يحل عيد المرأة 8 مارس ، ومازالت المرأة العراقية تسعى لانتزاع حرية بلادها من الغزو والاحتلال ، وتؤكد أنه لا كرامة ولا ديمقراطية ولا عدل ولا إنصاف في ظل الاحتلال الذي ينفي وجوده كل تلك المعاني. وقد كان للمرأة العراقية دورها الواضح على امتداد تاريخ العراق في المجالين الثقافي والوطني، وبرزت مشاركتها خلال ثورة 1920 على الاستعمار والقتال ضد جيش الاحتلال الإنجليزي ، وفي المظاهرات الشعبية 1941 ، ووقفت المرأة العراقية موقفا مشرفا على امتداد البلاد عام 1948 لإسقاط معاهدة بورتسموث المذلة التي أبرمها الإنجليز مع الحكومة العراقية ، وفي انتفاضة نوفمبر 1952 التي تحرك فيها الشعب العراقي بتأثير نجاح ثورة يوليو المصرية ، وأخيرا كان دورها البطولي في يوليو 1958 لإسقاط النظام الملكي العميل . وخلال تلك المسيرة الطويلة برزت أسماء لكاتبات وشاعرات تعتز بهن الثقافة العربية مثل أسماء الزهاوي ونازك الملائكة وعائكة الخزرجي وبلقيس حسن وغيرهن ، بينما لمعت نساء أخريات في مجالات أخرى كالأستاذة صبيحة الشيخ داود التي كانت أول امرأة عراقية تدخل الجامعة ثم أصبحت بعد تخرجها من كلية الحقوق أول قاضية عربية في العالم العربي كله ، ومريم نرمه أول صحفية عراقية تؤسس جريدة عام 1937 باسم فتاة العراق . وتواصل المرأة العراقية دورها وتواجه بشجاعة القتل والسجن والتعذيب داخل زنزانات الاحتلال وحكومته المحتمية به، وقد أثيرت في مارس 2009 حقيقة وجود أربع آلاف سجينة عراقية شكت 93 % منهن من تعرضهن للإغتصاب في السجون الأمريكية العراقية . وقد أدى الاحتلال الأمريكي ومقابره الجماعية إلي ظهور ثمانية ملايين أرملة عراقية أي نحو 35% من سكان العراق . وبالرغم من الظروف القاسية التي تعيشها المرأة العراقية فقد حفرت في الذاكرة أسماء نساء عراقيات عالمات ، ومثقفات ، ومناضلات ، مثل عالمة الكيمياء الحيوية ابتسام كمال التي قصف الأمريكيون منزلها في اليوم الثالث للغزو ، واخترقت إحدى عشرة شظية بدنها ، وأزيلت كليتها اليمنى وثلث كبدها ، وكان قصفا متعمدا بالقنابل العنقودية طال الحي السكني لجامعة البصرة بأكملها . أما الدكتورة هدى عماش الاخصائية في مجال الميكروبيولوجي ، وعميدة كلية العلوم بجامعة بغداد ، فقد تم اعتقالها مع بداية الغزو الأمريكي دون اتهام محدد أو محاكمة ، والسبب الحقيقي لاعتقالها أنها نشرت بحثا علميا عن آثار التلوث الميكروبي والكيميائي الناتجة عن حرب الخليج عام 1997 ، وبحثا آخر عن آثار التلوث الناجمة عن حرب الخليج في انتشار الأمراض السرطانية في العراق بمؤتمر روما عام 1999 ، وأكدت في البحثين أن الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمتها أمريكا في حرب الخليج مثل اليورانيوم المشع ، كانت السبب في انتشار أمراض السرطان في العراق وحوله . هناك أيضا وجه آخر لا ينسي للصحفية العراقية أطوار بهجت التي قتلت في 22 فبراير 2006 في مدينة السامراء وهي تقوم بتغطية تلفزيونية لتفجير قبة مرقد الإمام على الهادي، وكانت آخر كلمات حملها الأثير بصوتها هي : " يجب أن نبذل كل جهدنا لإخماد الفتنة الطائفية " . ولم تكن أطوار صحفية فحسب ، بل وشاعرة ، عملت في مجلات وصحف عراقية عديدة منها " ألف باء " و " الجمهورية " ، ثم التحقت بالقناة الفضائية العراقية مقدمة لبرنامج ثقافي . وفي عام 1999 نشرت ديوانها الأول " غواية البنفسج ". وعندما التحقت بالعمل في قناة الجزيرة اعتقلتها القوات الأمريكية فترة ، لأن رسائلها كانت تعكس واقع ما يدور في العراق. وفي حوار معها قالت أطوار إنها كانت تكتب من قبل عن الحب فقط لكن : " سقوط بغداد غير لهجتي في كتابة الشعر ، فلم أعد أكتب سوى عن الوطن الذي سرق مني في وضح النهار ".. وقالت " إنني بحاجة للعراق لكي أبكي على صدره" ! اختفت أطوار ولكن نساء أخريات يواصلن الكفاح من أجل تحرير العراق الذي طالما أحبته وافتدته المرأة العراقية على امتداد تاريخها ، مثقفة ، وصحفية، وعالمة ، وأختا ، ووالدة ، وحبيبة . لهذه المرأة المقاتلة المحبة باقة زهور .