كنا قد أكدنا في الحلقتين الماضيتين على أن هيئة اجتثاث البعث لا وجود لها بسبب إلغائها بعد صدور قانون الهيئة الوطنية العليا للمسائلة و العدالة و الهيئة العليا للمسائلة و العدالة لم تشكل هيكليتها لحد ألان بسبب رفض مجلس النواب العراقي تشكيلة هيكليتها المقدمة من قبل مجلس الوزراء العراقي .. و عليه فأن القرارات التي أصدرتها الهيئة الجديدة غير قانونية لعدم وجود أعضاء في هيكليتها و الذي يفترض أن تتكون من سبعة أعضاء و قراراتها تكون بأغلبية أربعة أعضاء و تكون ملزمة التنفيذ فورا و هذا ما أوضحناه بالحلقتين الماضيتين مستندين إلى الدستور و قانوني هيئة اجتثاث البعث و الهيئة العليا للمسائلة و العدالة .. و يبقى أن نقول أن اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء عقدت اجتماعا و اختارت رئيسا لها و أعلمت مجلس النواب بذلك بموجب كتابها المرقم ( 1 ) في ( 22/11/2009) معتبرة أن اجتماعها هذا هو اليوم الأول لمباشرتها ، ولم يحظى ما جاء بهذا الكتاب موافقة السيد رئيس مجلس النواب حيث جاء بهامشه على أصل الكتاب ما نصه ( أطلعت ولا يعتبر انتخاب رئيس الهيئة أصوليا إلا بعد المصادقة ،النهائية ، و انتخاب الرئيس بعد المصادقة ) . و استنادا إلى هذا الهامش فقد أكد مجلس النواب بكتابه المرقم 2712 في 24/12/2009 الموجه إلى الهيئة العليا للمسائلة و العدالة أن ما قامت هذه الهيئة لا يعتبر أصوليا إلا بعد التصويت و المصادقة عليه .. كما أكد المجلس ذلك بكتابه المرقم 499 في 14/1/2010 الموجه إلى المحكمة التمييزية القضائية للمسائلة و العدالة بأن المجلس لم يوافق على المرشحين من قبل مجلس الوزراء لأشغال عضوية الهيئة الوطنية العليا للمسائلة و العدالة، و هذا أمر حازم لا لبس فيه بأن هذه الهيئة لم تشكل بعد و أن هذه القرارات جاءت خلافا للقانون من جهات تدعي بأنها تمثل هيئة المسائلة و العدالة و لأسباب سياسية و أقصائية فقد تم دعمها من قبل الكيانات الطائفية و التي لها مصلحة بهذا الاستبعاد . و لنرى ألان ماذا لدى هذه الهيئة حتى لو وجدت ضد بعض الأشخاص و منهم بعض السادة رؤساء الكيانات السياسية و بعض من السادة أعضاء مجلس النواب الذين مضى على وجودهم بالعملية السياسية دورة كاملة أو أكثر و بدون ما تمسهم قوانين الاجتثاث عندما كانت فاعلة ، و منهم الدكتور صالح المطلك والدكتور ظافر العاني و بعض الكيانات التي يمثلونها و خاصة الجبهة العراقية للحوار الوطني و الذي سنعنيه فيما تبقى من هذه الحلقة .. و هذا ما سينطبق على العديد من الكيانات مثل الحل و الوحدة العراقية و غيرها . استنادا لما تقدم يتبين لنا بشكل واضح و جلي أن هذا القرار اتخذته جهات سياسية تحت عباءة الهيئة العليا للمسائلة و العدالة و تمسكوا بهذه القرارات بالرغم من عدم شرعيتها و افتقارها لأي سند قانوني بسبب اتخاذ الدكتور صالح المطلك و الجبهة العراقية للحوار الوطني التي يرئسها مواقف سياسية تخالف و تعارض منهج الأحزاب الطائفية الحاكمة و كان له رأي صريح في موضوع الفدرالية و المحاصصة الطائفية و يعتبر أحد أهم منتقدي العملية السياسية في ظل هيمنة الأحزاب الدينية و الطائفية و معارض شديد للسياسات الإيرانية و التي تسعى باستمرار التدخل بالشؤون الداخلية العراقية و انتقاده المستمر للفساد الذي يستشري في كل مفاصل الدولة العراقية متهما الحكومة و أحزابها للحالة المتردية التي وصل إليها العراق من ضعف و هوان حتى أصبح العراق لا يستطيع الحفاظ على سيادته أمام حفنة من الجنود الإيرانيين الذين احتلوا بئر الفكه النفطي، بينما القوات التي أسستها هذه الأحزاب و حكوماتها المتعاقبة لحكم العراق تجول و تصول بين الإحياء السكنية و تبث الرعب و الإرهاب بين صفوف الشعب ومن كافة أطيافه و في كل محافظاته حتى أصبحت السجون التي تم إنشائها في عهد الاحتلال و هي تكاد لا تحصى لم تعد تستوعب الإعداد الضخمة التي تضخ بها هذه القوات من المواطنين بحجة الاشتباه و تنسب إليهم تهم عديدة منها الإرهاب ، كما أن الدكتور صالح يطالب باستمرار إلغاء كل القوانين التي أصدرها الحاكم المدني بريمر سيئ الصيت ومنها ما يخص الجيش العراقي الباسل و قوانين الإقصاء و الاجتثاث و التهميش التي أجبرت الملايين من أبناء شعبنا إلى الهجرة خارج حدود البلد ، كما أن الوضع الأمني المتردي الذي يعاني منه العراق منذ احتلاله و لحد ألان كان بسبب تنافس هذه الأحزاب السياسية و مليشياتها على السلطة و تتخذ من المواطن العراقي هدفا لها سبيلا للضغط على تحقيق مآربها ، و خير دليل على ذلك فضائح سرقة البنوك و الاختطاف و غيرها حيث ثبت بالدليل القاطع و حسب اعترافات منفذيها بأن لهم صلة ببعض هذه الأحزاب .. و الدكتور صالح المطلك كان صريحا و منتقدا و بشدة لكل تصرف تقوم به الحكومة و أحزابها و حتى ممن كانوا خارج السلطة . و بسبب هذه التوجهات لاقى المشروع الوطني الذي يدعوا له من خلال الجبهة العراقية للحوار الوطني تقبلا واسعا لدى الشارع العراقي و اعتبروا أن هذا المشروع هو الطريق الوحيد لإنقاذ العراق و أصبح أتباعه و مؤيديه يمتدون على كل مساحة الوطن في مدنه و قصباته و حتى باديته ، و مما أثار مخاوف الجهات ذات المشروع المعارض لمشروع الجبهة العراقية للحوار الوطني هو اندماج هذه الجبهة مع حركة الوفاق الوطني التي يرئسها الدكتور أياد علاوي و التي لها تأثير واسع في الساحة العراقية و خاصة في محافظات الجنوب و الفرات الأوسط ، و قد تم تأسيس تجمع واسع و كبير يضم هذه الحركة الوليدة و التي سميت بالحركة الوطنية العراقية لها تأثير واسع و كبير على الساحة السياسية مثل الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية و الذي كان يشغل الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي قبل خروجه من هذا الحزب و الدكتور رافع العيساوي نائب رئيس الوزراء و الدكتور سلام الزوبعي نائب رئيس وزراء سابق و الدكتور ظافر العاني رئيس كتلة التوافق في مجلس النواب الحالي و السيد مشعان السعدي و السيد حسن العلوي و آخرون كثر حتى بلغ عدد الكيانات و الشخصيات المنضوية تحت خيمة هذا التجمع أكثر من ستين كيانا و شخصية معروفة ، و بما أن الدكتور صالح المطلك هو العراب لهذا التجمع الذي أطلق عليه تسمية ( العراقية ) ، و أمينه العام فقد تم استهدافه بهذه الطريقة المعيبة و التي أصبحت أهدافها معروفة للجميع في محاولة منهم إلى تفتيت هذا التجمع من خلال سياسة الإقصاء و التهميش الذي مارسته تلك الأحزاب و الحركات الدينية و الطائفية المتنفذه في السلطة .