يمثل اليوم الاثنين، أمام الوكيل العام باستئنافية الجديدة، بعد تمديد فترة الحراسة النظرية في حقه ب24 ساعة، المجرم الخطير جرى إيقافه مساء الجمعة الماضية، بمركز أحد السوالم، بعد أن فر الأحد 29 يونيو 2014، من قبضة أمن الجديدة، مصفد اليدين، على متن سيارة الشرطة رباعية الدفع من نوع "برادو"، مستغلا تدخلا أمنيا طارئا، بتراب جماعة الحوزية،والفاعل ضالع في عدة أفعال جنائية خطيرة، ضمنها تكوين عصابة إجرامية، والتهريب والاتجار في المخدرات. وستحيله الضابطة القضائية بالموازاة مع ذلك، على المحكمة العسكرية بالرباط، على خلفية حيازة سلاح ناري، واستعماله والاعتداء بواسطته.
وقد كان البحث جاريا، منذ حوالي سنتين، في حقه بمعية شريكه، عقب نازلة اعتداء بالسلاح الناري كانت عاصمة دكالة اهتزت على وقعها، ليلة الثلاثاء 25 شتنبر 2012. وقائعها بمدينة الجديدة. وحسب شهود عيان، فإن سائق تاكسي صغير من نوع "فيات أونو"، كان يقل في حدود الساعة ليلا، زبونين إلى حي النجد. ومرورا عبر نهج ابن تومرت، عرج السائق على شارع بيتهوفن، عندما انتبه في المرآة العاكسة (ريطروفيزور)، إلى سيارة خفيفة من نوع "رونو 19 شماد"، كانت قادمة من خلفه، وأشار إليه سائقها، من خلال تغيير الأضواء (فار-كود)، بالسماح له بالتجاوز. وما إن خففت سيارة الأجرة من سرعتها، وتجاوزتها السيارة الخفيفة، حتى شرع سائقها ومرافقه في رشقها ب3 كرات حديدية، تهشمت على إثرها الزجاجاتان الواقيتان الأمامية والخلفية ل"التاكسي"، الذي اضطر سائقه والزبونان اللذان كان أقلهما من حي للازهرة، ومن محطة سيدي بوافي للتاكسيات الكبيرة، لمغادرة مقاعدهم. حيث تبخر الزبونان في الطبيعة، فيما بقي سائق التاكسي بمفرده في مواجهة مهاجميه اللذين ترجلا من على متن سيارتهما، واعتديا عليه بأداة حديدية لإصلاح العجلات (كروازي)، أصابته في فخده، بعد أن أبدى مقاومة شرسة. وأخرج أحد المعتديين سلاحا ناريا عبارة عن بندقية صيد، وأطلق رصاصة في الهواء، مزقت سكينة الحي المحاذي لأرض خلاء. ما خلف ذعرا لدى السكان. وقتها أطلق سائق "التاكسي" ساقيه للريح، وهو يستغيث بأعلى صوته بالمارة ومستعملي الطريق. وقد لاذ الجانيان بالفرار إلى وجهة مجهولة، على متن العربة المرقمة بالدارالبيضاء، والتي شقت طريقها عبر شارع ابن باديس ذي الاتجاهين.
وكان رئيس الأمن الإقليمي أول من هرع إلى مسرح النازلة، بمعية الضابطة القضائية لدى الدائرة الأولى، التي كانت تؤمن مهام المداومة. وخلق الحادث حالة استنفار لدى السلطات الأمنية والدركية والإقليمية والمحلية، وجهاز "الديستي" والاستعلامات العامة، التي توافدت تباعا.
وباشر المحققون من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية المعاينات والتحريات الميدانية، بتوجيهات من مديرية الشرطة القضائية بالمديرية العامة(DPJ)، والتي استمرت إلى غاية السادسة من صبيحة اليوم الموالي للنازلة (الأربعاء)، بتوجيهات من . إذ تكللت بتحديد هوية الفاعل الرئيسي، والاهتداء إلى محل سكناه.
وتلقت مصلحة المداومة التي كانت تديرها الدائرة الأولى، في ساعة متأخرة من ليلة نازلة إطلاق النار، شكاية مفادها أن سيارة خاصة كانت تسير بسرعة جنونية، اصطدمت بسيارة من نوع "كونغو"، عند المدخل الشمالي لعاصمة دكالة، وتحديدا بمحاذاة ملعب الخيل. ما ألحق خسائر مادية بسيارة المشتكي الذي كان قادما لتوه من الاتجاه المعاكس. وقد اتضح أن نوع السيارة المتسببة في حادثة السير وترقيمها المعدني، يتطابقان مع نوع العربة والترقيم المعدني اللذين كان أدلى بهما شاهد عيان على نازلة واقعة الاعتداء بالبندقة في شارع بيتهوفن. وأبانت التحريات التي أجرتها الضابطة القضائية أن الترقيم المعدني لسيارة الفاعلين، هو لعربة من نوع "بوجو"، وليس "رونو 19 شماد".
هذا، وكان أمن الجديدة في سباق محموم مع عقارب الساعة. فالوقت لم يكن يسمح بانتظار نتائج التحاليل المختبرية على البصمات التي أخذها تقنيو مسرح الجريمة، والتي قد تستغرق وقتا طويلا، سيما أن النازلة من العيار الثقيل، وتشغل بال الرأي العام وكبار المسؤولين مركزيا ومحليا، وأن أسبابها ودوافعها تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات.
الوجهة التي سلكتها سيارة الجانيين جعلت الأبحاث تتركز أساسا على الطرق والمسالك المؤدية شمالا إلى مدينة أزمور والمناطق المجاورة لها. لهذا الغرض، أشعرت مصالح أمن الجديدة مفوضيتي أزمور والبئر الجديد، وكذا، القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، والمراكز والفرق الترابية التابعة لها، المتمركز جغرافيا وترابيا شمال عاصمة دكالة. فهذا لم يمنع من مواصلة الأبحاث التي تعبأ لها 20 عنصر أمن بالزي المدني من مختلف فرق وأقسام المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية. فبعد تحديد هوية أحد الفاعلين المدعو رشيد (28 سنة)، واستجماع 25 عنصر بحث ومعطى بوليسي، فإن التحريات الميدانية أفضت إلى الاهتداء إلى سكنى الأخير (رشيد) بدوار العيساوي، الكائن بالنفوذ الترابي للجماعة القروية اثنين اشتوكة، بدائرة أزمور.
ففي حدود الساعة الخامسة من مساء اليوم الموالي للنازلة (الأربعاء)، وعقب عملية ترصد ومراقبة لصيقة، داهم الفريق الأمني الذي انتقل على متن سيارات خفيفة غير مميزة، منزل الهدف، الذي كان غادره في ظروف غامضة ومثيرة للجدل، بنصف ساعة عن موعد التدخل الأمني، إلى وجهة مجهولة، بعد أن حل عنده شريكه المدعو عزيز، المقيم بالدار البيضاء، وأقله على متن سيارة "رونو 19 شماد"، موضوع البحث، والتي كانت واقيتها الزجاجية الخلفية تهشمت جراء حادثة السير، التي تلقتها بشنها مصلحة المداومة (الدائرة الأولى) شكاية مرجعية.
وبداخل المنزل المستهدف، عثر عناصر من الدرك الملكي الذين كانوا أول من بادر بالتدخل، قبل حضور الفريق الأمني، على فتاة في مقتبل العمر، تبين أنها خليلة الجاني رشيد. ناهيك عن أظرفة فارغة لخرطوشات صيد، تم حجزها لفائدة البحث والتحريات.
وعند إخضاعها للبحث، اعترفت الخليلة بالعلاقة غير الشرعية التي تربطها منذ 5 سنوات، بالجاني رشيد، الذي كان أرسل في طلبها، منتصف ليلة النازلة، سيارة نقل سري (خطاف)، أقلتها من أزمور حيث تقيم، إلى دوار العيساوي. وأحالتها الضابطة القضائية، الجمعة 28 شتنبر 2012، على الوكيل العام باستئنافية الجديدة، والذي أحالها للاختصاص، على وكيل الملك لدى محكمة الدرجة الأولى.
هذا، ولم تتوصل المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة إلا إلى تحديد هوية الفاعل المدعو (رشيد). فيما ظل شريكه مجهول الهوية، إلى غاية السبت 28 يونيو 2014. حيث سقط من باب الصدفة في قبضة الشرطة بالبئر الجديد (50 كيلومترا شمال الجديدة).
وقد تأتى توقيفه في حدود الساعة السابعة مساءا، من قبل دوريتين تابعتين لفرقة الدراجيين بمفوضية البئر الجديد، كانتا تسهران على استتباب الأمن والنظام العام في القطاع. وقد أثار انتباههما سيارة خفيفة من نوع "مرسيدس 190"، على متنها 4 أشخاص، حامت حولهم الشبهات. ما حدا بالشرطيين الدراجيين إلى اعتراض سبيل العربة، لتبين حقيقة أمر ركابها، سيما أن سائقها تفادى المرور من السد القضائي الذي أقامته الشرطة على الطريق الوطني رقم 1، وتحديدا عند المدخل الشمالي لمركز البئر الجديد، ومر من مسلك ثانوي في أرض خلاء"بيست". وما أن توقفت السيارة، بعد اضطرارها، حتى ترجل من على متنها 3 أشخاص لاذوا بالفرار إلى وجهات مختلفة. فيما بقي بمفرده السائق الذي كان يعاني من كسر في قدميه، حال دون هربه. إذ جرى إيقافه لتوه. وأخضع المتدخلان الأمنيان العربة المشكوك في مصدرها للتفتيش، الذي أسفر عن ضبط سلاح ناري بداخلها، عبارة عن بندقية صيد مفككة، و17 خرطوشة، وكمية هامة من مخدر الشيرة تناهز 5 كيلوغرامات، و60 مفتاح مزور، تسخر في عمليات السرقات الموصوفة التي تستهدف السيارات، وكذا، حاجز حديدي به مسامر (المسلفة)، يقام عند السدود القضائية، علاوة على نياشين تخص موظفي الأمن بالزي الرسمي.
وجراء تصفيد السائق، تم اقتياده بمقتضى حالة التلبس إلى مقر المفوضية بالبئر الجديد، حيث أخضعته الفرقة المحلية للشرطة القضائية للبحث. وتحسبا لأي طارئ، بعد أن تبين أنه مجرم خطير، دعا رئيس المفوضية تعزيزات شرطية بالزيين المدني والرسمي، إلى حمل سلاحها الوظيفي والالتحاق بالمصلحة الأمنية.
وأحالت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بالبئر الجديد، على المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، المجرم الموقوف المدعو (أحمد). وعند تعميق البحث معه، تبين أنه يبقى مجهول الهوية الذي كان البحث جاريا في حقه علاقة بنازلة الاعتداء بالسلاح الناري، والتي تعود إلى شهر شتنبر 2012. حيث كان المحققون حددوا فقط هوية شريكه المدعو (رشيد)، والذي مازال في حالة فرار.
وعند عرض المجرم (أحمد) على ضحية الاعتداء، سائق "التاكسي"، تعرف عليه، باعتباره من أطلق العيار الناري، وكان يجلس في المقعد الأمامي، على يمين شريكه (رشيد) الذي "تبخر في الطبيعة".
وكانت العصابة التي ينتسب إليها الجاني تعمد إلى إقامة سدود وهمية (براجات) في بعض النقاط الترابية، بعد ارتداء أفرادها الزي الشرطي، ووضع النياشين التي تحدد رتبهم الأمنية المزيفة. وكانوا يستعملون المسلفة(herse)، لاعتراض سبيل تجار المخدرات، والاستيلاء من ثمة على كميات المخدرات التي يقتنوها من منطقة الشمال.
وفي إطار البحث والتحريات التي باشرتها المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، انتقل فريق أمني يتكون من عميد و3 ضباط و6 مفتشين، على متن دوريتين راكبتين، إحداهما سيارة خفيفة والأخرى عربة رباعية الدفع من نوع "برادو"، في الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي لإيقاف المجرم الخطير (الأحد 29 يونيو 2012)، الذي صادف أول يوم من شهر رمضان الأبرك، إلى مركز البئر الجديد، ومنه إلى الدارالبيضاء. وفي طريق العودة، حلت الدوريتان الراكبتان بمركز أحد السوالم بتراب إقليمسطات، قبل أن تسلكا طريقهما عبر الساحل، في اتجاه دوار الكوارة، على بعد حوالي 30 كيلومترا شمال أزمور، حيث كان المتدخلون الأمنيون يتأهبون في المرحلة الحاسمة، لإيقاف شركاء المجرم الخطير، بدلالة من الأخير الذي كان يرافق العناصر الأمنية على متن عربة التدخل رباعية الدفع، وكذا، سيارة خفيفة كان يتولى قيادتها رئيس الفريق الأمني.
وقد صادف المتدخلون الأمنيون 3 من شركاء المجرم الخطير، كانوا يسيرون مشيا على الأقدام، عبر مسلك، تكتسحه الأتربة والحجارة والحفر. ما حدا بالدوريتين إلى التوقف. حيث ترجلوا جميعا من على متنهما بسرعة، وتعقبوا المجرمين الذين لاذوا بالفرار.
هذا، وقد استغل الجاني التدخل الأمني الطارئ والفجائي، ليقفز في رمش العين إلى المقعد الأمامي للدورية الراكبة، ويتولى من ثمة قيادتها رغم إصابته بكسر في قدميه، وكون يديه مصفدتين. حيث انطلق بسرعة جنونية عبر المسالك والحقول والأراضي الخالية. وقد لحقت به السيارة الخفيفة التي كان يتولى سياقتها رئيس ال"SPJ"، والتي كادت تنقلب وتتسبب في مصرع من عليها، عقب المطاردة المسعورة.
وقد تمكن المتدخلون الأمنيون من استرجاع العربة "4X4"، بعد أن تخلى عنها على مقربة من غابة متوحشة، في أرض خلاء، يعرف حق المعرفة مسالكها وممراتها وتضاريسها الوعرة، التي اعتاد عليها بحكم نشاطه الإجرامي، وتهريبه المخدرات. وقد شنوا حملات تمشيطية واسعة النطاق في المنطقة، تواصل معها صيامهم بشكل مسترسل إلى غاية اليوم الموالي (الاثنين).
وبعد مرور أقل من أسبوع عن نازلة الهروب، تمكنت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، من وضع اليد على المجرم الخطير. إذ جرى إيقافه في حدود الساعة السابعة من مساء الجمعة الماضية، بتراب جماعة أحد السوالمبإقليمسطات، فور ترجله من على متن سيارة خفيفة كانت تقله. حيث كان يعتزم الدخول إلى منزل يشغله على وجه الكراء، كائن بتجزئة تابعة ل"العمران" بمحاذاة شركة علف الساحل.
وقد كان الضابط زروال وراء إيقافه خلال هذا التدخل الأمني النوعي الذي أشرف عليه شخصيا رئيس الأمن الإقليمي للجديدة بمعية رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية.
وقد ظلت عدة فرق أمنية من الجديدة بالزي المدني غير مميزة، تضرب حراسة أمنية لصيقة بالتناوب، طيلة أسبوع، على الحي السكني الذي كان يتردد عليه خلسة المجرم الخطير، إلى أن وقع، الجمعة الماضية، في شراك أمن الجديدة. ما وضع حدا لفراره الذي لم يطل كثيرا. وقد استعادت الشرطة الأصفاد التي كانت تقيد يديه، لحظة هروبه، وكذا، مفتاح العربة الشرطية رباعية الدفع التي فر على متنها، قبل أن يتخلى عنها في أرض خلاء.
و بسقوط هذا المجرم الخطير يكون أمن الجديدة وضع حدا للقيل والقال، وللتأويلات والإشاعات المسيئة، التي روجت لها جهات معروفة.