قرأت قبل سنوات قليلة (لا أتذكر السنة بالضبط) بلاغا لندوة رؤساء الجامعات بفرنسا يعبرون فيه عن قلقهم ورفضهم لسياسة وتوجهات وزير التعليم آنذاك. وقرأت مؤخرا أن رئيس جامعة بباريس فتح تحقيقا مباشرة بعد أن توصل في يوليوز 2019 بأخبار حول دكتوراه في القانون تحوم حولها شكوك (سرقة علمية).. وقد تمّ تجريد صاحبها من درجة دكتوراه في القانون، بعد ثبوت تورطه في السرقة العلمية. من يقرأ الخبرين المشار إليهما أعلاه، لابد أن يستحضر حال رؤساء الجامعات بالمغرب ويتساءل: هل باستطاعتهم أن يصدروا بلاغا يعبرون فيه عن قلقهم ورفضهم لسياسة السيد أمزازي وتوجهاته؟ هل يمكن لرئيس جامعة مغربية بعد توصله بأخبار حول أطروحة دكتوراه تحوم حولها شكوك أن يفتح تحقيقا؟ وفِي حالة ما إذا فتح تحقيقا وثبت أن الأستاذ صاحب الأطروحة متورط في السرقة العلمية، أو في حصوله على الأطروحة دون أن يستحقها (مقابل المال أو مقابل مصلحة ما)، هل يمكن تجريد الأستاذ من درجة الدكتوراه؟ جوابا على السؤال الأول، لا ينتطح عنزان في القول بأن رؤساء الجامعات المغربية لا حول لهم ولا قوة أمام حضرة الوزير.. هم مستخدمون عند سعادته ولا أحد فيهم يستطيع التعبير حتى شفويا عن عدم اتفاقه مع رأي السيد الوزير، فما بالك إصدار بلاغ ضد سياسته وتوجهاته.. رؤساء جامعاتنا ينفذون تعليمات السيد الوزير في الليل قبل النهار، لأنهم متشبثين بالكرسي أيّما تشبث ويعرفون أن الإقالة تهددهم/ن في أي لحظة، وأن مستقبلهم/ن الإداري بين يديه.. لذلك تطالب النقابة الوطنية للتعليم العالي بانتخاب رؤساء الجامعات. بالنسبة للسؤال الثاني، يطول الحديث هنا حول موضوع السرقة العلمية والدكاترة المزيفين والأطروحات المغشوشة وتواطؤ الجميع في فساد البحث العلمي، سواء بالمساهمة والمشاركة أو بالسكوت. دعونا نُذَكّر اليوم فقط، أن العديد من رؤساء الجامعات توصلوا بملفات (وليس أخباراً) تتضمن حججا وبراهن تثبت أن الأستاذ الفلاني التجأ إلى السرقة العلمية لمناقشة أطروحة الدكتوراه، دون أن يحركوا ساكنا. ولنا في ذلك العديد من الأمثلة التي تناولتها مختلف المنابر الإعلامية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: 1- بمكناس، عميد كلية متهم بسرقة أطروحة؛ 2- بالرباط، الوزيرة المتهمة بتزوير سيرتها الذاتية التي قدمت لشغل هذا المنصب، متهمة بحصولها على شهادة الدكتوراه بجامعة محمد الخامس في ظروف مشبوهة؛ 3- بمراكش، وفي أول سابقة في تاريخ الجامعة المغربية، باحث يراسل وزير التربية الوطنية ورؤساء جامعات وعمداء من أجل فتح تحقيق حول سرقة علمية تهم أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بكلية الآداب؛ 4- بالدار البيضاء، فضيحة بجلاجل سنعود إليها بالتفصيل لاحقاً... أكثر من هذا، اليوم نسمع أن بعض رؤساء الجامعات عِوَض أن يتحملوا مسؤوليتهم ويعملوا على احترام القانون والتقيّد بمقتضياته وبالمساطر الجاري بها العمل، دفاعاً عن مصداقية الشواهد العلمية وسمعة البحث العلمي، أصبحوا متواطئين... في الأخير، ها نحن نرفع صوتنا عالياً وندق ناقوس الخطر مرة أخرى، موجهين نداءً للأساتذة الباحثين ولكل الضمائر الحية بالتعليم العالي من أجل مواجهة آفة السرقة العلمية والدكتوراه بالمقابل والأطروحات المغشوشة، ونجدد تشبثنا بمبدأ انتخاب رؤساء الجامعات وضرورة التعجيل بتعديل القانون 00-01، سيما المادة 15 منه.