منذ دخول الاستعمار الاوروبي، الى المغرب بصفة عامة والريف بصفة خاصة، وقف اهل الريف الاشاوس ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني،الذي كان يرفع شعار نحن جئنا لمساعدتكم ،لكن اهل الريف لم يثق مطلقا في هذا الشعار الفضفاض. وكان ردهم عن هذا الشعار، انتم جئتم لاستعمارنا ونحن لكم بالمرصاد، سواء مع "محمد الشريف امزيان " او مع عبد الكريم الخطابي،او مع مهندس الحرب العصابات محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي أصبح رمزا لكل الثوار عبر العالم ،فيما بعد و بعدما استطاع توحيد قبائل الريف تحت راية المقاومة الشعبية. استطاع في مدة،وجيزة، تحريرالريف من اﻹستعمار اﻹسباني بكاملها، فيما عدا سبتة ومليلية، بعد المعارك البطولية التي خاضها رفقه ابناء الريف الاشاوس، التي سجلوها في كتب التاريخ بمداد من ذهب، واسس الجمهورية الريفية وبدأ في تهيئة مناطق الريف بالطرق...واصبح اهل الريف يتحمكون في اﻹستعمار والنظام بالرصاص ،أي كان لهم القرار السياسي. إلى أن اتحدت الدول الاوربية على اﻷمير وقصفت الريف بالغازات السامة،فرد عليهم قائلا: الان اقول لكم انا لا اؤمن بشعاركم ،لقد تبين ذلك جليا بعد قصف الريف بالغازات السامة ( انكم حقا جئتم لتمديدنا لكن بالغازات السامة) محمد بن عبد الكريم الخطابي. وبعد استسلامه لفرنسا انتفضت قوات الاحتلال انتقاما من أهل وأحفاد الخطابي لا لشيء إلا لأنه وقف رفقة أبناء الريف اﻷشاوس، ضد اﻹستعمار الغربي( الفرنسي واﻹسباني) ومن يخدمه داخل الوطن . واستشرى التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري بعد الاحتقلال، على حد تعبير "الخطابي"، وعليه نستنتج أن سياسة تهميش المنطقة ليست حديثة العهد بل لها جذور تاريخية عريقة، لكون المستعمر الفرنسي لا ينسى التاريخ، ولا ينسى أيضا ما قدمه أهل الريف من دروس في الكفاح والنضال ضد اﻹستعمار الفرنسي واﻹسباني ، سواء مع "الشريف محمد امزيان" أو مع "الخطابي" الأب؛ أو مع مهندس حرب العصابات، أو في الانتفاضات المتعاقبة مع من يخدم الاستعمار . بعد مسرحية "ايكس ليبان" التي أعطى فيها من باع الوطن الصلاحيات لفرنسا من أجل خروجها من المغرب( و بتعبير أدق خروج اﻹستعمار من الباب ودخوله من النافدة) وهناك من يختلف معي في هذا السياق، بأن جميع اﻹنتفاضات المتعاقبة كانت مطالبها اجتماعية واقتصادية فقط، ولم تكن مطالبها سياسية وهذا ليس مهما . ذلك أن ما أريد الوصول إليه هو أن الاستعمار الجديد أكثر ضررا للشعب المغربي، ولمنطقة الريف بالخصوص فالمستعمر لا ينسى التاريخ، وبالتالي فإنه سيسعى إلى الانتقام من أهل منطقة الريف عن طريق من يخدمه ﻷنها طالما وقفت ضد الاستعمار وعملائه منذ دخول الاستعمار إلى المغرب و قد دفعت إثر ذلك ثمنا لصمودها وثباتها ونضالها ومقاومتها في كل من "دهار ابران" و"جبل العروي"، و"اغريبن"، و"أنوال" تلك المنطقة الريفية التي طالها التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، منذ رحيل الزعيم اﻷممي "محمد بن عبد الكريم الخطابي" ولعل خير دليل على هذا هو اندلاع الانتفاضات المتعاقبة التي شهدتها المنطقة بسبب التهميش ،لكن رغم ذلك هناك من يقول بأن منطقة الريف غير مهمشة، ويقوم بمقارنتها مع مناطق أكثر تهميشا من طرف النظام، نحن ليس غرضنا هنا مقارنة منطقة مع اخرى، بقدر ما نريد القضاء على التهميش. فكل من درس التاريخ يعلم جيدا انه لا يمكن القضاء على التهميش في ظل التبعية ومنذ تلك اللحظة التاريخية ما يزال المستعمر يأكل ويشرب من ثروات الشعب. وكما سلف وذكرت فالمستعمر الفرنسي لا ينسى التاريخ وأهل الريف هم الذين فرضوا عليه الخروج بالرصاص بمعية أحرار المغرب في مختلف المناطق من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. ولعل ابرز المعارك التي خاضها أهل الريف والتي وصل صداها إلى مختلف بلدان العالم "انوال الخالدة" و "جبال العروي"و "دهار و باران" وغيرها.ومن الحتمي بعد استسلام اﻷمير، أن يتم تهميش المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا إلى غاية حصول المغرب على الاستقلال الكلي . في هذا الصدد يقول "محمد المنصور" في مقدمة كتاب "الريف قبل الحماية" لصاحبه "عبد الرحمن الطيبي": أن منطقة الريف لم تعاني من التهميش السياسي والاقتصادي فقط، بل عانت أيضا من التهميش المعرفي، هنا يطرح السؤال إلى متى يتم إقبار المعطيات بأن منطقة الريف لم يتم تهميشها؟ولماذا يتم تزييف المعطيات التاريخية؟ الجواب عن هذه الأسئلة سيتم فقط عند تحرير الوطن من التبعية السياسة والاقتصادية.