يشغل القطاع الخاص في المغرب ما يناهز 14 مليون عامل حسب أخر التقارير الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط مقابل 850.000 موظف حكومي أي أن القطاع الخاص يعتبر هو المشغل الأكبر لليد العاملة بالمغرب هذا الواقع فرض على الدولة أن تضبط واقع الشغل هذا بترسانة قانونية تحمي مصالح الأجراء و أرباب العمل على حد سواء فسنت تبعا لهذا مجموعة من الهيئات التي عهد اليها السهر على احترام المقتضيات القانونية التي تجري في الساحة الشغلية بالمغرب و تعمد الى تطبيق القانون و مراقبة مدى احترامه من طرف المقاولات و ارباب العمل .اليوم بعد ان تم سن اجراءات ترمي الى تطوير الاجتماعي في المغرب و ضرورة تمنيع المغاربة بحماية اجتماعية عقب وباء كورونا الذي عرى واقع الوضع الاجتماعي في المغرب و مستوى الهشاشة المجتمعية التي افرزتها بعض التجارب الحكومية المتعاقبة على تسيير الشأن العام بالمغرب . الاطار المنظم لمفتشي الشغل : نص المرسوم 2.09.69 الصادر في 5 رجب 1429 في شأن النظام الأساسي لمفتشي الشغل بالمغرب و الظهير الملكي رقم 1176.66 ان مراقبي الشغل هم الموظفون المحلفون حسب ظهير اعوان المحاكم المحلفون المخول لهم مراقبة الشغل و الشؤون الاجتماعية كما جاءت المادة 530 من مدونة الشغل مؤكدة لهذا المرسوم في قولها " يعهد بتفتيش الشغل وفق نصوص هذا القانون الى مراقبي و مفتشي الشغل و الى مفتشي و مراقبي القوانين الاجتماعية في الفلاحة " كما نصت المادة 532 مدونة الشغل أن " مفتشي الشغل تناط بهم مهمة السهر على تنفيذ الاحكام القانونية و التنظيمية المتعلقة بالشغل و احاطة السلطات القانونية علما بكل التجاوزات في المقتضيات القانونية و التنظيمية المعمول بها." . مفتشية الشغل و ركود المهام : بعد استقراء كافة النصوص المنظمة لأدوار مفتشيات الشغل بالمغرب يمكن الخروج بمجموعة من النتائج الأولية و التي نجملها في . 1- تقاعس مفتشيات الشغل عن أداء أدوارها الحقيقية طبقا للفصل 533 من المدونة الذي ينص على حرية التفتيش بالنسبة لمفتشي الشغل و تفعيل الرقابة القانونية " يرخص للأعوان المكلفون بالتفتيش اذا كانوا يحملون الوثائق التي تعرفهم في تفتيش كل المنشأت و مقرات العمل ليلا او نهارا و دون سابق اخبار .يدخلون فيما بين الساعة السادسة صباحا الى غاية الساعة العاشرة صباحا كل المنشأت الخاضعة لمجال مراقبتهم " واضح اذن ان الاهتراء الذي اصاب واقع العمل بالمغرب مرده في جزء كبير منه الى تقاعس هذه الهيئات عن تفعيل ادوارها و الضرب بجدية في سبيل اعمال القانون و تنزيل هذه النصوص حماية لأوضاع الاجراء بداية و تقوية للروابط الشغلية وفق المبادئ العامة المؤطرة . شركات المناولة و سيطرتها على واقع العمل بالمغرب : يعيش واقع الشغل المغربي على وقع سيطرة كاملة لشركات المناولة في تسيير دفة الشغل بما يقتضيها مصلحتها خصوصا في ظل رفض القطاع الوصي ممثلا في مفتشيات الشغل عن تفعيل ادوارها كما ينص عليه القانون و الاكتفاء بدور الوسيط السلمي للقضايا او في أغلب الحالات الى لعب دور الموجه المباشر للأجراء وفق محاضر جامدة الى القضاء و هو ما يثقل كاهل الأجراء بمصاريف و أتعاب اضافية قد لا يقوى عليها في كثير من الأحيان .ان سيطرة المناولة على واقع العلاقة الشغلية في ظل غياب الادارة اللا مبرر سمح لهذه الشركات ان تتعسف في مقاربة علاقاتها الشغلية بالأجراء و فتح الباب لتحايلات جمة على حقوقها و مكتسباتها القانونية و هو ما يعيق مشروع الحماية الحقيقية للأجراء و يسهم في تمكين الهشاشة الاجتماعية و الاقتصادية منهم و يسير في عكس الاتجاه الذي تخطه الدولة في تطوير و توسيع رقعة الاقتصادي و الاجتماعي بالمغرب . ان اعادة احياء ادوار مفتشيات الشغل ضروري لحماية الأجراء و العلاقة الشغلية ككل و الجمود الذي اصبحنا نشاهده و نلمسه من هذه الهيئات يسائل المجتمع المدني و الحقوقي بداية و هو المسؤول عن مدى مواكبته لتنزيل النصوص القانونية على ارض الواقع و فرض هيمنة القانون و سيادته على أطراف العلاقة الشغلية . ان اعتبار القطاع الخاص بالمغرب هو المشغل الاول و المحرك لعجلة الاقتصاد يتطلب صيانته المستمرة و مراقبة مدى توفر العناصر الصحية لاستدامته و تطويره في افق تقوية واقع الاجراء المغاربة و القطع مع فوضى تضييع حقوق الأجراء و اطلاق يد شركات المناولة لتصول و تجول في حرية أمام اعين هيئات رسمية كلفنا الكثير انشاؤها و لم نستفد منها غير لوحة مثبت علي مقراتها يحمل صفة " مفتش شغل " جمال الدين اجليان