شكلت المبادرة السعودية التي اطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز لجمع القادة العراقيين في المملكة بعد عيد الأضحى المبارك , مناسبة لقراءة جديدة للمشهد السياسي العراقي. ولإن العراقيين إعتادوا إبداء وجهات نظر مختلفة حيال القضايا التي تشغل بالهم عبر تاريخ طويل من النزاع على كل شئ وبغض النظر عن أهميته,فإنهم لم يوفروا الإختلاف في وجهات نظرهم تجاه المبادرة السعودية التي جاءت بعد أسابيع على مبادرة سورية رفضت من قبل الأكراد والتحالف الوطني ,وأصبحوا اليوم وهم في حال من القبول يخالفه حال من الرفض. ويمكن فهم لماذا يرفض العراقيون ولماذا يقبلون!! لكن السؤال الذي يمكن أن يشكل مساحة للجدل هو..كيف يمكن التعاطي مع المبادرة في ظل مايمكن تسميته ( إقتراب الحل ) ؟.فالتحالف الوطني الذي قدم المالكي مرشحا له والتحالف الكردي الذي لايرغب كثيرا في وجود دور عربي فاعل في هذه المرحلة التي يرى قادة الإقليم إنها الأهم في تحديد المسارات وكسب المزيد من التنازلات ومن جميع الكتل السياسية التي صارت تحتاجهم للتحالف من اجل تشكيل الحكومة..يرى هذان التحالفان أن الذهاب الى الرياض بعد العيد وهي مدة طويلة نسبيا تؤشر حال الفشل في عقد صفقة سياسية بينهما ,مع إصرار العراقية على مطالب بعينها,ومع وجود إشارات عن إمكانية تنازل القائمة عن شروط مشاركة كانت تصر عليها في السابق, وتراجع بعض المعارضين من داخل التحالف الشيعي عن مواقف سابقة كانت تصب في قناة الرفض لترشيح المالكي. يرى قياديون كرد ومن التحالف إن المبادرة يمكن ان تؤدي الى إعادة ترتيب الخارطة السياسية لصالح القائمة العراقية ونسف كل ماتوصلت اليه الكتل السياسية خلال المدة الماضية .وسيكون السياسيون الذاهبون الى اللقاء في السعودية وكأنهم بدأوا من جديد مايعني إن القائمة العراقية ستبدوا الأوفر حظا في قلب الطاولة على التحالف المزمع بين الأكراد والتحالف الوطني. ليس من المقبول أبد أن يكون التعاطي مع المبادرة السعودية سلبيا بل لابد من الرد بطريقة تعبر عن إحترام كامل لكل توجه عربي وأقليمي هدفه مساعدة العراقيين للخروج من الازمة التي مازالت تداعياتها تضرب في عمق العملية السياسية وتؤرق الحريصين على مصلحة هذا البلد. المبادرة من حيث المبدأ مرحب بها وهي دليل النوايا الطيبة للعاهل السعودي .لكن الحسابات السياسية في الداخل العراقي وماوصل إليه الفرقاء من نتائج قد يؤدي الى حدوث تقارب كبير بينهم وربما وصولهم الى حل يجعل من المبادرة متاخرة عن الأوان الذي كان لابد أن تاتي به. وعلى اية حال فإن من الجميل أن تبادر الكتل السياسية بعد إتفاقها الى تشكيل وفد يضم ممثلين عنها يزور البلدان العربية والمجاورة والدول الأبعد لشرح ماتم الإتفاق عليه وتأكيد إن العراق جزء من حالة عربية وإقليمية تحتاج الى التواصل وتأكيد التلاحم لبناء أفضل العلاقات بين دول المنطقة والتأسيس لشراكة مستمرة في مختلف القضايا. [email protected]