على إطلالة جنوبية من مدينة الجديدة صوب اقليمالحوز، تقبع زاوية القواسم من سلالة الشريف الإدريسي، تم تأسيسها كزاوية دينية على يد الشيخ سيدي قاسم بن علي الذي كان يعيش بقرية أوزكيطة جنوبمراكش، و الذي دفن بدرعة. كان للشيخ أربعة أولاد، هم، سيدي عثمان وتنتسب منه قبيلة بني هلال، وسيدي بوبكر و سيدي بوشربيل، وسيدي احمد الذي دفن في الزاوية رفقة العدد من الشيوخ الذين جمعوا بين الجهاد العلمي و الجهاد ضد المستعمر البرتغالي، مثل سيدي بوعبدلي واحمد المجاهد وسيدي ابراهيم الذي أسس زاوية مولاي الطاهر القاسمي. توفي الشيخ سنة 1094 ولكن لازالت زاويته على حالها باستثناء تغيرات عشوائية في البنية العمرانية التي أدخلها المعمر الفرنسي بعد ذلك. إن هذا التاريخ الديني و السياسي الذي حظيت به المنطقة، يمنحها هوية متجذرة يمكن على أساسها الحديث عن منطقة مؤهلة في البنية و المجال. ارتبطت زاوية الشيخ المجاهد كسائر الزوايا التي يذكرها التاريخ المغربي، بالكرم و الضيافة وتجذر ذلك في بنيتها الثقافية كعادة للسكان و الزوار، حيث لعبت دور المركز الذي يستقر فيه المسافرون في اتجاه اقليمالحوز، ومما لاشك فيه أن هذا الارتباط لا زال مستمرا حتى في أذهان سكان الزاوية، و الاعتبار الذي أدخله المد الاقتصادي أن الماضين من زاويتهم سبيل لكسب قوت العيش، وإغناء تجارتهم التي في الغالب ارتبطت بالأكل المحلي .لكن هل شكل هذا التواجد التاريخي بوصلة لتنمية المنطقة؟ في الحقيقة تفتقد المنطقة اليوم لمقومات بنية تحتية ملائمة وتفتقد مخططاتها لنظرة تدبيرية في أفق يؤهلها إلى مكانة جاراتها، اللواتي حظين باسم مدن وبنية تأهيلية لا بأس بها حسب الحسابات التاريخية، وذلك يسائل استراتيجيات التخطيط المهيكل للمنطقة على مستوى البنية الاقتصادية خاصة في ظل جود طريق السيار الذي بات يغني الكثير من المسافرين عن المرور من المنطقة، و بالتالي فالسبيل للتحقيق الدخل لذى سكان المنطقة أصبح مهددا، ففي الوقت التي أصبحنا نتحدث عن مخططات بعيدة المدى لتنمية المناطق القروية عبر ربطها بأنوية حضرية، تفتقد المنطقة لأبسط مقومات البنية الثقافية لتأطير ساكنتها، باستثناء دار شباب من مترين ينازع فيها أبناء المنطقة الأمل في تغير يناسب تطلعاته. إن الوعي هو السبيل للتنمية هو السبيل للتغيرالإيجابي و الإشراك، هو السبيل للحديث عن خطابات الحكامة و اللامركزية والتدبير العقلاني، لكن الوعي يحتاج لمقومات ثقافية أولا، تحتضن قدرات أبناء المنطقة التي يقتلها الزمن في المقاهي، التي باتت سبيل للاستثمار الناجح، وهو في الحقيقة تحصيل حاصل لمدخلات ومخرجات التخطيط المعطوب. إن مكمن الخلل واضح وجلي، أمام السائل عن سبيل الإصلاح والتنمية، إنه الوعي سيدي وتنمية قدرات أبناء المنطقة، ودعمهم وهيكلة تصوراتهم وطموحاتهم الفكرية، ولابد من استحضار التدبير الحكماتي، الذي نص عليه الدستور في ضرورة استحضار تدبير أّفقي وإشراك الفاعل المحلي في وضع المخططات، واستحضار الحد الأدنى من العقلانية في منطلقات الفعل والتنمية حتى لا تخيب كما خابت على مر هذا الزمن، والابتعاد عن الحسابات الضيقة التي تحكمت فيها الكائنات السياسية، بين من يلج القرار و بين المعارض ، فالإصلاح ينطلق بالتنمية و الثقافة و الوعي قبل كل شيء وهي أسس البناء الحقيقية .