- قريبا، ستقوم الجمعية بعد استكمالها للملف بوضع طلب لفتح تحقيق بخصوص المقبرة الجماعية الموجود بمحاذاة الحامية العسكرية بمدينة الناظور، والتي تعود لأحداث القمع التي شهدتها المنطقة يوم الخميس 19 يناير 1984على إثر احتجاج أبناء المنطقة على السياسة الاجتماعية والاقتصادية غير الشعبية للنظام الحاكم، وتأتي هذه الخطوة كإجابة على إهمال الدولة بشكل ممنهج لهذا الملف، حيث لم يتم التطرق له في التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة التي أحدثت لغاية معالجة تبعات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان منذ سنة 1956 وإلى غاية سنة 1999، كما أن التصريح الأخير لأحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والذي خص به قناة الجزيرة قد خلف لدينا استياء وأجهز على ما تبقى لدينا من آمال في معالجة الدولة لهذا الملف العالق، حيث صرح بأن لا علم له بوجود هذه المقبرة، رغم مرور ثلاث سنوات على عمل الهيئة. وعلى اعتبار أن الدولة الإسبانية قد تابعت بشكل كبير مجريات الأمور أثناء أحداث يناير1984 عبر تمثيليتها الدبلوماسية المتواجدة بمدينة الناظور، وعبر مختلف إداراتها المعنية المتواجدة فوق تراب مدينة مليلية القريبة من مدينة الناظور، إلى جانب أن المحكمة الوطنية الإسبانية قد أصبحت مؤخرا تعالج ملفات جرائم ضد الإنسانية، لهذه الاعتبارات المتقدمة قررنا اللجوء إلى القضاء الإسباني. * ما الإجراءات التي اتخذتموها أو ستتخذونها في سياق اللجوء إلى العدالة الإسبانية؟ - نحن الآن بصدد إعداد الملف الذي سيتم تقديمه للمحكمة الوطنية الإسبانية، والذي يتعلق بمجموعة من المعلومات والشهادات حول وجود هذه المقبرة، كما أننا في طور إعداد مجموعة من اللقاءات مع فعاليات وهيئات المجتمع المدني بكل من المغرب وإسبانيا بغية حشد الدعم، ناهيك عن القيام بحملات إعلامية مكثفة ترمي إلى التعريف بالملف لدى مختلف الأوساط على المستويين الوطني والدولي خاصة المهتمة منها بموضوع الجرائم ضد الإنسانية. * ألا تتخوفون من أن يؤدي تقديم طلبكم إلى القاضي الإسباني بالتسار غارثون للتحقيق في الانتهاكات التي اقترفت إبان انتفاضة 1984، إلى ردود فعل من قبل الحكومة المغربية والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان واتهامكم بتشويه صورة المغرب ؟ - بالنسبة لنا في جمعية الريف لحقوق الإنسان نشتغل في استقلالية تامة عن مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ونعمل وفق مبادئنا وقناعتنا، ولذا فإننا مستعدون مسبقا لأي رد فعل، ونحيطكم علما أننا عندما قمنا بتوجيه رسالة إلى ملك البلاد في أكتوبر من سنة 2006 حول التهريب الدولي للمخدرات الذي يتم انطلاقا من الناظور، فإن الشرطة القضائية بالمدينة استدعتني للتحقيق معي على خلفية ملف تمت فبركته ويفيد قيامي بمساعدة المهاجرين غير القانونيين المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء الذين يعيشون بغابات الناظور على تسلق الحاجز السلكي المحيط بمدينة مليلية بتعاون مع خوسي بالاسون رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الطفل بمليلية، كوننا كنا قريبين منهم بحكم اشتغالنا وأنشطتنا الحقوقية التي كنا نقوم بها لفائدتهم، وهو الموضوع الذي نشرته العديد من الصحف المغربية والإسبانية وقتذاك، حيث أعربت العديد من الهيئات والمنظمات عن تضامنها معنا، وليس مستبعدا أن أتعرض أنا أو أحد إخواني في الجمعية لأي رد فعل مشابه. واتهامنا بتشويه صورة المغرب أمر غير ذي معنى الآن، ولاسيما وأن جل الهيئات الحقوقية على المستوى الوطني تلجأ لوضع تقارير لدى هيئة الأممالمتحدة للرد على التقارير التي تضعها الدولة لدى ذات الهيئة، كما أنها تشارك في إطار تنسيقيات تضم هيئات غير حكومية أجنبية لفضح مختلف الخروقات . * كيف ترون تعامل هيئة الإنصاف والمصالحة وبعدها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مع أحداث الريف 1984؟ - بالنسبة لتعاطي هيئة الإنصاف والمصالحة مع ملف أحداث الريف لسنة 1984 فهو لم يكن في مستوى الانتظارات، إذ تم تهميش العديد من الضحايا وخاصة بالمناطق النائية، وعلى سبيل المثال فإن الهيئة أهملت 67 ضحية يقطنون بجماعة ميضار. أما على مستوى تحديد عدد القتلى، فإن الهيئة حددته في 16 حالة في الوقت الذي يتجاوز فيه العدد مائة حالة حسب إفادات شهود عيان، إلى جانب شهادة سائق شاحنة، أمر آنذاك من طرف السلطة بحمل الجثث ونقلها إلى الحامية العسكرية بالناظور من ضمنهم أشخاص كانوا بين الحياة والموت. كما أن العديد من الضحايا ما زالت سجلاتهم العدلية، رغم تعويضهم ماديا من طرف الهيئة، تسجل بها العقوبة الحبسية التي حوكموا بها على خلفية أحداث يناير 1984. أما بالنسبة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فإنه قد فشل بشكل واضح في تطبيق برنامج جبر الضرر الجماعي للمنطقة، ولاسيما وأن المبلغ المالي المخصص له لا يمكن أن يستوعب مشاريع هيكلية في حجم الانتهاكات التي تعرضت لها المنطقة من طرف النظام الحاكم آنذاك. ويضاف إلى كل هذا، فشل هذا المجلس في تدبير ملف المقبرة الجماعية بالناظور، والتي يتعين الحديث عنها قبل الانطلاق في مسلسل جبر الضرر الجماعي. * لماذا لم تلجأ الجمعية إلى القضاء الإسباني لمقاضاة الدولة الإسبانية جراء الانتهاكات التي ارتكبتها إسبانيا في حق سكان الريف إبان استعمارها للمنطقة؟ - بالنسبة لنا كمناضلين في جمعية الريف لحقوق الإنسان، فقد انخرطنا سنة 2005 قبل تأسيس إطارنا الحقوقي، في الإعداد للقاء بمدينة الناظور شاركت فيه العديد من فعاليات المنطقة وبحضور ممثلين للحزب الجمهوري الكتلاني حول موضوع حرب الغازات السامة ضد الريف التي قادها الاستعمار الاسباني لقمع جمهورية الريف آنذاك، والذي كان مقدمة لتشكيل لجنة من الفعاليات انتقلت لاحقا إلى إسبانيا لطرح الملف على أنظار البرلمان الإسباني الذي رفض مناقشته آنذاك. وفي إطار كنفدرالية الجمعيات الأمازيغية بشمال المغرب والتي تعد جمعية الريف لحقوق الإنسان أحد مكوناتها، فإننا نناقش حاليا موضوع اللجوء إلى القضاء الدولي بتنسيق مع هيئات أخرى من أجل محاسبة الدولة الإسبانية على الجرائم التي ارتكبتها بضربها المنطقة بقنابل محرمة دوليا.