باتت سلامة مستعملي الطريق من راجلين وسائقي العربات والدراجات، عرضة للخطر، وفي كف عفريت، جراء الفوضى والتسيب اللذين باتا يشوبان حركة السير والجولان، داخل المدار الحضري بالجديدة. ومرد ذلك ليس طبعا إلى تقاعس شرطة المرور والهيئة الحضرية، في أداء واجبها، وإنما إلى غياب علامات التشوير الطرقي والمدارات، أو كونها في وضعية مزرية، في العديد من شوارع وأحياء عاصمة دكالة، التي عرفت توسعا عمرانيا أخطبوطيا، ودخول حوالي 20 دوار إلى نفوذ مجالها الحضري. الأمر الذي واكبه ارتفاع أعداد العربات، وتقلص ملحوظ أو بالأحرى تراجع في الشبكة الطرقية، التي أصبحت ضيقة، تكتسحها الحفر والتصدعات. إذ لم تعد تليق حتى بقرية صغيرة.
ومن تجليات الفوضى التي تعم علامات التشوير الطرقي، الأضواء المنظمة للسير، والتي أضحت جلها معطلة في العديد من ملتقيات الشوارع والمحاور الطرقية، التي تعرف حركة مرور دءوبة، ليل-نهار. وضع أصبح مصدر قلق لساكنة الجديدة، ولمستعملي الطريق، ولم تعد تنفع معه الحلول الترقيعيية، التي تكمن في إصلاح "الفوروجات" المتآكلة والمتلاشية، والتي أضحى مكانها الطبيعي سوق الخردة، أو سوق "المتلاشيات"، أو إبرام صفقة تقضي ببيعها ب"الكيلو".
هذا، وأصبحت نقاط تلاقي بعض الشوارع في الجديدة، في ظل وجود أضواء معطلة، حلبات للصراع ولتبادل الكلام الساقط وعبارات السب والشتم، وللنزاع وتنازع أحقية وأسبقية المرور، بين سائقي مختلف أنواع العربات. ما بات يساهم بشكل متواصل في عرقلة حركات السير والجولان. عرقلة لم تعد تقتصر فقط على أوقات الذروة، ومع مواعيد دخول وخروج التلاميذ إلى المؤسسات التربوية، أو خلال المناسبات والعطل المدرسية والدينية.
ويلاحظ أن ثمة غيابا للمدارات في العديد من التجمعات السكنية والأحياء، والمحاور الطرقية الرئيسية، كما هو الشأن بالنسبة لملتقيات الشوارع التي تمر بمحاذاة مقهى "فيا إيطاليا". مدارات يتعين أن تكون شبيهة للمدارة المحدثة في شارع يزيد عرضه عن 20 مترا، فريد من نوعه في الجديدة، يمر بمحاذاة إقامتي سجدة في حي السعادة ... نسبة إلى المستثمر العقاري سجدة، رئيس المجلس البلدي للجديدة.
إن غياب علامات التشوير الطرقي، التي عرضنا عينة منها، وعدم صيانتها، وعدم إحداث بعض منها داخل المدار الحضري للجديدة، يعتبر بمثابة ضوء أخضر لخرق مقتضيات مدونة السير، ووقوع حوادث سير غير محسوبة العواقب، وتحميل عناصر شرطة المرور والهيئة الحضرية، التي تقوم عناصرها مقام الأضواء المعطلة أو المنعدمة، متاعب إضافية. ما يتنافى ودلالات التمثال الذي تم تشييده عند مدارة فرنسا، والذي يمجد ل"جوهرة الحياة"، باختياره شعار : "ولأن الحياة لا تقدر بثمن". إنه فعلا شعار جميل ورنان، لكنه ينم عن خطاب أجوف، مسخر للاستهلاك الإعلامي. شعار كذبه ويكذبه الواقع الكارثي للشبكة الطرقية، والوضع المزري لعلامات التشوير الطرقي في عاصمة دكالة. وعلى كل من يهمه الأمر أن يستطلع حقيقة الأمر في سجلات مصلحة حوادث السير بأمن الجديدة(SAC)، وفي مستودع حفظ الأموات بالمركز الاستشفائي الإقليمي، من خلال الوقوف على أعداد جثت ضحايا وقتلى حوادث السير(...).
قد يخيل لنا أحيانا أن بعض مسؤولينا "خارج التغطية"، غير ملمين بواقع مدينتهم، أو غير عابئين بما يجري على أرضها، وكأنهم يعيشون في كوكب غير كوكب الأرض، أو كأنهم يقيمون في "بفرلي هيلز"، ويسيرون شؤون البلاد والعباد، عبر الأقمار الاصطناعية.
فهل سيظل مسؤولون يتفرجون بسلبية على الوضع الكارثي لعلامات التشوير الطرقي، إلى أن تحدث الكارثة ... ؟!
أو لم يستوعبوا بعد "الدرس" من الخطاب الملكي الذي افتتح به جلالته الدورة التشريعية للبرلمان، شهر أكتوبر 2013 ؟!
وهل نحن في حاجة إلى زيارة ملكية، على غرار الزيارة الميمونة للدارالبيضاء، حتى يقوم مسؤولونا بتفعيل صلاحياتهم واختصاصاتهم، من أجل الرقي بجودة تدبير الشأن العام المحلي، وتحسين مستوى الخدمات العمومية، حتى تكون في مستوى التطلعات والانتظارات ؟!
أو لم يظهر بالمناسبة المركز الاستشفائي الإقليمي الجديد، الذي شيد ب400 مليون درهم، وبمواصفات دولية، والذي كان الجميع ينتظر أن يتفضل الملك محمد السادس بتدشينه، خلال زيارة جلالته الميمونة إلى معرض الفرس ... أو لم يظهر عجز مسؤولينا في انتشاله (المركز الاستشفائي)، من براثين سوق الجملة، الذي مافتئ يتخبط في مستنقعه، في ظل انتشار النفايات والجرذان والحشرات، التي تكتسحه ... ؟!