دنيا بريس تحاور الصحفي محمد سعيد الإدريسي المدير المسؤول و رئيس تحرير جريدة فسحة المغربية أجرى معه الحوار : عبدالجليل ادريوش * بداية وقبل كل شيء نرحب بضيفنا الأستاذ الكبير محمد سعيد الإدريسي المدير و رئيس تحرير جريدة فسحة المغربية في هذا الحوار الخاص بجريدة دنيا بريس الالكترونية *بداية نريد أن نعرف من هو محمد سعيد الإدريسي؟ محمد سعيد الادريسي هو من مواليد مدينة تطوان سنة 1967 تلقى بها تعليمه الابتدائي والثانوي والجامعي، حاصل على شهادة الاجازة من كلية أصول الدين بتطوان جامعة القرويين، حاليا مدير ورئيس التحرير لجريدة فسحة التي تعتبر تجربة فريدة من نوعها بالمغرب * كيف جاءت فكرة تأسيس جريدة فسحة المغربية ؟ الفكرة راودتني عندما بدأت أشاهد خاصة في المقاهي أشخاصا يبيعون ورقة منسوخة من الجرائد بدرهم واحد تتضمن إما شبكات الكلمات المسهمة أو لعبة السودوكو، فبدأت أفكر في هذا الموضوع بما أن الشبكات المسهمة أو السودوكو يتم الاقبال عليهما من أجل الترفيه فلم لا يتم دمج ذلك مع مواضيع ثقافية عامة ويتم إصدارها في جريدة واحدة وتكون بنفس الثمن أي درهم واحد فقط، حتى يكون الترفيه وسيلة للتثقيف وليس للترفيه فقط وتعم الفائدة ويستفيد القارئ بدل الاقتصار على ملء الشبكة ورميها بعد ذلك، إضافة إلى كون معظم الجرائد تهتم بالشأن السياسي بنسبة كبيرة فيما الجرائد المتخصصة في الثقافة نادرة ونعاني من نقص في هذا المجال، فكانت الفكرة المساهمة في ملء ولو جزء صغير من هذا النقص. * ما هي المشاكل و الاكراهات التي واجهتكم في بداية التأسيس ؟ المشاكل التي واجهتنا ولا زالت إلى يومنا هذا هي قلة الإمكانيات المادية وغياب الاشهار وغياب الدعم الحكومي بالاضافة إلى تدني نسبة المقروئية بصفة عامة وهو ما تعاني منه جل الصحف المغربية * لماذا أطلقتم على جريدتكم إسم فسحة ؟ عند اختيار الاسم فكرت في إسم يجمع بين الترفيه والثقافة وراود مخيلتي اسم فسحة باعتبار الخط التحريري للجريدة هو فسحة للفكر وتنشيط للذهن بعيدا عن الكوارث الطبيعية والسياسية التي تزخر بها قصاصات الاخبار، فالقارئ في حاجة إلى مده بأدوات الترفيه والتثقيف بعد اطلاعه على الأخبار التي تجلب الاكتئاب وما أكثرها في أيامنا هذه، من هنا كان اسم جريدة فسحة معبرا عن مضمونها الترفيهي والثقافي. * برأيك أين وصلت حرية التعبير والصحافة بالمغرب؟ يمكن القول أننا نوجد كما يقول المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين، فإذا عدنا إلى سنوات الرقابة خاصة في السبعينيات فإننا قطعنا أشواطا كبيرة عن تلك المرحلة في مجال حرية التعبير والصحافة وأصبح المغرب متقدما في هذا المجال على جل الدول العربية والافريقية وهذا مجهود لا يستطيع أحد إنكاره، غير أننا بالمقابل إذا قارنا ذلك بما نطمح إلى تحقيقه والوصول إليه أو ما وصلت إليه الدول الغربية في هذا المجال فإننا أيضا لا زلنا بعيدين عن ذلك كثيرا ولا زال ينتظرنا عمل كبير في هذا الاتجاه خصوصا فيما يخص حذف العقوبات السالبة للحرية بالنسبة لقضايا الفكر والرأي، كذلك رغم كل ما تحقق لا زالت هناك ممارسات تعيدنا أحيانا إلى سنوات السبعينيات كإغلاق الصحف ومتابعة الصحفيين في قضايا النشر وقد تم تسجيل تراجع كبير في هذا الميدان في السنتين الأخيرتين كما أن قانون الصحافة كان قد قطع أشواطا كبيرة في فترة الحكومة السابقة لكنه الآن مجمد تقريبا باستثناء المحاولة الاخيرة للحوار الوطني حول الاعلام التي تمت بالبرلمان أما التعديلات الخاصة بقانون الصحافة فلا زالت في الرفوف تنتظر نفض الغبار عنها. • هل تعتقد معي بان الصحافة الالكترونية هي صحافة المستقبل ؟ بالفعل فالصحافة الالكترونية أمامها مستقبل كبير خصوصا أن المستقبل هو زمن المعلوميات والرقمية بدون منازع . خاصة أن الصحافة الالكترونية تتميز بسرعة نشر الخبر، لكن مازال هناك مجهود كبير يجب أن يبذل لأن هذه الصحافة في الوقت الحالي مازالت تعتمد كثيرا على تقنية النسخ واللصق (copier, coller) وعليها أن تعمل على تطوير أساليب العمل ولكن ذلك أيضا يتطلب إمكانيات مادية مهمة. *هل يمكن أن نقول بان الصحافة الالكترونية جاءت لمنافسة الصحافة المكتوبة ؟ شخصيا لا أعتقد ذلك بل في اعتقادي أنه سيكون تكامل بينهما، فلا يمكن لأحدهما أن يقضي على الآخر أو يحل محله، هذا الكلام تردد عند ظهور المذياع أول مرة وقيل أنه سيقضي على الصحافة المكتوبة ولم يحدث ذلك، وقيل أيضا عند ظهور التلفزيون وقيل أنه سيقضي على الإذاعة والصحافة المكتوبة ولم يحدث ذلك أيضا وقيل عند ظهور الأنترنت ولكن في نظري أن كل ما يتم اكتشافه من إمكانيات تكنولوجية جديدة يتم استيعابه والاستفادة منه وليس التنافس معه كما يمكن يمكن لكل منهما أن يضيف للآخر . *كيف تقرأ الواقع السياسي المغربي ؟ يمكن القول أن الواقع السياسي المغربي مترهل في الوقت الحاضر، ففي الوقت الذي أصبح فيه المواطن المغربي أكثر وعيا وأكثر انفتاحا وأكثر احتكاكا بتجارب الآخرين نجد أحزابنا مازالت تسير بنفس العقليات ونفس الأساليب التي كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي بل حتى في قيادتها مازال نفس الأشخاص تقريبا الذين أسسوا تلك الأحزاب في القرن الماضي هم المسيرون الحقيقيون، كما أن أحزابنا تفتقد المصداقية فهي ما زالت تردد نفس الخطاب ونفس التناقضات فكل الأحزاب تطالب بالديموقراطية الحقيقية وبالاصلاحات في نفس الوقت تفتقد هي لهاته الاصلاحات كما أن قانون الاحزاب في حاجة إلى تعديلات كثيرة حتى تلبي طموحات المواطن المغربي وليس طموحات الأحزاب فقط. *ألا ترى أن السلطة في المغرب عادت إلى سنوات قمع الأصوات المعارضة ؟ الأمر لا يتعلق بالعودة لسنوات الرصاص بل يتعلق بالترسانة القانونية ،فعلى مستوى القوانين قطعنا أشواطا كبيرة لكنها غير مكتملة وحتى تلك التي صدرت لا يتم تطبيقها لوجود العديد من الثغرات وهو ما يستغله الذين يحنون لسنوات الرصاص من أجل الاستمرار في تلك الممارسات فسياسة الافلات من العقاب مثلا تساعد كثيرا على ذلك وعدم تطبيق توصيات هيئة الانصاف والمصالحة يساعد أيضا على ذلك، فالأمر لا يتعلق بسياسة للدولة بقدر ما يتعلق باستغلال الثغرات الموجودة في القوانين أو التغاضي وعدم تطبيق القوانين الموجودة. * في أي زاوية تضع اعتقال مناضل مغربي ديمقراطي مثل الأستاذ مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري ورفاقه ؟ ربما هذه القضية تدخل في نفس إطار السؤال السابق فالمحاكمات السياسية تخضع لنفس المنطق تقريبا وهو أمر يجب القطع معه وتمتيع الأستاذ مصطفى المعتصم ومن معه بما يكفله لهم القانون من حقوق. *ما رأيك في تجربة “البام “وهل سينجح صديق الملك في مغامرته السياسية ؟ تجربة البام حتى الآن لم تأت بجديد ونجاح الهمة من عدمه في مغامرته السياسية لا يمكن الحكم عليها الآن بل علينا أن ننتظر محطة 2012 الانتخابية وعندها سنرى، غير أن النجاح والفشل لا يرتبط بالرتبة التي سيحصل عليها الحزب في الانتخابات بقدر ما ترتبط بمدى الاقبال على الانتخابات وفي قدرة الحزب على تغيير وجهة نظر المغاربة لتلك الانتخابات برفع نسبة المشاركة، أما إذا ظل العزوف كما هو وحصل الحزب على الرتبة الأولى فهذا يعني أن لاشيء تغير. * هل يعتبر توقف مجلة نيشان المغربية عن الصدور خسارة كبير لحرية التعبير و الصحافة بالمغرب؟ أي منبر إعلامي توقف هو خسارة كبيرة لحرية التعبير والصحافة بالمغرب مهما كانت اختلاافاتنا معه لأننا ما زلنا نفتقد لتلك الحركية الكبيرة في مجال الاعلام سواء المكتوب أو السمعي البصري . • هل كان قرار الحكومة المغربية في إيقاف نشاط قناة الجزيرة الفضائية في المغرب قرار صائب ؟ الحقيقة أن اللجوء لايقاف نشاط اعلامي معين أمر غير مستحب مهما كانت اختلافنا معه، لأن هناك طرق ووسائل كثيرة كان يمكن للحكومة أن تعتمدها في الرد على الجزيرة دون اللجوء إلى الاغلاق، لأن هذا يتنافى مع حربة الرأي والتعبير التي سار عليها المغرب وبالتالي يسيء إلينا أكثر مما ينفعنا. هل من طموح تريد تحقيقه محمد سعيد الإدريسي وماهو.. وماذا قطعت منه حتى الآن؟ بالفعل طموحي تأسيس مؤسسة إعلامية كبيرة تصدر مجموعة من المنابر الاعلامية في مختلف التخصصات وهو طريق طويل وشاق لكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة ، وحاليا أتواجد في تلك الخطوة الأولى التي أثمرت ولادة جريدة فسحة، كما أطمح لتوزيع جريدة فسحة في باقي الدول العربية حتى يمكن إيصال صوت الثقافة المغربية إلى المشرق العربي بدل الاكتفاء باستقبال الثقافة المشرقية فقط. • ماذا تعني لك هذه الكلمات ؟ العهد الجديد: هو أمل كل المغاربة السياسة: لعبة شطرنج الحكم الذاتي: الطريق نحو السلام البوليساريو: لعبة فاشلة المصداقية احترام الانسان لنفسه *كلمة أخيرة : بداية أشكر جريدة دنيا بريس على هذه الفرصة التي أتيحت لي للالتقاء بقرائها والتواصل معه مع تمنياتي لها بالنجاح و الاستمرارية ومزيدا من التألق إنشاء الله ، وأعتنم هذه الفرصة لأدعو لإخراج قانون الصحافة من الرفوف وإدخال التعديلات اللازمة عليه وحذف العقوبات السالبة للحرية وإصدار القانون المتعلق بحق الولوج للمعلومة الذي يعتبر في غاية الأهمية كما أهيب بجميع العاملين في وسائل الاعلام بترك خصوماتهم وتصفية حساباتهم فيما بينهم خارج صفحات الجرائد التي هي ملك للقارئ الذي يدفع ثمنها من جيبه، و الانكباب على القضايا التي تهمه. أجرى معه الحوار : عبدالجليل ادريوش [email protected]