ليس الأمر مبالغا فيه عند القول بأن أهل الريف أكثر مكونات الشعب المغربي إثارة للفتنة من طرف بعض العنصريين حيث عانت مبكراً من إجرامية سياسيي المصلحة باغتصابهم للسلطة مضاعفا من المشاريع العنصرية والقرارات الاستثنائية التي ألغت وجود المكون الريفي من الخارطة المغربية وأبقتهم في دائرة التهميش والجهل والفقر والتهجير على امتداد عقود مظلمة , ولكن المبالغ فيه بشدة واستهجان هو بعض الأشخاص الذين لم تطهر سلمية المسيرات عقولهم من رجس أفكار العدوانية , حيث و في الأيام القليلة الفائتة وبعد التطورات الدراماتيكية التي شاهدتها مدينة الحسيمة خاصة قبيل تخليد ذكرى وفاة المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بدت تطفوا أقلام عنصرية تتهم الريف بالانفصاليين , وهذه الاتهامات في ظل هذه التطورات الغاية في الحساسية والدموية تعتبر سابقة غير محسوبة لضرب الأخوة الأمازيغية العربية بعضها ببعض والتأثير عليها ونشر الكره متناسين حجم التضحيات التي قدمها الريفيون في سبيل استقلال المغرب مع الإشارة إلى أن تكرار هذه الأقاويل العدوانية كالأوباش بحق أبناء الريف و اتهامهم بالانفصال والتمزق والمس بوحدة البلاد والتهديد بالويل والوعيد يسبب ردة فعل غاضبة في أوساط الريف الذي يعتبر منطقة الكرم، التسامح والأخوة. الريفيون ليسو انفصاليين وليسوا بإقصائيين ولن يصادروا حقوق أحد في مناطقهم وكذلك لن يتنازلوا على حقوقهم ولن يتركوها في مهب الفاسدين ولن يقبلوا بوحدة تخدم أحدا على حساب أحد كما كان الحال عليه من قبل. بدا الموقف الريفي من الحراك ومنذ اندلاعه لافتا ومؤثرا في وقت كانت أبرز المدن صامتة تتحسس مشاكلها بالمشاهدة والانتقاد الحراك الريفي، لا أحد في الريف رفع سقف المطالب أبعد من مطالب اجتماعية، اقتصادية وتنموية. الريفيون ليسوا انفصاليين لأنهم لم يضطهدوا أحدا لا بل كانوا في دائرة الظلم وهم في عقر دارهم لأن الوطن ليس لفئة على أخرى بل يتسع للجميع ولا فرق بين سوسي،شلح ،صحراوي، عربي،... أو ريفي كلهم مغاربة تختلف ثقافتهم فقط لا غير وهذا ما يجب أن يعرفه المشككون والذين يعتبرون أنفسهم وطنيين أكثر من الآخرين... الريفيون ليسوا انفصاليين لأنهم قدموا الشهداء والنفوس العزيزة ناضلوا بفخر وكلهم أمل وثقة في النفس نصرة للوطن على المستعمر، أيضا للريف خصوصيتهم السياسيّة والثقافيّة والقوميّة التي لم تستوعبْها العديد من الأطراف ولهم حقوق لا يمكن الإفراط فيها. مدن الريف هي جزء من هذا الوطن، لأنهم لو أرادوا الانفصال لكانوا فعلوها في عهد محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي لم يريد قط الحكم أو الاستقلال. الريفيون ليسوا انفصاليين لأنهم يعتزون بشرف الانتماء للوطن بالعلم أنهم كانوا في دائرة الإقصاء عن الوطن طويلا،الريفيون ليسوا انفصاليين لأنهم يحبون مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والشراكة في الوطن وهو ما يجب أن يتحقق لهم؛ إذن على هذه العقول المريضة أن تعترف بخطئها بحق الريف وبالمظالم التي مورست ضدهم وعليهم أن يطهروا عقولهم ويعترفوا بشرعية حقوقهم وأن الريفيون كانوا وما يزالون الوطنيين الحقيقيين الذين لم ولن يكونوا ذات يوم انفصاليين ودعاة تفرقة وتشرذم بين مكونات الشعب المغربي , ولكنهم لن يقبلوا التدليس عليهم باسم الخيانة ،الريفيون لن يقبلوا بعد الآن اتهامات من أحد وبات لزاما أن تتصدى لهذه النواعق كل التي تعي تماما أن الريف مكون رئيسي وفاعل في الوطن. "إذا كانت لنا غاية في هذه الدنيا فهي أن يعيش كافة البشر، مهما كانت عقائدهم وأديانهم وأجناسهم، في سلام وأخوة"(محمد بن عبد الكريم الخطابي).