المناظرة الوطنية الثانية حول السلامة اللغوية بالمغرب أقيمت مؤخرا فعاليات المناظرة الوطنية الثانية حول السلامة اللغوية بالمغرب، في موضوع: "التخطيط اللغوي والتنمية"، التي نظمها الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي بتعاون مع جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والتضامن الجامعي المغربي، بمدرج الأساتذة بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء. وشهدت تنظيم جلسة افتتاحية وثلاث جلسات علمية وجلسة اختتامية. التخطيط اللغوي وأفق وضع استراتيجية لغوية ترأس الجلسة الافتتاحية الدكتور عبد الرحيم خالدي (نائب رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، المكلف بالتعاون الدولي). وفي معرض كلمته، اعتبر الأستاذ خالدي أن هاته المناظرة تأتي في ظل مجموعة من المتغيرات، من أبرزها اندماج جامعتي الحسن الثاني عين الشق والمحمدية، لتصبحا جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وما يستتبع ذلك من مضاعفة الجهود لتبويء جامعتنا المغربية المكانة اللائقة بها. كما ألمح إلى أن بلدنا يعيش على إيقاع نقاش مجتمعي موسع حول المسألة اللغوية، وحول الاختيارات المؤسساتية التي ترتبط مباشرة بمنظومتنا التربوية التعليمية، معتبرا أن الدور الريادي الذي ما فتئت تلعبه جامعتنا، وانفتاحها على محيطها هو الذي جعلها تجدد التعاون مع جمعية الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي، وتدشن التعاون مع شريك جديد متمثل في التضامن الجامعي المغربي، ويتجسد في تنظيم الدورة الثانية من المناظرة الوطنية حول السلامة اللغوية، والتي اختير لها هاته السنة موضوع: "التخطيط اللغوي والتنمية". إثر ذلك، أعطى الكلمة للدكتور عطاء الله الأزمي (الكاتب العام للائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي، عضو المجلس الإداري للتضامن الجامعي المغربي، والمنسق العام للمناظرة)، باسم اللجنة المنظمة، الذي ذكر بما قامت به اللجنتان العلمية والمنظمة للمناظرة بدءا باختيار الموضوع والاتصال بالمحاضرين الذين سيشاركون بعروض، إلى الإعداد والتنظيم في مستوياته المختلفة. وشكر في الأخير كل المشاركين والشركاء والجهات المدعوة بدون استثناء، بما فيها وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والبصرية، خصوصا القناتين الأولى والثانية، والصحف الوطنية، مذكرا بالبرنامج العام للمناظرة، ومتمنيا لها توفر كل أسباب النجاح والتوفيق في دورتها الثانية. تلا ذلك كلمة الدكتور إدريس منصوري (رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء) الذي، بعد ترحيبه بالجميع، أعاد التذكير بدور الجامعة في بلورة الأفكار والنظريات، ودعم المعارف والتعلمات والبحث العلمي، وانفتاحها على محيطها وعلى المجتمع المدني الموسع، واعدا بفتح أوراش كبرى بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء تتخذ التفكير العلمي الرصين في المسألة اللغوية مجالا خصبا لاشتغالها، شاكرا اللجنتين العلمية والمنظمة على ما بذلتاه في سبيل الإعداد والتنظيم المحكمين لهاته المناظرة، مجددا الدعوة إلى الاستعداد الدائم واللامشروط للجامعة للتعاون مع جميع الهيئات والفعاليات ذات الاهتمام المشترك. أما الأستاذ عبد الجليل باحدو ، فقد استهل كلمته، باسم التضامن الجامعي المغربي، بمباركة أشغال المناظرة الوطنية الثانية حول السلامة اللغوية بالمغرب التي ينظمها الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي وبتعاون مع جامعة الحسن الثاني بالبيضاء والتضامن الجامعي المغربي في موضوع " التخطيط اللغوي والتنمية"، والتي تعرف مشاركة ثلة من رجالات الفكر والعلم والعرفان الذين سيغنون هذه المناظرة بعلو كعبهم في قضية أساسية واستراتيجية هامة في موضوع التخطيط اللغوي والتنمية. وبعد أن ذكر الأستاذ باحدو بتاريخ تأسيس جمعية التضامن الجامعي المغربي من لدن أعضاء هيأة التعليم الفرنسين العاملين في المغرب سنة 1934 كامتداد لاتحاد جمعيات أنشئت في فرنسا سنة 1909 ضد أخطار مهنة التعليم والحوادث المدرسية، ألمح إلى أنه بعد الاستقلال تم نقل تسيير الجمعية إلى المدرسين المغاربة وهي تضم الآن أكثر من سبعين ألف منخرط ومنخرطة، وتستمد الجمعية روحها من فكرة التضامن، تضامن الهيأة بما يلحم أسرة التعليم ويجعلها أكثر قوة وفعالية من أجل القيام برسالتها النبيلة ودورها المؤثر في صياغة مجتمعنا وصناعة الإنسان المغربي. وفي معرض حديثه عن التخطيط اللغوي والتنمية، اعتبر أن هذا الموضوع يستدعي قراءتنا لتاريخ التعليم واستراتيجيته في بلادنا منذ القرن التاسع عشر، منذ كان التعليم تقليديا في كل أبعاده ومضامينه وأهدافه، إلى حدود فرض الحماية على المغرب، حيث لم يكن التعليم يلعب أي دور في التنمية، أما الاستعمار الفرنسي فقد راهن في مجال سياسة التعليم على التفرقة والتمييز بين مكونات المجتمع المغربي حسب معايير عرقية ودينية واجتماعية، وهكذا أنشأ تعليما طبقيا يحدد لكل فئة اجتماعية الدور الذي سيلعبه أبناؤها مستقبلا في إطار السياسة الاقتصادية والاجتماعية الاستعمارية. كما أكد على أنه خلال أربعين سنة من الحماية أو الاستعمار كانت الحصيلة هزيلة، وبقيت الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب المغربي محرومة من التعليم لسبب رئيس يتعلق بالتخطيط الاستعماري. على عهد الاستقلال يمكن القول بأن المدرسة لعبت دورا مهما في الترقي الاجتماعي والاقتصادي لفئات واسعة من أبناء التجار الصغار والحرفيين والفلاحين الفقراء وغذت المدرسة الإدارة المغربية الحديثة بالأطر في مختلف المجالات، غير أن نتائج إيكس ليبان التي ربطت الاقتصاد المغربي بالاقتصاد الفرنسي خاصة والغربي عامة وغياب استراتيجية لإنشاء صناعة واقتصاد وطنيين مستقلين وارتهان المغرب للمديونية الخارجية، كل ذلك أدى مع نهاية السبعينات إلى أزمة اقتصادية وانسداد آفاق التوظيف والتشغيل وإلى بطالة الخريجين، وهو ما أدى إلى الأزمة التي تشهدها المنظومة التعليمية إلى حد الآن، وخلال هذه الفترة تعززت مكانة اللغة الفرنسية في التعليم والإدارة وفي أوساط اقتصادية واجتماعية معينة، أكثر مما كان عليه الأمر على عهد الاستعمار المباشر وبأفضل مما كانت تحلم به مراكز القرار الفرنسية. وختم كلمته معتبرا أن الفاعلين الذين ينظمون هذه التظاهرة يسعون إلى بلورة رؤاهم المشتركة والمتساوقة في إغناء الساحة الفكرية بجملة من الدراسات والمقترحات المقدمة من طرف كوكبة لامعة من المفكرين الرامية إلى المساهمة في العراك والجدل الدائر حول المسألة التعليمية وخاصة في ما يتعلق بوضع السياسات اللغوية المطلوبة، لغة التدريس الأساس واللغات الأجنبية، وهو موضوع على جانب كبير من الأهمية في تحديد الهوية ومشروع المجتمع المغربي الحداثي والديمقراطي، آملا أن يكون هذا اللقاء، وما سيتمخض عنه من دراسات وتوصيات، ناجحا بكل المقاييس وعلى جميع المستويات، وأن تكون نتائجه إسهاما ايجابيا من أجل إرساء قواعد سياسية وطنية ديمقراطية وعادلة في المجال اللغوي، ومغتنما الفرصة ليجزي الشكر والتقدير لكل من ساهم في إعداد وتنظيم هذه المناظرة، من قريب أو بعيد، وخصوصا جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، على كل ما قدمته من عون ومساعدة لاستضافتها، وللأساتذة الكرام الذين سيثرون هذا اللقاء بمداخلات قيمة كفيلة بإغناء النقاش العلمي الحقيقي حول الوضعية اللغوية في بلادنا. وختمت كلمات الجلسة الافتتاحية، بكلمة الدكتور مولاي أحمد عراقي، رئيس الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي؛ رحب خلالها بالجميع، مؤكدا على أن اختيار التخطيط اللغوي والتنمية موضوعا للمناظرة الثانية، كان عن وعي تام بأهمية التخطيط اللغوي في ظل الفوضى اللغوية التي تعيشها بلادنا، رغم كل ما جاء به دستور 2011 في ما يتعلق بالشق اللغوي الذي ما زال في حاجة إلى التفعيل، وإلى إرادة سياسية واضحة وفاعلة، مشددا على ضرورة خروج المناظرة بتوصيات عملية وازنة. ومباشرة بعد أن عرض عبد الرحيم خالدي نبذة موجزة عن المسار العلمي لأستاذنا الكريم وضيفنا الكبير الأستاذ الدكتور عبد الغني أبو العزم؛ ، كان الجميع على موعد مع العرض الافتتاحي للمناظرة، والذي قدمه هاته الدورة د.عبد الغني أبو العزم(الباحث المتخصص في اللسانيات المعجمية) في موضوع: "التخطيط اللغوي وأفق وضع استراتيجية لغوية". واعتبر الدكتور أبو العزم بدءا أن التخطيط اللغوي يعتمد على تقصي حقائق أوضاع اللغات في البلد الواحد بهدف إيضاح التصورات والمفاهيم العلمية حولها، وبموازاة مع التخطيط الثقافي والاقتصادي لربط العلاقة الموضوعية بين اللغة والاقتصاد، وعدم الفصل بينهما، لأن التنمية الاقتصادية تفقد جوهر ديمومتها ما لم ترتبط بالتنمية البشرية وفي اعتمادها على اللغات الوطنية. كما تنحصر أهداف التخطيط اللغوي وغاياته في وضع استراتيجية لغوية وطنية على قاعدة النتائج التي تقدمها مجمل الأبحاث والدراسات الميدانية حول الأوضاع اللغوية وإشكالية التعدد اللغوي السائد. ويفرض التخطيط اللغوي – برأيه - كذلك جرد وقائع المجتمع بكل أنشطته الثقافية والتاريخية والاقتصادية ومدى تقدمه في مجال التنمية البشرية أو تأخرها، في مجمل الجهات والأقاليم. وعرج على الاستراتيجية اللغوية وأبعادها، معتبرا أن القضايا اللغوية المطروحة والمرتبطة بالتخطيط اللغوي تتحدد فيما يلي : - واقع اللغة العربية واللغات المتداولة؛ - التعريب وإشكاليته وأسسه المعرفية؛ - المصطلحات العلمية وقواعد إنجازها: التقييس والتنميط؛ - الازدواجية اللغوية في أفق ترشيدها؛ - الترجمة باعتبارها أفقاً حضارياً؛ - المعجم كأداة معرفية للتنمية اللغوية. لكن في المقابل، يرى د. عبد الغني أبو العزم أن إنجاز هذه القضايا المطروحة والمذكورة أعلاه رهين بإيجاد مؤسسة لغوية، أي أكاديمية اللغة العربية بكل مكوناتها، وطاقمها العلمي، لتقديم المقترحات الوجيهة، وتفعيل توجهاتها في ضوء رؤية مستقبلية، وفي أفق تطوير اللغة العربية وترشيد استعمالها وتداولها والارتقاء بها نحو مجتمع المعرفة. دورالتخطيط اللغوي في تحقيق التنمية الجلسة العلمية الأولى، والتي كان محورها:" دورالتخطيط اللغوي في تحقيق التنمية"، ترأسها الأستاذ جواد العراقي، وكان مقرراها الدكتور أحمد رزيق والأستاذ أحمد رضى سملالي، وعرفت تقديم عروض كل من: الدكتور حسن الصميلي(نائب رئيس الائتلاف، والباحث في مجال اللسانيات، وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي) بعنوان:"التخطيط اللغوي: الماهية والوظائف"، وطرح فيه مفهوم التخطيط في المجال اللغوي وإلى وظائفه، التي كثيرا ما تختلف باختلاف الأوضاع اللغوية التي يشتغل فيها. كما سننطلق من فرضية تعتبر أن الأصل هو التعددية وليس الأحادية. ومن هنا، تأتي أهمية التخطيط وضرورته الاستراتيجية لتنوير الأفق وتوضيح الرؤية. كما قام بتحليل عدد من التجارب الدولية قبل التطرق إلى الحالة المغربية. وبعد افتحاص هذه الأخيرة، قدم بعض المقترحات لرسم تخطيط وطني ناجع لحل إشكاليات الوضع اللغوي بالمغرب. الدكتورة أمينة اليملاحي(الأستاذة الباحثة بمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط)، تطرقت في عرضها:"التعريب في ظل التعددية اللغوية"، إلى مناقشة بعض الآراء المفسرة لمفهوم التعريب، والمحددة لمفهومه. وبينت في الوقت نفسه، الحاجة الملحة إلى خطة تعريبية فاعلة من شأنها جعل اللغة العربية تامة الوظائف ومتمكنة في محيطها، وذلك رهين بتيسيرها وتطويعها. وتناولت في ورقتها ثلاث نقط أساس: في النقطة الأولى، عالجت موضوع التعدد اللغوي في العالم، وانطلقت من فكرة مفادها أن الوضع اللغوي بالمغرب يحتاج إلى تدبير عقلاني، محاولة الدفاع عن مبدإ حماية اللغة العربية الرسمية باعتبارها لغة المركز، وتبقى الثنائية اللغوية أو التعدد اللغوي كسياسة لغوية منشودة، أساسها مشروع تربوي يروم تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين بتمكينهم من اللغة العربية، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية في بعدها الوظيفي- التواصلي. ثم تناولت في النقطة الثانية، مسألة التعريب كنوع من أنواع التوليد الصوري إلى جانب النحت والاشتقاق...إلخ. وميزت بينه وبين التعريب كتخطيط لغوي. وفي النقطة الثالثة، انطلقت من افتراض مفاده أن اللغة العربية لغة عريقة ونسقية قامت بحمل المعرفة وإنتاجها ومازالت اللغة الرسمية للعديد من الدول، وما تحتاجه هو تهييء لغوي كباقي اللغات الأخرى، لتواكب التراكم الهائل للمعلومات، خاصة ونحن نواجه تحديات الكونية globalisation ولئن كان التعريب كفعل لغوي حضاري يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، فإن اختياره كتخطيط لغوي لايعني الانغلاق والتقوقع، وإنما تقوية اللغة العربية وتقليص هيمنة اللغات الأجنبية التي باتت تهدد استقرار اللغة العربية. وكل هذا يحتم علينا – حسب الدكتورة اليملاحي - تكثيف الجهود العربية، لرسم استراتيجية من شأنها تيسير استعمالها بتبسيط نحوها وصرفها مع إغنائها بمصطلحات جديدة نسقية، و دعم وتشجيع الترجمة والتأليف. "وذلك رهين بإرادة متكلميها، فاللغة قد تكون عصرية، علمية عالمية حية، فيقتلها التدبير الضعيف لشؤونها، وقد تكون ميتة جامدة فيحييها من يحسن التخطيط للإحياء اللغوي". الدكتور موراد موهوب (الأستاذ الباحث وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء)، طرح في عرضه:"الترجمة وتنمية اللغة العربية" إشكالية الترجمة كفعل ثقافي وتواصلي لازم تاريخ الحضارات الإنسانية ومنها الحضارة العربية الإسلامية. فقد أثْرَت الترجمة اللغات سواء أكانت مصدراً أم هدفاً، إذ أسهمت – وما تزال - بقدر كبير في تنمية اللغات وتطويعها بنيوياً وتمكينها في محيطها الذي تُستعمل فيه. واللغة العربية باعتبارها لغة إنسانية تشترك مع كل الألسن في عدد من السمات البنيوية الكلية، وتختص بسمات أخرى بنيوية نمطية. وتعتبر الترجمة مجالا تتفاعل فيه تلك السمات المشتركة والخاصة، وهذا التفاعل الداخلي يلعب دورا حيويا في تنمية اللغة العربية، إلى جانب معطيات المحيط الوظيفي الخارجي الذي تستعمل فيه هذه اللغة. من هنا، فالترجمة هي قبل كل شيء شأن لغوي وأداة داخلية محايثة تسهم في تنمية اللغة وتمكينها في محيطها الوظيفي الذي تُتداول فيه، ولها دور فعال في كل تخطيط لغوي تنموي. وخلص إلى الدور الذي تلعبه (وينبغي أن تضطلع به) الترجمة باعتبارها علماً، وتقنية، وفعلا تربويا، ورافدا أساسيا من روافد تنمية اللغة العربية، بالإضافة إلى كونها ضرورة معرفية وحضارية. غير أن هذا الدور يقتضي استيفاء بعض الشروط والمداخل الأساس. آخرعرض في هاته الجلسة، قدمه الدكتور سعيد بنيس (أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط وعضو اللجنة العلمية لمركز الدراسات و الأبحاث في العلوم الاجتماعية، وأستاذ زائر بجامعة دانكوك (كوريا الجنوبية) – أستاذ زائر بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية (فرنسا)، بعنوان: "التخطيط اللغوي و سؤال التنوع الثقافي بالمغرب"، حيث حدد منذ البدء أنه لمقاربة تمفصلات التخطيط اللغوي وسؤال التنوع الثقافي بالمغرب، سيتم اعتماد مقاربة ترابية ترتكز على المضامين الثقافية والرمزية للخصوصيات الجهوية والمحلية لضبط آلية التخطيط اللغوي في بعدها الرسمي الثنائي، مما سيمكن من تحقيق التنمية في شقها الديمقراطي، لا سيما فيما يخص تكريس قيم الانتماء والعيش المشترك، وكذلك الاعتراف بالحقوق الثقافية عبر إدماج أنساق الثقافة المحلية والجهوية في المتن اللغوي. ومن بين الأسئلة التي عمل على الإجابة عنها : ما موقع نسق التنوع الثقافي في برامج التخطيط اللغوي بالنظر إلى مقتضيات دستور 2011؟ إلى أي حد يساهم إدماج المتن الثقافي المحلي و الجهوي في ترشيد التخطيط اللغوي وحكامته ؟ تلت هاته الجلسة العلمية مناقشات، فاستراحة شاي. نماذج من تجارب التخطيط اللغوي مباشرة بعد ذلك، استأنفت المناظرة أشغالها بالجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتورعطاء الله الأزمي، وكان مقرراها كل من الدكتور أحمد نضيف والأستاذ نبيل موجيبي، وكان محورها:"تجارب في مجال التخطيط اللغوي". استهلت بعرض للدكتور أحمد عزيز بوصفيحة (أستاذ طب الأطفال والمناعة بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، رئيس الجمعية المغربية للتواصل الصحي)، وسمه ب "مبادرات مغربية لتدريس العلوم الصحية بالعربية".واعتبر في مستهله أن المطالبين بتدريس العلوم الصحية بالإنجليزية بالمغرب لخاطئون مرتين : فاللغة الوطنية هي التي أثبتت البحوث العلمية أنها تمكن من أحسن مستوى من الاستيعاب و إدراك المهارات ، ثم إن جل الدول المتقدمة في العالم لا تدرس بالإنجليزية كألمانيا و اليابان و فرنسا و تركيا و إيطاليا و روسيا و كوريا الجنوبية... و كلها ضمن العشرين دولة الأكثر تقدما في المجال الصحي. فمثلا تحتل تركيا المرتبة 13 عالميا. فإذا زاد اقتناعنا بأن بلغة العلوم في القرون الوسطى هي التي تأخذ مكانتها في الجامعات المغربية، وخاصة كليات الطب، فإن على المجتمع المدني أن يطالب أصحاب القرار بأن يوفروا للمجتمع المغربي أطباء و صيادلة على أكبر مستوى من الاستيعاب واكتساب المهارات. وفي هذا الإطار، ذكر بمجموعة من المبادرات التي قامت الجمعية المغربية للتواصل الصحي للتمكين للغة العربية من أن تصبح لغة تدريس العلوم الصحية في الجامعات المغربية، والتي تتلخص في الإقناع و الطمأنة من خلال الحجج العلمية و المنهجية المتدرجة، منها: المؤتمر الوطني الأول لتدريس العلوم الصحية باللغة العربية، والذي تم تنظيمه بكلية الطب والصيدلة بالرباط في أكتوبر 2014 ، حيث شارك خبراء في تدريس العلوم الصحية من المغرب العربي الكبير ومن الشرق، ومختصين في اللغة العربية و هندسة اللغة العربية . لقد أصدر هذا المؤتمر، الذي حضره السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي و تكوين الأطر وعدد من عمداء كليات الطب و الصيدلة، توصيات من أهمها : أن التمكن من الكفاءات في المجال الصحي باللغة الوطنية(العربية) يعتبر أولوية تأتي قبل الانفتاح على العالم في مجال البحث و النشر بالإنجليزية. ترجمة المواد الطبية إلى اللغة العربية من خلال الإشراف على أطروحات في كليات الطب والصيدلة ؛ تنظيم ندوات و محاضرات طبية تلقى خلالها بعض الدروس بالعربية أمام طلبة كلية الطب وأساتذتهم باللغة العربية؛ إصدار مجلة صحية للتكوين الطبي المستمر بالعربية نالت إعجاب الطلبة الذين أكدوا من أنها مكنتهم من استيعاب المواد بطريقة أفضل من الدروس الملقاة بالفرنسية؛ القيام بدراسة لدى الطلبة تؤكد صعوبة فهمهم للدروس بالفرنسية، ومتمنياتهم من حقهم الدستوري في التكوين الصحي باللغة العربية اللغة الوطنية. وهكذا، فإن مشروع الجمعية المغربية للتواصل الصحي ينبني على تدريس العلوم الصحية باللغة العربية، وإبدال الفرنسية بالإنجليزية فيما يخص تدريس اللغات الأجنبية، والتي يجب أن تحظى بعناية كبيرة. كما تعتبر الدارجة المغربية من تجليات اللغة العربية، حيث إن 80 بالمائة من كلماتها عربية ، وهي ككل اللغات الدارجات تعتبر مختبرا للتلاقح مع اللغات الأخرى، وإضافة كلمات و مفاهيم جديدة للغة العربية، وهذا حال كل الدارجات. فمثلا اللغة الإنجليزية الأكاديمية لا يتكلم بها سوى أقل من 5 بالمائة من الناطقين بالإنجليزية، حيث إن الدارجة الإنجليزية في ضواحي نيويورك ليست هي الدارجة في ايرلندا أو المدن الهندية. فإذا أضفنا إلى هذه الحجج العلمية و المنطقية - يقول د. بوصفيحة - ضرورة الحفاظ على الهوية المغربية التي تتبوأ فيها الحضارة العربية الإسلامية مكانة مرموقة توحد التنوع اللغوي و الفكري الذي يشكل التميز المغربي ، فإن إعطاء اللغة العربية المكانة التي تستحقها في الكليات و المدارس العلمية المغربية سيمكن من بلورة الإبداع المغربي ليساهم بشكل أكبر في الحضارة الإنسانية. العرض الثاني خلال هاته الجلسة العلمية، كان بعنوان:"محاولة في التخطيط اللغوي : بناء تجربة محلية"، للدكتور زكرياء أبوأيوب (مدير عام الوحدة التعليمية لمؤسسة البنك الشعبي بطنجة، وأستاذ للترجمة العامة فرنسية/عربية بمدرسة ملك فهد العليا للترجمة جامعة عبد المالك السعدي طنجة، أستاذ علم النفس السوسيولوجي Psychososiologie والعربية التجارية بالمدرسة العليا للتجارة و التدبير CAP'SUP طنجة). اعتبر الباحث في البداية أن اللغة و البعد التنموي للبلاد هما تينك متماسك، فهما وجهان لعملة واحدة لا تصح إحداهما إلا بالأخرى. ذلك أن الأمم لا تقوم على ثقافة و مصير مشترك وحسب، وإنما على لغة مشتركة جامعة و موحدة بالأساس. و ليس من قبيل الصدفة أن جعل الله في خلقه سنة اختلاف الألسن، وجعل اللغة ميزة البشر، جعلته يتحمل الأمانة دون غيره من سائر المخلوقات. فاللغة هي أمر سيادي يخص كل بلد على حدة، وهي اللبنة الأساس لبناء وتحقيق واستمرار تحقق مشروع مجتمعي معين، به ينمو و يزدهر البلد. لذا، لا يمكن التأسيس لنمو متين وشامل و دائم لبلد ما إلا بتخطيط علمي تربوي محكم للغة المدرسة، إذ أول و أخطر مؤسسة ببلاد المعمور هي المدرسة، فهي التي تكون، ليس فقط نخب الوطن، وإنما تكون و تبني و تنشئ الوطن و مواطنيه كافة. و تجربتنا التي نبنيها بمؤسستنا – يقول د. زكرياء أبو أيوب - أتت من صلب هذه النظرة، خاصة و نحن نستقبل بها أبناء مغاربة العالم من هولندا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا و إنجلترا وألمانيا وجبل طارق والدانمرك والسويد وروسيا والولايات المتحدةالأمريكية وكندا والبيرو وفلسطين ومصر والعربية السعودية ... فكان التخطيط منا للغة المدرسة أمرا دقيقا وخطيرا، إذ كان علينا تأسيس تخطيطنا من خلال الإجابة عن أسئلة الماهية التالية : ما هي هذه المدرسة التي نريد لهؤلاء المغاربة الوافدين من مختلف جهات المعمور؟ ما هي أسسها؟ ما هي أهدافها ؟ ما هي سبل بلوغ أهدافها ؟ العرض الثالث والأخير خلال الجلسة العلمية الثانية، كان للدكتور مصطفى بنان (أستاذ اللسانيات التطبيقية والحاسوبية، وعضو المكتب المركزي للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية)، بعنوان:"من تجارب التخطيط اللغوي: نموذجا الإحياء والتطوير"، أبرزخلاله أن اللغة مؤسسة اجتماعية وملكة طبيعية تخضع للتطور وفق آليات سوسيولسانية لكنها تقبل التدخل المخطط له. . وفي إطارالتخطيط اللغوي لإحياء لغة ميتة، قدم نموذج اللغة العبرية عبر أعمال إليعازر وأتباعه لتصبح لغة حية متداولة ولغة تدريس وبحث علمي وإعلام و.... التخطيط اللغوي لتطوير لغة.نموذج اللغة العربية المعاصرة.تجاوز زخارف وركاكة وجمود عصور الانحطاط. من استراتيجية البعث والإحياء إلي الحداثة اللغوية.تطوير معاجم اللغة العربية لمواكبة التطور العلمي.انشاء المجامع اللغوية.دور مكتب تنسيق التعريب ومؤتمراته وصناعة المعجم الموحد في كل العلوم والمعارف.وضعية اللغة العربية في العالم الآن. وضعية اللغة العربية بالمغرب . .وفي الأخير، قدم خلاصات وتوصيات بعد ذلك فتح باب النقاش. نحو تخطيط لغوي تنموي في حالة المغرب الجلسة العلمية الثالثة:"أي تخطيط لغوي تنموي في حالة المغرب؟"، والتي كانت عبارة عن مائدة مستديرة، ترأسها د. مولاي أحمد عراقي(نيابة عن د. حسن الصميلي)، وجمعت مع الجلسة الاختتامية، وكان مقرراها الدكتور محمد وارش والأستاذ محمد كويياس، والدكتور عطاء الله الأزمي والأستاذة مينة الناصري ، وكانت عبارة عن تطارح للأفكار والآراء حول التخطيط اللغوي وعلاقته بالتنمية بالمغرب. وتعاقب على المداخلات في هاته الجلسة كل من د. موسى الشامي، ذ. محمد الصديقي، ذ. الميلود عثماني، د. محمد الشامي. استهل د. موسى الشامي(رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية) مداخلته بالإشارة إلى مجموعة من التعارضات الفونيمية التي تحدث في اللغة الفرنسية(باعتبارها باحثا وأستاذا سابقا للتعليم العالي في اللسانيات الفرنسية)، والتي أرجعها إلى تعدد الكتابات لحرف واحد، مما يربك حديثي العهد بتعلم هاته اللغة، في الوقت الذي لا يطرح المشكل بالنسبة للغة العربية. واعتبر أنه بالرغم من كون اللغة العربية لغة رسمية للمغرب بنص الدستور، فإن كثيرا من المسؤولين يتجاهلون استعمالها عن وعي تام، ويتبجحون ويفاخرون باستعمال غيرها من اللغات، وهو ما يجعلها غائبة عن مجالات ومناح عدة، علاوة عن التلويث اللساني الذي يطولها ويشوش على طبيعتها، وعلى خصائصها التداولية، بما في ذلك الدوارج، مما حول لغة الشباب والنشء إلى خليط من الهجنة أو اللالغة. فاللغة ليست مجرد ألفاظ وتراكيب وصيغ وأساليب فحسب ، بقدر ما هي مكون من مكونات الأمة. ومن ثم، فإن أي تخطيط لغوي تنموي يجب أن يضع بعين الاعتبار المقومات الفكرية والثقافية والحضارية، ويربطها بحاجات المجتمع. وخلص د. موسى الشامي إلى أننا بحاجة إلى رفع التحديات لمواصلة الجهود الرامية إلى رسم معالم تخطيط لغوي حقيقي عبر وضع استراتيجية واضحة وشمولية، تستحضر جميع المكونات والمقومات، في ظل الإجماع الوطني الذي يؤطره الدستور. أما الأستاذ محمد الصديقي(الباحث والفاعل والمؤطر التربوي)، فقد استهل مداخلته بإدراج نص لابن حزم الأندلسي حول لغة الأمة. وألمح إلى أن هذا النص يجرنا للربط الجدلي بين السياسة اللغوية والسياسة العامة. ولترهين هذا المعطى النصي اعتبر أن الحراك المغربي المتوج بدستور 2011 صاغ أفقا جديدا للوظائف التي يمكن أن تلعبها الدولة من أجل بناء مؤسسات تحظى بالاستشارة غالبا في مواضيع تحتاج إلى تفكير عميق، ومع التفكير يبنى التطور. واعتبر أنه في مجال اللغة، صاغ الدستور موقفا جديدا مخالفا لما كان سابقا، ومخالفا حتى لما كان مطلوبا من حركات المجتمع السياسي والمدني: السياسة اللغوية وضع أسسها الدستور باعتبار اللغة العربية لغة رسمية، والأمازيغية مشروطة بتنزيل قوانين منظمة، وصيانة اللهجات الوطنية وضمان انسجام الثقافة المغربية ثم الانفتاح على اللغات الحية / الأكثر تداولا في العالم( الفصل 05) وانطلاقا من ذلك، تصبح اللغة العربية هي لغة التدريس: مما يعني أن التعريب لازال يشكل أفقا استراتيجيا، وبالرغم من هذا الاختيار فليست هناك أية وثيقة رسمية تضع تصورا أو تخطيطا للغة العربية باعتبارها لغة للتدريس، بما في ذلك مادة اللغة العربية نفسها. ويسترسل الأستاذ محمد الصديقي قائلا: هناك سؤال يطرح نفسه: كيف يمكن للغة غير مدرسة وفق ضوابط اكتساب اللغة أن تكون لغة للتدريس، وبالتالي أداة للتفكير؟ للإجابة عن هذا السؤال، أبرز أنه لابد من تشخيص وضعية اللغة على مستويين: 1 – اللغة العربية باعتبارها لغة للتدريس؛ 2 – اللغة العربية باعتبارها لغة مدرسة. وباعتبار السياسة اللغوية للبلد تروم خلق الانسجام بين الثقافات المغربية الوطنية والمحلية، وبالتالي وضع تصور لبناء هوية ثقافية مغربية، فإن الأمر يتطلب وضوحا وتدقيقا في طريقة تعامل المؤسسات الرسمية وخصوصا المدرسة مع اللغة، ومن خلالها أفق التنمية الفكرية المنشودة في أبعادها الثقافية والفكرية، وجدليتها بالتنمية المجتمعية. لكن الواضح أن السياسة اللغوية لا تميز بين الثقافة واللغة، وتتعامل مع اللغة باعتبارها معطى ثقافيا محضا، وهو ما ينبغي التعامل معه بحذر لأن ذلك يشي ببوادر التفكك أكثر من خلق الانسجام. فاللغة – حسب الصديقي - معطى ثقافي وحضاري وفكري، إنها محدد أساس لتنمية أدوات الفكر الإنساني، والتواصل جزء بسيط منه، ولذلك اعتبر الفلاسفة اللغة وعاء للفكر اعترافا بالعلاقة التفاعلية بين هذين المعطيين البنائيين، ولعل العمق الفكري للغة هو الغائب في أفق مشاريع التنمية التي تصوغها المؤسسات الوطنية. وخلص إلى أن عدم الاعتراف بالقيمة التنموية للغة في وضع "مشاريع" الإصلاح، قد قلص من الاهتمام باللغة، واعتبرت معطى شكليا لا يرتبط بأي أفق تنموي. وللتدليل على ذلك، ساق نموذج اليابان التي تتوفر لغتها على أزيد من 1200 حرف، وكذا بالعبرية التي نهضت بسرعة لأن بناء الدولة في الحالتين تم وفق محددات الهوية الوطنية حتى في أبعادها العنصرية. فالتفكير الإنساني يتم وفق آليات لتبسيط النموذج اللغوي وفتحه ليستوعب كل مناحي الحياة ويحافظ على قدرة المجتمع على التنمية في شموليتها. الدكتور الميلود عثماني (أستاذ التعليم العالي، والباحث التربوي والديداكتيكي، والناقد، واضع الورقة العلمية للندوة...)، نوه منذ البدء إلى ضرورة تجنب الأهوائية والانطباعية والعاطفية والتبسيط...في تناول هذا الموضوع، حتى لا يفقد البرنامج طابعه الإجرائي والتنفيذي، متوسعا في تحديد مدلول التخطيط اللغوي، مشددا على أن الوضعية اللغوية بالمغرب جد معقدة، وهو ما يتطلب منا تفكيرا علميا نسقيا يتقدم كل خطاب سياسي. وتساءل د. الميلود عثماني عن مدى حاجتنا المستمرة للتخطيط اللغوي، وعن درجة التشابه بين ظروف عاشها المغرب، وأخرى واجهتها دول من قبيل سويسرا والكيبيك. وهل حال المغرب – لغويا – تعد الأسوأ راهنا ؟ واعتبر أن التجاور الذي يحدث بين المفاهيم يولد وعيا مغلوطا بمنأى عن سلطة العقل. وأن اللغة ليست خزانا، بل هي نحن وآخري الذي يسكنني، والتي بدونها لا معنى لوجودي ، من وجهة نظر فينومينولوجية. كما أكد على أن التعاطي الايديولوجي أو بلغة البلقنة مع مثل هاته المواضيع الاستراتيجية لدى كل بلد، يعتبر أمرا متجاوزا، لسبب بسيط، يكمن في حاجتنا الماسة – في حالة المغرب – إلى اعتماد مقاربة استراتيجية واضحة لبلوغ الأهداف التي ننشدها جميعا، لحل الوضعية أو المعضلة اللغوية التي نعاني تداعيتها كل يوم. وختم مداخلات المائدة المستديرة الدكتور محمد الشامي (الأستاذ الجامعي والباحث المتخصص في الثقافة الأمازيغية) مشددا في مستهل مداخلته على إلزامية تجاوز الأحادية في تناول هذا الموضوع، واستبعاد كل زوايا النظر التي تتبنى الايديولوجية والإقصائية، لأننا في حاجة إلى نقاش ديمقراطي حقيقي ومتكافئ، ينصت للآخر أو الآخرين، نقاش لا يتوق إلى المناصفة بين مكوني اللغة الدستوريين، لكنه يسمح بفرص التكافئ في الطرح والتناول والنقاش...والبحث عن الحلول والنتائج. وألمح إلى أنه هناك غبنا طال اللغة الأمازيغية، خصوصا عند التنزيل الدستوري، والذي ما زال يراوح مكانه، وتعوزه النصوص التنظيمية والإجرائية، إن لم تكن القرارات السياسية الجريئة الواضحة والمتساوقة مع روح دستور 2011. وفي الأخير ، وبعد المناقشة، أعلن رئيس الجلسة أحمد عراقي أن الخلاصات العامة والتوصيات سيتم إعداد صيغتها النهائية في غضون شهر، يتم عرضها في لقاء مفتوح، بحضور مختلف الشركاء ووسائل الإعلام، سيتوج بتوقيع شراكة بين الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والتضامن الجامعي المغربي.