بقلم : محمد علمي – عضو المجلس الوطني لحزب الديمقراطيين الجدد في كتاب “ذاكرة ملك “، أشار الملك الرحل الحسن الثاني رحمه الله أن للمغرب واقعاً جغرافياً لم يختره و لا يملك أن يغيره وليس له إلا أن يتعامل معه، في إشارة للجار الشرقي(الجزائر). جارنا الذي يعيش منذ أشهر حراكاً شعبياً واسعاً، فرغم تمكن النظام بذكاء احتواء الاحتجاجات السابقة وتفادي الموجة الأولى للربيع العربي، إلا أن الموجة التي أثارتها العهدة الخامسة كانت أعلى وأقوى من ذي قبل، فلم يجد النظام أمام ثبات الشارع بُداً من التخلي عن بعض وجوهه الكالحة وأبرزها الرئيس المقعد بوتفليقة، كحرباء تتخلى عن ذيلها طمعاً في النجاة، وهو ما أكدته الأيام اللاحقة لعزل عبد العزيز، فقد أخذ العسكر بزمام الامور في البلاد وفرض انتخابات عارضتها فئات واسعة من الشعب لتجلب رئيس من الوجوه القديمة والمحسوبة على النظام الذي لا يجيد سوى تكرار نفسه، وهو مشكل النظام الحاكم الجزائري الذي سيطرت عليه نفس المجموعة من الأسماء وأمراء الظل منذ الاستقلال جعلته غير قادر على إنتاج نخب جديدة بأفكار جديدة تساير تطلعات شعب شاب ومتفتح وطامح في مستقبل افضل. الآن بعد وفاة “قايد صالح” الرجل القوي، الحاكم الفعلي والذي حضي باحترام جزء من الشعب، لعدم تورطه في دم المحتجين، أصبح النظام في مأزق، فالرئيس شرعيته مهزوزة لرفض الانتخابات التي جاءت به وشعبيته متدنية، وسعيد شنقريحة رئيس الأركان الحالي بالنيابة لا يحضى بنفس قدر الاحترام الذي ناله سابقه، والأكيد هذا سيدفع نظام عاجز عن تطوير نفسه لاسترجاع نفس أساليبه القديمة وأبرزها تصدير الصراع الداخلي ولا يوجد خير من المغرب الذي جعل النظام الجزائري عداءه عقيدة راسخة، وهو ما أبرزته تصريحات عبد المجيد تبون في خطاب توليه الحكم وتادية القسم . “عداوة ” شنقريحة بشكل خاص وقيادات الجيش بشكل عام ثابتة وصريحة للمغرب ولا تفكر أبعد من الخيار العسكري، لكنها ستتفادى المواجهة المباشرة وستعتمد الحرب بالوكالة، وهنا يأتي دور مليشيات البولساريو، خاصة مع الملايير التي يحرم منها الجزائريون لصالح رفاهية قادة المرتزقة، ومن جهة أخرى فالبوليساريو تدفع للخيار العسكري طمعاً في تغيير الواقع الذي فرضته الدبلوماسية المغربية وانتصاراتها المتتالية وسحب الاعترافات المتتابعة بالجمهورية الوهم، ونفاذ الخيارات الوهمية منها، دون أن ننسى احتجاجات المخيمات على الأوضاع اللاإنسانية داخلها والتهميش والحصار الذي يمارس على ساكنتها. ان كل الظروف تشير لحتمية مغامرة هذه المليشيات في استفزاز القوات المسلحة المغربية الباسلة المرابطة على تخوم البلاد، لخلق نوع من “البروبغاندا ” الإعلامية وتحقيق أهداف عرابها الأكبر. إلى الساعة مايزال المغرب محترم للشأن الداخلي الجزائري، وضابط لنفسه أمام تصريحات النظام المستفزة ومحتفظ بحق الرد. إن ما يجب أن يفهمه الجميع هو أن الشعبين شقيقين ويحترمان بعضهما، وأنه لا وجود لمغرب مستقر دون جزائر مستقرة ولا جزائر مستقرة دون مغرب مستقر، فقد ربطت الجغرافيا والتاريخ مصيرهما ولا حل إلا في التوافق والتعاون وحل عاجل لعقدة المنشار وجوهر الخلاف و هي قضية الصحراء المغربية.