بوطاهر المرنيسي المزداد 1954 بدوار مشكور قيادة بني حديفة دائرة بني ورياغل إقليم الحسييمة ، ضحية من ضحايا الهجوم الشرس الذي تعرض له الريف حقبة 58/59 مستهدفا زرعه وذرعه من قتل للماشية وإحراق المساكن وبقر بطون الأمهات ضمن سلسلة من حلقات الفتك الهمجي كجريمة ضد الإنسانية أصلت مبكرا لمثيلتها اللاحقة في صبرا وشاتيلا .طفل ذوخمس سنوات اجتاحته غبطة سرمدية وهو محمولا على كتف والده وسط فضاء قريته الممتدة في فضاء هذا الريف الفسيح ..... حينما باغتتهما رصاصة طائشة اخترقت جسد الأب وأردته قتيلا ملطخا بدمائه الزكية الممزوجة بتربة القرية الهادئة ذاك الصباح من صباحات انتفاضة 58/59 ضد الحكرة والتهميش ، رصاصة وضعت حدا للدعابة الحميمية لهذا الفلاح البسيط المعيل لعائلة متواضعة من 4 أفراد ..ليجد الطفل نفسه مذعورا أمام بشاعة الجريمة تائها في الخلاء باحثا عن ملجإ ياويه من عنف الصدمة التي ظت عالقة في ذهنه كابوسا يزعجه طوال حياته أينما حل وارتحل . كبر الإبن محاطا بإكراهات اليتم ملء قبيلته أولا قبل أن يركب قطار التجوال متحديا شضف العيش بين المدن المغربية بلدة بلدة باحثا عن شرط الاستقرار المفترض يضمن سبل الاستمرار بعيدا عن والدته وأخيه الأكبر ..الذي اهتدى إليه ، بعد طول البحث والتنقيب، بكل من مكناس وفاس ووجدة وبركان والناظور ..وغيرها ..متحملا كل ألوان الحيف والاستغلال والحرمان من كنف عائلته ودفئ والدته التي لم يعاود معانقتها إلا بعد بلوغه العشرين سنة حيث وجدها متزوجة بدوار ( بوهم ).المجاور.في حين وجد أخاه محمد بمدينة بركان مكفوفا بفعل ذات صدمة 58/59 . بعد محنته الأولى ابتدأت الثانية بوفاة زوج الأم تاركا 3 أبناء يتامى(بنتان وولد واحد) ، فما كان من بوطاهر الشاب إلا أن يتحمل أعباء العائلة جمعاء في توفير الحدود الدنيا لشروط العيش والصحة ومتطلبات الحياة وسط ظروف قاهرة وقاسية ..إلى أن بلغ الإخوة رشدهم وراحوا يبحثون عن ملاذ آخر إلى أن تزوجت الأختان وهاجر الأخ عبد الحفيظ نحو تطوان حيث يستقر اليوم وعائلته الصغيرة بحلول الألفية الثالثة سمع بوطاهر بدوره عن إسطوانة الإنصاف والمصالحة التي نادى بها "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان " لتسوية ملفات ضحايا الانتهاكات الجسيمة بالمغرب عموما وبالريف خصوصا ، فسارع كباقي المصدومين إلى تهيئ ملفه ودعمه بكل الوثائق التي تثبت حقيقة ذاك الحدث الأليم الذي اودى مبكرا بحياةوالده المرنيسي احمد بجماعة بني حذيفة ، أودع بوطاهر ملفه لدى هيئة ذات المجلس في زيارتها لمدينة الحسيمة شهر أبريل 2005 تحت رقم 16522 ليتفرغ منذ ذلك الحين لانتظار جبر ضرره الفردي قبل الجماعي إلى حدود 2006 حيث بدل أن يُدرج ضمن لائحة المستفيدين فوجئ بوطاهر بتغيير رقم ملفه ليصبح 22350!!!! لتظل هذه الخبطة الفريدة لغزا محيرا يصاحب ضحيتنا إلى يومنا هذا . حاول مرار استفسار المسؤولين بإدارة "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان "عبر زياراته المكوكية إلى الرباط عابرا إليها من أقصى الهامش/ الريف بموازاة رسائل بريدية مضمونة وأخرى إلكترونية يسأل ويستفسر مصير ملفه المثخن بالجراح دون جدوى سوى ما يرمونه به من وعود التريث والصبر والثبات وانتظار ما قد يأتي ولا يأتي .. كاتب مختلف الهيآت الحقوقية التي دعمت ملفه لدى هذا المجلس الذي قيل أنه كلف بمهمة إنصاف الضحايا في مختلف الملفات التي تشهد على بشاعة جرائم حقبة الجمر والرصاص بمغربنا الحديث والمعاصر. ترى، بعد هذه الرحلة السندبادية السابعة، هل سينعم بوطاهر يوما بحقه في الإنصاف كباقي الضحايا ؟ وماهي خلفيات حرمان بوطاهر الطفل والشاب والرجل من حقه فيما تمتع به غيره مما قيل أنه جبر لضرر فردي ؟ أيحق لهذا (ال)بوطاهر أن يسائل المسؤولين عن سر التمييز الممارس فيما بين الضحايا من الدرجة الأولى الثانية والثالثة ؟ وأسئلة كثيرة متناسلة عن هذا الملف الشائك ..... ومع ذلك فبوطاهر ، كغيره من مئات الضحايا ،لم ولن يمل بعد من ألم هذا الانتظار القاسي.