ووري الثرى، اليوم الخميس، بعد صلاة الظهر، بمقبرة سيدي امحمد الشلح بسيدي بوزيد ، جثمان الحاجة فاطمة لعويسي التي وافتها المنية مساء أمس الأربعاء عن سن يناهز 71 سنة . الحاجة فاطمة العويسي رأت النور بحي القلعة التاريخي بالجديدة اواخر شهر أبريل من سنة 1951.. الحاجة فاطمة اسم معروف لدى الأوساط الرياضية الوطنية والدولية نظرا إلى عشقها الكبير للدفاع الحسني الجديدي وللرياضة الوطنية، ولعل حضورها ومساندتها للدفاع الحسني الجديدي والمنتخب الوطني وكل الأندية الوطنية عندما تكون مشاركة في الاستحقاقات الدولية، والتي تسعد بنتائجهم الإيجابية وتحزن في حالة اخفاقهم إذ يحكي أحد المقربين منها بأنها لا تذوق طعم النوم عندما ينهزم الدفاع الحسني الجديدي أو المنتخب الوطني بل الأكثر من هذا أنها أصيبت في العديد من المناسبات بتوعكات صحية في حالة الإخفاق وتغيب عن الأنظار لمدة طويلة إذ تلازم الفراش.. الحاجة فاطمة لعويسي هي أول امرأة مغربية قررت اقتحام المدرجات. ضحت بالغالي والنفيس من أجل مرافقة فريق الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم – المتيمة به- إلى كل مكان. فقد قررت وهي شابة صغيرة أن تغادر بيتها في حي القلعة وسط مدينة الجديدة، وترافق مجموعة من المشجعين إلى ملعب فيليب بالدار البيضاء، من أجل مساندة الدفاع الجديدي في مباراة السد ضد اليوسفية الرباطية لموسم 1965 /1966، بحثا عن تأشيرة الصعود إلى الدرجة الأولى. اقتحامها ملعب "فيليب" بدا أمر غريبا من خلال نظرات الحاضرين وتساؤلاتهم الصامتة. بل أكثر من ذلك اقتحمت أرضية الملعب بعد انتهاء اللقاء وتحقيق فريق مدينتها الصعود إلى درجة الكبار، غير مبالية بالقيل والقال. وحين عادت فاطمة إلى بيتها مساء، عاقبها والدها أشد عقاب. لكنها تحملت العتاب منتشية بصعود الفريق الدكالي إلى الدرجة الأولى. منذ ذلك التاريخ ظلت فاطمة حاضرة بقوة في المدرجات، بأعلى صوتها بين الذكور، لم تتخلف عن أي موعد لمباريات الدفاع الجديدي. بل إنها لم تتردد في حضور مباريات الفئات الصغرى والفريق النسوي للمدينة الذي كانت تتحمل في مكتبه مهمة نائبة الرئيس.
جل حياة فاطمة لعويسي خصصتها لفريقها ورحلاته من دون أن تلتفت إلى وضعيتها الاجتماعية، بل إنها ضحت بعملها بالمستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة في سبيل فارس دكالة. إلى حد أنها لا تذوق طعم النوم عندما ينهزم الدفاع الحسني الجديدي. بل الأكثر من هذا أنها أصيبت في العديد من المناسبات بوعكات صحية في حالة خسارة فريقها وتغيبت عن الأنظار لمدة طويلة إذ تلازم الفراش. وكم مرة باعت حليها ووزعت ثمنها على أنصار ومحبي الدفاع الحسني الجديدي عندما يجدون صعوبة في أداء ثمن تذكرة العودة لمدينة الجديدة بعد نهاية مقابلات الفريق خارج قواعده. ومن خصال الحاجة لعويسي أنها دائمة الحرص على قضاء اللاعبين الأفارقة في صفوف الفريق الدكالي لأيام الأعياد الدينية بمنزلها وخاصة عيد الأضحى. إذ لا يهدأ لها بال إلا إذا رأتهم يعيشون طقوس العيد رفقة أسرتها. في كل مباراة، توزع الحاجة فاطمة لعويسي، ملتحفة بلباسها المرصع بشعار فارس دكالة، الابتسامات والتحايا على مشجعي الدفاع الحسني الجديدي وضيوفه، وتوزع الحلويات على المتفرجين. كما توزع لحظات الفرح عبر زغاريدها عندما ينتصر الفريق، وتواسي الجمهور واللاعبين والمسيرين عند الإخفاق. وفي الوقت الذي سُدت في وجهها جميع الأبواب، وخاصة أنها صرفت كل ما كان بحوزتها في التنقل للملاعب الرياضية الوطنية، أنعم عليها الملك محمد السادس برخصة للنقل. التفاتة ملكية ثمينة ولاسيما أنها كانت تعاني من ضائقة مادية صعبة بالإضافة إلى المرض الذي ألزمها عدة مرات الفراش. الحاجة فاطمة لعويسي تتمنى أن تشاهد في حياتها الدفاع الحسني الجديدي -الذي تعشقه حتى النخاع – يفوز بلقب البطولة بعدما فاز لأول مرة في مسيرته بكأس العرش للموسم الرياضي 2012-2013. لأنه في نظرها من بين الأندية القوية بحكم أنه يعد خزانا للاعبين المتميزين أمثال الصمام ومحمد المعروفي والشريف وبابا وأمان الله وروح السلام ومصطفى يغشى ورضا الرياحي وحدراف وقرناص وحمزة الدرعي واللائحة طويلة. هكذا أنذرت الحاجة فاطمة حياتها للنادي مشجعة، محبة تحمل الدفاع الحسني الجديدي في القلب تناقش أحواله في الأماكن الجميلة في الجديدة التي تستحم بطلعتها .... القلعة - الملاح - الشاطئ - ملعب العبدي ....و بل عاشت في منزلها الذي حولته الى فضاء تؤثثه محطات في تاريخ النادي ...صور ...ذكريات. .. وداعا الحاجة فاطمة لعويسي ...ستالين راسة في وجدان وذاكرة الجديدين .. ولن نقول الا ما يرضي ربنا ...انا للله وانا لله راجعون ..