كتاب " محمد بن عبد الكريم الخطابي ومقاومة الاستعمار الاسباني " من تأليف المؤرخ عثمان بناني شقيق غيثة بناني زوجة الشهيد المهدي بنبركة، عاش فترة من المنفى الاضطراري بفرنسا، وفي بداية الثمانينات عاد إلى المغرب ليعمل أستاذا في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط . كان من اعمدة الجمعية المغربية للبحث التاريخي وأحد روادها الأوائل، كما عمل مستشارا في المعهد الملكي للبحث التاريخي. زار الحسيمة قبل رحيله في 2016 ، خاصة عندما شرع في إعادة تحيين وتعديل رسالته الجامعية المنشورة من قبل أسرته بعد وفاته رحمه الله، بتعاون مع الجمعية المغربية للبحث التاريخي، وقد عمل على إعداد صياغة مناسبة للكتاب الباحث المقتدر الاستاذ عثمان المنصوري . و تميز كتابه هذا الذي أشرف على تأطيره - باعتبارهارسالة جامعية - الاستاذ والمؤرخ المصري شوقي عطا الله الجمل بجامعة القاهرة خلال سنة 1981، تميز بأسلوبه السلس والسرد المحبوب للاحداث، ولم يكن قط أسيرا للغة الأكاديمية الجافة، وأيضا بتحليل عميق للأحداث مستندا إلى ثقافته الواسعة وتمكنه من العربية والفرنسية معا، بحيث كان طالبا متخصصا في دراسة التاريخ والعلوم الانسانية بالجامعة الفرنسية خلال ستينات القرن الماضي . وفي نفس الوقت عضوا في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وقد انعكست تجربته السياسية وثقافته التاريخية على كتابه الأول الذي أصدره تحت عنوان " بين الفعل السياسي والبحث التاريخي " متناولا تاريخ اليسار الفرنسي والمغربي وتاريخ حرب الريف والمقاومة الوطنية في شمال المغرب . ويبقى عمله ذو حمولة معبرة على الرغم من قدمه، وقدرته على مقاومة عامل الزمن؛ حيث أنجز في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وتتجلى راهنيته من ناحية أخرى في منهجه العلمي الدقيق والرصين، إذ أنصف بعض الشخصيات الوطنية في شمال المغرب ومنهم الشريف مولاي احمد الريسوني. واتجه في ذات الوقت نحو تحليل مسار بعض الشخصيات المغربية والاسبانية، وأبان أيضا عن قدرته في تمحيص الوثائق وتحقيقها، وكذلك تصحيح الخرائط الخاصة بالمواقع. وقد صدر في زمن اتسم بالقلة القلية من حيث الدراسات المغربية المهتمة بالموضوع، وحتى تلك الصادرة وقتها لم تكن أكاديمية رصينة، ليسجل بذلك أهمية السبق في طريقة ومنهجية تحليله لوقائع وأحداث هذه المرحلة من تاريخ الزمن الراهن للمغرب، مع تسجيل التغيير الحاصل في عنوان الأطروحة؛ ولكن باحترام كامل لأصول الرسالة الفكرية والتعبيرية، وعدم التصرف فيها خارج الضوابط والمقتضيات الجوهرية التي سطرها مؤلفها، وكاتب هذا المرجع والمصدر التاريخي البالغ الاعتبار والأهمية على مستوى المعرفة التاريخية . عمل بعد وفاته على تنقيح هذه الرسالة وتعديلها، زوجته سعاد الشرقاوي، وشقيقه علي بناني، بدعم من الجمعية المغربية للبحث التاريخي، ومنهم الاستاذ والباحث المقتدر عبد الرحمان المودن .. معتمدا العديد من الخرائط والوثائق التاريخية النادرة عن المقاومة الوطنية التي قادها القائد والزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي في الريف وشمال المغرب عامة ضد الاستعمار الاسباني، خاصة بعد الزيارات والرحلات العلمية التي قام بها إلى الريف والتي كان آخرها في 2011، من أجل التأكد من الأسماء والمواقع الجغرافية...