مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات 2015 أريد في البداية باسم فريق الاتحاد المغربي للشغل أن أتوجه بالتحية والتقدير إلى السيد رئيس المجلس الأعلى للحسابات، وإلى كل القضاة والأطر الذين يتحملون مسؤوليتهم، ويقومونبواجبهم بمهنية عالية وبهدوء، ويقدمون نتائج عملهم إلى باقي الفاعلين. لكن لم تترتب على ذلك إصلاحات عميقة وجوهرية، كان لها كبير أثر في تدبير الشأن العام. وبالتالي لم يزدجر أهل الفساد، بل اكتسبوا جرأة حد الوقاحة في تبذيرالمال العام.لأن العديد منهم،بكل بساطة، يتوفرون على غطاء سياسي. وهذا يحيلنا إلى ما عبر عنه بإخلاص و بصدق و بقوةالخطاب الملكي، والذي عرى عن واقع وبؤس المشهد السياسي، وفساد تدبيري، إنه خطاب من القلب إلى قلوب كل المغاربة، لذلك من الواجب علينا أن نبادله نفس الصدق ونفس الإخلاص.وبكل التقدير والاحترام الواجب نحوه، نؤكد ونجزم ان مسؤولية الأحزاب السياسية مؤكدة، هذا أمر لا نقاش فيه، لكن السؤال:من شكل الحاضنة التي نشأت وترعرعت فيها هاته الكيانات السياسية؟ومن يوفر الغطاء والحماية لعدد من الكائنات الحزبية الانتهازية الفاسدة؟ الفئات الشعبية اليوم لها مطالب اجتماعية بسيطة لكنها ملحة ومستعجلة، تضمن لهم أدنى شروط العيش بكرامة،ولن تتحقق تلك المطالب إلا من خلال نهضة اقتصادية حقيقية، تشمل كل المجالات، وتستوعب كل الطاقات والمؤهلات التي تزخر بها بلادنا، ولا يتأتى ذلك كله، إلا عبر إصلاحات سياسية جدية تطهر المشهد السياسي والمدني عموما من الطفيليات التي عششت فيه وشوهت معالمه،إصلاحات تجعل من المشهد السياسي فضاء حرا مفتوحا تتقارع فيه الأفكار، وتتنافس فيه البرامج لخدمة المواطن المغربي، دونما تحكم أو توجيه. هذا،حتى يكون لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة معنى وأثرا في تدبير الشأن العام. السيدات والسادة أكيد أن ما جاء في التقرير مهم ومهم جدا، ولكن نظرا لضيق الوقت سأتطرق للمحاور ذات البعد الاجتماعي.وأولها ملف التقاعد: إننا نسجل للأسف الشديد أن الإصلاح المزعوم جاء عنوة على حساب كدح ومعاناة الطبقة العاملة، ومخلا بالمبادئ التعاقدية ومبدأ صيانة الحقوق المكتسبة،وبالمعايير الدولية المعتمدة، وخارج توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وكذا توصيات المجلس الأعلى للحسابات، وخارج الإطار الطبيعي ألا وهو الحوار الاجتماعي،ودون إجراء أية مساءلة جريئة في ظل دستور الحكامة حول أسباب إفلاس صناديق التقاعد، وهذا ما تم إغفاله في التقرير. أما على مستوى قطاع الصحة، فيؤسفنا أن نسجلالتردي الخطير للخدمات الصحية،والتي على علاتها،لا تغطي كل الأقاليم، وغياب التدبير الأمثل للمنظومة الصحية،إن القطاع الصحي اليوم هو في مسيس الحاجة إلى إجراءات استثنائية، تمكن المواطنين في المناطق القروية والجبلية من الخدمات الصحية المطلوبة، في إطار العدالة المجالية المنشودة. أما في مجال التربية والتعليم فلازال القطاع يتخبط في أزمة بنيوية متعددة الزوايا، تخمة الاستراتيجيات والمخططات وأزمة البنيات التحتية، والموارد البشرية والثقافة البالية السائدة، وأزمة التدبير الأمثل للموارد والمرافق. وكذا التخبط في إجراءات متسرعة تجسد قمة الارتباك في تدبير القطاع. ولا أدل على ذلك من لجوء الحكومة إلى التوظيف بالعقدة،والذي يضرب في العمق الاستقرار المهني ويوسع رقعة الهشاشة، وما لذلك من انعكاس خطير على أوضاع رجال ونساء التعليم و على العملية التربوية والتعليمية برمتها. السيدات والسادة ملف آخر استرعى اهتمامنا كفريق ويتعلق الأمر بتدبير الحسابات الخصوصية المتعددة وتوفرها على أرصدة مرتفعة. وعدم توظيف هذه الأرصدة في تلبية الحاجيات الاجتماعية المتنامية و الملحة.وكلنا يعلم الصخب واللغط الذي حدث بين مكونات الأغلبية الحكومية حول تفعيل صندوق دعم التماسك الاجتماعي، ولحسابات سياسوية ضيقة ومقيتة ضاعت حقوق فئات واسعة من المواطنين المقهورين الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم، وخاب أملهم.