على بعد أيام قليلة من حلول فاتح ماي، العيد العمالي الأممي، الذي يعد مناسبة لتقييم مسار تطبيق مدونة الشغل ومدى استفادة العمال من مضامينها خاصة في مجال صون الحقوق، والجهد الذي بذلته الوزارة الوصية حرصا على مصالح اليد العاملة دون المساس بمصالح أرباب العمل. اختارت وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية، تنظيم لقاء تواصلي تمتد أشغاله على مدى يومين بالرباط، مع المندوبين الجهويين والإقليمين للتشغيل يتم خلاله البحث عن سبل جديدة وناجعة للرفع من أداء ومردودية مفتشيات الشغل كجهاز يضطلع بدور كبير في مجالات التشغيل وتطبيق مدونة الشغل. وأعلن وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي، في كلمة له بالمناسبة، أن هذا اللقاء الذي ينظم بتعاون مع مكتب العمل الدولي، يروم تقديم تقييم حول المنهجية ووسائل العمل المعتمدة من طرف الإدارة المركزية في علاقاتها مع المصالح الخارجية والوحدات التابعة لها، وكذا مناسبة لتقييم المقاربة التعاقدية بين الطرفين، ومن أجل الوقوف عند نقاط القوة ومكامن الضعف، والمساهمة بذلك في تقديم اقتراحات للرفع من أداء ومردودية مفتشيات الشغل خاصة في مجالات التشغيل وتطبيق تشريع الشغل، وتدبير العلاقات المهنية، والحماية الاجتماعية للأجراء. وحدد بذلك الوزيرالنتائج الأساسية المرجوة من هذا اللقاء، الذي ستتخلله ورشة عمل حول تنشيط مفتشيات الشغل واستشراف آليات تطوير وسائل ومناهج عملها، سيقوم بتأطيرها خبراء من مكتب العمل الدولي، وهي النتائج التي يجب أن تستهدف أبعاد تطوير تنشيط جهاز تفتيش الشغل بما ينعكس إيجابا على أدائه والاضطلاع بمهامه، كما هي مضمنة في نص القانون والتي تتعلق بتعزيز الحقوق الأساسية في العمل، والنهوض بالمفاوضة الجماعية وآليات الحوار ومحاربة تشغيل الأطفال، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، وضمان احترام الحريات النقابية. هذا فضلا عن مهام تتعلق بتحسين المناخ الاجتماعي داخل المقاولة بهدف تحسين العلاقات الشغلية، وكذا إرساء مفهوم العمل اللائق عبر مواصلة تعزيز مراقبة تطبيق تشريع الشغل وتحسين شروط الصحة والسلامة في العمل وتعزيز الحماية الاجتماعية. وفي ذات السياق، أبرز الصديقي، التحديات التي باتت تفرض على الوزارة الوصية على القطاع والهيئات التابعة لها، البحث عن سبل لتطوير وتأهيل إدارة العمل بنيويا ووظيفيا حتى تصبح حسب قوله «فاعلا حقيقيا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي الوطني»، وهي التحديات التي ترتبط بالتحولات العميقة التي يعرفها عالم الشغل نتيجة ما أسماه التطور المتسارع واللامتناهي لتكنولوجيا وسائل الاتصال والمعلوميات، والأثر البالغ لذلك على النظام التقليدي للعلاقات المهنية داخل المؤسسة وخارجها وكذلك على أنماط العمل والإنتاج، بل وبصفة عامة على الشغل والتشغيل، وما واكب ذلك من تشريعات ومعايير دولية في هذا الشأن. هذا ولم يفت الوزير، التذكير بمختلف التدخلات التي قامت بها الوزارة للارتقاء بجهاز التفتيش، والتي تندرج ضمن مسار وفاء المغرب بالتزاماته الدولية، خاصة اتفاقيتي العمل الدوليتين 81و129، اللتين صادقت عليهما المملكة، حيث تضمنت في هذا الإطار مدونة الشغل مقتضيات تحدد وتضبط اختصاصات جهاز تفتيش الشغل، بما يضمن السهر على فرض احترام تطبيق الشغل، وتعزيز الحقوق الأساسية في العمل وتأهيل المقاولة المغربية قانونيا واجتماعيا واقتصاديا وتعزيز تنافسيتها حتى تصبح قادرة على مواجهة التحولات التي طرأت على العلاقات المهنية. وأوضح في هذا الصدد، أن الوزارة في إطار نهجها نحو كسب الرهانات التي تضمنتها مدونة الشغل، خاصة ما يتعلق بتفعيل مستجداتها وضمان حسن تطبيق فصولها، واعتبارا لدور جهاز التفتيش كآلية موكول لها مهمة إعمال تلك المقتضيات، إلى جانب السلطات الإدارية والسلطة القضائية، بادرت(الوزارة) إلى الرفع من عدد أعوان تفتيش الشغل وتحسين وضعيتهم الإدارية والمادية من خلال إقرار نظام أساسي والرفع من مبلغ التعويض عن الجولان. كما اتخذت مجموعة من الإجراءات، سواء في إطار الميزانية المخصصة للوزارة أو في إطار برامج التعاون الدولي، لتطوير قدرات جهاز تفتيش الشغل، تمحورت حول تنظيم دورات تكوينية وإعداد دلائل تخص مجالات تدخله ودوريات تأطيرية وتوضيحية، مشيرا أن الوزارة أحدثت أربع لجن على المستوى المركزي لتقييم مدى نجاعة مختلف الدلائل والدوريات الصادرة عن الوزارة والنظام الخاص بالشغل، وعملية تتبع وتنشيط مفتشية الشغل.