بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 دجنبر من كل سنة نظم مختبر "الدراسات الإسلامية و التنمية و المجتمعية" بكلية الآداب و العلوم الانسانية بالجديدة بشراكة مع "الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع الجديدة " و بتعاون مع "الجمعية الأكاديمية للأبحاث و المؤتمرات" يوما دراسيا في موضوع "اللغة العربية: الانبعاث المأمول" يوم أمس الثلاثاء 18 دجنبر 2018 على الساعة التاسعة صباحا بقاعة "عبد الكبير الخطيبي" بالكلية. استهل مدير المختبر الأستاذ الدكتور "نور الدين لحلو" كلمته الافتتاحية مرحبا بالحضور و بالأخص الشباب الذي اعتبره ممثل المستقبل في بناء المغرب و الحفاظ على هويته، ومرحبا و منوها بضيف اليوم الدراسي الدبلوماسي المغربي الدكتور "رشيد لحلو" مذكرا بجهوداته التاريخية التي جعلت اللغة العربية لغة رسمية في هيأة الأممالمتحدة حيث ارتقى باللغة العربية إلى لغة دولية سادسة تستعمل في جميع هيئات منظومة الأممالمتحدة. كما أكد مدير المختبر على أن رسالة المختبر و الأساتذة في التعريف بالقضايا الحقيقية للأمة المغربية و العربية الاسلامية،و أن المختبر انتقل نقلة نوعية في الاهتمام والتأطير في مثل هذه القضايا الحيوية المهمة للأمة، معتبرا اللغة العربية قضية الأمة قاطبة. و أن الاهتمام بالطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه خاصة يجد صداه من خلال أنشطة المختبر. ثم تقدم بعده رئيس فرع الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بالجديدة الأستاذ "محمد السهلي" ليتناول الكلمة مستعرضا فيها مجموعة من التساؤلات تهم قضية اللغة العربية و وضعها الغريب في المجتمعات العربية و في ارتباطها بالوجود الحضاري للأمة و الحساسية التي تمثلها و الحالة التي تعنيها متطلعا الى مستقبل زاهر تسترجع فيه اللغة مكانتها. و بدوره افتتح الدكتور "رشيد لحلو"، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية ، مداخلته بالحديث عن أطوار ترسيم اللغة العربية منبها على أن المغفور له جلالة الملك الراحل "محمد الخامس" رحمه الله هو أول من تحدث باللغة العربية في هيأة الأممالمتحدة، ثم بدأ يسترسل في ذكر تفصيل هذا الترسيم . كما أشار إلى إبراز ارتباط الهوية باللغة باعتبارها الدرع الواقي للأمة قائلا: "المجتمع المدرك لهويته الدينية و اللغوية الحضارية يستطيع مواجهة التحديات التي تعترضه لاسترجاع موقعه في الساحة الدولية، و التنافس المعرفي بواسطة اللغة في ظل العولمة التي تهدف الى ضرب الاستقلال الثقافي و فرض لغات محورية" و الهدف من ذلك يضيف الدكتور قائلا: "ّفرض نموذج حضاري كوني يلغي الموروث الثقافي و اللغوي مما يؤدي الى التهميش و الإلغاء". و أشار الدكتور "رشيد لحلو" أيضا على عدم المساومة في الهوية و اللغة مؤكدا على صيانة الهوية بالاعتماد على الجذور الثقافية و تحقيق التقدم بلغتنا و أن المستقبل يقوم على التفاهم بدل التنازع. وكما بين أن سبب الوضع المقلق للغة العربية ينطلق من الداخل، و أن تحصينها يمثل مطلبا وطنيا ملحا،مع ضرورة وضع استراتيجيات للتعامل مع اللغة العربية و اللغات الأجنبية. و في مداخلة علمية أخرى تطرق الأستاذ بكلية العلوم بالجديدة الدكتور "ادريس زكرياء" الى موضوع "تدريس العلوم بغير اللغة الأم (اللغة العربية) الصعوبات و الاشكاليات" ليتساءل عن الهدف من تدريس العلوم هل هو إيصال المعلومة أم إتقان اللغة الأجنبية؟ " وهل اللغة الأجنبية هي الحل الأمثل لتدريس المواد العلوم في بلدنا؟ واقترح كحل للنهوض باللغة الأم ومواكبة التعليم العالي الاعتماد على التوجيه نحو التكوينات التقنية و العلمية باللغة العربية لتجاوز الصعوبات التي تعاني منها المنظومة التعليمية ككل و على رأسها صعوبة الاندماج في سوق الشغل و تخريج كفاءات غير مؤهلة للاندماج. بعد ذلك تطرق الأستاذ الدكتور "نور الدين لحلو" الى موضوع : "واقع اللغة العربية في ضوء مشروع اصلاح منظومة التربية و التكوين"، قارب هذا الموضوع بالاعتماد على المقاربة الدستورية معتبرا الدستور أرقى وثيقة للتعبير عن توافقات المجتمع وأن دستور المملكة المغربية دستور متقدم على كثير من دساتير العالم و وثيقة خطت بالمغرب خطوات متقدمة كثيرا حسب تعبير الأستاذ. لينتقل إلى عرض بعض النصوص الهامة من "تصدير" الدستور المغربي و الفصل الخامس منه مؤكدا في ضوء ما سبق على التعدد و التنوع الثقافي و الهوياتي داخل المجتمع المغربي، ومبرزا أهمية الجمع بين الأبعاد الوطنية الثلاثة: "العربية الاسلامية" و "الأمازيغية" و "الصحراوية الحسانية" مكونة بذلك الذات الموحدة، و تفاعل هذه الأبعاد الثلاثة مع الآخر في انفتاح و اعتدال. مؤكدا على أن كل من العربية و الأمازيغية و الحسانية تراث مشترك لجميع المغاربة. هذا و خلص المحاضر الى مجموعة من الملاحظات من أهمها: تكلفة محاولة التوفيق بين مقتضيات التعايش اللغوي المجتمعي و متطلبات التكوين و البحث و حاجيات التواصل مع الآخر،ثم أهمية اللغة العربية في بعث كيان الأمة العربية في ارتباط وثيق للغة العربية بالإسلام تاريخا و معنى،أيضا اقتراح خطوات عملية لحماية اللغة العربية من خلال انجاز مشاريع علمية رائدة و ذكر بالمناسبة مشروع "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" و "عالمية أبجدية اللغة العربية". ليفتح النقاش من خلال طرح الطلبة الباحثين لمجموعة من الأسئلة و الاستشكالات الخاصة بالموضوع. و في نهاية الجلسة العلمية قام مختبر "الدراسات الإسلامية و التنمية المجتمعية" بتكريم الدكتور" رشيد لحلو" بتقديم شهادة شكر و تقدير و مجموعة من الهدايا التذكارية. هذا و اختتمت فعالية اليوم الدراسي بورشة علمية في موضوع " اللغة العربية: سمات الحياة و الفتوة و قدرات التواصل " لفائدة طلبة الدكتوراه بقاعة ماستر الاجتهاد التنزيلي في المذهب المالكي من تأطير الأستاذ الدكتور "عبد الجبار لند" و الأستاذ "محمد السهلي" بدلا من الأستاذ الدكتور أحمد رزيق،الذي تعذر عليه الحضور لظرف طارئ.