اشكاين – أحمد الهيبة صمداني ازدادت حدة هجوم الآلة الدعائية الإعلامية الجزائرية على المغرب بعد تأمين معبر الكركارات، باختلاق حروب وهمية على الحدود المغربية الجزائرية مع جبهة البوليساريو. واستعرت هذه الحرب الإعلامية التي تشنها الجارة الشرقية على المغرب بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، في العاشر من دجنبر 2020، وما رافقه من افتتاح لقنصليات بالٌأقاليم الجنوبية للبلاد لدول عربية وأفريقية وغيرها، تعزيزا لاعترافهم بمغربية الصحراء ودعما لخيار الحكم الذاتي. لم يتوقف الجيران عند حد اختلاق حروب وهمية، بل تعدوها إلى الإساءة إلى العاهل المغربي، من خلال ما بثته قناة تلفزيونية جزائري، من تجسيد ساخر لشخص الملك ما دفع مغاربة للمطالبة بسحب السفير المغربي من الجزائر احتجاجا على الإساءة. ولمعرفة خلفيات ودواعي هذا الهجوم المتكرر على المغرب من قبل الإعلام الجزائري، تستضيف "آشكاين" المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد ضريف، للحديث عن الكيفيات التي سيرد بها المغرب على إساءة الجزائر، علاوة على ما قد تشكله هذه الحملة الإعلامية من أثر على المستثمرين في الأقاليم الجنوبية. في ما يلي نص الحوار: بداية..كيف تقرؤون الهجوم الإعلامي المتواصل للجارة الشرقية الجزائر على المغرب منذ أحداث الكركارات إلى آخر إساءة لشخص الملك محمد السادس؟ طبعا هذا ليس بالأمر الجديد، كل المتابعين لما يجري في الجزائر، سواء على مستوى التصريحات التي كان يدلي بها المسؤولون الجزائريون، أو المواقف التي كانوا يتخذونها، إضافة إلى ما كان ينشر في سائل الإعلام الجزائرية، مسموعة أو مقروءة أو مرئية، كانت كلها تحاول أن تمس بثوابت المغرب ومقدساته. وكما قلت فهذا ليس أمرا جديدا، لأنه منذ استقلال الجزائر، إذ لا ننسى أن الجزائر استفادت من دعم المغاربة لتنال استقلالها، وبمجرد نيلها لهذا الاستقلال سعت إلى استهداف المغرب، والكل يتذكر ما حدث في حرب الرمال في بداية الستينيات. ورغم أن المغرب ظل يمد يده إلى الجزائر، ورغم أنه تنازل عن حقوقه في الصحراء الشرقية لصالح الجزائر، والكل يتذكر أن بومدين عندما كان المغرب يعتزم استرجاع صحرائه في بداية السبعينيات، قالها صراحة: "الجزائر لا أطماع لها بالصحراء المغربية". ولكن بمجرد أن استرجع المغرب صحراءه، سعت الجزائر، بمساعدة ليبيا معمر القذافي آنذاك ودول أخرى، (سعت) إلى استهداف الوحدة الترابية للمغرب، وأُسِسَت ما سمي بجبهة البوليساريو، وأُعْلِن عن قيام جمهورية الوهم، وظل المسلسل مستمرا إلى اليوم. بمعنى، أنه كلما أعلن المغرب مواقف إيجابية اتجاه الجزائر إلا وحاولت الأخيرة أن تعاكسه، وأن تشن حملات مسعورة ضد مؤسساته. آخر هذه الهجمات الإساءة لشخص الملك عبر قناة تلفزيونية جزائرية، كيف يمكن أن يرد المغرب على هذه الإساءة؟ خاصة مع وجود حملة من المغاربة تطالب باتخاذ مواقف دبلوماسية "حازمة" اتجاه هذا الأمر. أعتقد بأن المغرب أكبر من الرد على قناة جزائري معروفة، لذلك فالمغرب لم يشغل باله بالرد على الحملات المسعورة للجزائر ضد مؤسساته، وأنا أتفهم دعوات بعض المغاربة بضرورة اجتماع البرلمان بسرعة لاتخاذ موقف، أو حتى سحب السفير المغربي من الجزائر. وأعتقد أن المغرب لا يؤسس سياسته الخارجية على ردود الفعل. والأزمة العميقة التي تعيشها الجزائر حاليا، وخوف السلطات الجزائرية من عودة حراك الشارع الجزائري من جديد، إضافة إلى قرار ترامب القاضي باعتراف أمريكا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. كل هذه الاعتبارات، تجعل الجزائر في حاجة إلى التغطية على الصراعات الداخلية من خلال لفت الأنظار إلى الجار الذي لا تسعى الجزائر إلى الحفظ على الأوضاع عادية معه. وهناك قاعدة معروفة مفادها، أن الأنظمة التي تعيش تناقضات وصراعات داخلية، غالبا ما تسعى إلى لفت الأنظار إلى قضايا خارجية، ولا أعتقد أن المغرب سينساق وراء ردود فعل حول ما قامت به قناة إعلامية، وقد يقال لك أن هذه القناة الفضائية مستقلة ولا علاقة لها بالسلطة الجزائرية، ويقدم هذا كتبرير. وأؤكد أن المغرب أكبر من الانجرار وراء ردود فعل اتجاه هذه الممارسات الجزائري اللامسؤولة. البعض يعتبر أن هذه الحملة الإعلامية تروم "إخافة" المستثمرين بالأقاليم الجنوبية، كيف ترى ذلك؟ هناك إشارات قوية تطمئن المستثمرين وتدفعهم إلى القدوم إلى الأقاليم الجنوبية. المؤشر الأول بدأ مع فتح العديد من القنصليات، سواء في العيون أو في الداخلة، وقامت بذلك مجموعة من الدول العربية والإفريقية، دون أن ننسى أن مجلس التعاون الخليجي الأخير الذي أكد على عدالة القضية المغربية، مع اعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وكما يعرف الجميع فالقنصليات دورها تجاري بالأساس، لذلك هناك إشارات قوية تطمئن المستثمرين، وطبعا هناك من يحاول التشويش على ذلك. ولا ننسى أن البروبكاندا التي تقوم بها الجزائر، أو حتى جبهة الانفصال تحاول أن تتحدث عن معارك وهمية في الأقاليم الجنوبية بهدف إخافة المستثمرين، ولكن أعتقد أن الكل يعرف حقيقة الوضع في أقاليمنا الجنوبية، وكل قوى المجتمع بالمغرب، سواء تعلق الأمر بالأحزاب السياسية أو المركزيات النقابية، أو جمعيات المجتمع المدني قامت بزيارات رمزية، لتبعث برسائل واضحة حول الاستقرار الموجود في المنطقة. وللإشارة الكل يتحدث عن قرار ترامب القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، على أنه قرار شخصي، في حين أنه يعكس موقف الإدارة الأمريكية من قضية الوحدة الترابية. ولا يجب أن ننسى، أن ترامب لم يخالف مواقف المنتظم الدولي، لأنه عندما اعترف بالسيادة المغربية على أراضيه، قال أن الخيار الوحيد الممكن هو خيار الحكم الذاتي، وهذا هو الموقف العام للاتحاد الأوروبي وحتى قرارات مجلس الأمن كلها تسير في هذا الاتجاه. لذلك فعندما تقرر الإدارة الأمريكية الاعتراف بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، وتفتح قنصلية لها بمدينة الداخلية، وتعلن بأنها ستنجز استثمارات كبيرة، أرى أن باقي المستثمرين الذين ينتمون إلى دول أخرى لن يترددوا في القدوم إلى المنطقة.