تميزت المرأة الريفية عبر التاريخ بالأصالة و الشموخ و قد كان لها دور بارز في الحفاظ على القيم المحلية الأصيلة و العمل على نقلها عبر الية التربية إلى أبناءها الشيء الذي عمل على إستدامة السلوك المشكل لجوهر البروفايل الريفي حتى غدا شعارا يعرف به الإنسان قبل المجال في هذه الرقعة الجغرافية التاريخية. اليوم و بعد غزو طوفان مواقع التواصل تحول شكل و موقع المرأة الريفية و بدأت هذه المرأة تنزع عن نفسها مميزاتها التاريخية و التي تشكلت من عناصر أولية صاغت شخصيتها الكلية عبر الزمن و كان أساس هذه العناصر ترسخ قيمة الحياء في البنيان النفسي للمرأة الريفية .كتب أحد المستشرقين الإسبان في دراساته حول المرأة في قبيلة أيث توزين خلال الثلاثينيات من القرن الماضي و هو يجسد شخصية المرأة الريفية و متانة عنصر الحياء في بنيانها الداخلي قائلا " و لا يمكن الفصل بين الحياء و المرأة في هذه القبيلة ( اي قبيلة ايث ثوزين) لأن المرأة تجسد هنا حياءا يمشي و الحياء يجسد إمرأة تمشي على قدميها ) هذه المقولة تجسد لنا طبيعة التغيرات التي عرفتها المرأة الريفية اليوم و مدى إنسلاخ الأصالة من جوهرها خصوصا بعد بروز ظواهر جديدة قادمة عبر اثير الإفتراضي- الواقعي و الذي مكن لتغييرات جوهرية مست طبيعة المرأة و نمط رؤيتها للأشياء و الأولويات عبر الزمن هنا في منطقة الريف . إن منطق الأشياء يفرض علينا التأقلم مع المستجدات و تمحيص الوافدات لنختار منها ما يفيد مجتمعنا و أصالته و نلقي جانبا كل ما من شأنه خدش قيمة الحياء الذي تميزت به منطقة الريف و أصبحت شعارا مميزا لنا عبر ربوع الوطن .لقد كانت المرأة الريفية مضربا للمثل في أخلاقها بين نساء الوطن و مثالا يحتذى لأصالة المرأة في المغرب فماذا بقي اليوم من هذه الأصالة و قد سقطت أغلب النساء بين مخالب شركات مواقع الويب و التواصل مقابل دريهمات معدودة منهن من يتكشفن و يتسولن بتكشفهن يوميا عبر الشاشات و منهن من يتجسسن وراء الشاشات على المتكشفات و هن يمنين النفس بالتكشف يوما ما إستدرارا لبركة أموال روتيني اليومي و تيك توك الذي ينمي الأرصدة في البنوك. الى حدود التسعينيات من القرن الماضي كان خروج النساء بعد أذان المغرب هنا في الريف مجلبة للعار و الخزي و يقابله المجتمع بنوع من الإزدراء و الإدانة .اليوم بعد عدوى التكشف الذي أصاب الجميع لم يعد مستغربا جلوس النساء في المقاهي و " لعق " كؤوس القهوة القاسحة و التفرج على مباريات كرة القدم بل و ترديد كلمات تنتمي لمجال اخر هنا غير مجال المرأة إنها الحداثة في نسختها الريفية و التي تنذر بمحو كامل لتقاسيم المجتمع الريفي الذي تربينا فيه و الذي كان يميز دائما بين موقع المرأة و الرجل و يجتهد في عدم الخلط بين أدوارهما . إن المساس بمكانة المرأة ينذر بخراب عميم سيطال حتما الأجيال القادمة و التي تعتبر فيه النساء هن المعلم الأول لهذه الأجيال و الصائغ الأول لشخصيتهم المستقبلية فكيف سيكون مستقبل أطفال تتكشف أمهاتهم على الشاشات أناء الليل و أطراف النهار مقابل دريهمات مواقع التواصل و صورهن تخترق كل الفضاءات الأخلاقية منها و اللا أخلاقية . إن إعمال القانون و رقابته على مواقع التواصل اليوم أصبح ضروري جدا للجم هذا الهياج و العصاب الجماعي الذي أصاب الجميع كما أن التنصيص على عقوبات سالبة للحرية و غرامات مالية أمر مستعجل وفق التعديلات المرتقبة لمدونة القانون الجنائي كما يجب خلق شرطة متخصصة في تتبع محتوى مواقع التواصل و تحرير محاضر بخصوص خدش الحياء العلني و الذي يعتبر مادة منصوصة في مجموعة القانون الجنائي فليس التعري خلف الشاشات بأقل إجراما من التعري في الساحات لأن الكل يعتبر تعريا في النهاية و قد يكون تعري الشاشات اشد وطأة لانه يصل الى شريحة اوسع و اكبر من المواطنين و يؤذي وجدانهم .إن حماية المواطن و ضمان حقه في بيئة اخلاقية تقي ابناءه مخاوف الإنحلال امر نص عليه الدستور و القانون الجنائي و لا بد من تفعيل الزجر في مثل هذه الحالات حتى نحمي المادة الأولى من دستورنا و الذي يعتبر كل ما بعده عالة عليه في التشريع المغربي كما يجب التوعية بمخاطر هذه الظواهر المرضية و خلق وعي جديد لدى الناشئة في كيفية التعامل مع هذه الوسائط التي لا يرى فيها البعض غير دريهمات تجنى عبر سكب " ماء الوجه".