"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد عياش الكبيسي، ممثل هيئة علماء العراق بالخارج ل"التجديد":اكتشفنا أن المحتلين الأمريكيين أغبياء وهيئة العلماء خط أحمر أمام الاحتلال
نشر في التجديد يوم 16 - 04 - 2004

تحدث الدكتور محمد عياش الكبيسي، ممثل هيئة علماء العراق بالخارج ل"التجديد" عن دور الهيأة في استتباب الأمن بالعراق، وعن مجالات عملها. كما تطرق، في هذا الحوار الذي أجريناه معه على هامش حضوره أشغال المؤتمر الوطني الخامس لحزب العدالة والتنمية، إلى الوضع في العراق المحتل، وناقشنا معه الادعادات الأمريكية التي تقول إن تنظيم القاعدة يوجه المقاومة في العراق، حيث نفى أي وجود لهذا التنظيم ببلاد الرافدين. وقال الكبيسي إن هوية المقاومة عراقية صرفة، وإنها تنبع من اقتناع العراقيين بأن الاحتلال الأمريكي لن يحقق لهم الأمن والأمان، ولن يحررهم، كما كشف عن تهافت الشعارات والخطاب الأمريكيين، وعن عجز بوش وحلفائه عن تحقيق الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، التي ادعوا أنهم جاؤوا إلى العراق من أجل تحقيقها.
هيئة علماء العراق، هل هذا هو اسمها الأصلي، أم هو هيئة علماء المسلمين في العراق؟
أولا أشكرك على هذا الاهتمام، ومن خلالك أشكر جريدة "التجديد"، وقد اطلعت على بعض الأعداد منها، فوجدتها تجديدا إنشاء الله، وهي اسم على مسمى.
هيئة علماء المسلمين هي قديمة جديدة، وهذا جزء من التجديد، قبل العدوان الغاشم على بلادنا العزيزة، كانت هنالك عدة جماعات تمثل التيار الشرعي أو العلماء الشرعيين، ومن ضمن هذه التيارات التي أنشئت في الخارج رابطة علماء العراق المقيمين في الخارج، التي نشأت قبل العدوان، ثم نشأت بعد ذلك جمعية علماء المسلمين في الداخل. وأنا شرفت بأن أكون أحد المؤسسين لرابطة العلماء المقيمين في الخارج.
ثم لما حصل ما حصل، وسقط العراق كله تحت الاحتلال، والتقى أهل الداخل بالخارج، تجمعت هاتان الهيئتان ومعها أيضا فعاليات أخرى تحت اسم واحد هو هيئة علماء المسلمين وكلفت وأتشرف بذلك أن أكون ممثل هذه الهيئة في الخارج.
الهيئة تمثل السنة أم الشيعة أم...؟
مقاطعا... في الحقيقة، نحن ننتقد بعض وسائل الإعلام التي تكتب عنا على أننا علماء السنة، أنا أعلم بأمي حيث سمتني، نحن اسمنا هيئة علماء المسلمين وكفى، وباب العضوية فيها مفتوح لكل المذاهب، نحن لسنا طائفيين، منذ اليوم الأول لتأسيس هذه الهيئة، وهي واسعة، تمتد من الموصل إلى البصرة.
من خطط قوات الاحتلال إثارة الطائفية، ونشر معلومات لإشاعتها مثل أن السنة قلة والشيعة كثرة، ماهو موقف الهيئة من هذا المخطط وماهي مساعي الهيئة في توحيد أبناء العراق؟
أولا، صحيح أن الشعب العراقي متنوع، والحديقة العراقية غناء، فيها كل الزهور والأشجار، لكن لم يعرف العراق أنه سني وشيعي وكردي إلا من خلال الإعلام الذي بدأ يتصاعد مع تصاعد التهديدات بغزو العراق. الناس كلهم يعرفون أن العراقيين هم العراقيون، هذا هو اسمنا، لكن الإعلام الغربي نسي هذا الاسم، وبدأ يتعامل بالمصطلحات الثلاث الغريبة على المجتمع العراقي، وهذا في الحقيقة ليس له وجود في التراث الشعبي العراقي.
فنحن نسأل الإدارة الأمريكية والإعلام الأمريكي. والإعلام التابع لها: هذا تاريخ العراق منذ مئات السنين، تاريخ الإسلام على أقل تقدير، هل حصلت حرب طائفية واحدة بين الشيعة والسنة، في كل هذا التاريخ، في أيام الاحتلال البريطاني، وأيام الغزو التتري، وأيام الغزوات الصليبية على العالم الإسلامي، وأيام ضعف الخلافة، ولذلك، هؤلاء الذين يروجون لهذا الخطاب، هم يهيئون الأمور لما يخططون له...
وأستغرب من بعض الناس الذين لا يعرفون طبيعة الشعب العراقي، يقولون إذا خرج الاحتلال ستكون هناك حرب طائفية.
ما هي اختصاصات هيئة علماء المسلمين؟
الهيئة أصبحت مرجعية من المرجعيات المعروفة، سياسيا، وعلميا وشرعيا. وبدأت تطور نفسها في مجالات كثيرة، لها رجال متخصصون في القانون، وفي السياسة، وفي الإعلام، وحتى في الجانب الخيري والإحساني، والجانب العلمي أيضا. وهي الآن مشرفة على كثير من المدارس الدينية، وعلى معهد أنشئ أخيرا يضم 280 داعية لتخريج الدعاة. كما تشرف الهيئة على ما يقرب من 6000 (ستة آلاف) مسجد في العراق، وعلى أكثر من 50 (خمسين) مركزا صحيا، والحقيقة أن هذه الفعاليات كلها، بعد أن برزت الهيئة، كان قسم منها موجودا، وأراد أن ينضم إلى الهيئة ويبارك جهدها الجماعي الذي تديره.
الشيخ حارث الضاري أمين عام الهيئة، قال في تصريحات للصحافة إن مجلس الحكم العراقي غير شرعي، هل هذا رأيه الشخصي أم هو رأي الهيئة؟
لا، هذا موقف الهيئة، وقد أصدرت بيانا في هذا الأمر، بأن مجلس الحكم غير شرعي، ولا أعتقد أن أحدا يشكك في هذه الفتوى. ونحن نتساءل: من أين اكتسب الشرعية؟ وقد سئلت في إحدى القنوات: لماذا تسلب الشرعية عن مجلس الحكم العراقي؟ فقلت: ومتى ارتدى الشرعية حتى أسلبها منه، هو أصلا عار من الشرعية.
ما هي علاقة الهيئة بالمقاومة العراقية؟
صحيح أن هيئة علماء المسلمين هي هيئة سياسية، شرعية، علمية، وهي ليست جيشا، لكن يكفيها في هذا المجال، حتى قبل الاحتلال، أنها أول من أصدر بيانا إلى جميع الشعب العراقي، دعا فيه إلى الجهاد ومقاومة الاحتلال، ومازالت فتاوى وأدبيات هيئة علماء المسلمين في هذا الاتجاه، تحث الشعب العراقي على أن يقوم بواجبه الشرعي، ولازالت تدافع عن حق الشعب العراقي في التصدي للاحتلال.
الهيئة أصدرت الكثير من النداءات ودعت إلى التظاهرات أمام مسجد أم القرى في بغداد، وتمت الاستجابة إليها، وأخيرا سمعنا أن علماء العراق قد وجهوا نداء إلى مختطفي اليابانيين الثلاث، وقالوا إنهم بعد 24 ساعة سيطلقون سراحهم، استجابة لنداء العلماء، ومرت المدة، ولم يتم ذلك، ما موقف الهيئة من اختطاف الأجانب؟
أولا، نحن نقول كلمة واضحة، وليسمعها الجميع، ما يحصل في العراق حتى من أخطاء بعض أبناء الشعب العراقي نحمل قوات الاحتلال المسؤولية فيه. لأن قوات الاحتلال في الكثير من الأحيان تضع الإنسان العراقي في مأزق ربما لا يتمكن فيه أن يتصرف التصرف الصحيح، كما في الحالة الطبيعية، فهو لما تقتل ابنته أمامه ويشرد من بيته، وعندما تستهدف حتى سيارة الإسعاف، ولما تستهدف أيضا أكياس الدقيق والأرز، ورأيت ذلك في جامع الإمام الأعظم، يكون الشعب العراقي في وضع شاذ غير طبيعي، فيمكن أن تصدر في مثل هذه الحالات تصرفات غير شرعية وغير محسوبة، لذلك نحمل قوات الاحتلال المسؤولية.
الأمر الثاني، هيئة علماء المسلمين، لا تعرف بالضبط، تفاصيل أعمال المقاومة، قلت لك، هي ليست جيشا، بل تصدر فتوى رأيها في الموضوع، وبعد ذلك نرى أو نكتشف أن هذه الفصائل، وهي ذات توجه إسلامي، وتحترم موقف الشرع، أنها تبادر، مثلما حصل أخيرا، والتردد حصل فقط بالنسبة لليابانيين الثلاثة، وقد رأيت اليوم على قناة الجزيرة، بعض فصائل المقاومة قد أطلقوا سراح بعض المختطفين استجابة لنداء هيئة علماء المسلمين.
ومع هذا، الذين لم يستجيبوا لحد الآن، مع أنهم وعدوا بالاستجابة، نحن لا نعرف ماهي ظروفهم، الظرف الأمني صعب جدا. ولا نعرف أسماءهم حتى نحكم عليهم، نحن مازلنا نقول إنهم استجابوا، وصدقوا في وعدهم، ونحسن بهم الظن، لكن ربما الظروف حالت بينهم وبين تنفيذ هذا الوعد. وبالتالي هذا الوضع الشاذ أيضا تسأل عنه قوات الاحتلال.
القوات الأمريكية تقول إنها جاءت من أجل الحرية والديمقراطية، وتحرير الشعب العراقي من نظام ديكتاتوري مستبد، ولبسط الأمن في العراق... ما مصداقية هذا في الواقع؟
والله إني أتعجب، إن كانت بقيت نقطة حياء في وجوه رموز الإدارة الأمريكية، كيف يتحدثون عن هذه المعاني الجميلة: (الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان...)، في مثل هذه الظروف، وفي هذه الأحداث التي ثبت للصغير والكبير، وللمثقف وللعامي البسيط أن الجيش الأمريكي، فاقد للأخلاق، فاقد للحياء، يتحدى النساء والأطفال بآلة عسكرية جبارة، ويفاخر في ذلك... اليوم أسمع المتحدث الرسمي باسم قيادة القوات الأمريكية يقول: نعم قتل منا سبعون (70) عسكريا، لكن قتلنا من الأعداء عشرة أضعاف هذا العدد. قتلوا من النساء والأطفال. ولقد فقدت قيادة الحتلال، ليس الديمقراطية والمصداقية في هذه الشعارات فقط، بل حياءها وأخلاقها وشرفها العسكري، فالضابط والجندي العسكري الذي يعتز بعسكريته، لا يمكن أن يقبل التحدي من امرأة تواجهه في الطريق أو الطفل، ويفتخر أنه انتصر، أو أن ينتصر بالطائرات (إف 16) على النساء والأرامل والأطفال وسيارات الإسعاف والمساجد.
على ذكر المساجد، كشفت بعض القنوات وكذلك بعض المواقع عن استهداف القوات الأمريكية للمساجد...
أنا لا أظن أنكم بحاجة إلى أن نشرح لكم الوضع عن طريق الخبر، بعد أن رأيتم الصور.
مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة، وهو رمز عالمي، لأن أتباع المذهب الحنفي على مستوى العالم.. هذا المسجد الكبير والعريق وتتبعه كلية الإمام الأعظم، وفيه بالمناسبة قبر الإمام أبي حنيفة. لما حوصرت الفلوجة، قام السكان بجمع بعض الأدوية والمواد الغذائية من أجل إصالها إلى المتضررين في الفلوجة، جاءت دبابة أمريكية، لتدخل من بوابات المسجد، تعيث خرابا، تفسد الأطعمة لكي لا تصل إلى الفلوجة، والعالم كله رأى هذا.
وأنا أتعجب أيضا، عندما يظهر فاقد الحياء أمام العالم المتحدث باسم الجيش الأمريكي لكي يهدد الجزيرة والعربية وبقية القنوات الأخرى التي تنقل مثل هذه الصور ويقول: هذه صور غير حقيقية.
طيب: دبابة من هذه التي دخلت إلى المسجد؟! هل المقاومة عندها دبابة؟! فهؤلاء فقدوا آخر ما تبقى عندهم من مصداقية للشعارات التي يرفعونها ولم يعد لهذه الشعارات معنى.
مثقفون أمريكيون ومفكرون، وحتى بعض المسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قالوا إن استهداف المدنيين من طرف القوات الأمريكية حاصل، ويؤكدون على أن العراق هي فيتنام بوش والقوات الأمريكية. وبعضهم في تصريحات وتحليلات لما يجري في العراق، يرون أن الحل هو في خروج قوات الاحتلال وتعويضها بقوات عربية إسلامية. ماهو موقفكم من هذا؟
نحن مبكرا، لما فكرت تركيا والجامعة العربية، بإرسال قوات إلى العراق، ذهب وفد منا إلى القاهرة والتقى الأخ الأستاذ عمرو موسى وذهب وفد آخر إلى تركيا والتقى ممثلين عن الحكومة التركية، وأخبرناهم برأي الهيئة، طبعا الهيئة لم تصدر رأيا خاصا بها في أول الأمر، وإنما استشارت شيوخ القبائل، والأحزاب الوطنية واتخذ قرار واضح، بأن أي قوات عربية أو أجنبية تدخل ضمن لافتة الاحتلال الأمريكي فستحسب على أنها جزء منه.
أما إذا انسحبت القوات الأمريكية أو أعلنت موعدا عن انسحابها، واتفق على ارحلة انتقالية تشرف فيها جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة على وجود قوات أمن من أجل تثبت الأوضاع وتشكيل حكومة مؤقتة، فنعتبر هذا حلا معقولا ومناسبا لوضعنا الحالي. ونرحب بالقوات العربية والإسلامية، على أن يكون لها موقع في العراق بصورة مؤقتة لبسط الأمن ولتشكيل حكومة تحت أي مظلة أممية أو إسلامية أو عربية، شريطة أن لا تكون هذه القوات تأتمر بأمر قيادة قوات الاحتلال.
في خضم أحداث الفلوجة الأخيرة، أصدرت الهيئة بيانا، وبينما كان يتلوه الدكتور حارث الضاري أمين عام الهيئة، وردت أنباء عن قصف مقر الهيئة، هل هذا صحيح؟ وهل هذا يعتبر عنوان تعامل قوات الاحتلال مع العلماء؟
ربما كان هناك لبس في الخبر، ففي الوقت الذي كان للهيئة تجمع موسع كبير في مقرها العام في بغداد، كانت الطائرات الأمريكية تقصف مقر الهيئة الفرعي في الفلوجة. وشعرت بتعاطف كبير من الناس فقد كانوا قلقين على رموز الهيئة وأن يكونوا مستهدفين من طرف قوات الاحتلال وفي الحقيقة كان المقر الفرعي للفلوجة هو المستهدف.
سؤالي الآخر كان عن تعامل قوات الاحتلال مع العلماء؟
تعامل قوات الاحتلال مع الرموز الدينية، تعامل لا ينسجم مع أبسط ما تنادي به الديانات السماوية.
العلماء تعرضوا للقتل، هناك أسماء كثيرة، الشيخ وليد من بعقوبة، الشيخ ليث الزوبعي قتل في مسجده هو وطلابه في الفلوجة، قبل الأحداث الأخيرة، وهناك علماء معتقلون كشيخ الفلوجة، الشيخ جمال شاكر وأيضا أخوه اشيخ الإمام الخطيب كمال شاكر.
ومع الأسف الشديد، أن عائلة الشيخ كمال، وهو معتقل في سجن أبو غريب. تسكن في الفلوجة وقد توجه اليوم (الاثنين الماضي) بعض الإخوة لإخراج عائلة الشيخ من داخل الفلوجة، وأخذوا معهم سيارة إسعاف ووضعوا فوقها علما أبيضا، هذا الكلام اليوم وعندما وضعت العائلة في سيارة الإسعاف وبعد أمتار، تعرضت لقصف فاستشهدت بنت الشيخ وجرح أحد أبنائه. حدث هذا اليوم من داخل الفلوجة، وقد رأيتم ما تعرض له أحد رموز التيار الصدري في العراق فقد عرضوه على الفضائيات بالملابس الصفراء، مكبل اليدين وبدون أي تهمة حقيقية توجه إليه.
واليوم على الساعة الرابعة بتوقيت مكة المكرمة، نسمع أن القيادة الأمريكية تصر على قتل الزعيم السيد مقتدى الصدر أو اعتقاله.
هذا كله يحيط الناس علما بأن قوات الاحتلال لم تعد تكترث بأي من قيم الأخلاق والدين والإنسانية.
هل تعرضت هيئة علماء المسلمين لمضايقات من قبل قوات الاحتلال، أي هل استخدمت معها سياسة العصا والجزرة؟
الحمد لله، أن الأمريكان جربناهم واكتشفنا أنهم أغبياء ولا يحسنون أن يتعاملوا بهذه العقلية (العصا والجزرة) فهم دائما يستخدمون العصا وفي مكانها غير المناسب.
الهيئة لم تفتح خط الحوار مع قوات الاحتلال، وتعتبر وجودها غير شرعي، ولنا معهم فقط كلمة واحدة هي: هذه الأرض ليست أرضكم اخرجوا منها.
وتتعرض الهيئة لضغوط، ولتهديدات مبطنة ومع ذلك أثبتت أنها متجذرة في ضمير الشعب العراقي، وأنها خط أحمر أمام قوات الاحتلال لو حاولت أن تتعرض لها.
والهيئة تعرف الظروف التي تحيط بها، وهي تعرف دورها ولا تتبنى الخيار العسكري، وليست جيشا عسكريا، وهي تجاهد بالكلمة.
كيف تفسرون السقوط الغامض لبغداد وكذلك الاعتقال الغامض لصدام؟
لما تحسب الأمور بحساب مادي ومنطقي، ترى أن هذه النتيجة حتمية. الجيش العراقي والعراق كله كان محكوما عليه بالموت البطيء، ليس الآن وإنما منذ انتهاء ما يسمى بعاصفة الصحراء
حتى أقلام الرصاص لم يكن مسموحا بدخولها إلى العراق، فتصور حال شعب لا يسمح له بأقلام الرصاص، إضافة إلى الحصار الجوي الذي كان مقرونا بمنع الغذاء والدواء.
أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة نفسها، عندما سئلت سؤالا بمنتهى الوضوح: هل قتل مليون طفل في العراق هذا مبرر؟ قالت: نعم مبرر من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية.
الأطفال لا يجدون الغذاء، حتما حتى الجيش سيكون من الناحية المادية متخلفا ولا يقاس بإمكانات الجيش الأمريكي. وهذا الأخير أيضا تحالف مع قوات تمتلك إمكانات عسكرية جبارة.
وأضيف معلومة، أنا شاهد عليها، وهي أن منطقة المطار، وهي لغز من ألغاز الحرب الحالية. سمعت أن هناك مظاهر لاستخدام سلاح غير تقليدي وخطير جدا، ومنطقة المطار تقع بين بغداد والفلوجة، ولما ذهبت إلى هناك وجدت أن المنطقة لحد الآن لا يسمح بدخولها ولا بالتصوير، ورأيت عشرات الشاحنات الكبيرة، محملة بالأشجار والصخور والتراب، تقلع من هذه المناطق، ولا أدري إلى أين تذهب. وهناك تلوث لحد الآن في المنطقة، وقد سمعت أن فرقا من الحرس الجمهوري قد أبيدت بهذه الأسلحة، وفي تقديري الشخصي أن الكثير من القيادات العسكرية الميدانية ربما رأت أن هؤلاء ليس عندهم مانعا خلقيا أو رادعا خلقيا من إلقاء مثل هذه الأسلحة نفسها على بغداد، وأن تضرب بغداد مثلما ضربت هيروشيما، ولذلك في تقديري أن الخير فيما حصل أن تحيد هذه الأسلحة الكبيرة، وأن يبدأ الشعب العراقي أسلوبا جديدا في المقاومة.
والقبض على صدام؟
الرواية الأمريكية عرضت ما يشبه الكلمات المتقاطعة، عرضت صورا مجزءة لا يربط بينها شيء، عرضت حفرة وقالت هذه الحفرة التي كان يختبئ فيها صدام، ما الدليل؟ لا ندري. عرضت جنديا أمريكيا ينزل في هذه الحفرة، ماذا كان يفعل؟ عرضت صورة لصدام حسين في مكان آخر، ماهي القصة؟ ما الذي يربط بينها؟ لا ندري، وأنا أشكك في هذه الرواية، ونحن تعلمنا من الأمريكان الكذب والخداع الإعلامي، ورغم ما أوتي من براعة، لم يستطع أن يجمع بين حقيقة هذه الصور. وهناك حلقات مفقودة، نحن فقط نتساءل عنها؟
كيف تقيم الأداء الإعلامي بخصوص نقل ما يجري في العراق؟
هناك قنوات مجاهدة إن صح التعبير، ليس من أجل العراق، ولكن من أجل أداء رسالتها الإعلامية، وهذه يضيق عليها، والتهديدات والتلميح بالتهديد نسمعه يوميا من الإدارة الأمريكية، وقد نفدت هذه التهديدات بأعمال حقيقية، إذ قامت بقتل مراسلين لالعربية ومراسلين لللجزيرة...
وهنالك تخوف نلمسه ونعذره كذلك، من قبل كثير من وسائل الإعلام، لكنه مع هذا هنالك أقلام حرة وصحفيون أحرار يجاهدون في نقل الحقيقة، وكل الذي نريده من وسائل الإعلام أن تمارس واجبها كصحافة كإعلام بدون انحياز، مع أن انحياز الأمة إلى ذاتها ليس عيبا، لكن لو نقلت الصورة كما هي أو نقلت جزءا من الصورة الحقيقية، فهذا يكفينا.
ما هو هامش تحرك العلماء والرموز الدينية إبان النظام السابق وحاليا تحت الاحتلال؟
الوضع مختلف تماما، هناك كان حزب حاكم ذو فكر شمولي، لكنه لا يتدخل في القضايا الجزئية والتفصيلية، كانت المساجد مليئة بالشباب، وكانت الحملة الإيمانية المعروضة، وهي حملة ساهمت، بغض النظر عن النيات والمقاصد، في نمو صحوة إسلامية كبيرة في البلد، والأمر لا يمكن أن يقارن بالوضع الحالي، فصدام حسين بالرغم من سلبياته وسيئاته الكثيرة، لكنه لم يحمل السلاح إلا على من حمل عليه السلاح في الغالب، وأما هؤلاء الأمريكان فهم يحملون السلاح على النساء والأطفال والعلماء والمساجد، وصدام حسين لم يقصف مسجدا إلا استثناء، أما الأمريكان فقد جعلوا عدوهم الأول هو المسجد، فمزقوا حتى المصاحف، ولقد رأيت بعيني صور المصاحف التي مزقتها قوات الاحتلال الأمريكي...
ونحن لا نحب أن نخوض في المقارنة بين هذا وذاك، لكنه إذا كان من المناسب أن أقدم نصيحة، إلى الدول العربية حكومات وشعوبا، أن تبدأ بردم الهوة التي بينها، لأن الهوة التي كانت بين الشعب العراقي وبين النظام العراقي السابق، استغلها الشيطان ودخل منها، ونحن قاسينا بمرارة من تلك التجربة، نصيحة أن تبدأ الشعوب والحكومات في مشروع مصالحة داخلية، وأن تحاول تعزيز الثقة فيما بينها لكي لا تستغلها قوات الشر.
أحداث كربلاء والنجف، نسبت إلى تنظيم القاعدة، وإلى الزرقاوي هل هذا صحيح؟
بودي أن أعقب على هذا السؤال بعدة نقط، أولا: أن قوات الاحتلال لحد الآن لم تستطع أن تثبت أن هناك شخصا اسمه أبو مصعب الزرقاوي أو أن هناك شيئا اسمه القاعدة في داخل العراق.
هنالك عناوين من دون مضمون: أبو مصعب الزرقاوي، القاعدة... أين هم؟ لا ندري. ماذا يفعلون؟ لا ندري. الأمريكان يتكلمون عن بيانات من القاعدة وأبي مصعب الزرقاوي موجهة لتهديد بقتل الشيعة والأكراد والإخوان والصوفية وغيرها، وفي الحقيقة لا ندري من أين يلفق الأمريكان مثل هذه القضايا.
ثانيا: هذا اعتراف ضمني لقوات الاحتلال، بأن الشعب العراقي يرفضها، وعلى استعداد أن يتعاون مع من يكون من أجل أن يطرد قوات الاحتلال، لماذا؟ لأنه لو فرضنا أن القاعدة في العراق، فأين تعيش القاعدة، في الصحراء؟ في الجبال؟ وكيف تمارس العمل؟
هذا يعني أن قوات الاحتلال نقول إن القاعدة موجودة هناك وأن الشعب العراقي يحتضنها.
وهذا اعتراف من قوات الاحتلال أن الشعب العراقي يكرهها ويقاتلها، وهو ليس على استعداد على أن يقدم فردا واحدا من القاعدة، إن كانوا موجودين.
أمر آخر، هو أنه لا وجود للقاعدة في العراق من حيث الواقع. لأنه لو كان هناك أشخاص من القاعدة، ومعلوم أن الحي يمكنه أن يختفى، لكنه عندما تكون هناك عمليات ويسقط شهداء، نستطيع أن نميز لمن ينتمي هذا الشهيد أو ذاك؟ وكل الذين سقطوا شهداء نعرفهم.
وإذا كان الأمريكان يعترفون بأن معدل العمليات في بعض الأحيان يصل إلى 30 عملية في اليوم، فكم تحتاج من المنفذين؟ لماذا لحد الأن لم تستطع قوات الاحتلال، بعد مضي أكثر من سنة، أن تقدم جثة واحدة وتقول هذا من القاعدة؟ فهذا دليل على أن المقاومة عراقية الهوية.
وماذا عن علاقة المرأة بالمقاومة؟
بلاشك أن المرأة العراقية دخلت في المقاومة، وأنتم تذكرون بأن الصور الأولى لاستشهاديين كانت للمرأة العراقية. والمرأة مشاركة، خصوصا وأننا في بلد تحكمه قيم معينة، تدخل فيه قضية المرأة وتشجيع المرأة واستغاثة المرأة، فصوت امرأة واحدة يستطيع أن يهز كل الفلوجة. وأضرب مثالا واحدا لما حصل في الفلوجة، قبل هذه الأحداث، دخلت قوات الاحتلال على بيت كانت فيه امرأة عروس تزوجت منذ يوم أو يومين، فاعتقلت من قبل قوات الاحتلال، فصرخت النساء، وهذه الصرخات استجاب لها كل الأحباء، وانتفضت الفلوجة عن بكرة أبيها، لا ليل ولا نهار لا عمل ولا أكل ولا شرب... وأخيرا سارعت قوات الاحتلال بإطلاق سراحها.
ما هو وضع تمثيليات العراقيين في الخارج، أقصد السفارات والقنصليات في جميع الدول؟
الوضع الفوضوي هو الصورة السائدة للدولة العراقية، الدولة العراقية ضاعت كمؤسسات وكحكومة حقيقية للأسف الشديد، في الداخل، أكيد هذا سينعكس على الخارج، فإلى حد قريب كانت بعض السفارات إلا أنه تم طردهم إلى حين مجيء معينين جدد، في بعض الدول وصل بعض الموظفين وفي بعضها الآخر لم يصلوا. وهذا يمثل مأساة إنسانية أخرى للجاليات العراقية.
حاوره: خليل بن الشهبة
الشيخ محمد عياش الكبيسي في سطور
ولد في عائلة تحب العلم والعلماء، فوالدته كانت مدرسة للقرآن، وتخرجت على يدها المئات من بنات الفلوجة، ووالده أحد الذين تربوا على يد الشيخ المجاهد الكبير عبد الستار الكبيسي، ولما توفي الشيخ عبد الستار، أدخله والده المدارس الدينية، وكانت تسمى مدارس الأسبوع المقفل، يدخلها التلاميذ يوم السبت فجرا، ويسجل الحضور بعد الصلاة، ويخرجون منها يوم الخميس ظهرا، وتمارس فيها بعض الأنشطة الثقافية إلى جانب الدروس الأكاديمية، والأنشطة الروحية واللقاءات، وكانت مدة الدراسة فيها 12 عاما، ويمنح المتخرج منها شهادة العالمية (يسمى عالم)، ومع مجيء نظام حزب البعث العلماني، ضيق على هذه المدارس، فحول مدة الدراسة إلى 8 سنوات، ثم أصبحت 6 سنوات.
تخرج محمد عياش الكبيسي أيضا من كلية الشريعة بجامعة بغداد، سنة ,1984 واشتغل إماما وخطيبا لمدة عشرين سنة في وسط بغداد، قام خلالها بزيارات لكل مناطق العراق، وتعرف فيها على الشعب العراقي.
حصل على الماجستير سنة ,1990 والدكتوراه سنة ,1995 ودرس في جامعة صدام للعلوم الإسلامية، وفي سنة 1994 منع من الخطابة ومن التدريس، مما اضطره إلى هجرة العراق.
ثم عمل مدرسا في جامعة الزرقاء بالأردن، وبعدها عمل مدرسا للشريعة والعقيدة الإسلامية في جامعة قطر ولا يزال. ومع تصاعد التهديدات بغزو العراق، قام رفقة بعض إخوانه بتأسيس رابطة علماء العراق المقيمين بالخارج، وأصدروا بيانا دعوا فيه صراحة إلى الجهاد، ثم حصل ما حصل من أمر احتلال العراق، ورجع إلى بغداد، واختير ممثلا لهيئة علماء المسلمين بالخارج، بحكم علاقاته التي كسبها طوال الفترة التي قضاها في الخارج.
له العديد من المنشورات، من ضمنها كتاب المحكم في العقيدة، لخص فيه العقيدة من القرآن الكريم بأسلوب جديد، ونشر في قطر، وكتاب آخر نشر في القاهرة بعنوان أسماء الله وصفاته، وله بحوث أخرى منشورة منها: الشمولية الإسلامية بين ثوابت العقيدة ومرونة التشريع، وهو منشور في الأردن، ومنهج القرآن في مكافحة الإشاعة المنشور بالإمارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.