انطلقت عند منتصف ليلة الجمعة حملة الانتخابات البلدية والجهوية المقررة يوم 24 مايو الجاري بإسبانيا، التي تستعد هذه السنة لاستحقاقات حاسمة في مستقبل مشهدها السياسي، الذي تميز على الخصوص ببروز حزب بوديموس الجديد المناهض لليبرالية. وسيتوجه الناخبون، يوم 24 مايو الجاري، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الهيئات المحلية ورؤساء البلديات بإسبانيا، في موعد انتخابي حاسم سيشكل ثاني اختبار بعد الانتخابات الجهوية التي جرت يوم 22 مارس بالأندلس، للقوى السياسية الإسبانية الرئيسية، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، قبل الانتخابات التشريعية المقررة متم 2015. وسيدلي نحو 34,5 مليون ناخب إسباني وأزيد من 1,8 مليون مواطن إسباني مقيم في الخارج بأصواتهم لاختيار ممثليهم في أكثر من 8100 بلدية بمختلف جهات البلاد. وستشكل الانتخابات البلدية فرصة لإعطاء صورة عن المشهد السياسي الإسباني مستقبلا، لاسيما بعد الصعود القوي لحزب بوديموس، الذي تأسس في يناير 2014، وتمكن من أن يصبح ثالث قوة سياسية في الأندلس، أكبر جهة بإسبانيا. وأبرزت نتائج استطلاع، نشرت أمس الخميس من قبل مركز البحوث الاجتماعية، الصعود الملحوظ للحزبين الحديثي النشأة بوديموس وسيودادنوس، الذي تأسس سنة 2006 ، وإن قدمت الحزب الحاكم على أنه الأوفر حظا في الانتخابات المقبلة. وأظهر الاستطلاع، أيضا، أن الحزب الشعبي سيفوز في انتخابات 24 مايو الجاري في الجهات الرئيسية لكن دون أن يحصل على الأغلبية في هذه الاستحقاقات البلدية والجهوية. ومنذ أول انتخابات في 1977 بإسبانيا، بعد قيام الديمقراطية، هيمنت على المشهد السياسي الإسباني ثنائية حزبية تجسدت في التحالف الشعبي، الحزب الشعبي لاحقا، والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني. ويسعى الحزب الشعبي، الحاكم منذ دجنبر 2011، إلى البقاء في السلطة بالاعتماد، بشكل خاص، على الأرقام الإيجابية التي حققها اقتصاد إسبانيا مؤخرا، بعد سنوات من الركود في ظل ظرفية الأزمة المالية والعقارية، التي ضربت البلاد منذ سنة 2008. وشدد في هذا الصدد، زعيم الحزب والرئيس الحالي للحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، مرارا وتكرارا في خطبه وخرجاته الإعلامية على أن خلق فرص العمل يبقى من أولويات برنامجه الانتخابي. أما أبرز أحزاب المعارضة، الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، فقد اهتز مؤخرا على وقع سلسلة من الأزمات الداخلية، رغم فوزه في الانتخابات الجهوية بالأندلس، ب35,54 من الأصوات. ومع ذلك، فإن هذه الثنائية الحزبية باتت مهددة اليوم من قبل الأحزاب الناشئة، مثل بوديموس، التي استفادت من الأزمة الاقتصادية التي هزت هذا البلد الإيبيري، لتفرض نفسها في الساحة السياسية الوطنية. فخلال الانتخابات المبكرة التي جرت يوم 22 مارس الماضي بالأندلس، أحرز حزب بوديمس، الذي خرج من رحم حركة الغاضبين في مايو 2011، على 15 مقعدا، أي 14,86 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، ليصبح بذلك ثالث قوة سياسية بهذه الجهة. وقدم الأمين العام لبوديموس، بابلو اغليسياس، الثلاثاء الماضي، برنامجه الانتخابي من 215 إجراء، منها "مخطط لإنقاذ" المواطنين، يروم معالجة آثار سياسة التقشف التي ينهجها الحزب الشعبي، من خلال التركيز على تجميد إخلاء المساكن، وإلغاء ديون الأفراد، والصحة الشاملة والاستثمار في التربية والتعليم. وفي المجال الضريبي، نص البرنامج الانتخابي لحزب بوديموس الجديد على رفع الضرائب على المداخيل التي تتجاوز 50 ألف أورو، وفرض ضريبة على الثروة عندما تتجاوز 400 ألف أورو، والتنسيق الضريبي بين مختلف جهات إسبانيا. ومن جهته سجل، الحزب الجديد سيودادنوس، الذي تأسس سنة 2006 ، ويقدم كحزب وسط، بروزا ملحوظا خلال الاقتراع نفسه وأحرز على 9 مقاعد، وهو ما يمثل 9,25 بالمائة من الأصوات. وبهذا الأداء، أضحى هذان الحزبان الأخيران رقمان رئيسيان في أي سيناريو محتمل للتحالف بين الأحزاب السياسية بعد المواعيد الانتخابية الثلاثة المقررة بإسبانيا خلال السنة الجارية. وبالتالي فإن المشهد السياسي الإسباني بات معقدا وغير معروف، لاسيما وأن استطلاعات الرأي الأخيرة تتنبأ توزيع 80 في المائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية بين الأحزاب السياسية الأربعة، الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني والحزب الشعبي وبوديموس وسيودادنوس، دون أن يحصل أي منها على الأغلبية المطلقة ليحكم بمفرده.