خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    قلق متزايد بشأن مصير بوعلام صنصال    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    موتسيبي: "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية        طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(1)التجديف الهرطقي في الغيب لايلغي وجودالله
نشر في شبكة دليل الريف يوم 08 - 08 - 2011

تتلاطم أمواج التفكير أمام الإبداع الإلاهي في تفاصيل الكون لتجر سفينة العقل نحو شاطئ الحقيقة لشخص صدق العزم على الإذعان للحق و الإعتراف به.لكن في الوقت ذاته تهب عواصف الحيرة والحقد الغامض لتطفئ شمعة العقل وهي بصدد لم شتات التبعثر الذاتي لفهم هوية الذات والغاية من هذا الوجود.تمر السويعات في لمح البصر لكن ذاكرتنا توثق مخزونا هائلا من الذكريات يشكل عالما معقدا من التمثلات الذهنية والأطياف الوجدانية تساهم بشكل أو بآخر في بناء شخصية الإنسان التي تمشي بتواز مع خط القدر المكتوب لدى كل شخص مع ما تفرضه صبغيات الحمض النووي الوراثي من توجيهات لاشعورية تكتب صفحات حياتنا بمداد روحي يزود طاقة الفعالية البشرية بحوافز معنوية لطوي مسافات البحث الدائب عن إكسير للخلود يتجلى في بلوغ السعادة المستمرة واستقرارالتوازن النفسي.مع العلم أن مفهوم الاستقرار يعني عند عشاق المغامرة وحب التجول في فضاء الحرية رمزا للجمود والأسر والموت.
يدعي الانسان العقلاني أو المبالغ في تقديس العلم بشدة أن الغيب يبقى حقيقة غائبة وحجة غيابها معها لا تعلمها إلا هي.وبالمقابل يرتدي الزمن قبعة الإختفاء لاختراق حجب التوقعات السطحية فيبقى- رغم أنه مكون اساسي للتاريخ في صيرورته – شبحا يستعصي على الرؤية المحسوسة .وعلى الرغم من أننا لا نراه أبدا لكننا نلحظ انعكاساته السلبية في زحف التجاعيد على الوجه واللون الأبيض على الشعر مما يعني ان الزمن قاتل صامت يزحف بظلاله المخيفة ليؤكد لنا ذلك ان هذا الزمن كقاتل سري للغاية لا يحتاج الى دليل عقلي للبرهنة على وجوده وبالتالي عوض التبجح بأننا نقتل الوقت لترجمة المتعة والاستمتاع بلحظات الفراغ ,سنجد أن الوقت في حد ذاته هوالذي يقتلنا لا محالة. ومع ذلك لا تجد أهل العلم الزائغين من هراطقة متزندقين وملاحدة متفيهقين من يرفع الشكاية الى منصة الأمم المتحدة للقضاء على هذا القاتل الصامت.إننا نحاول مواكبة المستجدات للبقاء على اتصال مع التاريخ في حضور أقصى شروط الحذر حتى لا تمرلحظة من اللحظات إلاوالرغبة في استثمارها تكون هي محور الاهتمام .وحتى لا يقال عنا أننا سذج تجاوزنا التاريخ و رفضنا الاقتداء بعقلاء العالم وعباقرتهم في اعتناقهم لملة الحقيقة كي نطل بفضل هذه القدوة من نافذة الاعتراف بعجز الانسان في هذا الكون ,وأن الحق صرح عملاق يحتل الصدارة في السمو فيعلو ولا يعلى عليه.وكفانا من الانكماش وترديد ما ورثناه من تمثلات مغلوطة .وإن الذي يملك ذرة من منطق غائي سببي لا يستطيع تصورهذا الكون بنظامه البديع وتفاصيل نظامه الدقيق بدون صانع وخالق.لأن هكذا تصوريمثل قمة الغباء العدمي.وأن الأمر شبيه باستحالة تخيل باخرة عملاقة تسير بتوازن متناهي امام الاضطرابات العاصفية ووسط أرخبيل من جزر جليدية.وحينما نلقي نظرة على قمرة القيادة نجدها خلوا من أي ربان أوطاقم قيادة وبالتالي تكون أشبه بسفينة الأشباح الخارقة التي تسير من تلقاء ذاتها.و حتى لا نكون خرافيين سذج مثل أولئك العدميين الذين ينكرون وجود مدبر لحركة هذاالكون
وجب القول أن هذه الباخرة الشاردة من المستحيل جدا أن تصل الى بر الأمان حيث حقيقة السلامة نتلمسها عن قرب لأن كل التهديدات المتربصة و الأضرار التي كانت في انتظار التمخض قد تم تجنبها بأعجوبة و بصدفة لا مثيل لها.هناك من المجانين العبثيين من أصابه الغرور المعرفي
فأخذ يفجر قريحته في فبركة هرطقات تمردية لا محل لها من المعنى يجدف بها في سياق الوجود الالاهي.لكنه كلما تأمل كتاب الحياة من
غلافها الخا رجي لا يلاحظ شيئا حتى يفتحه عن كثب, فيقفز في وجهه بهلوان المفاجأة ليصفعه بصفعة الخيبة وتقوض كل ادعاءات غروره المعرفي بحيث أن العلم نفسه على الرغم من كل تراكمه الابداعي يبقى مشدوها أمام تعقد سياق المعاني المتشابكة و المعطيات المتجددة داخل كتاب الحياة.فينزوي العلم بمجده المتضخم في ركن الانسحاب حيث يرفع راية الاستسلام البيضاء لأنه عجز عن الايفاء بوعوده في إنقاذ البشرية من براثن الحرج وتخليصها من شرورالمآزق المتكالبة عليها.وبالتالي تتوجه الارادة العاجزة نحو بارئ الكون ليريهم أعاجيب جبروته في آفاق الفضاء وفي باطن أنفسهم حتى يتبين لأصحاب الهرطقات الإنكارية أنه الحق من ربهم في انتظار استدعاء رحمته حتى ينقذهم مما هم فيه من هموم ومشاكل لم يلقوا لها حلا
تتزاحم الذكريات مع التخمينات,لتتمخض عنها أجودالإقتراحات.
وتتصارع التصورات مع شتى التحديات, فيترتب عنها استعجال تبسيطي في التحليلات. وتقزيم تجزيئي للحقيقة المنبثقة عن ينبوع الكليات. وبين هذا وذاك ترفرف عصافير الحكمة لتحط على أغصانالجهر بالحق.ويزحف القلم الأحمر بجحا فل مداده لبسط نفوذ مبادرته التصحيحية.أماشعلة الحقيقة الغائبة أو المغيبة قسرا في نظر الغائبين عن ذواتهم أصلا وأصحاب الهوية المنكمشةالمنخرطة في غيبوبة العمى الرؤيوي.فإنها تطل بكل تواضع من نافذة الرؤية البانورامية الشاملة لتكفكف دموع الاختناق بسب ضيق الرؤية وتأرجح العقل الحائر على أرجوحة الوسواس حيث الشك المتضخم والخوف المرضي هما سيدا الموقف الاعتباطي لرسم لوحة الفوبيا الدينية و إثارة زوبعة الدردشة الهذيانية في فنجان اللا معنى.لترقص السموم المندسة على نغمات التعنت الصبياني في رفض تقبل الكوابيس كواقع لا مرئي.إن الرؤية الموسوعية العاقلة تلخص تعدد الدروب وتنافرهافي متاهة واحدة لأن مصير الخريطة المأساوي واحد ووظيفة الهدف الذي من أجله رسمت هذه الخريطة واحد يتناسب مع مقتضيات السياق المكتوب ومتطلبات المقام المرسوم منذ الأزل من طرف مبدع الكون.وحينما تتفاقم الأفكارو تتزاحم الخواطر في ميدان الحقيقة المغيبة لا يتسنى لعاقل سوى أن يستجمع قوى تركيزه الخارق ليلم بأطراف التزاحم المنفجر في شكل إشعاعات إلهامية لا يمكن لنا التصريح بها إلا عبر قناة النقط التالية
2)-القوة الخفية في ثنائية:الفضاءالخارجي/الدماغ:
إن رجل الفضاء المحنك لو حام بأسطوله الفضائي كل أرجاء الفضاء في قرون ضوئية قصد البحث عن الله متجسدا فإنه لن يجد سوى السراب إذا هو تعامل مع قضية بحثه هذه بطريقة سطحية وغير معترف بوجود قوى غيبية تتجاوز السقف الفيزيائي.والصورة الضمنية التي سيجد الله من خلالها هي استعمال قدراته الحد سية ومنطق التأمل التساؤلي حول أسرار الكون بما فيه من انسجام وأعاجيب لا تنتهي وتناسق معجز ومسافات ضوئية ترهق العقل بحساباتها الفلكية الماراطونية.كل هذه المظاهر تجسد آثارا محسوسة تدل على وجود قوة خفية وحقيقة غائبة عن الأذهان السطحية فقط أما القلوب الحية والعقول الذكية المدعومة بوجدان إيماني متعمق فإنها تتجاوز الخداع الذي تمارسه الحواس عليه وعلى أساس أن مضمون الوجود ومعنى الحياة أعمق بكثير حتى يتم محاصرتهما في قلعة الرؤية المادية وخنق حيويتهما الشمولية في مجرد الاكتفاء بكآبة الفناء وضيق الآفاق .أما الطبيب الجراح العبقري المتخصص في عمليات فتح الدماغ سيندهش أو أنه أصلا دائم الاندهاش حينما يتأمل النظام البديع للدماغ لكنه لا يمكن له ولن يستطيع أبدا القيام بما هو مستحيل كي يتفرج على مشاهد ذكرى من الذكريات التي ترقد على رفوف أرشيف الذاكرة مثلما يتفرج على شريط درامي كما أنه لا يستطيع البتة لمس فكرة من ملايين الأفكار التي تدور في الفلك العقلي لهذا الدماغ.إننا في الوقت الذي نؤمن فيه بالمستقبل والماضي كواقعين لا شك فيهما ونحن على يقين أنهما موجودان.ينسحب الشك من اعتقادنا أنهما غير موجودين لمجرد أننا لا نراهما بأعيننا المباشرتين.
الحب يسجل حضوره و يظل خارج التغطية البصرية كون وجوده مؤكد لكن داخل القلوب وعالم الحدس والوجدان فقط وتبقى الأحلام كائنات موجودة لكنها أشباح تتجاوز السقف الفيزيائي.المجهول أيضا يبقى عنصرا مهما يحركنا كشيء متجسد يتحدانا ويحفزنا لنجعله معلوما ولا داعي لأن نراه بأعيننا كي نقول أنه موجود.والمستحيل أيضا يبقى مفهوما نظريا يدفعنا كأننا نراه ببصرنا لأجل مزاولة طقوس عملية تحقيقه.
-3- الإيمان فطرة إنسانية والعبادة ضرورة طبيعية:
إن الاهتمام بالدين والحاجة الى العبادة ضرورة كما أن الايمان كطاقة وجدانية لا تفارق الانسان و جرعة روحية لا مفر منها تلازمه حتى مماته
وهذا السلوك النابع من الباطن إوالية نفسية و إستراتيجية دفاعية داخلية للحفاظ على التوازن الداخلي للإنسان الذي يعيش حالة حرمان وعجز دائمين على الرغم من اكتفاءه ماديا وانفراده بامتيازات اجتماعية تجعل وجوده على خط الأمان مضمونا الى حد بعيد.إن الايمان وتقمص عقيدة ما تزود الانسان بتك الجرعة الروحية التي تغني معنى وجوده الذي يرزح تحت وطأة الفقر والضحالة فتمده بعنصر العمق .تتمظهر عقيدة العبودية هذه في شتى التجليات .إن لم يكن رضوخا لالاه أو قوة غيبية عليا فإن الخضوع قد يتجه نحو تقديس البشر وهذا ما يسمى بعقيدة عبادة الزعيم كشخص يتميز بكاريزما وشخصية متميزة بجاذبيتها .كما أن التقديس قد يتجه نحو الأفكار أو نحو الذات بما فيها من أهواء وأوهام.إن أحط عبادة هي أن يقدس الانسان المتميزبعقله أشياء بشكل بدائي لا شعوري كالمال والأوثان ومظاهر الطبيعة الخ.وهناك من يبقى في دائرة الغيب فيعبد الشيطان.وبما ان الاديان الوثنية قد تم التأكيد على بساطة منهجها التفكيري وطابعها البدائي الخرافي وأغلبية الأجناس المحدثة شطبت عليها من قاموسها.وتبقى ساحة الغلبة تحت سيطرة الأديان السماوية كرمز لانتماء حضاري عالي المستوى.إن هذه الأديان الثلاثة حسب المتخصصين فيها تم التأكد على أنها حرفت انطلاقا من نصوص كتبها المقدسة باستثناء القرآن ككتاب مقدس في دين الاسلام والذي يتمتع انطلاقا من هذا بمصداقية ملحوظة جعلت معتنقيه من المشاهير وشخصيات العلم تعتنقه.
إن كل إنسان قي هذه الحياة يجعل محور اهتمامه بخصوص قائمة أهدافه ينصب على موضوع السعادة المستمرة المتمثل في الاستقرار و الراحة والاستمتاع بثمرات الانتصار الرمزي على صعاب الحياة.و أثناء عملية النضال لأجل تحقيق هذه الغاية القصوى يتبع الناس من شتى المشارب والطبقات مختلف الدروب التي توصلهما إلى مملكة السعادة.
وخلال رحلتهم الملحمية يستهلكون طاقة كبيرة من مجهودهم البدني والنفسي والعصبي لبلوغ هذه الغاية القصوى التي لا يمكن أن يحذفها احد من برنامجه على سبيل التميز والاختلاف مع الآخر.ولكن للأسف رغم أن الأغلبية تحقق كلما تريده في مجتمع الاستهلاك من رغبات مادية لكن الضجر والنقص هو الحصيلة أما الرضى القنوع يبتعد بعد النجوم عن القمر.فتزحف جحافل الكآبة ببوارج السوداوية لتحتل منطقة المزاج وتصدح مكبرات الصوت بسمفونية اليأس الحزين والملل المتأفف.يتزلزل كيان الجهازالعصبي لتنهار جبال السكينة ويزحف المد العالي للخواء الوجودي والفراغ الروحي يمسح معالم الطمأنينة من قاموس السعادة المخطط لها بأرقى تقنيات التحقق.فينسحب موكب السعادة الجليل ويشطب على عنصر السرور من معجم الحياة ليبقى معناها يتيما.آفات عصرية تنخر عظام البلدان الحداثية لتقتل سكانها ببطء بسبب لعنة الشبع المفرط وطفرة الازدهار وبحبوحة العيش وضمان الاكتفاء المادي مدى الحياة. بينما تشرئب أعناق المؤمنين والمتسلحين بالعقيدة الدينية يتعجبون من العذاب الذي أصاب هؤلاء الناس المتورطين في مأزق داء الفوبيا أو الخوف المرضي من الدين.إن التسلح بالايمان الروحي والتمسك بتلابيب العقيدة الدينية الصحيحة يزود صاحبه بتلك الشخصية الواثقة من نفسها وبالشجاعة المعنوية المقدامة مع عقد الأمل على العالم الأخروي كمحكمة تتسامى عن كوميديا المصالح البشرية الأنانية التافهة لتصفية الحسابات مع رواد الفساد ودفع فواتير التعويض للمحرومين المظلومين.إن الشبع زائد الفراغ الروحي مقابل الحرمان المادي زائد العمق الروحي في الواقع معادلة يكاد يكون فيها الطرف الثاني هو الفائز دوما بالرهان الحضاري المعول عليه لاحراز قصب السبق في الديمومة والاستمرارية.الاكتفاء المادي مع غياب البوصلة الروحية يعني نقص خطير يترتب عنه زوغان كفة التوازن النفسي مما يعني اضطراب ذهني يؤدي غالبا الى الجنون أوالانتحار.أما الاكتفاء الروحي مع وجود نقص دائم في الموارد المادية لايؤثر على سعادة صاحبه بل إن هذه الطاقة الروحية تزود صاحبها بالعمق الوجودي والمعنى الوجداني والانسجام الذاتي والتوازن النفسي.عكس مجتمع الاستهلاك الذي ترتفع فيه أبواق الشكوى و تصيح عبره حناجر التذمر رغم وجود كل شيئ في حوزة أصحابه.باستثناء غياب الجرعة الروحية للإيمان الديني,وهي في الحقيقة عملة نادرة للحصول عليها بتلك السهولة التي يتصورها أرباب الغرور المعرفي
(4)-الإسقاط الساذج لأخطاءبشريةلايلغي مصداقية الدين:
إن الإسلام كدين سماوي يتمتع بمصداقية عالية المستوى كون القرآن كدستوره المرجعي لم تمس نصوصه المقدسة بكف التزييف أو قلم التنقيح البشري الذي يصعب عليه الالتزام بموقف الحياد حينما يتعلق الأمر بكتابة القوانين المشرعة وحينما يتعلق الأمر بالمصالح الشخصية.اللهم إلا إذا كان حضور الضمير الأخلاقي والمهني في أعلى مستوياته,ومعنويات الرقابة الذاتية ترتعد من يوم الحساب بحيث أنها- بسبب الايمان القوي بمبادئ الحق والعدل - تستحضر الرقابة العليا لعظمة الذات الالاهية. مما يدفعها الى استصغار أهوائها اللامتناهية في الرغبة على السيطرة المطلقة على المظاهر العرضية للعالم واحتكار مبادرات التملك المغلفة ببريق الثراء والامتياز والشهرة و قوة السلطة.مع تجنب الاستجابة العمياء واللامعقولةلإغواءات الجشع والغرور الجاري بهما العمل في ميدان ملاحقة السعادة المادية والمنشودة بشكل مؤقت وليس أبدي كما قد يتخيل لبعض المخدوعين من عاشقي التجديف الهرطقي في مفهوم الغيب الذي يستفز كل عقل ترعبه سحنة العالم الميتافيزيقي والذي لا يتراءى لأصحاب التصور السطحي المتميزين بضحالة خيالهم وغباء وجدانهم وفقر روحهم.لقد وضع علماء الغرب النزهاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى ضمن قائمة تصنيف الزعماء الكاريزميين الذين تتوفر فيهم كل ملامح وخصال العبقرية القيادية والشخصية الساحرة ذات الجاذبية المؤثرة في الأتباع والقدرة على صناعة تاريخ حضاري رائد انطلاقا من المبادئ السامية والقيم الانسانية النبيلة
التي كانو يدعون إليها.زد على أن مشاهير العالم وعلماءها لم يعتنقوا الاسلام هكذا اعتباطا.بل لأنهم تلمسوا فيه نكهة الحق و معاني الحكمة ومنتهى الفضيلة والمنطق.كما أن طابعه ثوري أصلا بخصوص ميولاته الاصلاحية لمحاربة الفساد والظلم عبر تعبئة الفعاليات النزيهة لتتخلص من خداع الهوى الأناني للمصالح الشخصية والنزعات الشيطانية وقذف العبودية الاختيارية في مرمى الرفض حتى لا تصاب ميكانيزمات المسؤولية بعدوى التشويش وخطوط الالتزام بالعرقلة.فيتخلص بذلك من عبادة نفسه والبشر والمال وتفاهات أوهام يعتبرها فكرا.كلما تعلق الفرد بحبل الايمان بوحدانية الله جل شأنه وعلت قدرته على سائر قوى الكون.
كلما كانت شخصيته قوية وهدفه واضح لا يخاف في قول الحق لومة لائم مهما علت مرتبته.ويصير موقفه فاعل لا تزعزعه عواصف الأهواء.ولا يحرف مسارها السليم مختلف التيارات الشاذة والمقاربات المتصارعة.
أما الحديث عن ضرب مصداقية الاسلام والتجديف الهرطقي في الغيب من منطلق اسقاطات ساذجة تدعي العلمية على أناس يحسبون على الاسلام زورا وبهتانا.كون هؤلاء الناس مسلمين بالاسم فقط وسلوكاتهم الزائغة يوجد فيها مايصدم المنطق ويصفع العقل ويجرح القلب ويدفع بالانسان الى الكفر بالاسلام.فكل هذا لا يستطيع أن يدفع العاقل لالغاءوجود الله مادام أن الينبوع الذي يخرج منه الاسلام حي لايموت.سوي لا يزيغ.والدستور المرجعي المقدس صلاحيته أبدية ولم يصب بعدوى التنقيح البشري المزيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.