كشف المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالجديدة، في اتصال هاتفي أجرته معه الجريدة في موضوع المستحقات المترتبة عن استهلاك الماء والكهرباء، التي مازالت بذمة المديرية الإقليمية، أن اتفاقية الشراكة التي يتم بموجبها تسديد مستحقات الاستهلاك على شكل سيمات (vignettes)، لفائدة الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بالجديدة (لاراديج)، قد أصبحت جاهزة منذ الاثنين 22 غشت 2016، بعد استيفائها جميع المراحل، والتوقيع عليها من قبل جميع المتدخلين، وأنه سيتم تفعيلها ابتداء من الاثنين 29 غشت 2016، بتأدية للمستحقات المتأخرة. وحسب مسؤول رفيع المستوى من (لاراديج)، فإن المديرية الإقليمية للتعليم تدين للوكالة المستقلة ب387 مليون سنتيم، مستحقات مترتبة عن استهلاك الماء والكهرباء، منها 151 مليون سنتيم عن الجولة الرابعة من سنة 2015، و236 مليون سنتيم عن الجولتين الأولى والثانية من سنة 2016. هذا، واضطرت الوكالة المستقلة، الثلاثاء 9 غشت 2016، لقطع التيار الكهربائي، دون الماء، عن مقر مديرية التعليم بالجديدة. وهو إجراء عملي اتخذته، بعد أن وجهت عدة إشعارات وإنذارات إلى المسؤولين بالمديرية، الذين ظلوا يتماطلون في أداء المستحقات، ويتذرعون بأعذار من قبيل "الميزانية.."، حسب تصريحات المسؤول ذاته. وجراء "تدخلات"، تراجعت الوكالة المستقلة عن قرارها القاضي بقطع التيار الكهربائي عن بناية المديرية، خلال اليوم ذاته، بساعات قليلة عن تنفيذه. حيث أمهلت المديرية 15 يوما، لتسوية وضعيتها المالية إزاء الوكالة المستقلة، بأداء المستحقات التي تهم نسبة 85 في المائة منها، استهلاك الماء والكهرباء، في مقر مديرية التعليم، والمصالح الإدارية والتربوية الداخلية والخارجية، والمؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها (التعليم الابتدائي، والتعليم الثانوي–الإعدادي، والتعليم الثانوي–التأهيلي ..)، الكائنة بنفوذها الترابي. وعمدت (لاراديج) التي يوجد حاليا مديرها في إجازته السنوية، الخميس 25 غشت 2016، بعد انقضاء الأجل المحدد (15 يوما)، إلى قطع الكهرباء والماء "معا" عن مقر المديرية الإقليمية، وذلك تزامنا مع استئناف رؤساء المصالح الإدارية عملهم، تحضيرا للدخول المدرسي 2016 – 2017، الذي بات على الأبواب. وبعد "تدخلات"، تراجعت (لاراديج) ثانية عن قرارها القاضي بقطع مادتي الماء والكهرباء عن المديرية. وبالرجوع إلى مستحقات الاستهلاك المتأخرة، فقد همت على التوالي الجولة الرابعة من سنة 2015، والجولتين الأولى والثانية من سنة 2016. وهما فترتان تعاقب خلالهما مسؤولان على النيابة الإقليمية للتعليم بالجديدة (المديرية الإقليمية)، أولهما، محمد الحجاوي، النائب الإقليمي بسيدي بنور، الذي شغل مؤقتا نائبا ب"النيابة" (par intérim) على رأس النيابة الإقليمية للجديدة، من فاتح يناير 2015، وإلى غاية نهاية شهر يناير 2016؛ وثانيهما، عبد العزيز بوحنش، الذي عينته الوزارة الوصية رسميا، شهر فبراير 2016، على رأس المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالجديدة، مباشرة بعد أن أصبحت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة دكالة–عبدة المنحلة، خاضعة، جراء تفعيل الجهوية المتقدمة في قطاع التعليم، لأكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، طبقا للظهير الشريف رقم: 1.16.04، الصادر في 26 يناير 2016، بتنفيذ القانون رقم: 71.15، المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 07.00، القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وبالمناسبة، فإن الوزارة الوصية كانت اتخذت جميع الإجراءات والتدابير العملية، الإدارية والقانونية والمسطرية، لإنجاح الانتقال (la transition)، عقب تفعيل الجهوية المتقدمة في القطاع، طبقا للمرسوم الوزاري الذي دخل حيز التنفيذ، مباشرة بعد صدوره في الجريدة الرسمية عدد: 6437، بتاريخ: 08 فبراير 2016. وتجدر الإشارة إلى أنه في غياب عمليات حصر العدادات، ومراقبة استهلاك الماء والكهرباء داخل المؤسسات التعليمية بإقليم الجديدة، وهي العمليات التي من المفترض والمفروض أن يقوم بها مديرو ومقتصدو المؤسسات التربوية بالإقليم، وذلك، بمقارنة عملية ودقيقة، وبشكل دوري ومنتظم، نهاية كل شهر أو جولة (3 أشهر) من الجولات الأربعة، لفاتورات وفترات الاستهلاك، وتوثيقها في سجلات إدارية خاصة، وكذا، في غياب صيانة شبكة الربط بالماء (la plomberie)، فإن بعض العدادات تسجل ارتفاعا في استهلاك هاتين المادتين الحيويتين، المكلفتين لميزانيتي الاستثمار والاستغلال، الخاصتين بأكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، والمديرية الإقليمية بالجديدة. وبالمناسبة، فإن (لاراديج) قد أبدت للجريدة عزمها على القيام بصيانة شبكة الربط داخل المؤسسات التعليمية، على أن يتم ذلك في إطار شراكة، تعمد إلى إبرامها إبرامها مع مديرية التعليم بالجديدة. وحسب مصدر مطلع، فإن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، والثانوية–التأهيلية التقنية "الرازي"، يسجلان أعلى مستويات استهلاك الماء والكهرباء. ما يحتم تقصي حقيقة السبب أو الأسباب التي تكمن وراء ذلك، من أجل إعادة عقارب عدادي الماء والكهرباء إلى مستويات معقولة. ويمكن كذلك تفسير الارتفاع الحاصل أحيانا في فاتورات الاستهلاك، بكون أطر إدارية وتربوية يزودون، حسب مصدر جيد الاطلاع، بطرق "خاصة"، سكنياتهم الوظيفية التي يستفيدون منها، بالماء والكهرباء، رغم كونها (السكنيات الوظيفية) تتوفر على عدادات، حصلوا عليها جراء إبرامهم، باعتبارهم أشخاصا ذاتيين، عقود اشتراك "شخصية" مع الوكالة المستقلة (لاراديج). كما أن الإدارة المركزية لوزارة التربية الوطنية تعمد، صيف كل سنة، وفي خرق لاستقلالية التدبير التي نص عليها للقانون المحدث للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى منح جمعيات التخييم التابعة لوزارة الشبيبة والرياضة، وجمعيات الأعمال الاجتماعية التابعة لأسرة التعليم، تراخيص باستغلال فضاءات مؤسسات تربوية، خاضعة لنفوذ المديرية الإقليمية بالجديدة، لتنظيم عمليات التخييم الصيفي. وتستغل بعض جمعيات التخييم بشكل "مفرط" و"غير معقلن"، مادتي الماء والكهرباء اللتين تستفيد منهما بالمجان. ناهيك عما تتسبب فيه من أضرار وفوضى تلحق، رغم تعهدات المستفيدين، بالممتلكات والتجهيزات المدرسية. وفي إطار ترشيد النفقات وتخليق الحياة العامة في مرفق التربية الوطنية، كانت مصالح قسم الشؤون المالية بأكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، تقوم، حسب مسؤول رفيع المستوى (سابق)، بعمليات مراقبة دورية ومنتظمة لاستهلاك الماء والكهرباء داخل المؤسسات التربوية، والسكنيات الوظيفية التي يشغلها أطر تربوية وإدارية. وهي العمليات التي تم التراجع عنها، لكونها كانت تثير، على غرار مراقبة استهلاك سيارات الخدمة للوقود، حساسيات بعض نواب الوزارة الذين تعاقبوا على نيابة التعليم بالجديدة. والمثير حقا للغرابة والجدل كون مستحقات الاستهلاك المترتبة على الجمعيات، خلال فترة التخييم الصيفية، عن الجولة الثالثة (3 أشهر)، كان يتم تحويل أداء فاتوراتها "المنتفخة"، على حساب أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، من ميزانية الاستغلال.. وإلا فكيف يمكن لوزارة التربية الوطنية تفسير فاتورات الاستهلاك عن الجولة الثالثة (أشهر يوليوز وغشت وشتنبر)، والتي تكون، مقارنة مع باقي الجولات الثلاثة، جد مرتفعة، رغم كون هذه الفترة من السنة، تصادف فصل الصيف، الذي يكون فيه على التوالي تلاميذ المؤسسات التعليمية وأطرها التربوية والإدارية، في عطلتهم الصيفية، وإجازتهم السنوية. وتندرج بالمناسبة عمليات التخييم الصيفي لفائدة جمعيات الشبيبة والرياضة، في إطار اتفاقية شراكة، عنوانها "الصيف للجميع"، كان حبيب المالكي، وزير التربية الوطنية (عن حزب الاتحاد الاشتراكي)، أبرمها، منذ أزيد من عقد، مع محمد الݣحص، وزير الشبيبة والرياضة (عن حزب الاتحاد الاشتراكي). ومن جهة أخرى، فإن الجمعيات التابعة لأسرة التعليم، تستفيد من عمليات التخييم، في ظروف "غير مشرفة"، داخل حجرات للتدريس والتحصيل في المؤسسات التربوية بالجديدة. إذ يخال المرء أن الأمر يتعلق ب"لاجئين".. علما أن المستفيدين ينتسبون إلى مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، التي من المفترض والمفروض أن تشيد، على غرار قطاعات عمومية وخاصة في ربوع المملكة، بنايات للتخيم والاصطياف، بمواصفات عصرية، تكون بحجم الاقتطاعات المالية "الضخمة" من أجور الشغيلة التعليمية، وفي مستوى الاعتبار الذاتي والمعنوي لنساء ورجال التعليم. هذا، ولوضع المسؤولين في الحكومة، وفي وزارة التربية الوطنية، في الصورة، وفي صلب إشكالية "التبذير"، أو التدبير "غير المعقلن" للنفقات، وللميزانيات الحكومية، ولميزانيات الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية (المديريات الإقليمية)، تضع الجريدة بين أيدي الوزير رشيد بلمختار، ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، لكل غاية مفيدة، فاتورات "محرجة"، تخص استهلاك مادتي الكهرباء والماء اللتين استفادت منهما جمعيات تابعة للشبيبة والرياضة (حوالي 40 جمعية)، وجمعيات تابعة للأعمال الاجتماعية لأسرة التعليم (أكثر بقليل من 10 جمعيات)، خلال الفترة الصيفية، فترة التخييم من 8 يوليوز، وإلى غاية 28 غشت 2015، في فضاءات 61 مؤسسة تعليمية في مراكز شاطئية (مدينتي الجديدة وأزمور وجماعتي مولاي عبد الله وسيدي عابد). فالفاتورة الأولى، وتهم استهلاك الكهرباء الذي بلغت قيمته: 433204.00 درهم، عن الجولة الثالثة من سنة 2015 (الفترة الصيفية)، والفاتورة الثانية، وتهم استهلاك الماء الذي بلغت قيمته: 795337.00 درهم، عن الجولة الثالثة من سنة 2015 (الفترة الصيفية). وقد بلغت الفاتورة التي أدتها نيابة التعليم بالجديدة عن استهلاك الكهرباء والماء معا، المترتب عن الجولة الثالثة (الفترة الصيفية من سنة 2015)، ما مجموعه: 1228541.00 درهم. وهي أضخم مستحقات مترتبة عن استهلاك الكهرباء والماء، ضمن الجولات الأربعة، برسم سنة 2015، أدتها نيابة التعليم بالجديدة، من ميزانية الاستغلال. وهي اعتمادات مالية "ضخمة"، كان حريا أن تحول إلى خانة بعض الإصلاحات والتأهيلات الأساسية، التي قد تستفيد منها البنيات والبنايات التربوية. والجدير بالذكر أن ثمة من موظفي وزارة التربية الوطنية، من يحتلون منذ سنين، السكنيات الوظيفية بالجديدة والإقليم، ويستغلون الماء والكهرباء بشكل "مفرط" و"غير معقلن"، علما أن ضمنهم من يتوفرون على سكنيات خاصة (شخصية)، "فيلات" فاخرة، قيمتها تقدر بملايين الدراهم. وقد عمد بعضهم إلى تجهيز السكنيات الوظيفية على حساب ممتلكات "خاصة"، ومنهم من يفوتونها لأقربائهم ومعارفهم. هذا، فإن ثمة ورش إصلاح آني، لن يكون باستطاعة المدير الإقليمي للتعليم بالجديدة تفعيله، إلا من خلال حرب "حاسمة" يخوضها باستماتة وبلا هوادة، سيما في ظل وجود بعض جيوب المقاومة.. على السكنيات الوظيفية التي يحتلها أو يستغلها دون وجه حق، أطر إدارية وتربوية، وكذا، الاستفادة "بطرق خاصة" أو "غير المعقلنة"، أو "هما معا"، من مادتي الماء والكهرباء. إن هذا الملف الشائك، المتداخل والمتوارث، ملف السكنيات الوظيفية واستهلاك الماء والكهرباء، قد عمر طويلا، بعد أن عجز نواب الوزارة المتعاقبون، عن حله أو حتى الاقتراب من منطقته المكهربة. ما جعل المثل القائل: "كم من حاجة قضيناها، بتركها"، ينطبق على هذا الملف/الإرث الثقيل. إن ورش الإصلاح يجب أن ينطلق، من أجل مصداقيته ونجاعته، من "قلب الدار"، وفي مواجهة مسؤولين ملقى على عاتقهم تدبير الشأن التعليمي، من المفترض والمفروض أن ينحازوا عن طواعية إلى المصلحة العامة، وأن ينخرطوا بتلقائية في هذا الورش الكبير، الذي يروم ترشيد النفقات العمومية، وتخليق الحياة العامة، والقطع مع بعض ممارسات الماضي.. حتى يكون هؤلاء المسؤولون مثالا يحتدا به، وقدوة لغيرهم، ولمن هم دونهم مناصبا ونفوذا. إن مصداقية ورش الإصلاح هذا، الذي يدخل أصلا في إطار مسؤوليات المدير الإقليمي للتعليم بالجديدة، واختصاصاته وصلاحياته الإدارية والقانونية، ستجعل من الشعارات التي يرفعها، ذات مصداقية على أرض الواقع، وليس مجرد خطابات فضفاضة وجوفاء، تفرضها المرحلة والظرفية، ويتم تسخيرها للاستهلاك الإعلامي، على صفحات "الفايسبوك" ومواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تلميع صورة المسؤول.