الفكرة نسبيا ليست جديدة ، أقصد فكرة صنع ساعة قمرية تحسب أنفاس الحركات و السكنات البشرية على أرض المسكونة بحسب التقويم القمري ،إنها بدعة تقانية حديثة الصنع غربية التوقيع دمغت العقل العربي للمرة التانية . فالمرة الأولى ، عندما دشن عمدة مدينة الضباب ” لندن ” إنجاز مشروع يهدف إلى ابتكار معلم جديد قرب الملعب الأولمبي لينجلي بذلك ضباب الكلمات ساعة قمرية إسمها : ” ألونا ” تسر الناظرين المنضبطين عقاربها الدوارة بانتظام تام. فبحلول سنة 2012و على ضفاف نهر” التايمز ” سوف تضبط جميع عقارب الزمن الأرضي بطريقة طبيعية ، أي أنها ستشتغل وفق حركة المد في نهر التايمز. نعم سوف تنافس هذه الساعة ” القمر ” الساعة ” العجوز ” بيغ بن وذلك على مسافة7 كلمترات فقط من البرلمان الإنجليزي . أما المرة الثانية ،فهي التي حدثت نهاية الأسبوع المنصرم يوم أطل علينا مخترع إسمه : ” ميشيل برمجياني ” وتعد ساعة “برمجياني” الجديدة إضافة هامة ودقيقة إلى عالم الساعات الفاخرة وللعالم الإسلامي والتي تعتمد على الحساب الهجري لمدة 30 عاما وكان انتاجها هذا بعد سنوات عديدة من البحث والدراسة. وتقدم الساعة السويسرية الجديدة الوقت من خلال دورة قمرية تستمر لمدة 30 يوما وتبدل السنوات ال 19 البسيطة بأيامها ال 354 ب 11 سنة كبيسة ب 355 يوما. وتعتبر هذه الساعة إنجازا علميا متميزا تم تصنيعه في مصانع “برمجياني” الخاصة وهو الإبداع الأول من نوعه في العالم ولا يحتاج المستخدم إلى التدخل لتعديل أو تغيير الوقت فقد تم تصميم الساعة ليضبط التقويم المستمر لمدة 30 عاما نفسه آليا على الدورة القمرية. ساعة هذا المخترع تدور في فلك القمر و أفكاره تدور في كيفية صنع ساعات أصغر للإستعمالات المتعددة ؛ الملاحة البحرية،العسكرية،النهرية...و حسب تصريحه الرجل يريد أن يقدم شيئا ما للحضارة الإسلامية ! و لأننا لا نستحم في النهر الجارف مرتين ،فإن دخول الحضارة معناه السباق و الحركة و التطوير و بدرجة أساس ،قيمة الزمن .فالمجتمع الثرثار لا ينتبه إلى لذغات عقارب الزمن ،و” ذئب التاريخ ” حسب تعبير الدكتور الشاهد البوشيخي ” يفترس من الأمم إجتهاداتها القاصية ” و صدق الذي أكل ربه حين جاع ،لو كان بين ظهرانينا شاهدا لقال : ” لو كان العلم ربا لعبدته ” . لقد ترك لنا الفاروق تقويما يشع من مشكاة النبوة و يغنينا عن التمسح بتلابيب التقويم الميلادي ،فهل طورناه ؟ هل استلهمنا منه ؟ لا وربك (فيم أنت من ذكراها)؟ في كتابه ” مهزلة العقل البشري ” يقول علي الوردي : ” أعتبر أن الخروج إلى الحضارة معناه المعاناة كضربة لازب و مغادرة حياة الهدوء ، فلا يمكن لمن يريد أن يبدل شروطه الثقافية ويدخل العصر أن يحقق مرامه بدون الإنتباه إلى معنى اللزمن في تشكيل الحياة ” . هكذا هو الحجر الغربي يضرب دائما مرتين برمية واحدة و يقول للتاريخ سجل ، ولأصحاب الكهف أقول رب رمية بغير راٍم !!! بقلم : معاذ ذهيبة [email protected]