مازال مخزون الصيد بميناء الحسيمة، يعرف تراجعا ملحوظا، فالمدينة التي كانت منتجة للأسماك، أصبحت اليوم تستورد حاجياتها الأساسية من موانئ مغربية أخرى، وذلك بعد أن بدأت مؤشرات إفلاس الميناء تبدو ملامحها بشكل جلي، بعد هجرة العديد من مراكب صيد السردين صوب موانئ أخرى، العديد من المصادر أكدت لجريدة «الأحداث المغربية»، أن معظم المصايد التقليدية المعروفة بوفرة الأسماك أصبحت اليوم غير ذات أهمية، حيث ترجح المصادر نفاذ هذه الثروة للاستنزاف المفرط الذي تعرضت له في ما مضى من السنين، حيث كان ميناء الحسيمة ينتج العديد من أنواع الأسماك السطحية، خاصة "الأنشوبة" التي كانت توجه لمعامل التصبير، علامات تدهور محصول الصيد بالميناء ليست وليدة اللحظة، فإنتاج الحسيمة من الأسماك عرف انهيارا منذ بداية التسعينات، ترجمته إغلاق ستة معامل لتصبير ومعالجة الأسماك، كانت تشغل مجتمعة المئات من اليد العاملة، الجميع يتحدث الآن عن سوء تدبير الثروة السمكية بالمنطقة البحرية للحسيمة، يحكي أحد البحارة للجريدة بكثير من الحسرة، عن أيام الرخاء والازدهار بالبحر، حيث كانت مراكب صيد السردين تقطع مسافة قصيرة بمياه البحر، لتحصل على أطنان الأسماك، أما الآن يضيف البحار ذاته، فعلى المراكب أن تقطع العديد من الأميال في المياه لتحصل على بضعة صناديق، لا يغني محمودها حتى على مصاريف تجهيز المركب، نفس الواقع يعبر عنه كل العاملين بميناء الحسيمة، بطرق مختلفة، فإلى جانب البحارة، المجهزون بدورهم يشتكون من قلة الأسماك، علاوة على تجار السمك الذين عرفت تجارتهم تراجعا كبيرا، مظاهر البؤس أصبحت تطغى على صورة الميناء، مبيعات المكتب الوطني للصيد البحري بميناء الحسيمة، تراجعت بشكل ملحوظ، أرقام مخيفة في الانتاج السمكي تؤشر بأزمة حقيقية قد تعصف بمستقبل قطاع الصيد البحري بالحسيمة، في حالة عدم تدارك الوضعية، وإصرار الوزارة الوصية على القطاع ومعها الحكومة على انتهاج سياسة إغلاق الآذان، وأسلوب الهروب إلى الأمام، بدل الاعتكاف على دراسة المشاكل وتقديم الحلول المناسبة. الجريدة ربطت الاتصال مباشرة بمسؤولي المكتب الوطني للصيد البحري بميناء الحسيمة، حيث أكدوا مجددا على تراجع المخزون السمكي بسواحل الحسيمة، بشكل كبير، فخلال الفترة الممتدة من شهر يناير حتى مارس من سنة 2011، عرف الميناء إنتاج 511 طن من السردين، 95 طن من سمك أبو سيف، 95 طن من الأنشوبة، نفس الفترة من سنة 2012، عرفت إنتاج 182 طن فقط من السردين، بنسبة تراجع تصل ل 64%، و 46 كلغ من سمك أبوسيف بنسبة تراجع تصل ل 99%، و 52 طن من سمك الأنشوبة بنسبة تراجع تقدر ب 60 %، الأرقام توضح بشكل كبير مدى التناقص الكبير الذي عرفته أهم أصناف السمك التي ينتجها ميناء الحسيمة، المصادر ذاتها أكدت للجريدة أن الانتاج الإجمالي للسمك بميناء الحسيمة خلال الفترة مابين شهري يناير ومارس بلغ سنة 2011، 1737 طن، في حين بلغ الانتاج خلال نفس الفترة من سنة 2012، 442 طن بنسبة تراجع تقدر في 74.55 %. المعهد الوطني للبحث في الثروة السمكية اعتبر تراجع المخزون السمكي بميناء الحسيمة يعود في جزء منه للتدبير العشوائي للموارد السمكية بسبب تفشي الصيد الجائر والغير القانوني، كما نفى المعهد ذاته أن يكون تراجع إنتاج ميناء الحسيمة من الأسماك يعود لتناقصها في البحر، فحسب دراسة للمعهد ذاته أكد على وفرة الثروات البحرية بسواحل الحسيمة، إلا أن قطعان الأسماك غيرت سلوكها والتجأت للمياه العميقة، بشكل يصعب معه اصطيادها من طرف مراكب صيد السردين الغير المجهزة بالعتاد الكافي، لممارسة الصيد في أعالي البحار والمياه العميقة. المندوب الجهوي للصيد البحري بالحسيمة، اعتبر في تصريح خص به «الأحداث المغربية»، أن تراجع إنتاج ميناء الحسيمة من الأسماك يعود للتدمير الممنهج الذي تتعرض له الثروة السمكية بسواحل الحسيمة، واعتبر أن الصيد الجائر، يعتبر العامل الرئيسي الذي يقف وراء تدني مخزون الصيد، علاوة على استعمال المتفجرات، والصيد في المياه القليلة العمق من طرف مراكب الصيد بالجر، والتلوث. العديد من اللقاءات العلمية المنعقدة مؤخرا بالحسيمة، أكدت أن المجال البحري يعاني مشاكل لا حصر لها بسبب الصيد المفرط واستمرار صيد أسماك غير تامة النمو والتي لم تصل إلى مرحلة التوالد، علاوة على الصيد بالجر في الأماكن الممنوعة، رغم أن القانون صريح في منع مراكب الصيد بالجر في ممارسة نشاطها في أعماق تقل عن 80 متر، في المنطقة المتواجدة بين رأس كاب سبارتيل بطنجة ورأس سيدي عابد بالحسيمة، وأقل من ثلاث أميال بعيدا عن الشاطئ، مابين رأس سيدي عابد والسعيدية، بحيث يتم تدمير الأعماق البحرية المحاذية للشواطئ التي تختارها جميع أنواع الأسماك أماكن للتوالد والنمو. ورغم أن القانون واضحا في منع صيد وبيع الأسماك دون القامة التجارية بالأسواق التابعة للمكتب الوطني للصيد البحري، إلا أن العديد من مراكب الصيد لازالت تصطاد الأسماك الصغيرة من خليج نكور الذي يعتبر أحد أهم مجالات تكاثر الأسماك بالبحر الأبيض المتوسط، ويطالب العديد من المواطنين ومعهم البحارة والمجهزين بحماية ما تبقى من مخزون الأسماك عن طريق تفعيل المادة الثامنة الواردة في الجريدة الرسمية عدد 5682- 14 ذو القعدة 1429 ( 13 نوفمبر 2008 )، والتي تنص على أن " يتم فورا توقيف كل رخصة صيد الأسماك السطحية الصغيرة من طرف الوزير المكلف بالصيد البحري، أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض، لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر".