استنفر إطلاق النار من بندقية على سائق سيارة أجرة من قبل مجهولين اثنين، ليلة الثلاثاء الماضي، السلطات الأمنية والمحلية بالجديدة. وعلم موقع "الجديدة24" أن سائق تاكسي صغير من نوع "فيات أونو"، كان يقل في حدود الساعة العاشرة من ليلة الثلاثاء الماضي، زبونين إلى حي النجد بالجديدة. ومرورا عبر نهج ابن تومرت، عرج السائق على شارع بيتهوفن، عندما أثار انتباهه في المرآة العاكسة، سيارة خفيفة من نوع "رونو 19 شماد"، أشار إليه سائقها، من خلال تغيير الأضواء (فار-كود)، بالسماح له بالتجاوز. خففت سيارة الأجرة من سرعتها، ولزمت أقصى اليمين. تجاوزتها من ثمة السيارة الخفيفة، غير أنها توقفت فجأة أمامها، قاطعة عليها مواصلة الطريق. حيث شرع سائق عربة "رونو 19" ومرافقه في رشق التاكسي ب3 كرات حديدية، تهشمت على إثرها زجاجاته الواقية الأمامية والخلفية، ما اضطر السائق والزبونين، اللذين كان أقلهما تباعا من حي للازهرة، ومحطة سيدي بوافي للتاكسيات الكبيرة، إلى مغادرة مقاعدهم.
وحسب رواية سائق سيارة الأجرة، فإن الزبونين تبخرا في الطبيعة، فيما بقي بمفرده في مواجهة مهاجميه، اللذين ترجلا من على السيارة الخفيفة، واعتديا عليه بأداة حديدية لإصلاح العجلات (كروازي)، أصابته في فخده، بعد أن أبدى مقاومة شرسة، واستعان بعصا. وأخرج أحد المعتديين بندقية، وأطلق رصاصة في الهواء، مزق دويها سكينة الحي الراقي، المحاذي لأرض خلاء، ما خلف ذعرا لدى السكان. وخوفا على حياته وسلامته الجسدية، أطلق سائق "التاكسي" ساقيه للريح، وهو يستغيث بأعلى صوته. فيما لاذ الجانيان بالفرار إلى وجهة مجهولة، بعد أن شقت سيارتهما المرقمة بالدارالبيضاء، طريقها عبر شارع ابن باديس ذي الاتجاهين.
انتقل لتوه إلى مسرح النازلة، رئيس الأمن الإقليمي نور الدين السنوني، بمعية رؤساء المصالح الأمنية، في طلعتهم عميد الأمن الإقليمي خليل زين العابدين، رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، والعميد عبد القادر لحياوي، رئيس الأمن العمومي، والقائد محمد قطري، رئيس الهيئة الحضرية، والضابطة القضائية لدى الدائرة الأولى، التي كانت تؤمن مهام المداومة. وخلف الحادث استنفارا لدى كبار مسؤولي السلطات الأمنية والدركية، و"الديستي" والاستعلامات العامة، وقسم الشؤون الداخلية، الذين توافدوا تباعا.
وباشر المحققون من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية المعاينات والتحريات الميدانية، تحت الإشراف الفعلي لرئيس أل"إس بي بي جي"، والتي استمرت إلى غاية السادسة من صبيحة اليوم الموالي للنازلة (الأربعاء)، وتكللت في ظرف وقت قياسي، بتحديد هوية الفاعل الرئيسي، والاهتداء إلى سكناه. وكان بوشعيب ارميل، المدير العام للأمن الوطني، قضى ليلة بيضاء (ليلة الاثنين-الثلاثاء الماضية)، وهو يتابع عن كثب وأولا بأول، التقارير التي كان ترد عليه تباعا، عبر الهاتف النقال، من رئيس الأمن الإقليمي نور الدين السنوني، ومجريات الأبحاث الميدانية، التي كانت تجريها المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، تحت الإشراف الفعلي والفعال لرئيسها خليل زين العابدين، والتي كانت ترد على عبد المجيد الشادلي، مدير مديرية الشرطة القضائية.
في ساعة متأخرة من ليلة نازلة إطلاق عيار ناري من بندقية، تلقت مصلحة المداومة شكاية مرجعية، مفادها أن سيارة خاصة كانت تسير بسرعة جنونية، اصطدمت بسيارة من نوع "رونو كونغو"، عند المدخل الشمالي لعاصمة دكالة، وتحديدا بمحاذاة ملعب الخيل. ما ألحق خسائر مادية بسيارة المشتكي الذي كان قادما لتوه من الاتجاه المعاكس. اتضح لرئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية أن نوع السيارة المتسببة في حادثة السير، وترقيمها المعدني، الذي أدلى به المشتكي لمصلحة الديمومة، يتطابق مع الرقم المعدني، الذي كان أدلى به شاهد عيان على نازلة إطلاق النار في شارع بيتهوفن. وأبانت التحريات التي أجرتها الضابطة القضائية أن الترقيم المعدني لسيارة الفاعلين، هو لعربة من نوع "بوجو"، وليس "رونو 19 شماد".
لقد كان أمن الجديدة كان في سباق محموم مع عقارب الساعة. فالوقت لم يكن يسمح بانتظار نتائج التحاليل المختبرية على البصمات التي أخذها تقنيو مسرح الجريمة، والتي قد تستغرق وقتا طويلا، سيما أن نازلة إطلاق النار كانت من العيار الثقيل، وتشغل بال الرأي العام، والجهات العليا، وأن أسبابها ودوافعها تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات، ما يستنتج من استنفار كبار المسؤولين الأمنيين بالجديدة والرباط.
الوجهة التي سلكتها سيارة الجانيين، جعلت الأبحاث تتركز أساسا على الطرق والمسالك المؤدية شمالا إلى مدينة أزمور والمناطق المجاورة لها. لهذا الغرض، أشعرت مصالح أمن الجديدة مفوضيتي أزمور والبئر الجديد، وكذا، القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، والمراكز والفرق الترابية التابعة لها، المتمركز جغرافيا وترابيا شمال عاصمة دكالة. فهذا لم يمنع من مواصلة الأبحاث، التي تعبأ لها 20 عنصر أمن بالزي المدني من مختلف فرق وأقسام المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، تحت الإشراف الفعلي لرئيسها خليل زين العابدين. فبعد تحديد هوية أحد الفاعلين المدعو رشيد (28 سنة)، واستجماع 20 عنصر بحث ومعطى بوليسي، فإن التحريات على قدم وساق، قادت إلى الاهتداء إلى سكنى الأخير (رشيد) بدوار العيساوي، الكائن بالنفوذ الترابي للجماعة القروية اثنين اشتوكة، بدائرة أزمور.
ففي حدود الساعة الخامسة من مساء الأربعاء (اليوم الموالي للنازلة)، وعقب عملية ترصد ومراقبة لصيقة، وبحضور الدرك الملكي كإجراء مسطري قضائي، داهم الفريق الأمني الذي انتقل على متن سيارات خفيفة غير مميزة، منزل الهدف، الذي كان غادره، بمحض الصدفة، بنصف ساعة عن موعد التدخل الأمني، إلى وجهة مجهولة، بعد أن حل عنده شريكه المدعو عزيز، المقيم بالدار البيضاء، وأقله على متن سيارة "رونو 19 شماد"، موضوع البحث، والتي كانت واقيتها الزجاجية الخلفية تهشمت جراء حادثة السير المبلغ عنها.
بداخل المنزل المستهدف، عثر المتدخلون الأمنيون على فتاة في مقتبل العمر، تبين أنها خليلة الجاني رشيد. إذ تم إيقافها من أجل العلاقة غير الشرعية. كما عثرت الضابطة القضائية داخل البيت، على أظرفة فارغة لخرطوشات صيد، حجزتها لفائدة البحث والتحريات.
عند إخضاعها للبحث، اعترفت الخليلة بالعلاقة غير الشرعية التي تربطها منذ 5 سنوات، بالجاني رشيد، والذي كان أرسل في طلبها، عند منتصف ليلة النازلة، سيارة نقل سري (خطاف)، أقلتها من أزمور، حيث تقيم، إلى دوار العيساوي. وفور انقضاء فترة الحراسة النظرية، أحالتها الضابطة القضائية على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، والذي أحالها للاختصاص، على وكيل الملك بمحكمة الدرجة الأولى.