يعتبر الماء موردا طبيعيا أساسيا للحياة و مادة ضرورية يرتكز عليها الجزء الأكبر من الأنشطة الإقتصادية للإنسان كما انه مورد نادر يتميز توفره بعدم الإنتظام في الزمان و المكان و هو شديد التأثر بالإنعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.إن ضروريات التنمية الإقتصادية و الإجتماعية تفرض اللجوء الى تهيئة الماء لتلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا مستمرا و غالبا ما تكون هذه الحاجيات متنافسة بل حتى متناقضة أيضا الأمر الذي يجعل عملية تدبير الماء جد معقدة و تدبيرها صعبا جدا و لمواجهة هذا الوضع كان من الضروري التوفر على أدوات قانونية ناجعة بصد تنظيم توزيع الموارد المائية و مراقبة استعمالها و كذا حمايتها و الحفاظ عليها . 1- الماء و القانون: ترجع القوانين و الأنظمة المنظمة للماء في المغرب الى بداية القرن الماضي تحديدا الظهير الشريف الصادر يوم 1 يوليوز 1914 و الذي عمل على تحديد و تعريف الملك المائي العام و أساليب دمج أصنافها الكلية في باب الملك العام للدولة خصوصا بعد تعديل قانون 1914 بقانونين جديد صدرا على التوالي سنتي 1919 و 1925 إن الملاحظة الأولية لبدايات التشريع المائي بالمغرب تتجلى في قدم هذه التشريعات و عدم مواكبتها للمستجدات الإقتصادية و الإجتماعية للبلد مع اكتساء هذه القوانين طابعا مبعثرا هي في الأساس عبارة عن نصوص مجزأة تفتقد الى الرابط القانوني الواضح و المحدد و الذي يحدد الإختصاصات و المسؤوليات.كان لصدور القانون 10.95 أثره التشريعي في تنظيم المجال المائي نظريا و لكن افتقاده للشروط التقنية عمليا أدى الى تجاوزه على أرض الواقع اعتبارا الى ان مواد 123 لم تستطع تكوين جهة محددة قادرة لوحدها على توجيه و أخذ القرار في مسألة المياه مما جعله قانونا دون أثر يذكر . سنة 2015 قدم الدكتور عباس الجراري لجلالة الملك موسوعة علمية قانونية ابان الدروس الحسنية الرمضانية كانت عبارة عن دراسة قانونية للماء سماها المولف " القانون و الماء " اعتبر المؤلف فيها أن الماء بالمغرب يعرف إشكالات كثيرة جدا قانونية و تقنية تحول دون تدبير أمثل لهذه الثروة الحيوية و هذه الدراسة القانونية تجلي بوضوح اشكالية التصادم بين واقع الماء و ادارته القانونية بشكل امثل. 2- الماء يبحث له عن إدارة : ان تشتت قضية الماء بين السلطات المختلفة و تناثر نصوصها بين القوانين الأخرى جعل مسألة تحديد من له اختصاص ملف الماء بالمغرب و تحديده قضية صعبة خصوصا و ان كل الفرقاء يحاول التملص من تدبير ملف الماء بمبرر عدم وضوح الوصاية الشئ الذي يجعل اللجن المختلطة المكلفة بمراقبة المياه أشبه ما تكون بهيئة استشارية منها سلطة زجرية و قد شاهدنا مرارا شواهد على هذا الأمر بمجموعة من المناطق المغربية و بالريف ايضا أخرها البناء فوق أحد الأنهار الجارية المسمى واد التوت و الواقع فوق تراب جماعة ايت يوسف واعلي و الذي تم على إثره تحويل مجرى النهر ضدا على كل القوانين و الأنظمة التي تحض على هدم كل ما من شأنه ايقاف الجريان الطبيعي للأنهار .و هذا مظهر بسيط من مظاهر عدم الجدية في تطبيق المساطر القانونية من قبل السلطات بالإضافة الى خلو مجموعة من المدن من شرطة محلفة للمياه يكون دورها منصبا على مراقبة و تحرير محاضر المخالفات في هذا المجال . 3- في الحاجة الى الإصلاح: إن تشعب مداخل الملف المائي بالمغرب يجعل عملية المحافظة عليه و استدامته امرا صعبا جدا مما يطرح تحديات مستقبلية على الدولة خصوصا و أن ميثاق البيئة و التنمية المستدامة واضح جدا في ديباجته الحاثة على ترشيد الموارد و ةلحفاظ عليها و استدامتها الشئ الذي يعاكسه الواقع جملة .و عليه فلابد من تفعيل و اصلاح القوانين الجاري بها العمل و دعم جميع المبادرات الحيوية الرامية الى تدبير أمثل لملف الماء و دعم الجمعيات الحقيقية المهتمة بالشأن البيئي و خلق شراكات معها كما ينص الميثاق السالف ذكره لتقوم بأدوارها التنويرية و التعريفية بأخطر المشكلات التي تواجه البشرية اليوم و هو مشكل ندرة المياه التي بدأت المنظمات الدولية في دق نواقيس الخطر بشأنها. فهل من سميع أو مجيب ؟