أود في البداية أن أعلن أن في مقالتي هذه بعضاً من أسى واحتجاج ليس جديداً على قلمي الذي تناول منذ سنوات طوال ما يجري للقضاء والقضاة في البلاد ، وهذا ناتج عن بعض قطرات قلمي المدماة المنتصرة للحق بالفطرة المأزومة بالوعي الذي تستنير به امرأة مخلصة لوطنها ومجتمعها وأركانه ، فأنا لست كاتبة لأي جهة أو مناورة ببعض أفكاري للتثوير بقدر التنوير لوجه الله ووجه الحق والعدالة في وطن يحتاجنا جميعاً بكل ما نملك من مواقف نعتقد أنها طيبة قوية بناءة ، وكما إنني لست متخصصة في علوم الحقوق أو القانون أو القضاء ، ولكنني أجزم بأن كل كلمة من سطوري في مقالتي هذه هي من ضمير يقظ حي لا يقبل المساومة والصمت على نزيف جرح لأي جهة أراها مغبونة الحق ، وكيف حين تكون هي في الأصل منفذة في الحق ارتفاعات موازينه في عدالة طموحة ومرجوة على يديها ؟؟ فأنا لا أمضي حين تروح الرياح في الفضاء وتترك آثارها دون رواء للتأمل والتساؤل ، فانا أرى وأستمع واشهد وأحس بأوجاع وكذلك أحلام الناس تماماً كما أحس بأنفاس الحزن تتلاطم تحت موجات التساؤل الدائم أين نحن ومن نحن وإلى متى ننتظر العدالة تعدل بالعدل والعادلين ؟؟ من هنا فلقد وددت أن أطرح وجهة نظر كاتبة ، ووجهة نظري ليس من مدخل علم القانون ولكن من زاوية أيديولوجية وتحليلية بعد ذلك ، تتعلق بسلطة القضاء التي تهم كل فرد من أفراد الشعب والكتاب وصناع الرأي وأنا أومن أن القلم المباح في حبره الدامي ليس مستباحاً ، ولهذا يحق له التوجع لدى رؤيته لجرح لم يلتئم في وطني ويهمني التصدي للريح المواجهة لوجوهنا ، والتحليل لمجموعة من الموضوعات التي تسهم في بناء ما يمكن إثارته للتشييد ، وتشييده من جديد من خلال الكتابة والتوضيح ، وكذلك إثراء النقاش في صياغة لا بد أن تكون لها إجابات وجدل ولها في نفوس الكثيرين هواجس تتفاعل ، وخصوصاً بالقضاء والعدالة ، وهي تمسنا جميعاً وليس أحدنا ببعيد عن قصر العدل أبدا ، فبيننا وبين قصور العدالة وعدم قصورها رفة جفن ومسح دمعة عن خد وطن لا يتوقف عن النحيب !! ولا يتوقف عن الفرح وبين الفرح والنحيب طبيعة لا تتقن الفراق تحت أي ظل من ظلال الزيف أو الفطرة التي فطر الله الناس عليها !! ومن لا يعرف من تكون عائشة الرازم في ساحة الكلمة ، فأقول له إن عائشة هي عضو عامل ونافذ بقلمه الثاقب في السلطة الرابعة ، فالكاتب الملتزم والمتابع وخاصة من أمثالي الذين أمضوا ثلاثين سنة بين الحبر والتعبير والأقلام لا يتوقف عن التصدي للقضايا ، ولم ينفذ الدم من عروقه ولن ينفذ طالما بقيت له كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، حتى لتكاد من ضوء الكلمات تلك تشرئب مزارع الأقلام وتبزغ رؤوسها على السنابل كلمات لا تموت في وطن أعطانا الحرية وأعطيناه حشاشة القلب دون بخل ، وبقينا في التزام بسلطتنا الرابعة لا ينتهي أجل تلك السلطة ولا يعاد انتخابها أو التزوير في هيئة أعضائها غير المنتخبين فلقد انتخبت الأقلام أصحابها وأقسمنا( نون والقلم وما يسطرون ) وهي رسالة من خلالها أجبت صرخة ربما مكتومة في القضاء وما أجر سلطتي الرابعة الحاضرة في ضميري وفي كل زاوية من قلبي إلا همسة من ضمير الوفاء ، لله درك سلطتي الرابعة ما أعظم أجرك عند الله وما أكبر ذنبك الذي لا يغتفر عند العباد ، فأنت يا عائشة عضو عامل في السلطة الرابعة ، وتعرفين أن الكلمة في موضوع القضاء ما هي إلا سطر في صف الإعلام بصحافته وكلمته المكتوبة تماما كما في صندوق الرسائل الواضحة المحمولة في مناقير الحمام الزاجل بين طيات الصفحات ، نرسلها لتوثيق الزمان وعهد الإنسان في صناعة الفكر والتجديد والتنمية العقلية بالإضاءة التي غفل عنها الكثيرون ، أو ربما لم يغفلوا بقدر ما تاهت بهم الطواحين الحياتية والمهمات فأزالوا شروط الذاكرة التي أصبحت مركباً يتقن التجاوز السريع عن استغاثات الأشجار الباسقة ، والحق أقول أن المنحة التي منحتني إياها السلطة الرابعة التي صنعتها بيدي وأصابعي ، هي أعلى سقفاً مما يعتقد أصحاب السلطات الثلاث الأخرى والذين لهم أولوية الشرعية في السلطوية ، فالحقيقة أنني كعضو فاعل في السلطة الرابعة أسعى من خلال هواجسي ومنطق تفكيري في القضاء والقضاة بعد عنونة الأحزان والآلام عند قضاة الوطن وما رأيته وما سمعته وما شهدته وما خبرته في ميدان القضاء وأوجاع القضاة قد لطمني ودفعني لهذا الجهد اليسير الميسر!! نحن نعرف أن القضاء هو مظلة الناس العادلة بالضوابط التي يلتزم بها القاضي في إجراء التقاضي مواجهاً جميع فئات الناس ، بما فيهم الدولة والمؤسسات والفئات الاقتصادية والثقافية والسياسية دون استثناء لفئة مهما علا شأنها ، بما فيها السلطات الأربع ، ونعرف أن القضاء هو أهم ضروريات الحكم والاحتكام ، وهو رأس الجسد السلطوي بعد الحاكم الأول في المجتمع ، وهو الطريق المستقيم لاستقرار الأمن في كل مجتمع ، ويبقى العدل هو الطموح الأكبر لتقويم المسيرة الوطنية في كل المراحل والملمات سواءً الحروب أو الحالات السلمية أو المواجهة في حالتنا التي تشكل حدودنا نصف مأساة العرب أجمعين ، ولأهمية القضاء كان الرسول عليه الصلاة والسلام يباشر بنفسه القضاء بين الناس ، حسب أوامر الله ، ليحكم بما أنزله الله تعالى ، وكان عليه السلام يختار من يراه مناسباً وصالحاً للقضاء ، ويبقى القضاء من أخطر السقوف في الدولة ، ولهذا يجب على كبار صناع القرار من المسؤولين في الدولة أن يراقبوا حاجات القضاء ويحفظوا ماء وجهه ولا يردوا مطالبه ، ويقوموا بحماية القضاة لكي يبقى سبيل إبعادهم عن الزلل قريباً من ضمائر الأمة والحرية والعدالة التي تطال أهل العدالة كأول من يستحقها ، وهنا يتميز القضاة الذين يتقربون إلى الله بأعمالهم الجليلة التي تفرضها عليهم مناصبهم وخاصة إذا نوى القاضي وعقد النية على التقرب إلى الله بفضل نزاهته ونصرة المظلوم ورد ظلم الظالم إلى نحره مهما علا شأنه بقوة القانون دون خوف أو وجل أو تهديد أو هيمنة من جهة أو فئة ! وكما أن القاضي سلطة استثنائية في نظري ، وتعتبر هذه السلطة صاحبة شأن عال في الحرية والاستقلالية في اتخاذ القرار والفصل ، وهذا بالطبع من شؤون رفعة البلاد المخلصة للقضاء والمؤمنة بالديمقراطية وهيبة السلطة القضائية وتنزيهها عن الرضوخ للتغول والهيمنة ، فمن حق القاضي طالما كان مستقلاً قوياً ثابت المراس في شخصيته الهيابة أن لا يتدخل أي طرف في قضائه لأهمية كينونة الاستقلال ومعانيه العظيمة في حرية وقوة اتخاذ القرار في الحكم ، ولا يستطيع طبعاً القاضي وحده أن يكون نزيها وقادراً على اتخاذ قراره المستقل دون أن يسعفه مساعدون وأعوان إداريون أكفياء يفهمون لغة الحرية والقوة في الصد والرد والقرار للقاضي صاحب المهابة ، يحملون معه شدة الهموم التي يعجز عن حملها الجبل في إرساء العدل ولا يحمل أكثر من وسع نفسه التي لها ما تكسب وعليها ما تكتسب في طاقتها ، وأن يمنح القاضي معاشه الوافي الجامع المانع والذي يعرفه كل مراقب طامع وسامع دون اللجوء إلى الترغيب والترهيب في حالات التقاضي ، وأن لا يكون معاش القاضي راضخاً للتدرج العادي في تحكيم الرواتب حسب الدرجات أو الكليات أو الجامعات فمن غير المعقول أن يتم اختيار قاض ليقضي بين الناس بالحق والعدل ويتساوى في نفس حجم القضايا لإحقاق الحق ويتم تأكيد معاشه حسب الدرجة أو الجامعة ، فلطالما تم تنصيبه قاضياً فكل مزايا المعاش تلحق المنصب والمسمى بالقاضي ، وليس بالدرجة والشهادة ، فالوظائف المناظرة بالقاضي بالتحديد لا يمكن مقارنتها بوظيفة أخرى وهذا في رأيي ليس وظيفة بل أمانة على الأرض تحمل سيف الله لا فرق بين قاض وقاض ، فإما قاض عادل نزيه موثوق السلوك والموقف والنزاهة وكامل المواصفات ليكون للناس والشعب حاسماً بالقضاء أو لا يكون ، يعني إما أمانة وإما خيانة ، إذن فلطالما تم اختيار القاضي على أسس النزاهة والمقدرة دون آلاف الشخوص ،فإذن والحالة هذه يجب أن يتساوى القضاة في الحقوق والاعتبارات والمزايا ،َ وفي نظري أن العلاوة يجب أن تتساوي عند كل القضاة دون استثناء ، وليس القاضي بالموظف العادي كأي موظف في الحكومة أو غيرها ، وأن لا يعادل راتب القاضي الأساسي بالذات براتب جامعته أو كليته أو خبراته أعني تكون علاوة عمله كقاض موحدة وليست وظيفية بحته تعتمد على الدرجة أو الشهادة !! ويبقى في السند الوظيفي خبرة السنوات لا تدخل فيها سوى الخدمة المأمولة في العطاء والراتب المنصوص ! وإلا فلا مندوحة من اختيار القضاة جميعهم من نفس المستوى الجامعي العالي . وكما إنني أرفض ويرفض المنطق العادل أن يتم توزيع السمات والصفات للقضاة ، دون أن يتم تشخيص الحالات وحلول لكل حالة ، فلا يجوز أن يتم الصبر والاستمرار باسترضاء حالات ورفض وإنكار حالات ، فالقاضي كما قلنا هو حالة يجب أن تكون موحدة في الاتجاه والتوجهات والنزاهة دون فجوات أو طبقات ، فالطبقية في القضاء تودي بالوطن والشعب والحرية والعدالة إلى هاوية الفساد والضياع ، وإن إيراد مواصفات على نظريات هذا قاض يرث وهذا قاض لا يرث ، هذا قاض جيد وذاك قاض نصف جيد ، وهذا قاض ممتاز السلوك نزيه وذاك مشكوك في أمره ، وهذا قاض متحدث لبق وخطابي ماهر مخيف ولا يجب أن يبقى في سلك القضاء ، وذاك قاض عاقل هادئ رزين والقطة تأكل عشاه وهو مناسب للقضاء ، وهذا قاض لسانه لا يتوقف عن التنظير والتدخل ، وذاك لا يتدخل فيما لا يعنيه من حالات القضاء، وذاك قاض يتدخل ويزعج السلطة التنفيذية أو القضائية ، وذاك لا في العير ولا في النفير وهو هاديء الطبع مقدور عليه محبوب !! في الحقيقة أنني لا زلت أترنم أسى وحرقة على أحوال القضاء في الأردن ، فمنذ تلك اللحظة التي طرقت أذني عبارة صندوق تكافل للقضاة وأعوانهم ، حتى تأملت في النص طويلاً وشعرت بمهارة السوط اللاذعة وكم هي موجعة ، ففي حال القضاء بالذات لا يكون للقاضي سوق للتسوق ولا سلعة تعرض عليه لستر عورته وستر سائر أهله ، كما سمطت قلبي خلال متابعاتي لرسالة رئيس المجلس القضائي الأعلى السابق الرجل القوي الصادق ، محمد صامد الرقاد ، حينما رفع أخطر رسالة في تاريخ القضاء إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ، يخبره فيها وبصراحة لا تخلو من مغامرة غير محسوبة النتائج أو ربما محسوبة العمل والتوقف عندها طويلاً من مليك البلاد ، وكان هو أدرى من غيره بمدى خطورة تلك الرسالة للمك، وربما كان قد عقد العزم على مساحة ثقته الكبيرة كرئيس مجلس أعلى للقضاء بأن الملك لن يخذل قاضياً تصفى ضميره لأقصى درجات الفلترة المتأملة في حال السلطة الأعلى بين السلطات ، حيث سيتوقف الملك ويتأمل ملياً بسطور تلك الرسالة المشبعة بالنزيف ، كان على ثقة كبيرة بان الملك سيسمع ويتوقف طويلاً بعد المفاجأة بما قاله الرجل ، وعلى هذا الأساس الواثق ، توجه ( العم الوفي أبو غازي ) بقوة غريبة ومختلفة عن مجريات أفكار وأقلام رؤساء المجالس القضائية في البلاد ، رافعاً كلمة صارخة غير معتادة وصادقة كحد المطلب الدامي في ساحة القضاء وحيداً ، واستخدم قلمه واندفع فدائياً ينافح ويفضح ويكشف ، فجاءت رسالته المفعمة بالوجع على حال القضاء ، تشبه غلالة شفافة تغلف حشاشة قلب جريح متحرق على أحوال القضاء والقضاة !! نعم ما زال تعبيره عن واقع القضاء الأردني بأنه دون المأمول ، وعبر عن ذلك في عام 2007 أي قبل ثلاث سنوات تقريباً وما زالت تلك الرسالة تسير بخطوطها في بصري وذهني كلما دخلت على قاض في أي محكمة من محاكم بلدي وقصر العدل الشامخ ، أشاهد هامات هؤلاء القضاة المرفوعة بكل محاولات الارتقاء فوق الشقاء والعناء ، وكأنني أرى في عيونهم التحدي لجبروت الشقاء الجارف في عمق أمانة الحق ، أو أسمع آهاتهم أمام عشرات لا بل مئات الملفات المتراكمة في أصول بصائرهم وصدروهم وعيونهم ، وفي عمق صمامات قلوبهم الخافقة بكل نبضة عن العدالة في المكمن والسر ، وما وراء المكشوف والمشهود والموكولة إليه القضايا ، وكيف يمكن لهذا القاضي أن ينحاز أو يتجاوز أو يغط في نوم عن الصواب الحق ، والحق في بصيرة القاضي صنو الجنة أو النار بين الجفنين ، وهما أقرب للنور أو للنار ، وما بينهما إغماضه أو رفة جفن !! أراهم وأشهد فقرات ظهورهم المنحنية فوق حاجات الناس يحاورون العذاب والنكران والسلب والدم وهضم الحقوق واغتصاب الحرية واتساع رقعة الظلم والظلم مرتعه وخيم بأذرع القدرة الهمجية ، ويقيسون بمناظير الكشف الذاتية مسافات الظلم في النفوس ، فيتدفق الدم من جباههم عابسين أو باسمين أو غاضبين وهم يدركون أن الأمانة أثقل من أن يحملها جبل ، فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً إلا من رحم الله في رجل القضاء العادل ، وهامة اليقظة الضميرية في بعض البشر ، يتدارسون ويتألمون ويألمون وقلوبهم المدماة تشي بأن أكثرهم يبكون أو ينوحون على وجع المجتمع ومآسيه ، ويظهرون للحق برفعة أركان الهيبة ورجاحة عقل الميزان الذي أدخلهم قطار العدالة الوافي مختاراً لشخوصهم وأسبغ عليهم لقب القاضي ، والقاضي من شقوة غفلته في قبول القضاء حيران ، فلا هو قابض على جنة الرفض فيقال ضعف القلب وانهار الوجدان لقلة معرفة بالحق وضمير العدالة ، ولا هو قابض على سيف المتعة وفرحة اللقاء باللقب ليقال قاضياً يا سلام ، فأجده وقد توسط الحريق وقد هانت أمام ناظريه الأكداس المكدسة من الرغائب بالهروب وقام ليلبي الأمانات مكرهاً على مسامات روحه ، محاولاً غب الخوف والحزن تحت أرتال اليقين والقناعة بالقانون ونزاهة الروح فيه ، فرضي المرفوض ورفض المقبول ، وهو خجول من رفض المهمة لا يثنيه وجل ولا رغبة في الاحتشام الضعيف أمام المخاطر وقد ترنح في ورقة صيرورته العدلية حديث عبد الله بني بريدة حين طلب منه قتيبة بن مسلم أن يتولى القضاء فسأل عبد الله بن بريدة ذلك فقال : والله لا أقعد على القضاء بعد حديث حدثنيه أبي عن قول رسول الله صلعم : القضاة ثلاثة ، قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ، قاض قضى بغير حق وهو يعلم فهو في النار، وقاض قضى بغير الحق وهولا يعلم فهو في النار وقاض قضى بالحق فهو في الجنة !! كانت تلك الرسالة الرقادية قبل ثلاث سنوات ، حسب ما تابعتها شبه تكوين الشعرة المضيئة الوحيدة بين أكوام أسلاك انطفأت ذبالتها ولم يعد كثيرون يجرؤون على لمسها أو تحسسها خوفاً من التماس الملهب لأصابع لامسها ، وبالفعل تجرأت الرسالة على كتابة سطور التطوير في دفتر التغيير الجريء ، والقفز من قعدة المسؤول في التنظير إلى هبة رجل قاض عرف حقيقة القضاء فتمادى في حرق القعود والاستراحة في السلبية المراقبة عن بعد ، وتحدث عن اعتبار القاضي موظفاً يخضع للعلاوة والأعطية والصدقة التي لا تجوز على مالك زمام العدل في الأرض !! لقد جاءت تلك الرسالة قبل ثلاثة أعوام تبكي ثماني سنوات من تشكيل اللجان ووضع الاستراتيجيات لتطوير القضاء وتحديثه ، ولم يتم إنجاز ربع حجم الطموحات الموكولة للقضاء ولم تأت حسب تطلعات الملك الذي قام فور تسلمه لزمام الحكم وباشر زيارته فوراً لمجلس القضاء الأعلى وقصر العدل ، وجاءت الرسالة الرقادية مطالبة عملياً باستقلال القضاء ولتصف الحالة القضائية وهي فعلاً حالة ، وبأن من أوزار حالتها ارتباطها بالسلطة التنفيذية (العدل ) والتي تقتر على القضاة وتشد الأحزمة الحديدية على بطون أهليها فيها ليحذو القضاة حذو الموظفين في الوزارة بشد الأحزمة على ظهورهم ولفها على بطونهم وبطون أسرهم وعائلاتهم التي تثقل بأحمال مختلفة تماماً عما تحمله ظهور الآخرين ، فهي مطلوب منها أن لا تشكو الوجع ولا الحاجة ولا الضغط عليها تحت نير الأحزمة ، وإن ضغطت وشدت وسببت النزف فالصبر والاحتمال من شيم الرجال الأقوياء !!