قالت إنها "أخذت علما" به.. الجزائر تتأسف على تأكيد أمريكا موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء    أكادير تحتضن المنتدى الدولي الأول للصناعة والخدمات    مغاربة يلفتون أنظار "الرقابة الأجنبية" بشراء عقارات باريسية فاخرة    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الشارقة تحتضن أول اجتماع لمجلس الأعمال المغربي-الإماراتي    وزارة الانتقال الرقمي في ورطة بعد "فضيحة" تسريب بيانات ملايين المغاربة على يد هاكرز جزائريين    دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جيرمان ضد أستون فيلا وبرشلونة أمام دورتموند    الذهب يرتفع واحدا في المائة مع تراجع الدولار الأمريكي    قضية "سلمى" تعود إلى الواجهة.. مطالب بالعدالة بعد توقيف المعتدية    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    المغرب الفاسي يعين بدر القادوري مديرا رياضيا    نهضة بركان في مواجهة أسيك ميموزا الإيفواري لحسم التأهل    حكام الجزائر يستعجلون مواجهة عسكرية مع المغرب    زيارة استراتيجية تعكس ثقل المغرب الإقليمي: ناصر بوريطة أول مسؤول مغاربي يلتقي إدارة ترامب الجديدة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟    الأزمة التونسية المغربية إلى أين؟    زوجة الأمير هاري تعترف بمعاناة صحية عقب الإنجاب    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    بعد أن فضحتها المهندسة المغربية ابتهال.. انتقادات من الداخل والخارج ل "مايكروسوفت" بسبب دعمها إسرائيل    السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    كيوسك الأربعاء | تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان    من بنجرير وبغلاف مالي بلغ مليار الدرهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث والابتكار    رابطة العلماء تواصل حملة "تمنيع" السجناء ضد التطرف العنيف في سياق "مصالحة"    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    طقس الأربعاء.. أجواء غائمة بمعظم مناطق المملكة    أحزاب مغربية معارضة تطالب بعقد جلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    "سلة الفتح" تفوز على الملعب المالي    ماكرون يدين استهداف إسرائيل لطواقم الإسعاف في غزة    ديكلان رايس نجم أرسنال ضد الريال    البايرن ميونخ والهزيمة الغير المتوقعة أمام الانتر    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    الهجرة الجديدة من "بلاد كانط".. خوف من المستقبل أم يأس من التغيير؟    دروس ما وراء جبهة الحرب التجارية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    بين نور المعرفة وظلال الجهل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    









(1)التجديف الهرطقي في الغيب لايلغي وجودالله
نشر في شبكة دليل الريف يوم 08 - 08 - 2011

تتلاطم أمواج التفكير أمام الإبداع الإلاهي في تفاصيل الكون لتجر سفينة العقل نحو شاطئ الحقيقة لشخص صدق العزم على الإذعان للحق و الإعتراف به.لكن في الوقت ذاته تهب عواصف الحيرة والحقد الغامض لتطفئ شمعة العقل وهي بصدد لم شتات التبعثر الذاتي لفهم هوية الذات والغاية من هذا الوجود.تمر السويعات في لمح البصر لكن ذاكرتنا توثق مخزونا هائلا من الذكريات يشكل عالما معقدا من التمثلات الذهنية والأطياف الوجدانية تساهم بشكل أو بآخر في بناء شخصية الإنسان التي تمشي بتواز مع خط القدر المكتوب لدى كل شخص مع ما تفرضه صبغيات الحمض النووي الوراثي من توجيهات لاشعورية تكتب صفحات حياتنا بمداد روحي يزود طاقة الفعالية البشرية بحوافز معنوية لطوي مسافات البحث الدائب عن إكسير للخلود يتجلى في بلوغ السعادة المستمرة واستقرارالتوازن النفسي.مع العلم أن مفهوم الاستقرار يعني عند عشاق المغامرة وحب التجول في فضاء الحرية رمزا للجمود والأسر والموت.
يدعي الانسان العقلاني أو المبالغ في تقديس العلم بشدة أن الغيب يبقى حقيقة غائبة وحجة غيابها معها لا تعلمها إلا هي.وبالمقابل يرتدي الزمن قبعة الإختفاء لاختراق حجب التوقعات السطحية فيبقى- رغم أنه مكون اساسي للتاريخ في صيرورته – شبحا يستعصي على الرؤية المحسوسة .وعلى الرغم من أننا لا نراه أبدا لكننا نلحظ انعكاساته السلبية في زحف التجاعيد على الوجه واللون الأبيض على الشعر مما يعني ان الزمن قاتل صامت يزحف بظلاله المخيفة ليؤكد لنا ذلك ان هذا الزمن كقاتل سري للغاية لا يحتاج الى دليل عقلي للبرهنة على وجوده وبالتالي عوض التبجح بأننا نقتل الوقت لترجمة المتعة والاستمتاع بلحظات الفراغ ,سنجد أن الوقت في حد ذاته هوالذي يقتلنا لا محالة. ومع ذلك لا تجد أهل العلم الزائغين من هراطقة متزندقين وملاحدة متفيهقين من يرفع الشكاية الى منصة الأمم المتحدة للقضاء على هذا القاتل الصامت.إننا نحاول مواكبة المستجدات للبقاء على اتصال مع التاريخ في حضور أقصى شروط الحذر حتى لا تمرلحظة من اللحظات إلاوالرغبة في استثمارها تكون هي محور الاهتمام .وحتى لا يقال عنا أننا سذج تجاوزنا التاريخ و رفضنا الاقتداء بعقلاء العالم وعباقرتهم في اعتناقهم لملة الحقيقة كي نطل بفضل هذه القدوة من نافذة الاعتراف بعجز الانسان في هذا الكون ,وأن الحق صرح عملاق يحتل الصدارة في السمو فيعلو ولا يعلى عليه.وكفانا من الانكماش وترديد ما ورثناه من تمثلات مغلوطة .وإن الذي يملك ذرة من منطق غائي سببي لا يستطيع تصورهذا الكون بنظامه البديع وتفاصيل نظامه الدقيق بدون صانع وخالق.لأن هكذا تصوريمثل قمة الغباء العدمي.وأن الأمر شبيه باستحالة تخيل باخرة عملاقة تسير بتوازن متناهي امام الاضطرابات العاصفية ووسط أرخبيل من جزر جليدية.وحينما نلقي نظرة على قمرة القيادة نجدها خلوا من أي ربان أوطاقم قيادة وبالتالي تكون أشبه بسفينة الأشباح الخارقة التي تسير من تلقاء ذاتها.و حتى لا نكون خرافيين سذج مثل أولئك العدميين الذين ينكرون وجود مدبر لحركة هذاالكون
وجب القول أن هذه الباخرة الشاردة من المستحيل جدا أن تصل الى بر الأمان حيث حقيقة السلامة نتلمسها عن قرب لأن كل التهديدات المتربصة و الأضرار التي كانت في انتظار التمخض قد تم تجنبها بأعجوبة و بصدفة لا مثيل لها.هناك من المجانين العبثيين من أصابه الغرور المعرفي
فأخذ يفجر قريحته في فبركة هرطقات تمردية لا محل لها من المعنى يجدف بها في سياق الوجود الالاهي.لكنه كلما تأمل كتاب الحياة من
غلافها الخا رجي لا يلاحظ شيئا حتى يفتحه عن كثب, فيقفز في وجهه بهلوان المفاجأة ليصفعه بصفعة الخيبة وتقوض كل ادعاءات غروره المعرفي بحيث أن العلم نفسه على الرغم من كل تراكمه الابداعي يبقى مشدوها أمام تعقد سياق المعاني المتشابكة و المعطيات المتجددة داخل كتاب الحياة.فينزوي العلم بمجده المتضخم في ركن الانسحاب حيث يرفع راية الاستسلام البيضاء لأنه عجز عن الايفاء بوعوده في إنقاذ البشرية من براثن الحرج وتخليصها من شرورالمآزق المتكالبة عليها.وبالتالي تتوجه الارادة العاجزة نحو بارئ الكون ليريهم أعاجيب جبروته في آفاق الفضاء وفي باطن أنفسهم حتى يتبين لأصحاب الهرطقات الإنكارية أنه الحق من ربهم في انتظار استدعاء رحمته حتى ينقذهم مما هم فيه من هموم ومشاكل لم يلقوا لها حلا
تتزاحم الذكريات مع التخمينات,لتتمخض عنها أجودالإقتراحات.
وتتصارع التصورات مع شتى التحديات, فيترتب عنها استعجال تبسيطي في التحليلات. وتقزيم تجزيئي للحقيقة المنبثقة عن ينبوع الكليات. وبين هذا وذاك ترفرف عصافير الحكمة لتحط على أغصانالجهر بالحق.ويزحف القلم الأحمر بجحا فل مداده لبسط نفوذ مبادرته التصحيحية.أماشعلة الحقيقة الغائبة أو المغيبة قسرا في نظر الغائبين عن ذواتهم أصلا وأصحاب الهوية المنكمشةالمنخرطة في غيبوبة العمى الرؤيوي.فإنها تطل بكل تواضع من نافذة الرؤية البانورامية الشاملة لتكفكف دموع الاختناق بسب ضيق الرؤية وتأرجح العقل الحائر على أرجوحة الوسواس حيث الشك المتضخم والخوف المرضي هما سيدا الموقف الاعتباطي لرسم لوحة الفوبيا الدينية و إثارة زوبعة الدردشة الهذيانية في فنجان اللا معنى.لترقص السموم المندسة على نغمات التعنت الصبياني في رفض تقبل الكوابيس كواقع لا مرئي.إن الرؤية الموسوعية العاقلة تلخص تعدد الدروب وتنافرهافي متاهة واحدة لأن مصير الخريطة المأساوي واحد ووظيفة الهدف الذي من أجله رسمت هذه الخريطة واحد يتناسب مع مقتضيات السياق المكتوب ومتطلبات المقام المرسوم منذ الأزل من طرف مبدع الكون.وحينما تتفاقم الأفكارو تتزاحم الخواطر في ميدان الحقيقة المغيبة لا يتسنى لعاقل سوى أن يستجمع قوى تركيزه الخارق ليلم بأطراف التزاحم المنفجر في شكل إشعاعات إلهامية لا يمكن لنا التصريح بها إلا عبر قناة النقط التالية
2)-القوة الخفية في ثنائية:الفضاءالخارجي/الدماغ:
إن رجل الفضاء المحنك لو حام بأسطوله الفضائي كل أرجاء الفضاء في قرون ضوئية قصد البحث عن الله متجسدا فإنه لن يجد سوى السراب إذا هو تعامل مع قضية بحثه هذه بطريقة سطحية وغير معترف بوجود قوى غيبية تتجاوز السقف الفيزيائي.والصورة الضمنية التي سيجد الله من خلالها هي استعمال قدراته الحد سية ومنطق التأمل التساؤلي حول أسرار الكون بما فيه من انسجام وأعاجيب لا تنتهي وتناسق معجز ومسافات ضوئية ترهق العقل بحساباتها الفلكية الماراطونية.كل هذه المظاهر تجسد آثارا محسوسة تدل على وجود قوة خفية وحقيقة غائبة عن الأذهان السطحية فقط أما القلوب الحية والعقول الذكية المدعومة بوجدان إيماني متعمق فإنها تتجاوز الخداع الذي تمارسه الحواس عليه وعلى أساس أن مضمون الوجود ومعنى الحياة أعمق بكثير حتى يتم محاصرتهما في قلعة الرؤية المادية وخنق حيويتهما الشمولية في مجرد الاكتفاء بكآبة الفناء وضيق الآفاق .أما الطبيب الجراح العبقري المتخصص في عمليات فتح الدماغ سيندهش أو أنه أصلا دائم الاندهاش حينما يتأمل النظام البديع للدماغ لكنه لا يمكن له ولن يستطيع أبدا القيام بما هو مستحيل كي يتفرج على مشاهد ذكرى من الذكريات التي ترقد على رفوف أرشيف الذاكرة مثلما يتفرج على شريط درامي كما أنه لا يستطيع البتة لمس فكرة من ملايين الأفكار التي تدور في الفلك العقلي لهذا الدماغ.إننا في الوقت الذي نؤمن فيه بالمستقبل والماضي كواقعين لا شك فيهما ونحن على يقين أنهما موجودان.ينسحب الشك من اعتقادنا أنهما غير موجودين لمجرد أننا لا نراهما بأعيننا المباشرتين.
الحب يسجل حضوره و يظل خارج التغطية البصرية كون وجوده مؤكد لكن داخل القلوب وعالم الحدس والوجدان فقط وتبقى الأحلام كائنات موجودة لكنها أشباح تتجاوز السقف الفيزيائي.المجهول أيضا يبقى عنصرا مهما يحركنا كشيء متجسد يتحدانا ويحفزنا لنجعله معلوما ولا داعي لأن نراه بأعيننا كي نقول أنه موجود.والمستحيل أيضا يبقى مفهوما نظريا يدفعنا كأننا نراه ببصرنا لأجل مزاولة طقوس عملية تحقيقه.
-3- الإيمان فطرة إنسانية والعبادة ضرورة طبيعية:
إن الاهتمام بالدين والحاجة الى العبادة ضرورة كما أن الايمان كطاقة وجدانية لا تفارق الانسان و جرعة روحية لا مفر منها تلازمه حتى مماته
وهذا السلوك النابع من الباطن إوالية نفسية و إستراتيجية دفاعية داخلية للحفاظ على التوازن الداخلي للإنسان الذي يعيش حالة حرمان وعجز دائمين على الرغم من اكتفاءه ماديا وانفراده بامتيازات اجتماعية تجعل وجوده على خط الأمان مضمونا الى حد بعيد.إن الايمان وتقمص عقيدة ما تزود الانسان بتك الجرعة الروحية التي تغني معنى وجوده الذي يرزح تحت وطأة الفقر والضحالة فتمده بعنصر العمق .تتمظهر عقيدة العبودية هذه في شتى التجليات .إن لم يكن رضوخا لالاه أو قوة غيبية عليا فإن الخضوع قد يتجه نحو تقديس البشر وهذا ما يسمى بعقيدة عبادة الزعيم كشخص يتميز بكاريزما وشخصية متميزة بجاذبيتها .كما أن التقديس قد يتجه نحو الأفكار أو نحو الذات بما فيها من أهواء وأوهام.إن أحط عبادة هي أن يقدس الانسان المتميزبعقله أشياء بشكل بدائي لا شعوري كالمال والأوثان ومظاهر الطبيعة الخ.وهناك من يبقى في دائرة الغيب فيعبد الشيطان.وبما ان الاديان الوثنية قد تم التأكيد على بساطة منهجها التفكيري وطابعها البدائي الخرافي وأغلبية الأجناس المحدثة شطبت عليها من قاموسها.وتبقى ساحة الغلبة تحت سيطرة الأديان السماوية كرمز لانتماء حضاري عالي المستوى.إن هذه الأديان الثلاثة حسب المتخصصين فيها تم التأكد على أنها حرفت انطلاقا من نصوص كتبها المقدسة باستثناء القرآن ككتاب مقدس في دين الاسلام والذي يتمتع انطلاقا من هذا بمصداقية ملحوظة جعلت معتنقيه من المشاهير وشخصيات العلم تعتنقه.
إن كل إنسان قي هذه الحياة يجعل محور اهتمامه بخصوص قائمة أهدافه ينصب على موضوع السعادة المستمرة المتمثل في الاستقرار و الراحة والاستمتاع بثمرات الانتصار الرمزي على صعاب الحياة.و أثناء عملية النضال لأجل تحقيق هذه الغاية القصوى يتبع الناس من شتى المشارب والطبقات مختلف الدروب التي توصلهما إلى مملكة السعادة.
وخلال رحلتهم الملحمية يستهلكون طاقة كبيرة من مجهودهم البدني والنفسي والعصبي لبلوغ هذه الغاية القصوى التي لا يمكن أن يحذفها احد من برنامجه على سبيل التميز والاختلاف مع الآخر.ولكن للأسف رغم أن الأغلبية تحقق كلما تريده في مجتمع الاستهلاك من رغبات مادية لكن الضجر والنقص هو الحصيلة أما الرضى القنوع يبتعد بعد النجوم عن القمر.فتزحف جحافل الكآبة ببوارج السوداوية لتحتل منطقة المزاج وتصدح مكبرات الصوت بسمفونية اليأس الحزين والملل المتأفف.يتزلزل كيان الجهازالعصبي لتنهار جبال السكينة ويزحف المد العالي للخواء الوجودي والفراغ الروحي يمسح معالم الطمأنينة من قاموس السعادة المخطط لها بأرقى تقنيات التحقق.فينسحب موكب السعادة الجليل ويشطب على عنصر السرور من معجم الحياة ليبقى معناها يتيما.آفات عصرية تنخر عظام البلدان الحداثية لتقتل سكانها ببطء بسبب لعنة الشبع المفرط وطفرة الازدهار وبحبوحة العيش وضمان الاكتفاء المادي مدى الحياة. بينما تشرئب أعناق المؤمنين والمتسلحين بالعقيدة الدينية يتعجبون من العذاب الذي أصاب هؤلاء الناس المتورطين في مأزق داء الفوبيا أو الخوف المرضي من الدين.إن التسلح بالايمان الروحي والتمسك بتلابيب العقيدة الدينية الصحيحة يزود صاحبه بتلك الشخصية الواثقة من نفسها وبالشجاعة المعنوية المقدامة مع عقد الأمل على العالم الأخروي كمحكمة تتسامى عن كوميديا المصالح البشرية الأنانية التافهة لتصفية الحسابات مع رواد الفساد ودفع فواتير التعويض للمحرومين المظلومين.إن الشبع زائد الفراغ الروحي مقابل الحرمان المادي زائد العمق الروحي في الواقع معادلة يكاد يكون فيها الطرف الثاني هو الفائز دوما بالرهان الحضاري المعول عليه لاحراز قصب السبق في الديمومة والاستمرارية.الاكتفاء المادي مع غياب البوصلة الروحية يعني نقص خطير يترتب عنه زوغان كفة التوازن النفسي مما يعني اضطراب ذهني يؤدي غالبا الى الجنون أوالانتحار.أما الاكتفاء الروحي مع وجود نقص دائم في الموارد المادية لايؤثر على سعادة صاحبه بل إن هذه الطاقة الروحية تزود صاحبها بالعمق الوجودي والمعنى الوجداني والانسجام الذاتي والتوازن النفسي.عكس مجتمع الاستهلاك الذي ترتفع فيه أبواق الشكوى و تصيح عبره حناجر التذمر رغم وجود كل شيئ في حوزة أصحابه.باستثناء غياب الجرعة الروحية للإيمان الديني,وهي في الحقيقة عملة نادرة للحصول عليها بتلك السهولة التي يتصورها أرباب الغرور المعرفي
(4)-الإسقاط الساذج لأخطاءبشريةلايلغي مصداقية الدين:
إن الإسلام كدين سماوي يتمتع بمصداقية عالية المستوى كون القرآن كدستوره المرجعي لم تمس نصوصه المقدسة بكف التزييف أو قلم التنقيح البشري الذي يصعب عليه الالتزام بموقف الحياد حينما يتعلق الأمر بكتابة القوانين المشرعة وحينما يتعلق الأمر بالمصالح الشخصية.اللهم إلا إذا كان حضور الضمير الأخلاقي والمهني في أعلى مستوياته,ومعنويات الرقابة الذاتية ترتعد من يوم الحساب بحيث أنها- بسبب الايمان القوي بمبادئ الحق والعدل - تستحضر الرقابة العليا لعظمة الذات الالاهية. مما يدفعها الى استصغار أهوائها اللامتناهية في الرغبة على السيطرة المطلقة على المظاهر العرضية للعالم واحتكار مبادرات التملك المغلفة ببريق الثراء والامتياز والشهرة و قوة السلطة.مع تجنب الاستجابة العمياء واللامعقولةلإغواءات الجشع والغرور الجاري بهما العمل في ميدان ملاحقة السعادة المادية والمنشودة بشكل مؤقت وليس أبدي كما قد يتخيل لبعض المخدوعين من عاشقي التجديف الهرطقي في مفهوم الغيب الذي يستفز كل عقل ترعبه سحنة العالم الميتافيزيقي والذي لا يتراءى لأصحاب التصور السطحي المتميزين بضحالة خيالهم وغباء وجدانهم وفقر روحهم.لقد وضع علماء الغرب النزهاء النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى ضمن قائمة تصنيف الزعماء الكاريزميين الذين تتوفر فيهم كل ملامح وخصال العبقرية القيادية والشخصية الساحرة ذات الجاذبية المؤثرة في الأتباع والقدرة على صناعة تاريخ حضاري رائد انطلاقا من المبادئ السامية والقيم الانسانية النبيلة
التي كانو يدعون إليها.زد على أن مشاهير العالم وعلماءها لم يعتنقوا الاسلام هكذا اعتباطا.بل لأنهم تلمسوا فيه نكهة الحق و معاني الحكمة ومنتهى الفضيلة والمنطق.كما أن طابعه ثوري أصلا بخصوص ميولاته الاصلاحية لمحاربة الفساد والظلم عبر تعبئة الفعاليات النزيهة لتتخلص من خداع الهوى الأناني للمصالح الشخصية والنزعات الشيطانية وقذف العبودية الاختيارية في مرمى الرفض حتى لا تصاب ميكانيزمات المسؤولية بعدوى التشويش وخطوط الالتزام بالعرقلة.فيتخلص بذلك من عبادة نفسه والبشر والمال وتفاهات أوهام يعتبرها فكرا.كلما تعلق الفرد بحبل الايمان بوحدانية الله جل شأنه وعلت قدرته على سائر قوى الكون.
كلما كانت شخصيته قوية وهدفه واضح لا يخاف في قول الحق لومة لائم مهما علت مرتبته.ويصير موقفه فاعل لا تزعزعه عواصف الأهواء.ولا يحرف مسارها السليم مختلف التيارات الشاذة والمقاربات المتصارعة.
أما الحديث عن ضرب مصداقية الاسلام والتجديف الهرطقي في الغيب من منطلق اسقاطات ساذجة تدعي العلمية على أناس يحسبون على الاسلام زورا وبهتانا.كون هؤلاء الناس مسلمين بالاسم فقط وسلوكاتهم الزائغة يوجد فيها مايصدم المنطق ويصفع العقل ويجرح القلب ويدفع بالانسان الى الكفر بالاسلام.فكل هذا لا يستطيع أن يدفع العاقل لالغاءوجود الله مادام أن الينبوع الذي يخرج منه الاسلام حي لايموت.سوي لا يزيغ.والدستور المرجعي المقدس صلاحيته أبدية ولم يصب بعدوى التنقيح البشري المزيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.