو الاندفاع نحو زيادة عدد رحلاتها للحفاظ على حصتها من السوق، مع علمها المسبق أن السعة التي ستعرضها ستفوق الطلب، وأن نسبة التعبئة على رحلاتها والمردود سينخفضان بشكل كبير بما يجعلها تتعرض لمزيد من الخسائر. ومن المعروف أن تراجع أرباح الشركة بهذا الشكل هو نتيجة القرارات الاغراقية المتخذة، والتي ضاقت بها قدرات الخدمات في مطار رفيق الحريري نظراً لتعدد الرحلات للشركة الواحدة والتي ستتضخم في صيف العام الحالي، سيؤثر على الوضع المالي والاقتصادي في غير اتجاه: 1 النقطة الأولى أن قيمة طيران الشرق الأوسط التي قدرت بمليار دولار، نتيجة أرباحها في العام الماضي على أساس ربح 100 مليون دولار سنوياً، ستتراجع إلى النصف من حيث التقييم في حال استمرار تراجع الأرباح. 2 النقطة الثانية هي الانعكاس على عائدات الخزينة على اعتبار أن أرباح شركة طيران الشرق الأوسط تدخل في أرباح مصرف لبنان كونه المالك لهذه الشركة. وحسب القانون فإن 80 في المئة من أرباح مصرف لبنان تعود إلى الدولة وتحول سنوياً ففي حال تراجع الأرباح بهذا الشكل الكبير فإن الخزينة ستخسر حوالى 80 مليون دولار من العائدات السنوية. 3 النقطة الثالثة والاهم أن تعرض طيران الشرق الأوسط لتراجع الأرباح وتدني القيمة السوقية سيمنع طرح أسهمها أو بعض أسهمها في البورصة كما كان مقرراً من قبل مصرف لبنان والحكومة في إطار الخصخصة، على اعتبار أن قيمة الأسهم ستكون اقل مما كان مقدراً لها في نتائج أرباح العام الماضي التي فاقت المئة مليون دولار. مذكرة الشركة إلى رئيس الحكومة إزاء هذه المخاطر التي شعرت بها إدارة الميدل ايست من السياسة التمييزية لإدارة الطيران المدني ضمنت مذكرتها إلى الرئيس الحريري ووزير الأشغال شكاوى أساسية أهمها: أن الشركة «قامت بالمطالبة بتطبيق ما نص عليه اتفاق تحرير الأجواء بين الدول العربية المبرم في لبنان بموجب القانون رقم 740/2006 حيث نصت تحت باب الضمانات بحق كل دولة في فرض تجميد مؤقت للسعة كإجراء استثنائي في حال حدوث انخفاض سريع وكبير في مشاركة الطرف المعني في السوق. ناهيك عن ان القدرة الاستيعابية في المطار قد وصلت إلى ذروتها في الصيف السابق وتجربة السفر لم تكن كما نشتهي في مطار رفيق الحريري الدولي مما يعني ضرورة تحديد عدد الرحلات لتخفيف الأعباء عن المسافرين. لقد درجت ادارة الطيران المدني في لبنان على تطبيق قرارات سياسات الأجواء المفتوحة وقوانين تحرير النقل الجوي بصورة غير عادلة وتمييزية دون ان تأخذ بعين الاعتبار الضوابط التي تؤمن المنافسة العادلة والشريفة والتي نص عليها القانون المذكور وعلى سبيل المثال: تتمتع شركة/ شركات النقل الجوي المعينة من قبل أي من الدول الأطراف بفرص عادلة وبدون تمييز لممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا الاتفاق بغرض تمكينها من المشاركة بفعالية في توفير خدمات النقل الجوي في ما بينها، وذلك وفق قواعد المنافسة الواردة في الاتفاق. وأكد هذا الاتفاق السعي لوضع ضوابط وإنشاء آلية تكفل حداً أدنى لمنع الممارسات التنافسية غير الشريفة وحددت ضوابط عدة وضمانات ينبغي مراعاتها من اجل الوصول الى تنافس عادل، وبين هذه الضمانات: 1 عدم فرض تعرفة مفرطة الانخفاض بشكل يرجح أن تترتب عليها آثار سلبية على شركة/ شركات النقل الجوي المعينة المتنافسة (اغراق الأسعار). 2 فرض سعة إلى السوق تزيد كثيراً عن الطلب المتوقع، مما يرجح أن يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على شركة / شركات النقل الجوي المعينة المتنافسة (إغراق السعة). 3 توزيع السعة بين عناصر السوق وأجزائه بطريقة تمييزية دون ضرورة. ولكي تتمكن إدارة الطيران المدني من تطبيق هذه القواعد، من البديهي أن تستمع الى رأي شركة الطيران الوطنية أسوة بما تفعل البلدان الأخرى، الأمر الذي طالبها فيه وزير الأشغال العامة والنقل . إن ما تسعى إليه الشركة الوطنية ليس إلا للمنافسة الشريفة ضمن سياسة الأجواء المفتوحة لكي يمكنها الحفاظ على مساهمتها الفعالة وتأدية قسطها الكبير في ازدهار الاقتصاد اللبناني ورفع مستوى النقل الجوي من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي». وقد ختمت ادارة الشركة مذكرتها للحريري بالقول «إننا نتوجه إلى دولتكم بطلب تطبيق سياسة الأجواء المفتوحة بصورة عادلة وفقاً للضوابط المنصوص عنها قانوناً في لبنان والبديهية في مختلف قوانين المنافسة المشابهة في العالم، بما يضمن مصالح الاقتصاد اللبناني وفي نفس الوقت يحفظ مصالح الشركة الوطنية وقيمتها السوقية ».