سألت نفسي عصرت وجداني، فسقطت منهزما أمام آلة مخزية من حديد.رفعت يدي إلى السماء مستغيثا فاشتعل صدى لهبا شديد. تذكرتك يا أم الشهيد. سال الدمع من عيني نهرا مالحا دافئا. أخاديدٌ، جرحٌ عميقٌ، و الظلم طعمه مر حنضلُ. تذكرتك يا من أصبحت أما لكل الأحرار في الأرض. كم دمعة أذرفت؟ و كم حرقة في قلبك الكبير؟. صمتك هز عرش الظلم وخاف منه فرعون الجديد. رأينا الأب و رأينا الأخ و الأخت و الجيران. لكن أنت من كنت أقرب انسانة إلى أخينا محسن، فضلت أن تختفي خلف الستار. أنت بئر أسراره و أنت من نفخ فيه قوة الرجال. تتراءى لي كل خطاك وجلالتك في طريقك إلى قبر الشهيد. أحاول أن أشعر بما كان يغلي في قلبك وأنت تتذكرين محسن وهو طفل صغير، يلهو مع رفاقه في دربه تحت أشعة الشمس قبل أن تغيب . وددت لو أنني جمعت كل دمعة سقطت من عينيك يا أم الشهيد. أحفضها في إيناء من فضة. أرشها في الطريق لتشعل شرارة شباب الغضب الثائرين. آخذ منها قطرات أرسم بها شعار العار على جبين كل مسؤول تسبب في إطفاء شعلة أخي العزيز. شتاء العواطف بارد زمهرير، كم من أحفادك اغتالوهم قبل أن يروا فجر الوطن الجريح. دموع شعب سالت أنهارا تجمعت بحرا مالحا تنمو فيه أسماك محسن الشهيد. قطرات من الندى ستحرق جبين كل المتعاونين على سحق الشهيد. محسن يا أماه زهرة جميلة مباركة في حديقة هذا الوطن الجميل. محسن يا أماه كسب من الإخوان ما لم يحلم به بشر في العهد الجديد. محسن يا أماه مدرسة بنيناها على أطلال مدرسة الأمير القديم. محسن يا أماه يتربع على عرش التحرير أمام مولاي موحند في جنات نعيم. محسن يا أماه ملاك كريم، شعلة نوره أضاءت سماء عروسة البحر حسيمة الصمود. شموع و أزهار وورود نثرناها في مسقط رأس الشهيد. محسن يا أماه عريس الجنة زفيناه رفقة الزغارد. امرأة الريف نابت عنك وصرخت في وجه أعداء الوطن الحبيب. محسن يا أماه درسٌ، محسن يا أماه غرسٌ، مبارك كريم. بدمعي و حرقتي أشارككم فقدان البطل العزيز. بجراح عميقة في صميم القلب لا تندمل، نتذكر أخا عزيزا لم ينكسر. شعلتنا، أزهارنا، شبابنا، نشد على سواعدهم وندعو لكم طول الليل و النهار. صبيان المدينة أماه سيتذكرون الشهيد عند كل خطوة في طريق الجهاد. محسن يا أماه درعا واقيا من جشع الغول المخيف. محسن يا أماه غمامة ستنزل قطراتها حجرا فوق رؤوس من احتقر الشهيد.