في أوائل سبعينات القرن الماضي، كانت الحسيمة ما تزال تحتفظ بالكثير من وهج وسحر الماضي. وكانت يومها شواطئ المنطقة جواهر بحرية، وكانت رمالها تبدو وكأنها مصفاة تحت المجهر، لكن مع مرور الوقت تحولت الشواطئ إلى ما يشبه صناديق مغلقة تتجمع داخلها الكثير من المتناقضات. شاطئ « تلا يوسف « واحد من الشواطئ الساحرة في الإقليم، شاطئ شعبي بامتياز، يصله الناس إما مشيا على الأقدام أو بواسطة سياراتهم، ما يجعل الأماكن المخصصة للأخيرة تكتظ عن آخرها، وتتعرض حركة المرور أحيانا لاختناق فظيع. يتوفر الشاطئ على بعض مقومات الشواطئ المحروسة، لتوفره على الحد الأدنى من الضمانات الضرورية، من أمن وكهرباء. يصل عدد المصطافين الذين يفدون على «تلا يوسف» يوميا إلى 1000 شخص، تستهويهم الرمال الذهبية. يمتاز الشاطئ بمياهه النقية التي صنفت من أجمل مياه الاستحمام بالإقليم. مميزاته الطبيعية والسياحية، أهلته للدخول في بعض المشاريع السياحية والاستثمارية، إذ يوجد به أكبر مجمع سياحي بالمنطقة، إضافة إلى دور سكنية معدة للتخييم. وتتوفر الجماعة القروية إمزورن التي يوجد الشاطئ على ترابها، على شواطئ عدة تحتاج فقط إلى الطرق والمسالك والربط بالماء والكهرباء وتوفير الأمن، إسهاما من الجماعة في رفع المنتوج السياحي، خاصة أن المغرب ذاهب في هذا الاتجاه، أي هيكلة وإعادة تأهيل الفضاءات السياحية. غير أن ما بات يؤرق المصطافين الذين يقصدون الشاطئ للترويح عن أنفسهم، غياب الممرات الخاصة بالراجلين، سيما ذوي الاحتياجات الخاصة، وحاويات جمع النفايات، وتسرب مياه الصرف الصحي إلى جزء من رماله. مهاجر مغربي بهولندا، دفعته الأجواء الحارة التي تعيشها الحسيمة، إلى الهروب مع زوجته نحو الشاطئ، يقول (ع . ب) «لا يمكنك أن تدعي أنك زرت الحسيمة بدون أن تزور شاطئ تلا يوسف، فرغم الاكتظاظ، هو من أهم الشواطئ الخلابة التي تزخر بها المنطقة، يفتن عين الزائر، ويشكل قبلة لأعداد هامة من أبناء المنطقة وزوارها»، أما زوجته فاكتفت بقولها «إن هذا الشاطئ جميل، يتميز بنعومة أمواجه وزرقة مائه، وكذا برماله الذهبية المرنة جدا، والخالية من الحجر، إلا أنه يحتاج إلى قليل من العناية والنظام». لا تحتاج الأسر القادمة إلى شاطئ تلايوسف إلى جلب مواد غذائية لتسد بها جوع أبنائها حين يضربهم ريح البحر، بل هناك أكشاك ونقط للتزود بالأكل الجاهز أو المعلب. ويلجأ التجار الموسميون إلى نصب كراسيهم وموائدهم، على طول الساحل، بينما يفضل المواطنون الاسترخاء فوق الرمال للاستمتاع بأشعة الشمس، تحت شمسيات بمختلف الأشكال والأحجام ومنمقة بكل الألوان. وينتقد بعض المصطافين غلاء أسعار مختلف المأكولات والمشروبات بالشاطئ، وبعض المظاهر التي لا تمت بصلة إلى التحضر، وتخل بأجواء السكينة والانشراح، وانتشار استعمال الدراجات المائية على مقربة من المصطافين، الشيء الذي قد يؤدي إلى حوادث، ويخلف فزعا لدى غالبية الناس الذين يحجون إلى هذا الشاطئ. ودعا العديد من المواطنين إلى انخراط الجميع في نشر اللوحات المنظمة للسباحة ووضع حد لبعض التجاوزات التي يشهدها الشاطئ. وأثار ظهور قناديل البحر في الآونة الأخيرة، مخاوف العديد من الأسر والعائلات التي اعتادت أن تقضي فصل الصيف بهذا الشاطئ. ويتخوف المصطافون كثيرا من المضاعفات الناجمة عن لدغات هذه المخلوقات البحرية، ورغم وجود هذه القناديل بالشاطئ نفسه، فإن ذلك لم يمنع المصطافين من التوجه للشاطئ للاستجمام والاستمتاع بأشعة الشمس. الصباح