تشن مصالح أمن الجديدة حملات تمشيطية واسعة النطاق، بحثا عن مجرم من العيار الثقيل استغل تدخلا أمنيا طارئا، للفرار والتبخر في الطبيعة. وحسب مصدر مطلع، فإن المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة تسلمت، مساء السبت الماضي، مجرما خطيرا من ذوي السوابق القضائية، كان البحث جاريا في حقه إثر تورطه بمعية شريك له، في نازلة إطلاق عيار ناري، تعود وقائعها إلى شهر شتنبر 2012.
وقد تأتى توقيفه في حدود الساعة السابعة من مساء السبت الماضي، من قبل دوريتين تابعتين لفرقة الدراجيين بمفوضية البئر الجديد (50 كيلومترا شمال الجديدة)، كانتا تسهران على استتباب الأمن والنظام العام في القطاع. وقد أثار انتباههما سيارة خفيفة من نوع "مرسيدس 190"، على متنها 4 أشخاص، حامت حولها الشبهات. ما حدا بالشرطيين الدراجيين إلى اعتراض سبيل العربة، لتبين حقيقة أمرها، سيما أن سائقها تفادى المرور من السد القضائي الذي أقامته الشرطة على الطريق الوطني رقم 1، وتحديدا عند المدخل الشمالي لمركز البئر الجديد، ومر من مسلك ثانوي في أرض خلاء"بيست". وما أن توقفت السيارة، بعد اضطرارها، حتى ترجل من على متنها 3 أشخاص لاذوا بالفرار إلى وجهات مختلفة، بعد أن أطلقوا سيقانهم للريح. فيما بقي بمفرده السائق الذي يعاني من كسر في قدميه، حال دون هربه. إذ جرى إيقافه لتوه. وخضع المتدخلان الأمنيان العربة المشكوك في مصدرها للتفتيش، الذي أسفر عن ضبط سلاح ناري بداخلها، عبارة عن بندقية صيد مفككة، و17 خرطوشة، وكمية هامة من مخدر الشيرة تناهز 5 كيلوغرامات، و60 مفتاح مزور، تسخر في عمليات السرقات الموصوفة التي تستهدف السيارات.
وجراء تصفيد المشتبه به الذي يتحدر من الدارالبيضاء، تم اقتياده بمقتضى حالة التلبس، إلى مقر مفوضية البئر الجديد، حيث أخضعته الفرقة المحلية للشرطة القضائية البحث. وتحسبا لأي طارئ، نظرا لكونه مجرما خطيرا، التحقت بالمصلحة الأمنية تعزيزات شرطية بالزيين المدني والرسمي.
وأحالت الضابطة القضائية لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية البئر الجديد، على المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، المجرم الموقوف الذي أبان تنقيطه على الآلة الناظمة أن البحث كان جاريا في حقه، لضلوعه رفقة شريك له في نازلة حيازة بندقية دون سند قانوني، وإطلاق النار على سائق سيارة أجرة صغيرة من نوع "فيات أونو"، تعود وقائعها إلى شهر شتنبر 2012، على مقربة من المركز التجاري الممتاز "أسيما" بعاصمة دكالة.
ونظرا لكونه مصابا منذ أزيد من أسبوع، بكسر في قدميه المغلفتين بالجبص، يحد من قدرته على المشي والحركة، فقد أحالته المصالح الشرطية في حينه على المركز الاستشفائي الإقليمي.
وفي إطار البحث والتحريات التي باشرتها المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، انتقل فريق أمني يتكون من عميد و3 ضباط و6 مفتشين، على متن دوريتين راكبتين، إحداهما سيارة خفيفة والأخرى عربة رباعية الدفع "برادو"، في الساعات الأولى من صباح أمس الأحد، الذي صادف أول يوم من شهر رمضان الأبرك، إلى مركز البئر الجديد، ومنه إلى الدارالبيضاء. ُوفي طريق العودة، حلت الدوريتان الراكبتان بمركز أحد السوالم بتراب إقليمسطات، قبل أن تسلكا طريقهما عبر الساحل، في اتجاه دوار الكوارة، على بعد حوالي 30 كيلومترا شمال أزمور، حيث كان المتدخلون الأمنيون يتأهبون في المرحلة الحاسمة، لإيقاف شركاء المجرم الخطير، بدلالة من الأخير الذي كان يرافق العناصر الأمنية على متن عربة التدخل رباعية الدفع، وكذا، سيارة خفيفة كان يتولى قيادتها رئيس الفريق الأمني.
وقد صادف المتدخلون الأمنيون 3 من شركاء المجرم الخطير، كانوا يسيرون مشيا على الأقدام، عبر مسلك، تكتسحه الأتربة والحجارة والحفر. ما حدا ببالدوريتين إلى التوقف. حيث ترجلوا جميعا من على متنهما بسرعة، وتعقبوا المجرمين الذين لاذوا بالفرار.
هذا، وقد استغل المجرم الموقوف التدخل الأمني الطارئ والفجائي، ليقفز في رمش العين إلى المقعد الأمامي للدورية رباعية الدفع "برادو"، ويتولى من ثمة قيادتها رغم إصابته بكسر في قدميه، وكون يديه مصفدتين. حيث انطلق بسرعة جنونية عبر المسالك والحقول والأراضي الخالية. وقد لحقت به السيارة الخفيفة التي كان يتولى سياقتها رئيس ال"SPJ"، والتي كادت تنقلب وتتسبب في مصرع من عليها، عقب المطاردة المسعورة.
هذا، وقد تمكن المتدخلون الأمنيون من استرجاع العربة "4X4"، بعد أن تخلى عنها المجرم الهارب على مقربة من غابة متوحشة، في أرض خلاء، يعرف حق المعرفة مسالكها وممراتها وتضاريسها الوعرة، التي اعتاد عليها بحكم نشاطه الإجرامي، وتهريبه المخدرات. وقد شنوا حملات تمشيطية واسعة النطاق في المنطقة، تواصل معها صيامهم بشكل مسترسل إلى غاية اليوم الموالي (اليوم الاثنين).
وتجدر الإشارة إلى أن المجرم المصفد اليدين والمكسر الرجلين، استفاد لسوء الحظ من التدخل الأمني الطارئ والفجائي. تدخل لن يتردد أي شرطي يحركه الضمير المهني وحس مكافحة الجريمة والمجرمين، في اعتماده والتحلي به في ظرفية كهذه، تقتضي النجاعة التي تكون رهينة بالسرعة والتلقائية.
ونحن نلج اليوم الاثنين، إلى مقر أمن الجديدة، أثار انتباهنا، على خلاف العادة، حالة غير معهودة من الكآبة والترقب على وجوه موظفي المصالح الأمنية. ولعل ما يشفع للأمنيين ال10 بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، عند رؤسائهم المباشرين والمركزيين، نزاهتهم وجديتهم واستقامتهم وتفانيهم في أداء الواجبين المهني والوطني، والتزامهم بأحكام قواعد السلوك الخاصة بموظفي الأمن الوطني. ما من شأنه أن يحفزهم على الرفع من عطاءاتهم ومردودياتهم، سيما أننا في فصل الصيف ... موسم الاصطياف الذي تتضاعف فيه ب3 مرات ساكنة عاصمة دكالة، وزوارها والسياح الوافدين عليها من داخل وخارج أرض الوطن.
ف"كما سقط المجرم مرة، فسيسقط حتما مرة ثانية"، بعد تحديد هويته وهويات شركائه. فالخطير أن ترتكب الجريمة، ولا يتم إيقاف الفاعل، أو على الأقل تحديد هويته. حيث يبقى حرا طليقا، بعيدا عن المساءلة والعقاب، يشكل تهديدا وخطرا محدقين على أمن وسلامة المواطنين.