اعتمد أمن الجديدة، ابتداء من السبت 15 يونيو 2013، تجربة "نوعية"، بغاية ضمان المداومة أو استمرارية العمل في الدوائر الأمنية الخمسة، على امتداد 16 ساعة متتالية، ابتداء من الثامنة والنصف صباحا، وإلى غاية منتصف الليل، بتناوب مجموعتين أمنيتين : الأولى تشتغل من الثامنة والنصف صباحا، وإلى غاية الرابعة مساءا، والثانية من الرابعة مساءا، وإلى غاية منتصف الليل. يأتي بعدها دور مصلحة المداومة، الكائن مقرها بمحاذاة مركز المدينة، والتي تشتغل بصيغتها العادية أو التقليدية، انطلاقا من منتصف الليل، وإلى غاية الثامنة والنصف من صباح اليوم الموالي. وتؤمن الدوائر الأمنية الخمسة بالتناوب، مصلحة الديمومة الليلية.
وكان بالمناسبة العمل في المصلحة الديمومة، ينطلق من الرابعة مساءا، وإلى غاية الثامنة والنصف من صباح اليوم الموالي، بتناوب 3 مجموعات أمنية. كما أن 3 دوائر أمنية من أصل الدوائر الخمسة، كانت تؤمن مساء كل يوم، حملات تطهيرية اعتيادية في القطاعات الخمسة. وكما يلاحظ، فإن دائرتين تكونان معفيتين من الانخراط في تلك الحملات، وهي الدائرة التي تؤمن مهام مصلحة الديمومة، في اليوم ذاته، ناهيك عن الدائرة التي أمنت تلك المهام، خلال مساء اليوم السابق. أما العمل بالمداومة خلال المناسبات وأيام العطل، وكذا، عطلة نهاية الأسبوع، والتي تصادف يومي السبت والأحد، فكان ينطلق، حسب صيغة الاشتغال التقليدية، من الثامنة والنصف صباحا بتناوب الأفواج، ويستمر دون انقطاع إلى غاية الثامنة والنصف من صباح اليوم الموالي.
هذا، وجاء اعتماد نظام العمل "الجديد" في الدوائر التابعة للأمن العمومي، وفق استراتيجية محكمة، أرسى قواعدها وضوابطها، المراقب العام نورالدين السنوني، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة، خلال اجتماع أمني جمعه الجمعة الماضي، برئيس العميد المركزي، ورئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، ورئيس الهيئة الحضرية، ورئيس المصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة. ففريق العمل الأمني الممثل من مختلف مصالح أمن الجديدة، أعضاؤها متماسكون، من ذوي التجارب الميدانية المثمرة، التي راكموها خلال مسارهم المهني، وعلى رأسهم رئيس الأمن الإقليمي الذي كان شغل منصب مدير الاسعلامات العامة بالنيابة بالمديرية العامة. ما ساهم في الحد من تجليات الجريمة والانحراف، وتقليصها إلى أدنى معدلاتها ومؤشراتها. وهذا ما يستشف بالواضح والملموس بلغة الأرقام والإحصائيات، والمساطر القضائية "النوعية"، التي أحالت بموجبها الضابطة القضائية، متورطين في قضايا جنحية وجنائية، على النيابة العامة لدى محكمتي الدرجتين الأولى والثانية.
وأفاد مسؤول أمني رفيع المستوى أن تجربة العمل بالنظام الجديد التي اعتمدها أمن الجديدة، تعتبر نمطا متميزا وفريدا من نوعه في المغرب، دخل العمل به ابتداء من السبت الماضي، وأن تاريخ انتهاء العمل به غير محدد وغير معروف. وقد تستغرق هذه التجربة شهرا أو أكثر. واعتبرها ثمرة اجتهاد خاص، يطبع طرق عمل المصالح الأمنية، التي وصفها ب"غير جامدة". وعن دوافع إخراج نمط اشتغال واستمرارية عمل الدوائر الأمنية بشكل مسترسل، طيلة 16 ساعة دون انقطاع أو توقف، أفاد المسؤول الأمني أن موسم الاصطياف بات على ألأبواب، وأن ساكنة عاصمة دكالة تتضاعف مرتين أو 3 مرات خلال فصل الصيف. حيث يتقاطر على مدينة الجديدة الشاطئية، الزوار والسياح من مختلف جهات وأقاليم المغرب، وحتى من خارج أرض الوطن. ومن ثمة، فإن الحاجة إلى تأمين أمنهم والأمن لهم، واستتباب النظام العام، تزداد بشكل مضطرد على مدار ساعات اليوم، 24 ساعة/24 ساعة، و7 أيام/7 أيام. إذن فالضغط يزداد بشكل ملحوظ على مصلحة المداومة، وعلى الأمنيين العاملين لديها، في حال الإبقاء عليها خلال فصل الصيف، في صيغتها العادية أو التقليدية، سيما أن التدخلات الأمنية تعرف تصاعدا صاروخيا، رغم الدور الاستباقي الذي تلعبه مختلف المصالح الأمنية، والدوريات الراكبة والراجلة، للتصدي لما قد يعرفه الشارع العام من أفعال منافية للقانون والأخلاق.
وحسب المسؤول الأمني، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن تعميم تجربة أمن الجديدة، التي وصفها ب "القيادية"، على المصالح الخارجية للمديرية العامة للأمن الوطني (ولايات أمن وأمن إقليمي)، سيما في المدن العشرة الكبرى، طنجة وتطوان ووجدة وفاس ومكناس وسلا والرباط والدارالبيضاء ومراكش وأكادير. حيث يتعين أولا تقييم هذه التجربة "الرائدة"، ووضعها تحت المجهر، عند الانتهاء من العمل بها، للوقوف على إيجابياتها، وكذا، الإكراهات التي حالت دون تطبيقها على الوجه الأكمل، في مدينة متوسطة بحجم الجديدة، خاصة الإكراهات المرتبطة بالموارد البشرية والحصيص. وفي مرحلة لاحقة، ستطرح على شكل أفكار ومقترحات عملية على مديرية الأمن العمومي لدى الإدارة المركزية، والتي ستخرج، بعد دراسة مستفيضة، باستنتاجات وخلاصات، وتقرر ما إذا كان أمن الجديدة سيواصل العمل بنظام تجربته "القيادية"، من عدمه، وكذا، إمكانية ملاءمة هذه التجربة مع واقع جهات ومناطق أخرى في المغرب.
واستحضر المسؤول الأمني تجربة مماثلة، كان جرى اعتمادها في مدينة القنيطرة، خلال الفترة الممتد من سنة 2004، وإلى غاية سنة 2009، في عهد المسؤولين الأمنيين بادا والعلوي، قبل أن يتم التراجع عنها، واعتماد نظام العمل بمصلحتين للمداومة في آن واحد. ونظام العمل هذا (العمل بمصلحتين للديمومة)، لا يمكن تطبيقه في الجديدة، نظرا لكونها مدينة متوسطة، والإكراهات الأمنية فيها، باستثناء فصل الصيف، جد محدودة، مقارنة مع المدن العشرة الكبرى في المغرب، حسب تصنيف ديموغرافي.
هذا، وأبدت بالمناسبة مصالح الأمن العمومي بأمن الجديدة، التي يشرف عليها العميد حسن خايا، الرئيس السابق للمصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة، والذي راكم تجربة رائدة ومثمرة خلال مساره المهني المتألق، (أبدت) نجاعة في مكافحة الجريمة. حيث أنجزت خلال الفترة الممتدة من 16 ماي 2012، وإلى غاية 16 ماي من السنة الجارية، 3744 ملفا، أحيل عليها من النيابة العامة. وأنجزت كذلك 7667 قضية مباشرة. وأوقفت 237 شخصا مبحوثا عنه. وأنجزت 685 قضية تتعلق بحيازة واستهلاك المخدرات، و1947 قضية تلبس بالجرم أو السرقة.
وكان اجتماع الفريق الأمني المتناسق، الذي جرت أشغاله الجمعة الماضي بمقر أمن الجديدة، مناسبة طرح خلالها محمد قطري، رئيس الهيئة الحضرية، مخطط عمل المصالح التابعة له، على بعد بضعة أيام من حلول موسم الاصطياف. حيث يتم تأمين حركات السير والجولان في مدارات المدينة، على مدار ساعات اليوم، مع تكثيف الدوريات الراكبة والراجلة في القطاعات الخمسة، وكذا، عناصر فرقة الخيالة، التي اتسع مدار تدخلاتها الترابية والأمنية، وأصبح يغطي 100 في المائة الدواوير المتاخمة للمدينة والمترامية الأطراف، ذات المسالك الصعبة، والتي لم تكن تلجها من قبل الدوريات الراكبة. وتجدر الإشارة إلى أن شارع محمد السادس، الممتد على طول زهاء كيلومترين، أصبح ابتداء من السبت الماضي، ذي اتجاه وحيد، بغاية الحد من الضغط الحاصل في حركة وسيولة مرور العربات. وقد تم ذلك إثر قرار استصدره رئيس الأمن الإقليمي، من المجلس الجماعي للجديدة.