من نحن؟؟ من نكون؟؟ أسئلة وجنون.. تفضح المضنون.. تسقط المكنون.. . . . . . . . . . نحن أبناء الفقراء.. اختارنا الفقر.. بتواطؤ مع الأغنياء.. مع أصحاب السلطة والقرار.. نحن سلالة الفقراء.. نبحث عن وجود.. عن دفء الحنان.. عن اعتراف الأقران.. عن شرارة أمل.. في ظلمات الحياة.. بين رهط بني البشر.. لا يعرف العدل.. لا.. الحق. لا المساواة.. . . . . . . . جيل نحن.. تعود الخنوع.. تعود الطاعة.. جيل نحن.. تعود الاستسلام.. تعود الخسارة.. في حضن الخوف كبرنا.. نتنفس الهزيمة.. جئنا فجأة إلى الحياة.. بدون مقدمات.. جئنا ضيوفا غير منتظرين.. على العائلة والمقربين.. بعضنا جاء بسبب خطأ جسيم.. في حساب العادة الشهرية.. للوالدة الغبية.. والبعض جاء عن سبق إسرار.. لمباهاة الأمم والأعداء.. في العدد والتعداد.. لمقاومة دوائر الزمن.. لمقارعة الحساد.. تحولنا إلى صندوق توفير.. يحتاجنا الأجداد.. يحتاجنا الآباء.. عند العجز.. عند الحاجة. . . . . . . . . . . وراء قطيع الماشية.. أرسلونا كرعاة.. في الأعمال الشاقة.. في الحقل والبستان.. في البحث عن الحطب.. وجلب الماء.. نقضي يومنا. . . . . . . . . . إلى الفقيه أرسلونا.. في أحسن الأحوال.. ليحفظنا سور القرآن.. سوط الفقيه فوقنا.. وبرودة الحصير تحتنا.. وفحيح البرد.. على يميننا ويسارنا.. رائحة الصلصال في الشتاء.. تملأ أنوفنا الصغيرة.. نحك به ألواحنا الخشبية.. مذاق الصمغ.. فوق الأقلام القصبية.. نمتص رحيقه بألسنتنا.. نكتب الألواح.. نسطر الكلمات القرآنية.. بإملاء الفقيه الطاغية.. مع العصر نستظهر.. ما حفظناه منذ الصباح.. فويل لمن لم يحفظ ما كتب.. نصيبه الفلقة.. ذات لهب حارقة. . . . . . . . . . . . . أدخلونا المدرسة الحكومية.. لنتعلم القراءة والكتابة.. والحساب والتربية الإسلامية.. وتاريخ أقوام نجهلهم.. قالوا أنهم كانوا هنا.. وكانوا هناك.. علمونا العجمية.. حتى يقال عنا حداثيين.. تعلم البعض منا.. رغم الظروف القاسية.. حصلنا على شهادات.. هنا.. وهناك في الغربة.. عندما طالبناهم بشغل.. تنكروا لنا.. من أمام المكاتب المكيفة.. للحكومة الموقرة.. صدونا بلا رحمة.. رغم الشهادات.. الملصقة على صدورنا.. من أمام البرلمان.. طردونا.. بالضرب والتنكيل.. أشبعونا.. علمونا أن الوطن.. راية ونشيد.. واحتفظوا بالباقي بلا حياء.. لذوي الجاه والسلطان.. . . . . . . . . . . . . كما أرادوا بقينا هنا.. نؤثث منظر السلطان والرعية.. ليجربوا فينا.. أساليب الطاعة.. ليجربوا فينا.. حقدهم الدفين.. وأصناف من الحقارة.. كل صباح ومساء.. يحقنوننا بمهدئات.. عبر نشرات الأخبار.. بالتسويف والكذب.. مرة على حساب البرلمان.. مرة على حساب الحكومة.. كل يوم وليلة.. يحقنوننا بمهدئات.. عبر تعاطي المخدرات.. بأنواعها المختلفة.. الرخيصة منها والغالية.. حتى لا ننفجر.. حتى لا ننتفض.. حتى لا نثور.. . . . . . . . . . وعندما يداهمنا الجوع.. نقتلع جذور النباتات.. نمتص سيقانها الحامضة.. وعندما نعطش.. نشرب من ماء الوديان.. من ماء الغدران.. ملوثة في غالب الأحيان.. وعندما نمرض.. تتولانا الجدات بالعلاج.. بالأعشاب اليابسة.. بتمائم الفقيه الغامضة.. أو زيارة الأضرحة.. طلبا لبركة الأولياء.. حقنونا بلقاحات.. ملئوا عيوننا بمرهمات.. منظمة الصحة العالمية.. الشافية لكل أمراض البشرية.. حتى لا ننقرض.. حتى نبقى خدام وخادمات.. نسبح بذكر الطغاة.. نقبل الأيادي.. ننحني بلا كرامة.. علمونا الصلاة صغارا.. أمرونا بصيام رمضان.. باحترام الكبار.. في السن والجاه.. لنكبر صالحين.. مهذبين.. طيعين.. قالوا لنا.. الصبر جميل.. والمؤمن مصاب.. جزاءه الجنة.. يوم القيامة.. فالدنيا جنة.. للأغنياء.. والآخرة جنة.. للفقراء. . . . . . . . . شخنا قبل الأوان.. ونخرت عظامنا.. الأمراض المزمنة.. وطورنا في خلايانا.. جينة اليأس.. كرهونا في البلاد والعباد.. لبينا نداء البحر.. نجمع حقائبنا كل يوم.. نرحل غير نادمين.. لا الغرق يخيفنا.. ولا أنياب القرش ترهبنا.. ولا الموت الرهيب يثنينا.. نريد الخلاص.. من الفاقة.. من الذل.. من الاحتقار.. أو الموت. . . . . . . . . . نحن جيل ضائع.. يسير نحو المجهول.. بخطوات ثقيلة.. رغم هزيمتنا.. لم نستسلم أبدا.. لم نضع السلاح بعد.. ما دامت أرض الله واسعة.. لم تنته الجولة بعد.. لم ينته الصراع بعد.. لم نتحاسب بعد.. ما دام الغد.. ليس في ملكية أحد.. يمكن أن يكون معك.. يمكن أن يكون ضدك.. يمكن أن يكون لك.. يمكن أن يكون عليك.. ليس هناك شيء.. اسمه المستحيل.. ليس هناك شيء أبدي.. الكل محكوم يوما.. بجدلية السيد والعبد.. السيد يصبح عبدا.. والعبد يصير سيدا.. لا دوام للحال.. فدوام الحال.. من المحال.. فيوم.. لك.. ويوم عليك. ———- بنعيسى احسينات – المغرب