إن المقصد الأول من محاولة قراءة شخصية الأمير الخطابي من زاوية ثقافية أي من خلال البنيات الفكرية و السلوكية المؤطرة له و المتحكمة في إنتاج موقف أو تشكيل سيرورة أو بناء مسار أو صياغة مشروع أو من خلال كرونولوجيا الأحداث التي عاشها أو تفاعل معها أو ساهم في بنائها أو تأسيسها ؛ لهو استجلاء لمميزات و سمات وأبعاد الأنموذج الثقافي الحاضر و الغائب في جغرافيا الريف و حضارته ؛ إنه الأنموذج الحق للمثقف العضوي أو الملتزم بتعبير غرامشي المرتبط بإشكالات المجتمع البنيوية و قضاياه المحورية ، و هو القادر أي هذا الأنموذج على إحداث تحولات سوسيو ثقافية تعقبها طردا تحولات أخرى على أصعدة مختلفة. أما المقصد الثاني من اختيار هذا الموضوع فهو المساهمة في رد الاعتبار لرمز سامق من رموز الثقافة الريفية الذي خط صفحات التاريخ المعاصر بعبارات المجد والكرامة دفاعا عن عدالة شعب أريد له أن ينكسر . و سأتناول هذا الموضوع من خلال التركيز على أبعاد خمسة في شخصية الأمير : */ البعد التكويني المعرفي / المهني . */ البعد الوحدوي / اللفي . */ البعد اممي / الدولي . */ البعد السلمي . */ البعد الوطني . 1: البعد التكويني المعرفي / المهني : اشتغل محمد بن عبد الكريم الخطابي ( الذي ولد عام 1301ه / 1882م بأجدير الحسيمة) بطلب العلم منذ نعومة أظافره ، حيث التحق بالكتاب / المسيد و هو ابن الخامسة من عمره لحفظ القرآن الكريم على يد والده (عبد الكريم القاضي) بأجدير. و بعد استكمال تعلماته الأولية ، التحق بداية من 1902م إلى غاية 1904م بجامعة القرويين بفاس رفقة عمه عبد السلام لتعميق تكوينه الشرعي ، حيث أخذ العلم على أيدي مجموعة من الشيوخ ، أمثال : الشيخ عبد الصمد التهامي كنون . الشيخ محمد بن التهامي كنون . الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني الشهيد . و كان لهؤلاء الشيوخ الأثر البالغ في تكوينه الديني و مسيرته العلمية(1) .إلا أن وجود محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى جانب عمه عبد السلام بمدينة فاس لم يكن يعني كسبه لثقافة دينية فحسب بل تجاوزها إلى كسب ثقافة سياسية عندما انفتح على مجريات الأحداث السياسية و الاجتماعية..التي تهم المغاربة عموما ، بفضل ما نسجه من علاقات هامة مع شخصيات نافذة و ذات مسؤوليات وازنة في الدولة المغربية ، و ستستثمر هذه العلاقات من لدن آل الخطابي و القصد هنا عبد الكريم القاضي لاتخاذ موقف مفعم بالوطنية هو ذاك المتمثل في كشف زيغ المدعو الجيلالي بن ادريس الزرهوني الملقب ببوحمارة و دحر حركته . و هذه الحقيقة التاريخية أكدها " محمد محمد عمر بلقاضي " في مذكراته عن حرب الريف التي عنونها ب " أسد الريف : محمد بن عبد الكريم الخطابي "، عندما قال :« .. بقيا هناك في جامعة القرويين بفاس أربع سنوات قاما خلالها بالاتصال مع شخصيات بارزة و مسؤولة في محافل الدولة ، للاطلاع على مجرى الأحداث التي تهم المغاربة على العموم ، و ذوي الضمائر الحية على الخصوص ، و استفادا من ذلك الشيء الكثير ، فنجحا في ربط الاتصال بين والد الأول محمد بن عبد الكريم الخطابي و أخ الثاني عبد السلام الخطابي و هو الفقيه السيد عبد الكريم الخطابي .. و بين المسؤولين في حكومة ذلك الوقت ، فأنارت السبل للفقيه الخطابي للقيام ضد الثائر (بو حمارة) و القضاء عليه .» (2) ثم ألحقه والده عبد الكريم القاضي بمدينة مليلة المحتلة في سياق مسعاه إلى تأخير مشروع الإنزال الإسباني بالمنطقة و تشكيل جبهة للمقاومة ليشتغل بها مدرسا لأبناء المغاربة . و قد أكسبته هذه المهنة التي ظل يمارسها من سنة 1907م إلى 1913م ، علاقات وفق ما استنتجه الأستاذ علي الإدريسي مع شخصيات إسبانية لها تأثير مباشر بمراكز التخطيط لمستقبل المغرب، ذلك المستقبل الذي تقررت كثير من فصوله الاستعمارية في مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906م . (3) و يتعزز هذا الاستنتاج عند معرفتنا بتعيين محمد بن عبد الكريم الخطابي من قبل الإدارة الإسبانية بمليلة كاتبا مترجما في مفوضية شؤون الأهالي عام 1908م ، لما لهذه الأخيرة من أهمية بالغة بالنسبة للمستعمر. و في الوقت نفسه ( 1907م 1915م) ظل محمد بن عبد الكريم الخطابي يزاول الصحافة بجريدة " تلغراما دي الريف " التي كان يديرها " كانديدو لوبيرا "، إذ اقترح على هذا الأخير حسب الكاتبة الإسبانية ماريا روسا دي مادارياغا أن يخصص له عمودا يوميا بالعربية ، رغم أن مقالاته لم تكن موقعة إلا أنها كانت تنشر دائما في الصفحة الأولى من مارس 1907م إلى أبريل 1915م .(4) ** فكان من مزايا عمله الصحفي أن عمق وعيه بقضايا وطنه و فهم الاستراتيجيات الاستعمارية المستهدفة لبلده ، و كسب ثقافة عميقة بالسياسة الدولية و مؤسساتها . كما عين عبد الكريم قاضيا على المسلمين بمليلة و هي وظيفة علمته يقول الأستاذ علي الإدريسي التعمق في معاني العدل و أثره العظيم في حياة الأفراد و الجماعات و الأمم ، و أن الظلم قيمة سالبة للجدارة الإنسانية . (5) لذلك كله ، يمكن القول ، إن شخصية الأمير الخطابي ذات الطبع الريفي الأمازيغي لم تكتف فقط بالنهل من معين الفقه الإسلامي و مبادئه الأصيلة ؛ كما لا يتحدد اطلاعها في الثقافة المغربية بمختلف روافدها فحسب ؛ إنما تعدت ذلك إلى الانفتاح على الثقافة الأوربية الإسبانية و بعدها الثقافة الفرنسية، ليمكن القول : إن شخصية محمد بن عبد الكريم قد استفادت في بنائها و تكوينها من ثقافات متوسطية هامة ، سيكون لها جانب من الفضل في تحقيق التفوق و التميز على العدو في فترة المقاومة المسلحة . و ستمتد هذه الثقافة إلى بعدها الدولي و الأممي سواء من خلال منفاه الأول ( جزيرة لاريونيون بالمحيط الهندي) أو من خلال منفاه الثاني ( مصر ). 2: البعد الوحدوي / اللفي : يعتبر محمد بن عبد الكريم الخطابي رائد الفكر الوحدوي / التحالفي بالريف الأوسط عموما و بقبيلة آيث ورياغر خصوصا ، حيث استطاع بحكمته و ببعد نظره توحيد الأفخاذ/الاقسام و القبائل التي كانت تشكو من ظاهرة الفرقة و الانقسام القائمة على العداوة و الثأر ؛ تلك الظاهرة التي جعلت الكولونيل الإسباني "إيميليو بلانكو إساكا" و الأنثروبولوجي الأمريكي "دايفيد مونتكمري هارت" يتبنيان النظرية الانقسامية للسلالة وبنية المجتمع لكن هذا الأخير سيعدل عن هذه النظرية و يقر بخطإ تحليله السابق للبنية الاجتماعية الريفية كنتيجة للنقاش الذي دار بينه و بين الأنثروبولوجي الأمريكي "هنري مونسون" خلال سنة 1989م (6) و من مظاهر هذا العدول إقرار "هارت" بدور محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي اعتبره مصلحا في إلغاء هذه الظاهرة ، يقول: « .. عدد حالات الانتقام بين أعضاء نفس السلالة .. يكاد يضاعف عدد النزاعات الدموية الخارجية في المرحلة السابقة لأواخر 1921م و بداية 1922م ، التي عرفت إلغاء الظاهرتين معا ، و إلغاء عناصر أخرى من " القاعدة" أو القانون العرفي الريفي من طرف المصلح محمد بن عبد الكريم الخطابي .»(7) و كتمثل لهذه الثقافة الجديدة التي أبدعها عبد الكريم في محيطه العام ، اعترف به قائدا للمقاومة من قبل المجاهدين في مركز " القامث " و أدائهم القسم للجهاد وراءه ضد المحتل الإسباني ، في نهاية أبريل 1921م . و كان من تجليات الثقافة اللفية / التحالفية توقيع و جهاء القبائل في فاتح فبراير سنة 1922م على رسالة يقرون فيها ب عبد الكريم أميرا عليهم .(8) و ممن اعترف بدور الأمير في توحيد الأفخاذ و القبائل لمواجهة المحتل الكاتبة الاسبانية " ماريا روسا دي مادارياغا "عندما قالت : « كانت تلك المناسبة الوحيدة في التاريخ الحديث لبني ورياغل ، حيث تركت الأفخاذ النزاع لتتحد داخل صف واحد من أجل إخراج المستعمر الذي كانت إسبانيا تطبق فيها مقولة " فرق تسد " ، و يرجع الفضل في ذلك ل عبد الكريم في جمعها لمواجهة التدخل الأجنبي ، ليس في بني ورياغل فقط ، بل في كل القبائل .»(9) يتأكد جليا أن أمر توحيد الأفخاذ القبائل و تشكيل اللفوف و الانتقال من مجتمع الثأر و العداوة إلى مجتمع الأخوة و الاتحاد كان من أهم التدابير التي عمل محمد بن عبد الكريم الخطابي على إرسائها في المجتمع الريفي لإعلان انطلاقة قوية لحركته الجهادية التي بات يتزعمها بعد وفاة والده يرجح بعض المؤرخين أن موته كان مبيتا له في غشت من عام 1920م/ الموافق ل 1339ه ، حيث كان شغله الشاغل كما قال ثقته محمد محمد عمر بلقاضي هو المصالحة و التوفيق بين الناس المتعادية ليتحدوا و يتصالحوا و ينسوا الأحقاد و العداوة التي كانت عمت و ترعرعت بين الأفراد و الجماعات في جميع المداشر و القرى ...(10) 3: البعد الأممي / الدولي : لاجرم أن تجربته الصحافية بمليلة و ما نسجه من علاقات وازنة مع شخصيات نافذة سواء في الداخل أو الخارج إضافة إلى اطلاعه الواسع على مجريات العالم قد أكسبته أهمية البعد الدولي أو الأممي في الترافع من أجل قضية الريف ، لذلك عرفت الأخيرة امتدادا دوليا بفعل المراسلات التي كان يوجهها إلى هيئة عصبة الأمم بجنيف ، باعتبارها مؤسسة دولية تسعى إلى إقرار و ضمان السلم العالميين و منح الشعوب حقها في تقرير مصيرها ؛ فسعى الأمير إلى انضمام حركته إلى هذه الهيئة من أجل الحصول على الاعتراف الرسمي بوجودها بغية تدويل النزاع في منطقة الريف .(11) و كانعكاس ايجابي لهذا المنحى الذي خطه الأمير للدفاع عن الريف و أهله برز كثير من الأفراد و المؤسسات لتدافع عن قضية الريف دون أن نغفل الخلفيات الاقتصادية التي تؤطر بعضهم منهم الإنجليزي " جون أرنال " الذي و جه خطابا في 05 شتنبر من سنة 1921م دافع فيه عن حق الريفيين في إنشاء الهلال أو الصليب الأحمر ، والاعتراف بهم بأنهم جماعة من المحاربين و ليسوا بإرهابيين( أرشيف عصبة الأمم بجنيف : الوثيقة رقم 15652، ملف رقم 12861.)(12) و ما لبث أن تحول الفرنسي " دانييل بورمانسي ساي "إلى مدافع حقيقي بتعبير ماريا روسا دي مادارياغا عن القضية الريفية ، محاولا إقناع الفرنسيين بتغيير موقفهم تجاه عبد الكريم للحصول مستقبلا على امتيازات اقتصادية في المنطقة ؛ و استمر على علاقة طيبة مع عبد الكريم و قدم له خدمات هامة ، و كان هو من غطى مصاريف تنقل الوفد الريفي الذي توجه إلى باريس في يناير من سنة 1922م بهدف دعم القضية الريفية . (13) كما عمل الإنجليزي " غردون كانينغ " على تأسيس لجنة الريف لمساندة القضية الريفية في 04 يوليوز من سنة 1925م ، و كان من أهدافها الاعتراف بالحركة الريفية و السماح للقوافل الطبية بالدخول إلى تراب الريف للتخفيف من معاناة الذين يتعرضون للقصف الجوي المكثف بالغازات السامة المحضورة دوليا .(14) و نفس الدور الدفاعي عن الريف قام به الحزب الشيوعي الفرنسي في سنة 1925م ، حيث تدخل أعضاؤه أمام البرلمان ضد حرب الريف ، منهم : " مارسيل كاشين " و جاك دوريوت .(15) و قد وصل التضامن إلى غاية الهند كما تؤكد ذلك المراسلات التي بعث بها مسلمو دلهي إلى عصبة الأمم .( أرشيف عصبة الأمم ، الوثيقة رقم : 41612 / الملف رقم : 12861 ).(16) هذا الأسلوب ذو الطابع الدولي كما بين ذلك الدكتور زكي مبارك الذي سماه بالأسلوب الذكي وظفه الأمير و هو في منفاه الثاني بالقاهرة ، حيث خاطب العالم بأفكاره من خلال ندواته و بلاغاته الصحفية و مراسلاته حول قضايا التحرر في العالم و على رأسها تحرير شمال إفريقيا . (17) إنها حقا دبلوماسية دولية جريئة نهجها الأمير للدفاع عن قضية من قضايا المغرب العادلة ، و هي تقف دليلا قاطعا على ترجيحه لكفة السلم بدل كفة الحرب. 4: البعد السلمي : أ: دعوته للمفاوضات من أجل السلم : رغم كل الآلام التي ألحقها الإسبان بآل الخطابي سواء المباشرة منها او غير المباشرة فقد ظل خيار السلم هو القناعة التي أطرت شخصية الأمير ، فعندما أوصاه والده إلى جانب أخيه " امحمد " عندما كان على فراش الموت قائلا : « إذا لم تستطيعوا الدفاع عن استقلال الريف و حقوقه فغادروه إلى مكان غيره »(18) لم يفهم منها بالضرورة نهج خيار الحرب و سفك الدماء للدفاع عن استقلال الريف و حقوقه إنما كان هو و شقيقه منحازين إلى نهج دبلوماسية المفاوضات و العمل ما أمكن على تجنب خيار الحرب، و هذه حقيقة أوردها " روجر ماثيو " في " مذكرات الأمير " حيث قال الأخير : « ومع خطورة الموقف فقد اتفقت و شقيقي على أن نعمل المستحيل لاجتناب الحرب ، حتى إننا قررنا بعد وفاة والدي بيومين أن نكتب إلى القيادة الإسبانية نسألها الإقلاع عن سياستها الخرقاء ، و الاتفاق معنا على حكم الريف حكما يساعده على التقدم و يغمره طمأنينة و سلاما . » يعقب " روجر ماثيو " قائلا : « و كنت أنظر إلى عبد الكريم خلال حديثه فأشعر أنه مخلص في حواره و أنه حقيقة كان يرغب في السلام في تلك الفترة .» ومن الشهادات الأجنبية التي تؤكد خيار السلم و المفاوضات في نهج الأمير ، شهادة " ماريا روسا دي مادارياغا " : « كان عبد الكريم الإبن رغم إصراره على المطالبة باستقلال الريف و مقاومة التدخل العسكري الإسباني ، يترك دائما الباب مفتوحا أمام المفاوضات مع إسبانيا للتوصل لحل سلمي ليس فقط مع الحكومة الليبرالية ل " غارسيا برييتو " ، و لكن مع ديكتاتورية " بريمو دي ريبيرا " إلا أن تصلب كلا الطرفين ، أي الذين يعارضون التفاوض مع إسبانيا من جهة ، و الجنود الذين كانوا يفضلون الخيار العسكري للتوغل في القبائل من جهة أخرى ، أدى إلى اندلاع الحرب بدل السلم . ».(19) ب: احترامه للمدنيين : يؤكد الكاتب الإنجليزي " روبرت فورنو " أن بعد انتصار عبد الكريم بمعركة ادهار أبران و إغريبن و أنوال و جبل أعروي و زحفه إلى مليلة أصدر أمره : « لا يدخل المجاهدون مدينة مليلة » . ثم أ وضح أسباب ذلك بقوله : « إن رجالنا مفتقرون حتى الآن إلى الانضباط ، و سوف يقضون على المدنيين . ». ثم أضاف : « مهما يكن من أمر فليست تلك طريقتي في خوض الحرب .» (20) و قد أوجز " دايفيد هارت قيادة الخطابي ، قائلا : « لكنه لم ينس أبدا أنه كان قاضيا .».(21) ج: حفاظه على كرامة الأسرى : لم يكن محمد بن عبد الكريم الخطابي يهين كرامة الأسرى ، لأن ذلك يتنافى و القيم الأخلاقية التي آمن بها وتربى عليها منذ صغره عكس الإسبان الذين كانوا يقطعون رؤوس أسرى الحرب و آذانهم و يرفعونها على أعمدة أمام عدسات الكاميرات (22) و بدلا من قتلهم كما ادعت الحكومة الإسبانية كان يطلق سراحهم إما لظروف إنسانية أو مقابل فدية .( أنظر الاتفاق الذي وقع بين محمد بن عبد الكريم الخطابي و الإسباني الغني " شبريطا "بخصوص إطلاق سراح الأسرى مقابل فدية . في مذكرات " محمد محمد عمر بلقاضي " : أسد الرسف ، م.س.ًص: 133 144.)( و انظر أيضا قصة الأسيرة الإسبانية التي أطلق سراحها فعادت بفعل المعاملة الطيبة التي تلقتها من أسرة محمد بن عبد الكريم الخطابي مع زوجها إلى مدينة الحسيمة لتعيش فيها إلى أن توفيت سنة 1950م . في كتاب : عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر ل علي الإدريسي ، ص : 142.). 5: البعد الوطني : البعد الوطني في شخصية مولاي محند يمكن تلمسه في كل مرحلة من مراحل حياته ، و في كل حدث من الأحداث التاريخية التي ساهم في بنائها ، لذلك يصعب على الباحث حصر مظاهر هذا البعد لأنه يحضر في جميع مناحي حياته ؛ فأورد من ذلك حصرا ، أن محمد بن عبد الكريم الخطابي قد تربى في أسرة وطنية عرفت بتصديها لكل محاولات النيل من السيادة الوطنية داخليا أو خارجيا ؛ كتصدي والده إلى جانب أبطال قبيلة آيث وارياغر مثل " محمد بن السيد حدو العزوزي "للدعاية المغرضة التي تزعمها الجيلالي بن ادريس الزرهوني الملقب ب " بوحمارة " إضافة إلى مواجهتهم ( أي عبد الكريم الأب و ابنه ) الباسلة للأطماع الاستعمارية بالمنطقة، فرغم كل ما عانوه في فترة المقاومة السلمية من إهانات و اتهامات زائفة وصلت حد إحراق منزل عبد الكريم القاضي لثلاث مرات، ظل الأب يعبر عن وطنيته قائلا : « .. ألم تعلموا أن الوطنية الآن مقبورة في أنحاء الدنيا و لم تبق إلا في داري ، فمن طال عمره منكم فسيرى العالم كله يلتمس الوطنية من داري ، و أنتم أنفسكم ستبحثون عنها في داري .».(23) و نظرا لضيق المقام سأورد هنا شهادتين أجنبيتين في حق بطل الريف الموشح بأعلى مراتب الوطنية : *صرح " غردون كانينغ " الصحافي الإنجليزي الذي أسس لجنة الريف لمساندة القضية الريفية سبق الحديث عن دعمه للريف في محور البعد الأممي / الدولي بقوله : « إن الزعيم الريفي مثالا في الوطنية الأكثر تجردا ، و الإخلاص الأكثر نقاء لقضية بلاده و شعبه .».(24) *جنح " جرمان عياش " في تناقض صارخ إلى الاعتراف بوطنية الأمير بعد أن أساء إليه و إلى والده باتهامهما بالعمالة للإدارة الإسبانية ، فقال : « لقد كان وطنيا ، و لم تكن وطنيته بدائية ؛ بل توشحت بمفاهيم حديثة بشكل يثير الدهشة ، كمفهوم الوطن ، و حرية التفكير ، و الديمقراطية ، تلك المفاهيم التي يمكن أن يغبطه عليها أولئك الذين سموا أنفسهم فيما بعد ب " وطنيين " لقد كان الشعور هو الذي أفرز فيه النظرية . » (25) . لائحة الهوامش : *: هذا المقال في أصله مداخلة ساهمت بها ضمن أعمال الندوة الوطنية : " تجليات ثقافية بالريف " التي نظمتها جمعية الوعي من أجل مجتمعنا بتنسيق مع جمعية ذاكرة الريف بمدينة بني بو عياش ، يوم الأحد 31 أكتوبر 2010م. 1 : انظر : عبد الله كموني ، مقال بعنوان : " مفهوم الإصلاح عند الخطابي من خلال رسائله و مقالاته ". ضمن أعمال ندوة : الخطابي : الغائب الحاضر في الذاكرة الوطنية. منشورات مجموعة البحث محمد عبد الكريم الخطابي . ًص: 37 38 . ط : 2009 . دار أبي رقراق للطباعة و النشر الرباط . 2: محمد محمد عمر بلقاضي : أسد الريف : محمد بن عبد الكريم الخطابي . ص: 94 . ط : 02 . 2006 . مطبعة سلمى الرباط . 3: علي الإدريسي : عبد الكريم الخطابي : التاريخ المحاصر ،ص : 110 111. ط : 2007م . مطبعة دار النجاح الجديدة . 4: ماريا روسا دي مادارياغا : في خندق الذئب : معارك المغرب ، ص : 302 . ترجمة : كنزة الغالي .ط : 01 . 2010م . دار أبي رقراق للطباعة و النشر . الرباط . **: تقول الكاتبة : لم يكتب عبد الكريم وحده كل المقالات التي نشرت بالعربية ؛ بل ساهم فيها أيضا " حبيب أبو سليمان السعدي " سوري في خدمة الإدارة الإسبانية ، و قد حصلت على هذه المعلومة كما ذكرت عن طريق مؤرخ مليلة " فرانسيسكو سارو ". 5: علي الإدريسي ، م.س. ص: 111. 6: أنظر : دايفيد مونتكمري هارت : أيث ورياغر : قبيلة من الريف المغربي ، دراسة إثنوغرافية و تاريخية . الجزء الأول ، مقدمة الترجمة العربية و الطبعة الجديدة للكتاب . ص : 21 . ط : 01 . 2007م . ترجمة : محمد أونيا / عبد المجيد عزوزي / عبد الحميد الرايس .الناشر : جمعية صوت الديمقراطيين المغاربة في هولندا . 7: نفسه ، ص : 27 . 8: انظر : ماريا روسا دي مادارياغا ، م.س. ص: 322 . 9: نفسه ، ص : 322 . 10: محمد محمد عمر بلقاضي : م.س. ص : 96 97 . 11: أنظر : محمد أمزيان : محمد بن عبد الكريم : آراء و مواقف . نقلا عن : مصطفى الغديري : الريف موضوعات و قضايا ، الجزء الأول ، ص : 72 . ط : 01 . 2009 . مطبعة الجسور وجدة . 12: نقلا عن : ماريا روسا دي مادارياغا : م.س. ص : 323 . 13: نفسه ، ص : 325 . 14: نفسه ، ص : 330 331 . 15: نفسه ، ص : 331 . 16: نفسه ، ص : 328 329 . 17: زكي مبارك : محمد الخامس و بن عبد الكريم الخطابي و إشكالية استقلال المغرب .ص : 73 . ط : 01 . 2003 . مطبعة فيديبرانت . 18: روجر ماثيو : مذكرات الأمير : محمد بن عبد الكريم الخطابي . ترجمة : عمر أبو النصر . ص : 52 . ط : 01 . 2005 . مطبعة فضالة المحمدية . 19: ماريا روسا : م.س. ص : 317 . 20: روبرت فورنو : عبد الكريم أمير الريف . نقلا عن : علي الإدريسي : م . س . ص : 51 . 21: دايفيد هارت : المؤسسات الاجتماعية السياسية الريفية و إصلاحات عبد الكريم . ضمن أعمال ملتقى باريس ، تحت عنوان : الخطابي و جمهورية الريف . نقلا عن : علي الإدريسي . م. س . ص : 53 54 . 22: أنظر ماريا روسا دي مادارياغا : مغاربة في خدمة فرانكو . ترجمة : كنزة الغالي . ص : 148 . ط . 01 . 2006م . منشورات الزمن . مطبعة النجاح الجديدةالدارالبيضاء . 23: محمد محمد عمر بلقاضي : م. س . ص : 67 . 24: محمد بن عمر بن علي العزوزي الجزنائي : محمد بن عبد الكريم الخطابي نادرة القرن العشرين في قتال المستعمرين . ص : 167 . ط : 01 . يوليوز . 2007م . الناشر : دار الأمان الرباط . 25: جرمان عياش : أصول حرب الريف ، ص : 346 . ترجمة : الأمين البزاز و عبد العزيز التمسماني خلوق . ط : 1992 . مطبعة النجاح الدارالبيضاء . 11 نونبر 2010م .